رغم انشغال حركة أحرار الشام بقيادة عامر الشيخ "أبو عبيدة" في خلافاتها الداخلية المتمثلة بتعليق عمل أكبر الألوية داخلها مع وجود مؤشرات عن انقسام جديد يعصف بصفوفها، فإن القسم المؤيد لهيئة تحرير الشام كان له مشاركة فعالة ضمن تحالف هيئة تحرير الشام وفرقة الحمزة وفرقة السلطان سليمان شاه ضد الفيلق الثالث في ريف حلب الشمالي.
وسيطر الفيلق الثالث على مقار لفرقة الحمزة في مدينة الباب في الـ 11 من الشهر الجاري، بعد القبض على خلية اغتيال الناشط محمد عبد اللطيف أبو غنوم، لتتحالف فرقتا الحمزة والسلطان سليمان شاه مع هيئة تحرير الشام في ريف عفرين، وترسل الأخيرة أرتالاً عسكرية لضرب مواقع الفيلق الثالث في منطقة عفرين.
وانسحب الفيلق الثالث من منطقة عفرين إلى معقله في مدينة اعزاز لتندلع بعدئذ مواجهات مع تحالف هيئة تحرير الشام في محيط بلدة كفر جنة لمدة يومين، وتوقفت يوم الجمعة الماضي باتفاق مبدئي بين الفيلق الثالث و"تحرير الشام"، لتتجدد المعركة في منطقة كفر جنة بعد خروج مظاهرات ترفض دخول هيئة تحرير الشام إلى المنطقة، ثم توقف الاشتباكات بين الجانبين مجدداً بعد تدخل الجيش التركي ليلة الإثنين - الثلاثاء لوقف الاشتباكات، ونشر دبابات وقوات برية في المنطقة.
وأعلن عامر الشيخ، يوم السبت الماضي، دخول قوات "الحركة" لتتسلّم مواقع "هيئة تحرير الشام" في عفرين بعد انسحاب رتل "كبير" للأخيرة نحو إدلب.
وأضاف "الشيخ"، في تغريدة نشرها عبر حسابه في تويتر: "بعد اتفاق الصلح الذي تم بحمد الله تعالى بين الإخوة في الفيلق الثالث والإخوة في هيئة تحرير الشام، والذي أفضى إلى وقف لإطلاق النار وفك الاستنفارات العسكرية، باشرنا باستلام المواقع العسكرية من هيئة تحرير الشام في منطقة غصن الزيتون".
وأكدت مصادر عسكرية لموقع تلفزيون سوريا أن قوات من حركة أحرار الشام شاركت في الهجوم على الفيلق الثالث في محور كفر جنة، وتعرض عدد من عناصرها لإصابات، من دون التأكد من وقوع قتلى لهم.
ويقود قوات أحرار الشام المشاركة إلى جانب هيئة تحرير الشام كل من "أبو صهيب كفر زيتا" قائد لواء حلب و"أبو محمود خطاب" القائد العسكري للواء الجنوب و"أبو أدهم كرناز" كقائد عسكري، إضافة إلى خلدون الحسن أبو معاذ قائد سرية نخبة في لواء الجنوب مع عسكري السرية ذاتها أبو فريد إضافة إلى أبو زياد مورك قائد سرية نخبة في لواء الساحل مع ميدانيين آخرين من ضمنهم "أبو بكر إدلب" عضو مجلس قيادة أحرار الشام، ويدير هذه القيادات نائب حركة أحرار الشام أبو محمد الشامي بشكل مباشر.
وتقدر عدد القوات التي شاركت بها الحركة بـ 300 مقاتل توزعت على 150 من لواء الجنوب ثلثيها من قوات النخبة وثلث من قوات المشاة، و100 مقاتل من لواء الساحل إضافة إلى عدة مجموعات متفرقة من باقي أقسام الحركة.
