في حفل حمل عنوان "النساء اللاجئات والشتات"، شاركت امرأة سورية تعمل موظفة اجتماعية في مركز لاستقبال اللاجئين في ألمانيا، بدعوة من وزيرة الدولة "ريم العبلي-رادوفان"، المسؤولة عن قضايا الاندماج في الحكومة الألمانية، إلى هنا قد تبدو القصة مألوفة للبعض في ظل التقدم العلمي والمهني المتزايد للسوريين في بلدان اللجوء، إلا أن تحقيقاً أجرته صحيفة "NDR" كشف أن هذه المرأة تسعى لفتح قنوات اتصال رسمية بين النظام السوري وبرلين، فهي مسؤولة سابقة في "حزب البعث"، وإحدى الشخصيات المقربة من بثينة شعبان مستشارة بشار الأسد.
في نهاية شهر شباط الماضي، دعت الوزيرة "ريم العبلي-رادوفان" (من الحزب الديمقراطي الاجتماعي الألماني SPD)، أكثر من 120 امرأة لاجئة من مختلف البلدان للمشاركة في الحفل، وأظهرت الصور التذكارية وجود اللاجئة السوية "آمال عزو" في الصف الأماني وعلى مقربة من الوزيرة.
آمال تبلغ من العمر 56 عاماً، وصلت إلى ألمانيا عام 2015، وتعمل حالياً مختصة اجتماعية ومترجمة في مركز للاجئين بالقرب من مدينة تيتيروف شمالي البلاد، كما أنها تنشط في العديد من الجمعيات التي تعمل في مجال الهجرة.
"مسؤولو النظام يلاحقون السوريين في بلدان اللجوء"
ورغم أن آمال كانت رئيسة مكتب الشباب في فرع "حزب البعث" بدمشق، ومقربة من الميليشيات المسلحة، إلا أنها تتعامل حالياً خلال عملها مع العديد من السوريين الذين فروا من اضطهاد نظام بشار الأسد، وفقاً للتقرير.
وتقدر الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن قوات النظام السوري وحدها مسؤولة عن مقتل أكثر من 200 ألف مدني في سوريا، وتعرض ما يزيد على عشرة آلاف شخص للتعذيب حتى الموت في السجون والمعتقلات، في حين ما يزال مصير أكثر من 96 ألف شخص غير معروف.
وتُعتبر إحصائيات الشبكة متحفظة، ومن الممكن أن تكون الأرقام الفعلية أكثر بكثير. وتقول وزارة الخارجية الألمانية في تقريرها عن الوضع الحالي إن المعارضين للنظام في سوريا ما زالوا يتعرضون للاضطهاد الممنهج حتى اليوم وإن وضع حقوق الإنسان تحت حكم الأسد يعتبر كارثياً.
"آمال ترفض هذه الاتهامات"
وزعمت آمال أنها استقالت من مناصبها الحزبية في عام 2015 وفرّت في البداية إلى لبنان. و"كانت قد تعرضت سابقاً لتهديدات في سوريا، على ما يبدو من قبل الإسلاميين، بسبب عدم ارتدائها الحجاب من بين أسباب أخرى".
وأضاف لـ"NDR" أن مهمتها في "حزب البعث" كانت دعم النساء في المجتمع. وعلى الرغم من ذلك، أظهرت صور نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي أن آمال كانت تشارك في عرض عسكري لميليشيا "كتائب البعث"، وقد تأكد موقع "NDR" من صحة الصور.
على طاولة واحدة مع مستشارة بشار الأسد
وكذلك كانت آمال تشغل منصباً في إدارة "مؤسسة القدس الدولية"، المدرجة على قوائم العقوبات الأميركية، لكنها زعمت أنها استقالت من منصبها عام 2015.
لكن صوراً نشرتها "مؤسسة القدس" تنفي مزاعم آمال، حيث ظهرت أنها شاركت في اجتماع لمجلس الإدارة إلى جانب بثينة شعبان مستشارة بشار الأسد وذلك في العاصمة دمشق، نهاية شباط عام 2018، أي بعد لجوئها إلى ألمانيا بثلاث سنوات.
"لم نكن نعرف نشاطها السابق"
ورداً على هذه المعلومات، قالت المتحدثة باسم الوزيرة "ريم العبلي-رادوفان"، لصحيفة "NDR"، إن دعوة آمال حدثت بناءً على اقتراح من جمعية في ولاية "ساكسونيا السفلى"، ولم يكن هناك أي معرفة بمناصبها السابقة.
وأضافت المتحدثة: "لو كنا على علم بهذه المعلومات قبل الفعالية، لما دعونا السيدة آمال، كما أعلنت جمعية Malteser""، التي تدير مركزاً لمساعدة اللاجئين الذي تعمل فيه آمال، بأنها لم تعلم شيئاً عن ماضيها، وأنها ستأخذ هذه المعلومات على محمل الجد وسيجري التحقيق بها.
تخوف من تسريب معلومات اللاجئين للنظام السوري
متحدثة باسم وزارة الداخلية في مدينة شفيرين، قالت إن السلطات الأمنية تدرس ملفات اللاجئين القادمين إلى ألمانيا للتأكد من عدم ارتباطهم بالإرهاب فقط، ولا يتم الاستعلام عن أنشطة أخرى مثل ارتباطهم بالنظام السوري.
ورفضت المتحدثة التعليق على مصير بيانات اللاجئين السوريين الموجودة بيد آمال، أو كيفية تقييم الوزارة لحقيقة أن مسؤولاً سابقاً في النظام يلتقي الآن بسوريين فروا من النظام نفسه.
وكتبت "آمال" العديد من الرسائل الطويلة لـ "NDR"، تصور نفسها على أنها ضحية لآخرين سوريين حاقدين. ووصفت التعامل مع الاتهامات بشأن نشاطاتها في سوريا -بما في ذلك أسئلة الصحفيين- بأنها مؤلمة للغاية ومرهقة بالنسبة لها ولم تبدِ ندمها أو تنأى بنفسها عن النظام السوري.