في واحدة من الأمسيات الثقافية السورية المتميزة في إسطنبول، أقامت دار الأتاسي يوم السبت 29 تشرين الأول، احتفالية خاصة بمهندس السينما السورية المنتج الراحل نادر الأتاسي، تضمنت فيلما وثائقيا عن مسيرته بعنوان "المليونير العاشق" كتب له السيناريو وأخرجه الكاتب السوري محمد منصور الذي أتبع الفيلم بمحاضرة بعنوان "السينما السورية كما صنعها نادر الأتاسي".
وتضمنت محاضرة منصور معلومات عن تاريخ السينما في سوريا، وعن مساهمة نادر الأتاسي في إدخال دريد لحام ونهاد قلعي إلى السينما، عندما موّل إنتاج أول أفلامهما وهو "عقد اللولو" عام 1965 والذي شاركهما البطولة فيه المطرب فهد بلان والمطربة اللبنانية صباح قبل أن يثبتا حضورهما ويصبحا من نجوم شباك التذاكر القلائل في تاريخ السينما السورية.
كما توقف منصور مطولا عند إنتاج نادر الأتاسي لأفلام فيروز والرحابنة (بياع الخواتم، سفر برلك، بنت الحارس) راويا كثيرا من التفاصيل والطرائف عن ظروف إنتاج تلك الأعمال، ثم محاولة نادر الأتاسي جمع فيروز والأخوين رحباني بعد انفصالهم في مطلع الثمانينيات من خلال إنتاج فيلم رابع مأخوذ عن مسرحية "هالة والملك" إلا أن المحاولة باءت بالفشل بسبب تعنت الطرفين، وتجمد الفيلم طويلا حتى تم إنتاجه عام 2009 ببطولة مريام فارس ودريد لحام ومن إخراج حاتم علي وقد اختتم به نادر الأتاسي مسيرته السينمائية كما قال في مقابلة من الأرشيف قدمها الفيلم.
وختم منصور محاضرته بالقول: "وقد غاب نادر أتاسي في العشرين من حزيران يونيو من عام 2016 لكنه بقي حاضرا في ذاكرة من عرفوه، ولا أشك أنه سيبقى في ذاكرة الأجيال حين تستعيد سوريا حريتها وعافيتها وصوتها وإرادتها، وتضع رموزها الحقيقيين في المجالات كلها، في المكان الذين يستحقون، بدل رفع صورة القتلة والمجرمين والطغاة".
وأشار منصور في تصريحات لموقع تلفزيون سوريا إلى أن العمل على مشروع التعريف بمساهمات نادر الأتاسي في مجال الإنتاج السينمائي يبدأ قبل شهور عدة، لافتاً إلى أن كثيراً من السوريين حتى من محيط عائلة الأتاسي يجهلون إسهامات نادر الأتاسي ودوره المهم في الصناعة السينمائية في سوريا.
وأضاف أنه طرح على دار الأتاسي فكرة تقديم محاضرة للحديث عن نادر الأتاسي، ليلقى ترحيباً من قبل إدارة الدار، ثم تطورت الفكرة لتكون الأمسية أكبر من محاضرة وحسب، أي أن تشمل شكلاً آخر يمكن أن يساعد على رسم الصورة الكاملة، ليتم الاتفاق على إنجاز فيلم وثائقي يقدم الشاهد البصري الذي تحتاج إليه المحاضرة بشكل مركز.
وأعقب المحاضرة وعرض الفيلم نقاش مطول من قبل جمهور الحضور، فتحدث الإعلامي عدنان عبد الرزاق عن دور البرجوازية الوطنية في النهوض الاجتماعي والثقافية كما جسدتها مسيرة نادر الأتاسي مع السينما وسعيه لتقديم الإنتاج المتميز، لكنه تساءل عن سرّ غياب استثماراته في مجالي الصحة والتعليم.
كما تحدث نزار أكرم عن سبب غلبة الإنتاج الكوميدي والغنائي في إنتاجات نادر الأتاسي السينمائية ولماذا لم يقارب السياسة كثيرا.. وهو ما دفع الناقد منصور للحديث عن دور الرقابة المشددة التي كانت تمارس على الفن في سوريا وعن قضاء الدولة وأجهزة مخابراتها على صالات العرض السينمائي في سوريا لمنع تجمع الناس.