انطلق مؤتمر ومعرض الاستثمار الأول في الشمال السوري، أمس الأربعاء، في المدينة الصناعية ببلدة الراعي شمال شرقي حلب، بحضور شخصيات حكومية محلية، ورجال أعمال ومستثمرين، سواء من السوريين في الداخل، أو في بلاد اللجوء.
وفي بداية المؤتمر، ألقى عدد من الحضور كلمات حول واقع الاستثمار في الشمال السوري، ومنهم رئيس الحكومة المؤقتة عبد الرحمن مصطفى، ونائب رئيس الائتلاف السوري عبد المجيد بركات، ورئيس "جامعة حلب في المناطق المحررة"، ورئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة بريف حلب.
وجرى استعراض أوراق بحثية تتعلق بجدوى وتجارب الاستثمار، ومنها "محددات الاستثمار في المدن الصناعية", و"صناديق الاستثمار من وجهة نظر المستثمرين في الشمال السوري"، و"واقع الاستثمار في قطاع البناء والتشييد"، و"الاقتصاد الرقمي - استثمار وتمكين"، و"التجارة الإلكترونية في الشمال السوري، بين الواقع والتحديات".
"شمعة وسط الظلام"
وصف الرئيس التنفيذي لـ"المنتدى السوري" غسان هيتو مؤتمر الاستثمار في الشمال السوري، بأنه "شمعة وسط الظلام"، قائلاً "لا بدّ أنّ نعمل على تطوير قدراتنا الذاتية، ومهارات السكان في الشمال السوري، عبر تضافر جهود الجميع".
والمنتدى السوري، منظمة غير ربحية مسجلة في تركيا، وله شراكات مع ممثلين عنه في كلّ من النمسا والولايات المتحدة الأميركية، ويضم المنتدى وشركاؤه 26 مكتباً موزعاً بين سوريا، قطر، تركيا، النمسا، الولايات المتحدة.
وقال هيتو في حديث مع موقع تلفزيون سوريا، إنّ "الظروف صعبة، لكن لا بد أن نعمل معا على تحسين هذه الظروف، الاستثمار يحتاج إلى استقرار، والاستقرار لن يأتي من المستثمرين فقط، بل يأتي من خلال تضافر جهود الحكومة المؤقتة مع المجالس المحلية والأطراف الأخرى، لبناء أرضية جاذبة للمستثمرين".
ويعتقد هيتو أن هناك رغبة وقابلية لدى المستثمرين، وخاصة السوريين المغتربين، للاستثمار في سوريا، ولذلك، يتوجب على الجهات المحلية في المنطقة تهيئة الأجواء، ومن هنا تأتي أهمية مؤتمر الاستثمار المنعقد.
من أبرز الحضور؟
هناك تساؤلات مشروعة طرحها عدد من الحضور، عن الإضافة التي قد يقدمها رجال الأعمال القادمون من دول في الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة للواقع الصناعي شمالي سوريا، وقال رئيس غرفة الصناعة والتجارة في مدينة الباب زين العابدين درويش، إنّ الغاية الأولى للمؤتمر، جذب المستثمرين إلى الشمال السوري والسعي لإقامة شراكة بينهم، وبين الصناعيين والتجار الموجودين في المنطقة.
وذكر درويش في حديث مع موقع تلفزيون سوريا، أن المستثمرين الذين حضروا المؤتمر، هم سوريون مجنسون قدموا من نحو 32 دولة، واطلعوا على الواقع الاقتصادي للشمال السوري، وعاينوا الواقع بأعينهم.
من جهته، قال وزير الاقتصاد في الحكومة السورية المؤقتة، عبد الحكيم المصري، إنّ وفود المستثمرين ورجال الأعمال قدمت من دول مختلفة، مثل الولايات المتحدة وتركيا وفرنسا وألمانيا، وجميعهم من السوريين المغتربين، إضافة لآخرين أتراك.
وأشار المصري في حديث مع موقع تلفزيون سوريا، إلى أنهم يهدفون إلى الارتقاء بالبيئة الاستثمارية "لأن الاستثمار هو المحرك الأول للتنمية، هناك بنية تحتية جاهزة لذلك، ونعمل على تحسينها ليدخل المستثمر إلى سوق العمل بأمان، ونأمل أن يتجه الجميع إلى الاستثمار في المنطقة لتحسين مستوى المعيشة".