وبعد تغريدة "الشيخ" وصل رتل عسكري لحركة أحرار الشام مكون من 60 سيارة من إدلب إلى ريف عفرين، وطُلب من جميع الموجودين في منطقة جنديرس الالتحاق بالرتل لإظهاره كقوة عسكرية كبيرة، حيث تمت الاستعانة بمجموعات وسيارات من خارج الحركة، وتسلم الرتل عدداً من المقار العسكرية في مدينة عفرين.
وتعمدت قيادة "الحركة" تقديم نفسها على أنها جهة حيادية تسعى لتنفيذ اتفاق التهدئة ليتبين لاحقاً أن الأمر لا يعدو كونه اتفاقا بينها وبين هيئة تحرير الشام، حيث لم تنقض ساعات حتى عاد الرتل أدراجه لمدينة جنديرس بشكل متفرق مع بقاء قوات هيئة تحرير الشام في المقار العسكرية التي ادعت الحركة أنها تسلمتها.
ويعتبر العدد المشارك من "أحرار الشام" قليلاً نسبة لعدد عناصر "الحركة" وذلك بسبب وجود الخلافات الداخلية التي حيدت نصف قوات الحركة في معارضة القيادة الحالية، مع وجود قوات رفضت المشاركة رغم عدم معارضتها لقيادة الحركة الحالية في مشكلاتها الداخلية.
أما في ريف حلب الشرقي، فنقض "القطاع الشرقي" في حركة أحرار الشام اتفاق حزيران مع الفيلق الثالث، وشارك القطاع بجميع قواته التي يقدر عددها بـ 800 مقاتل، معظمهم من دون خبرة عسكرية كافية، ويقودهم ميدانياً القيادي "أبو دجانة الكردي"، وتركز هجومهم ضد الفيلق الثالث بالتعاون مع فرقة الحمزة على محاور مدينتي الباب وجرابلس وقرى عولان وسوسيان وعبلة وتل بطال، وسيطر "القطاع الشرقي" وفرقة الحمزة على معبر الحمران، في حين لم يستطع القطاع الشرقي من أحرار الشام الوصول إلى مدينة اعزاز للضغط عليها من جهة الشرق عندما كان يضغط تحالف "الهيئة" من الغرب.
بعد تدخل الجيش التركي ليلة الإثنين - الثلاثاء بثت هيئة تحرير الشام عبر إعلامها الرديف تسجيلات مصورة تظهر انسحاب أرتال عسكرية كبيرة، إلا أنها لا تزال تتمركز بقوات ليست قليلة داخل مقار حركة أحرار الشام خصوصاً في منطقة جنديرس في مقر قيادة الحركة بشارع يلنقوز وفي تل سللور ضمن ثكنة عسكرية للحركة وفي مقار أمنية للحركة في بلدة كوران مع رفعهم لرايات الحركة وتحركهم باسمها.
وسربت حركة أحرار الشام عبر إعلامها الرديف أنها ستتحمل مسؤولية تشكيل قوة أمنية لضبط منطقة سيطرة فصائل الجيش الوطني، وبالتالي تسهيل تشكيل حكومة محلية للمنطقة على غرار حكومة الإنقاذ، وهو ما اعتبره مراقبون أن "الحركة" مجرد واجهة عسكرية وأمنية لهيئة تحرير الشام في مناطق سيطرة الجيش الوطني، إلا أن تغير الموقف التركي ليلة الإثنين قد يبدد كل هذه الآمال.
المشاركة الأخيرة للحركة في الاقتتال الحاصل وظهور تأييدها العلني لهيئة تحرير الشام زاد من شدة الخلافات الداخلية فيها، الأمر الذي قد يؤدي إلى تصعيد الخلافات وحدوث انقسام واضح بين من يؤيد تحرير الشام ويعتبرها المشروع الأفضل وبين من يعارض تصرفاتها ويعتبرها جهة باغية تسعى للسلطة من خلال فرضها بالقوة العسكرية.