أصدرت منظمة العفو الدولية اليوم تقريراً، قالت فيه إن حكومة النظام السوري تهدد حق سكان حلب في السكن، بعد أن هدمت عشرات المباني التي تعتبر غير آمنة نتيجة لزلزال شباط، دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة والضمانات ضد عمليات الإخلاء القسري.
وجاء في تقرير المنظمة أن عمليات الهدم تمت في غياب إخطار مسبق للسكان، ودون منحهم فرصة للطعن في القرارات الصادرة ضدهم، كما أن "الحكومة" لم توفر لهم سكنا بديلا أو تعويضاً عن الخسائر.
وقالت ديانا سمعان، باحثة الشؤون السورية في منظمة العفو الدولية "إن عمليات الهدم غير القانونية هذه تنتهك حق الناس في السكن اللائق، وتزيد من معاناة السكان الذين فقدوا منازلهم بالفعل في الزلزال".
وأضافت "يجب على السلطات السورية احترام حق الناس في السكن، وضمان عدم تشريد أي شخص نتيجة لعمليات الهدم".
وبحسب التقرير، فإن السكان الذين تضررت منازلهم من جراء الزلازل لم يتلقوا أي دعم مالي من النظام لإصلاح منازلهم المتضررة، كما طلبت حكومة النظام منهم الحصول على تصاريح، وهو أمر يصعب الحصول عليه، لإعادة تأهيل المباني السكنية.
ووفقاً لتقرير نشرته مجموعة الأزمات الدولية في عام 2022، "فقط من لديهم أذن السلطة (قوات الأمن أو الميليشيات) يمكنهم الحصول على إذن غير رسمي لإجراء الإصلاحات".
وبحسب تصريحات السكان لمنظمة العفو الدولية ممن تضررت منازلهم من جراء الزلازل، "إن السلطات تقاعست عن إبلاغهم بكيفية الاتصال باللجان للاستفسار عن سلامة منازلهم".
وأشار التقرير إلى أن حواجز النظام السوري فرضت رسوما وضرائب مرتفعة على الأشخاص الذين يحاولون إدخال مواد البناء، مما صعب على السكان عملية إعادة بناء أو ترميم منازلهم.
وقالت ديانا سمعان "بدلاً من فرض متطلبات بيروقراطية مرهقة على السكان الذين يحاولون إصلاح منازلهم المتضررة من الزلزال، ينبغي للسلطات السورية ضمان حصول جميع السكان على الدعم الفني والمالي المناسب، دون تمييز".
وأضافت "إننا نشعر بالقلق من أن الطريقة التي يتم بها تنفيذ تدابير سلامة البناء قد تزيد من الصعوبات التي يواجهها الآلاف من المدنيين".
وطالبت منظمة العفو الدولية النظام السوري بضمان حق السكان في السكن بعد الزلزال، من خلال، وقف عمليات الهدم غير القانونية للمباني التي تعتبر غير آمنة.
بالإضافة إلى ضمان حصول جميع السكان الذين تضررت منازلهم من من جراء الزلزال على سكن بديل أو تعويض عن الخسائر.
في حين شددت على ضرورة توفير الدعم الفني والمالي المناسب للسكان الذين يحاولون إصلاح منازلهم المتضررة.
واعتمد التقرير على مقابلات أجرتها المؤسسة مع ثلاثة عاملين بالمجال الإنساني ممن زاروا حلب بعد الزلازل، بالإضافة إلى ستة من سكان ممن يقطنون مدينة حلب، ومراجعة المقالات الإعلامية وتقارير الأمم المتحدة، وتحقق مختبر أدلة الأزمات التابع لمنظمة العفو الدولية من مقاطع فيديو لعمليات الهدم في مدينة حلب.
آلية الهدم
وتقوم حكومة النظام السوري بهدم أي مبنى بعد أن يتم تقييمه من قبل لجنة هندسية شكلتها السلطات لتقييم السلامة الهيكلية للمباني، بوضع إشارة عليه باللون الأحمر، مما يعني أنه "خطر على السلامة العامة، ونتيجة لذلك، يُطلب من الناس الإخلاء على الفور".
وأكدت منظمة العفو الدولية عن معلومات من السكان والعاملين في المجال الإنساني "أن هذه التقييمات قد لا يتم تنفيذها بدقة، وأن عمليات الهدم تتم في غياب متطلبات الإجراءات القانونية الواجبة والضمانات ضد عمليات الإخلاء القسري وفقًا للمعايير الدولية لحقوق الإنسان".
ووفقاً للتقرير إلا أن العديد من هذه اللجان كانت تجري تقييمات بصرية فقط، وهو ما يفتقر إلى التفاصيل الدقيقة المطلوبة لتحديد مدى سلامة المبنى، وقد يؤدي إلى عمليات هدم غير مبررة.
وأضاف أن السكان غير قادرين على الطعن في قرارات اللجان، ولا يُمنحون في كثير من الأحيان الوقت الكافي لنقل ممتلكاتهم.
وتوضح المعايير الدولية لحقوق الإنسان المتعلقة بالحق في السكن أنه حتى عندما يكون الإخلاء مبرراً، فإنه ينبغي تنفيذه مع الالتزام الصارم بالقانون الدولي لحقوق الإنسان، لذلك يجب على السلطات إشراك سكان المباني غير الآمنة في مشاورات حقيقية حول خيارات الهدم وإعادة التوطين، وتزويدهم بالمعلومات الكافية حول الخطط، وإخطار كتابي مناسب بالإخلاء، وسكن بديل مناسب، والتعويض عن الخسائر، ويجب عليها ضمان عدم ترك أي شخص بلا مأوى أو عرضة لانتهاكات أخرى لحقوق الإنسان نتيجة لعمليات الهدم.
النظام السوري وتعاطيه مع الكوارث
ومن خلال التقرير توضح المنظمة آلية تعاطي النظام السوري مع كوارث السوريين.
بينما تبادر حكومات وأنظمة الدول الأخرى إلى تعويض مواطنيها المتضررين بفعل الكوارث الطبيعية والنكبات، سواء بتخصيص مبلغ محدد من ميزانيتها، كما جرى أخيراً في تركيا حين أعلنت الحكومة تخصيص المليارات لتعويض المتضررين، أو من خلال حملات التبرع التي تطلقها منظمات ومؤسسات أهلية، وبعض حكومات الدول الأخرى، وتمويلها لمشاريع إعادة التأهيل والإعمار.
إلا أن الأمر مختلف تماماً لدى النظام السوري الذي تعاطى مع الزلزال كورقة استثمار سياسي يحاول من خلالها استغلال كارثة السوريين لتمكين سلطته ودعم نظامه من خلال استجلاب المساعدات المختلفة والاستيلاء عليها بحسب ما جاء في تقرير المنظمة.
وعانت حلب قبل الزلزال من أضرار واسعة النطاق في البنى التحتية والمباني، بسبب حملة القصف التي شنتها قوات النظام السوري والروسي بين عامي 2012 و2016، لمحاولة إخضاعها، وتعرض عشرات الآلاف من المدنيين للحصار والقصف، والتهجير القسري إلى مناطق أخرى.
وعقب الزلزال في 20 شباط بحسب تصريحات رسمية 13 ألف عائلة تأثرت بالزلزال، وهدم 220 مبنى، بينما بقي 303 مبانٍ بانتظار الهدم من أصل 11551 مبنى.