ما المنتظر من المؤتمر؟
هل هناك خطط استثمارية جاهزة للتنفيذ بعد انتهاء المؤتمر بشكل مباشر، أم أن الأمر يقتصر على معاينة الواقع من قبل المستثمرين؟، في إجابته على هذا السؤال، قال المصري: "بالتأكيد سنتابع، ولن نتوقف عند المؤتمر، لدينا 30 ورقة بحث، مع ندوات ولقاءات قادمة، وكل النتائج والعقبات ستوضع بين أيدي المعنيين لحلها، ومنها خاص في الداخل السوري، ومنها يكون حلّها خارجياً، ونعمل على ذلك".
بدوره، ذكر زين العابدين درويش، أن الجهات القائمة على المؤتمر تأمل بأن ينتج عنه إقامة مشاريع استثمارية، ولفت انتباه رجال الأعمال إلى الشمال السوري، لإقامة معامل ومصانع واستثمارات في المنطقة.
وبحسب دوريش، فإن معظم العقبات التي كانت تواجه عملية تصدير المنتجات المُصنّعة في الداخل نحو الخارج حُلّت بمساعدة الجانب التركي، الذي ذلل الصعوبات، حيث يستطيع الصناعي التصدير "ترانزيت" إلى حيث يرغب، وفي الوقت الحالي يتم تصدير الآلات والمعدات الصناعية إلى الجزائر وليبيا والعراق، كما تُصدّر الألبسة إلى عدة دول.
وقالت نائبة رئيس منظمة غلوبال جستس، ميساء قباني، لموقع تلفزيون سوريا، إن القائمين على المؤتمر ناقشوا برفقة الحضور "الصعوبات التي تواجه المستثمرين في الشمال السوري، وسنحاول العمل بالتعاون مع الجهات المعنية على تذليل الصعوبات، من أذونات واستثناءات وشهادات منشأ، حتى يتسنى تصدير مختلف المنتجات إلى الخارج".
وتابعت قباني القادمة من الولايات المتحدة: "كان المؤتمر مفرحاً ومنظماً، فاق توقعاتي، وما شد انتباهي وأعجبني فيه، هو حماس الشباب، والمعرض الذي عرض منتجات سورية يجري تصديرها إلى 16 دولة حول العالم".
وكان رئيس اللجنة التنظيمية للمؤتمر، المهندس علي حلاق، قد قال في حديث مع موقع تلفزيون سوريا، إنّ المؤتمر يهدف لتنمية مناطق الشمال السوري اقتصادياً، والإسهام بتحسين مستوى المعيشة وزيادة فرص العمل، وذلك من خلال خلق بيئة استثمارية جاذبة، وتقييم واقع الاستثمار في الشمال السوري وتحديد متطلباته، وإنشاء حاضنات الأعمال لتنمية المشاريع الصغيرة وتحفيز الطاقات الشابة للمبادرة في ريادة الأعمال، والوصول لشراكات استراتيجية على المستويين الداخلي والخارجي في قطاع الاستثمار، ووضع خارطة للاستثمار من منظور التنمية المستدامة.
وهناك عدة ضمانات تُقدم لمن يرغب بالاستثمار في الشمال السوري، وهي: عدم جواز إلقاء الحجز الاحتياطي على المشروع أو فرض الحراسة إلا بموجب قرار قضائي، وعدم نزع ملكية المشروع إلا للمنفعة العامة وبتعويض يعادل القيمة الحقيقية للمشروع وفقاً للسعر الرائج بتاريخ الاستملاك، وعدم إخضاع المشروع لأي أعباء إجرائية جديدة ناجمة عن قرارات وتعاميم وبلاغات صادرة عن أي جهة عامة، وعدم إلغاء إجازة الاستثمار إلا بعد إنذار المستثمر بالمخالفات المنسوبة إليه التي تخص المشروع مع إعطائه مهلة 90 يوماً لإزالة المخالفة تبدأ من اليوم التالي لتبلغه الإنذار، ويكون قرار الإلغاء معللاً.