ازدادت موجة الهجرة من سوريا نتيجة ما تعيشه البلاد منذ عام 2011 من أحداث بعد اندلاع الثورة فيها، حيث اضطر ملايين السوريين إلى مغادرتها أو النزوح إلى مناطق أخرى داخل سوريا، وخصوصاً بعد ما ارتكبه النظام من عنف في قمع المتظاهرين.
ووصل عنف قوات النظام إلى حدّ قصف المدن والبلدات بالطائرات والبراميل المتفجرة، ما زاد من موجات الهجرة. لكن بعد عام 2019، وبالتزامن مع توقف نسبي في العمليات العسكرية، ظهر شكل جديد لتلك الهجرات تجلى في الهجرة من المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري والخالية من العمليات العسكرية.
هجرة السوريين المقيمين في مناطق سيطرة النظام
وتحت عنوان "الهجرة من مناطق سيطرة النظام السوري بعد عام 2019 (الدوافع- الوجهات- الآثار)"، نشر مركز حرمون للدراسات المعاصرة دراسة للباحث والأكاديمي السوري سمير العبد الله، سلّط فيها الضوء على ظاهرة هجرة السوريين من داخل مناطق سيطرة النظام، في محاولة لمعرفة أسباب تلك الهجرة ودوافعها، والطرق والوجهات التي يقصدها المهاجرون من تلك المناطق، وتحديد طبيعة المهاجرين بشكل أساسي وآثار تلك الهجرة عليهم وعلى المجتمع ككل.
اعتمد الباحث العبد الله في جمع بيانات دراسته على استبانات توضّح تصوّرات سوريين مقيمين في تلك المناطق، وعلى مقابلات أجراها مع أشخاص مقيمين ومهاجرين، إضافة إلى مراجعة الأدبيات والدراسات القريبة من موضوع الدراسة.
نتائج الدراسة
وخلُصت الدراسة إلى عددٍ من النتائج الهامة، وفي مقدمتها أن أغلب المقيمين في مناطق سيطرة النظام يرغبون في الهجرة، وأن النسبة ترتفع بين أوساط الشباب، وأن كبار السنّ هم الأقل رغبة في ذلك.
وتوصلت الدراسة أيضاً إلى أن الدافع الاقتصادي وما تمخض عنه من عدم القدرة على تلبية الحاجات الأساسية للحياة (ماء، كهرباء…)، وفقدان الأمل، هما العاملان الأكثر دفعاً للراغبين في الهجرة.
كما بينت أن غالبية المهاجرين هم من فئة المتعلّمين وأصحاب المهن والحِرف، ومن هم في سن الجامعة، ورجال الأعمال والمستثمرين والصناعيين. ولم يكن لدى معظم الراغبين في الهجرة رفاهية الاختيار؛ فالوجهة والطريق يتعلّقان بإمكانات التوفر، وإمكانات المهاجر.
وبحسب الدراسة التي ساهمت في جمع مادتها العلمية مساعدة الباحث "بتول حديد"، فقد شكلت الإمارات العربية المتحدة والعراق ومصر الوجهات الأكثر هجرة إليها، إضافة إلى الشمال السوري ومناطق سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية/ قسد". كما اختلفت صفة المهاجرين إلى كل منطقة، حيث توجّه الصناعيون والتجار وبعض من يرغب في متابعة التعليم إلى مصر، في حين توجه من يملك مالًا وحرفة مميزة إلى الإمارات العربية المتحدة، أما من ليس لديه إمكانات مادية كبيرة، من بين كل الفئات، فتوجه إلى الشمال السوري، مع ملاحظة أن أغلبهم كان يرغب في المتابعة إلى أوروبا.