طالبت النيابة العامة الهولندية قبل أيام في محكمة روتردام بالسجن 12 عاما على أحد قادة حركة "أحرار الشام" الإسلامية بتهمة "الإرهاب".
وتم القبض على اللاجئ السوري (محمد ب) البالغ من العمر 47 عاماً في تشرين الأول 2020 في مدينة رايسن في مقاطعة أوفرايسل، وبحسب ما ذكرت النيابة العام في بيان لها فإن هناك أدلة مقنعة على أن الرجل في سوريا لعب دوراً مهماً داخل حركة "أحرار الشام".
وجاء المشتبه به إلى هولندا في عام 2017 وحصل على تصريح إقامة مؤقتة، وبعد معلومات الشرطة عن ماضيه، بدأ تحقيق أدى في النهاية إلى القبض على المشتبه به واحتجازه، وفي آذار 2022، قررت المحكمة أنه يجب إطلاق سراح المشتبه به حتى صدور الحكم في قضيته بسبب إجراء طبي لكن ضمن ظروف معينة مثل ارتداء سوار الكاحل لمراقبته.
سجن صيدنايا
وفي سوريا كان محمد قد سُجن من 2005 إلى 2010 في سجن صيدنايا سيئ السمعة بسبب تعرض المعتقلين فيه للتعذيب من قبل نظام الأسد.
وفي عام 2011 ثار الشعب السوري ضد الأسد ثم بدأ الصراع العسكري وارتكب النظام خلالها جرائم حرب وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
ألمانيا تحاكم مواطناً حارب مع "أحرار الشام" في سوريا
وتقول النيابة الهولندية إن "إحدى تلك المجموعات القتالية التي شاركت في الحرب هي حركة أحرار الشام ويُنظر إليها على أنها منظمة إرهابية"، مشيرة إلى أنها "لم تقاتل الأسد فحسب بل شاركت أيضاً على نطاق واسع في عمليات الخطف والتعذيب وقتل المدنيين".
وبحسب النيابة العامة، بين كانون الثاني (يناير) 2012 وحزيران (يونيو) 2015، كان المشتبه به من بين أمور أخرى المدير المالي لأحرار الشام في محافظة الرقة، لكنه ينفي أنه كان جزءاً من أحرار الشام.
وتعتقد النيابة العامة أن هناك أدلة كثيرة على أن المشتبه به كان بالفعل مع هذه المنظمة، مستشهدة بمحادثات الدردشة والصور والمستندات وأقوال الشهود التي تم العثور عليها.
صور ومحادثات واتساب
ووفق النيابة الهولندية فإنه عندما تم القبض على المشتبه به، تم الاستيلاء على الهواتف والأقراص الصلبة، إضافة إلى أدلة أخرى.
ويظهر المتهم في عدة صور به حاملاً أسلحة ثقيلة، وبحسب النيابة العامة، يمكن تصنيف بعض الصور على أنها "جهادية عنيفة"، على سبيل المثال، يقف حاملاً سلاحاً نارياً آلياً ويقوم بإيماءة التوحيد بيده اليسرى، بينما يرقد أمامه مسدسات ومصحف، وتظهر في صورة أخرى من عام 2012 ابنة المشتبه به الرضيعة، قنبلة يدوية في يدها ومسدس على ساقيها، ويوجد أيضاً حقيبة ذخيرة، وبحسب المشتبه به، فهذه أسلحة مزيفة يلعب بها الأطفال في سوريا.
وكشفت النيابة الهولندية عن بعض محادثات WhatsApp التي أظهرت جزءا من حياة المشتبه به، على سبيل المثال، تراسله أخته لتسأله عن شخص يعرفه: "قال إنه في أحرار معك"، يرد المشتبه به: "لا أتذكره.. كان هناك الكثير من الناس معي".
وفي مجموعة دردشة مع الأصدقاء، تمت الإشارة إلى عملهم السابق في أحرار الشام والخلافة، أبلغ المشتبه به أصدقاءه في 2018 برغبته في العودة إلى سوريا.
كما أنه يرسل رسالة نصية إلى شخص ما حول دوره السابق: "هل نسيت أنني كنت شخصا مسؤولاً".
نفي
وينفي المشتبه به كل الاتهامات ويقول إنه عمل مع منظمة إنسانية عند ذلك المعبر الحدودي ولم يكن جزءاً من الحركة، ويشير الخبير في شؤون الشرق الأوسط في الشرطة إلى أن أحرار الشام سيطرت على معبرين حدوديين في ذلك الوقت، مما يعني أن الكثير من المساعدات الإنسانية الدولية لسوريا قد مرت عبر سيطرة المنظمة.
وتقول النيابة إن هناك أيضاً شهودا يتهمون المشتبه به، شاهد أحد الشهود وتحدث إلى المشتبه به مرتين في عام 2013، وبحسب الشاهد، فإن المشتبه به كان حينها المدير المالي لأحرار الشام في محافظة الرقة.
وتتطابق مع أقوال الشاهد حول دوره الإداري صورة من عام 2013 في الملف، ويظهر المشتبه به مع قائد أحرار الشام ومستشاره الأمني، لكن المشتبه به قال إنه أراد فقط التقاط صورته مع أحد المشاهير.
بدورهم يقول الشهود إنه كان من المستحيل على الغرباء الاقتراب من قادة الحركة المطلوبين.
ويرى المدعي العام الهولندي أنه ثبت أن المشتبه به شارك في "تنظيم أحرار الشام الإرهابي وقادته، معتبراً ذلك بأنه اشتباه خطير".
وفي طلب الحكم، تأخذ النيابة العامة في الحسبان أن الدور القيادي للمشتبه به كمدير مالي كان مهماً للمجموعة، لا يمكن لأي منظمة العمل والبقاء على قيد الحياة بلا إدارة مالية، لذلك ليس من المستغرب أن يكون شخص ما في هذا المنصب ينتمي إلى قمة الهرم في الحركة، وتطالب النيابة العامة بالسجن لمدة اثني عشر عاماً أقل من المدة التي قضاها المشتبه به رهن الاعتقال السابق للمحاكمة.
تبرئة مقاتل سابق وتصنيفات متضاربة!
وخلال الأعوام الماضية اعتقلت هولندا سوريين آخرين بتهمة الانتماء لـ"أحرار الشام" وفي عام 2021 برأت محكمة روتردام اللاجئ السوري (عبد الرزاق ب) الذي كان مقاتلاً سابقاً في الحركة، معتبرة أنه ليس إرهابياً لأنه كان يدافع عن منزله، ولكن بحسب المحكمة إذا انضم شخص هولندي إلى الجماعة نفسها فإنه سيكون إرهابياً.
وتعتبر وزارة العدل "حركة أحرار الشام" منظمة "إرهابية"، لكن وزارة الخارجية الهولندية تصنف الجماعة بأنها "معتدلة".
وسابقاً، قدمت وزارة الخارجية الهولندية نفسها مليوني يورو دعماً لمشروع سلام في سوريا، والوجه البارز لتلك الحملة كان هو المتحدث باسم "حركة أحرار الشام" في عام 2017، كما قدمت أيضاً هولندا للجبهة الشامية مساعدات "غير فتاكة"، وفق الصحيفة.