أثار فيديو مسرب من جامعة البعث في محافظة حمص، غضباً واستياءً في الشارع السوري، بسبب توثيق حادثة ابتزاز جنسي من قبل دكتور جامعي لإحدى الطالبات بالصوت والصورة، لكن هذه الحادثة ليست الأولى، بل ويمتد خلفها "شبكة دعارة متسلسلة"، تستغل الطالبات في مناطق سيطرة النظام في حمص، وعلى ما يبدو فإن الخلافات بدأت تشق صفوف زعمائها.
وظهر في الفيديو الذي تداولته شبكات محلية على مواقع التواصل الاجتماعي (معظمها شبكات موالية تدعي محاربة الفساد)، عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة البعث نزار محمد عبشي، مع إحدى طالباته من السنة الرابعة في قسم الأدب الإنكليزي، في وضع مخل بالآداب، بهدف تسهيل نجاح الطالبة بعدد من المواد الدراسية.
وبحسب الشبكات المتداولة للفيديو، فإن الحادثة وقعت داخل الحرم الجامعي، وفي أحد مكاتب المسؤولين الجامعيين، وادعت هذه الشبكات أن الحادثة المسربة واحدة من آلاف الحالات المجهولة في أروقة الجامعة.
وأفادت صفحة "السلطه الخامسه - شبكه أخبار نور حلب" الموالية، والمتخصصة بنشر فضائح المسؤولين التابعين للنظام، أن المديرين الجامعيين لم يكتفوا باستباحة الطالبات فقط، بل دفعوا بهن إلى شبكات اتجار بالدعارة مقابل ضمان نجاحهن الدراسي.
شروع بالقتل.. مجرد "مزحة"
جذور هذه الفضيحة تعود إلى 3 أشهر سابقة، حين تلقى قسم شرطة الشماس في حمص، بلاغاً في منتصف شهر أيار الماضي، من قبل طالبات بالسكن الجامعي، حول وجود طالبة ملقاة على درج المبنى ضمن السكن الجامعي، مكبلة اليدين بشريط سماعة جوال، وبحالة إغماء.
ومع أن الأخبار المتداولة في تلك الفترة، كانت تتحدث عن محاولة قتل واضحة بواسطة الخنق، إلا أن وزارة الداخلية التابعة للنظام نفت الخبر، وادعت أن الطالبة "كانت تقوم مع زميلاتها بالمزاح وتم ربط يديها بشريط سماعة جوال وتعثرت على درج الوحدة ما أدى إلى سقوطها وإصابتها بحالة إغماء ثم قاموا بإسعافها إلى المشفى ووضعها الصحي جيد حالياً".
لكن رسائل وصلت إلى إحدى الشبكات المحلية الموالية، أكدت أن الحادثة كانت شروعاً بالقتل، لطالبة في السنة الأولى/قسم الفيزياء، تدعى "ريتا .ج"، وهي من مواليد العام 2003، وتوالت الأخبار بعد ذلك لتكشف عن شبكة دعارة ضخمة، يديرها مسؤولون كبار، يبتزون سوء الأوضاع الاقتصادية للطالبات.
عدة روايات للحادثة.. وأسماء بدأت تتكشف
شبكة "جيفارا طرطوس"، التي سربت هذه الأخبار قبل أشهر، وتعامل معها كثير من الناس على أنها "شائعات" من المتعذر إثباتها، عادت بقوة لتدلل على مصادقيتها بعد تسريب فيديو الابتزاز الجنسي للعبشي، وفي ذلك الوقت قدمت الشبكة روايتين لحادثة الطالبة "ريتا":
- الأولى: كانت "ريتا" مكبلة اليدين، وفمها مغلق بمحارم، ورأسها مغطى بكيس أسود، حيث عثر عليها في مبنى الوحدة 12. والأشخاص الذين أبلغوا عن التفاصيل ادعوا أن رئيس اتحاد الطلبة بجامعة البعث علي الحمادي، متورط في محاولة القتل، وهو من يحاول التعتيم عليها.
- الثانية: الرواية الثانية قدمها مدير مدينة باسل الأسد الجامعية أسامة إبراهيم، ونفى فيها العثور على طالبة مخنوقة في غرفتها، إنما عثروا عليها بـ"حالة نفسية عارضة"، وجرى إسعافها إلى المشفى، قبل أن ينتشر الخبر بسبب وجود شهود عيان، وتضطر وزارة الداخلية التابعة للنظام، إلى نفيه على أساس أن الحادث كان مجرد "مزحة".
مسؤولون كبار يرغمون الطالبات على "البغاء"
خلال 24 ساعة فقط، وردت شهادات تكشف عن شبكة دعارة يديرها أمين فرع حزب البعث في الجامعة فائق شدود، ورئيس اتحاد الطلبة في الجامعة علي منصور الحمادي، بحسب صفحة "كشف المستور" المحلية.
تجبر هذه الشبكة الطالبات على ممارسة البغاء، وتصورهن وتهددهن، مستغلة ظروف الضحايا الاقتصادية والاجتماعية، لإرسالهن إلى المزارع والشقق المفروشة، بل إن المسؤولين أجبروا فتيات على ممارسة الدعارة في الحرم الجامعي نفسه ليلاً.
وادعت الشهادات أن المتورطين في إدارة الشبكة، يحصلون على دعم من اللجنة المركزية لحزب البعث، ومن وزارة الداخلية التابعة للنظام.
وأشارت صفحة "كشف المستور"، إلى أسماء مسؤولين آخرين ضالعين في استغلال الطالبات، من ضمنهم دارين حمدو، وهي المشرفة السابقة للوحدة الـ 10، وكانت تجبر الطالبات على تناول الحبوب المخدرة قبل تصويرهن في أوضاع مخلة للآداب، ومن بين المتورطين كذلك ابن مدير الأمن الجنائي بدمشق حسين جمعة.
قصّة فتاة الطابق السابع
وأشارت عدة طالبات في رسائل وصلت إلى "كشف المستور"، إلى أنهن يعشن في قلق وتوتر وخوف مستمر، بسبب تسلط هؤلاء المسؤولين على الطالبات، من دون رادع أو محاسبة.
وكشفت هذه الفضائح عن حادثة قديمة تعود لسنتين وفي الوحدة نفسها رقم 12، حين عثر على الفتاة (م.م) مرمية من الطابق 7 في الوحدة، وهي طالبة سنة أولى في كلية الزراعة، ووحيدة لعائلتها، وادعى النظام حينها أن الفتاة انتحرت لأنها تعاني من مشكلات نفسية.
لكن شهود عيان كانوا في السكن الجامعي في تلك الفترة، نوهوا إلى انتشار شائعات تتحدث عن خلاف بينها وبين شاب كان يهددها ويريد تصويرها، وانتهى الخلاف برميه لها من شرفة غرفتها لتتوفى على الفور.
اللقاء الأخير مع شدود.. ذعر ورغبة بالفرار
إحدى صديقات (م.م)، قدمت جزءاً من شهادتها على الحادثة، وادعت أنها على يقين بأن فائق شدود وعلي الحمادي ضالعان بمقتلها، وقدمت رقم هاتف وطالبت بتحقيق يكشف حجم الاتصالات التي كانت تتلقاها الفتاة من قبل شدود على مدار أشهر، وفي اليومين الأخيرين قبل مقتلها على وجه الخصوص.
وبحسب الشهادة، فإن (م.م) حصلت على غرفة في السكن الجامعي عن طريق شدود، بسبب صداقة تجمعه بأحد أقربائها، وكان يتصل بها دوماً "للاطمئنان عليها"، ودعاها لمكتبه 3 مرات بحجة التأكد من أن أمورها بخير، وفي آخر مرة دخلت مكتبه قبل مقتلها بيومين خرجت غاضبة وخائفة بشدة.
وادعت صاحبة الشهادة، أن الفتاة كانت مذعورة ولم توافق على إخبارها بتفاصيل الحديث الذي جرى في المكتب، بل إنها لم تجرؤ على إبلاغ أهلها بالمضايقة التي تعرضت لها، وكانت تنوي العودة إلى قريتها، على أن تأتي إلى الجامعة لتقديم الامتحانات فقط، بعدها تفاجأت صاحبة الشهادة بسماع خبر "انتحار" (م.م).
"تحت صورة الرئيس!"
بعد تسريب الفيديو الفاضح لنزار عبشي قبل يومين، رصد موقع تلفزيون سوريا نشاطاً لحساب على مجموعات "فيس بوك" محلية، يدعي أن الرجل الظاهر في الفيديو ليس عبشي، إنما هو بلال اليوسفي، أمين شعبة الطلبة العرب في حزب البعث بفرع جامعة البعث.
وزعم الحساب، أن اتهام عبشي بالضلوع في الفضيحة إنما كان بتوجيه من فائق شدود، لأن اليوسفي هو الشخص المسؤول حالياً عن إخضاع الطالبات لصالح أعمال شدود المخلة بالآداب.
وسواء كان عبشي أم اليوسفي من يظهر في الفيديو، فإن الأخبار المتداولة الآن لا تكشف عن عصابة إجرامية تقبض على جامعة البعث فقط، بل ربما بدأت الخلافات والصراعات تشق صفوفها من الداخل أيضاً.
ومن اللافت للنظر أنه وبالرغم من كل هذه الشهادات المرعبة، فإن الصفحات والشبكات الصحفية الموالية التي تداولت هذه الفضائح، كانت مستغربة بشدة من أن الفعل الفاضح يجري تحت صورة "الرئيس والأمين العام للحزب" بشار الأسد.