ملخص:
- يعيش المجتمع العربي في ميشيغان انقساماً في دعم المرشحين، مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية.
- تنافس محتدم بين كامالا هاريس وترامب، وتباين في آراء العرب بين دعم الحلول الدبلوماسية وهواجس إنهاء الحروب.
- تتنامى حالة الغضب من سياسات الحزب الديمقراطي، مما دفع البعض لدعم مرشحي أحزاب أخرى أو ترامب.
- الناشطون العرب يتوجهون لدعم بدائل مثل حزب الخضر، تعبيراً عن الاستياء من السياسات المؤيدة لإسرائيل.
- بعض الناخبين يقررون مقاطعة الانتخابات، مع أمل في تغيير محتمل يقوده الشباب الأميركي المعارض.
يعيش المجتمع العربي الأميركي في ولاية ميشيغان حالة من الترقب والانقسام حول المرشح الذي يمكن أن يمثل تطلعاتهم وقضاياهم. في ولاية تعد ساحة رئيسية لتحديد نتيجة الانتخابات مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية.
ويواجه الناخبون العرب خيارات معقدة بشكل غير مسبوق، وسط سباق محتدم بين كامالا هاريس، نائبة الرئيس الحالية، والرئيس السابق دونالد ترامب.
وتعتبر ميشيغان واحدة من الولايات الحاسمة في السباق الرئاسي، حيث تشير الاستطلاعات إلى تقارب شديد بين المرشحين. في عام 2016، فاز ترامب بالولاية بفارق 10 آلاف صوت فقط، بينما نجح بايدن في اقتناصها بفارق 100 ألف صوت في 2020.
وتعكس هذه الأرقام أهمية كل صوت في الولاية، ما يبرز تأثير الجالية العربية التي تقدر بأكثر من 300 ألف ناخب. تقول ريما مروه، مديرة شبكة المجتمعات العربية الأميركية الوطنية في حديثها إلى موقع (BBC) التركي: "معرفة العدد الدقيق للناخبين العرب أمر صعب، لكننا نقدر وجود ما لا يقل عن 300 ألف ناخب في الولاية".
ولا يمكن اعتبار الجالية العربية في ميشيغان كتلة انتخابية متجانسة، حيث يتباين الناخبون العرب في توجهاتهم السياسية وفقاً لخلفياتهم الثقافية وتجاربهم في الولايات المتحدة.
تضيف مروه: "تقليدياً، لم يتوحد الناخبون العرب الأميركيون حول قضية واحدة، لكن بعد الحرب في غزة، أصبحت قضايا الشرق الأوسط محور اهتمامهم".
ويبقى الناخبون منقسمين بشأن الخيار الأفضل. بعضهم يرى في سياسات ترامب فرصة لإنهاء الحروب في المنطقة، بينما يعول آخرون على هاريس لإيجاد حلول دبلوماسية طويلة الأمد.
مواقف متضاربة تجاه المرشحين
حاولت كامالا هاريس استمالة الجالية العربية عبر وعودها بالعمل على وقف إطلاق النار في الشرق الأوسط، مؤكدةً على دعم الديمقراطيين التقليدي لإسرائيل، مع التشديد على حقوق الفلسطينيين وحقهم في تقرير المصير.
ويعلق سام عباس، أحد سكان ديربورن، قائلاً: "الكثير من العرب الأميركيين يشعرون بالغضب والإحباط. نحن نحمّل بايدن وهاريس مسؤولية مباشرة عن الدماء التي تُسفك في الشرق الأوسط، ومعظم من أعرفهم لن يصوتوا لهاريس".
في المقابل، نجح ترامب في جذب دعم عدد غير متوقع من الناخبين العرب، رغم سياساته المثيرة للجدل حول الهجرة وعلاقته الوثيقة مع إسرائيل.
ويعتقد بعض الناخبين أن سياسات ترامب المناهضة للحروب والادعاءات بعدم تورطه في صراعات جديدة خلال فترة رئاسته تشكل نقطة إيجابية. يعلق عباس قائلاً: "هذه الانتخابات تمثل معضلة بالنسبة لي، وكأنني أختار 'الأفضل من الأسوأ'".
تغير الولاءات وتزايد الغضب
وأدى الاستياء من سياسات الحزب الديمقراطي إلى تشكيل حركات معارضة منظمة، مثل حملة "تخلي عن بايدن"، التي استمرت تحت اسم "تخلي عن هاريس".
ويقول حسن عبد السلام، أحد قادة الحملة: "المعارضة ليست موجهة لشخص معين، بل ضد سياسات الحزب المؤيدة لإسرائيل. يجب أن يدرك المسلمون الأميركيون أهمية التحرك، لكن علينا رفض كلا الحزبين".
ويدعو عبد السلام إلى دعم مرشحة حزب الخضر جيل شتاين كبديل، مؤكداً: "الديمقراطيون يجب أن يدفعوا ثمن إهمالهم أصوات العرب والمسلمين".
التحول نحو ترامب
سمارة لقمان، الناشطة اليمنية الأميركية، التي كانت داعمة للحزب الديمقراطي لوقت طويل، اتخذت قراراً مفاجئاً بدعم ترامب في هذه الانتخابات.
وتوضح لقمان: "دعاني فريق حملة ترامب لحضور تجمع والتعرف عليه شخصياً، وهذا غيّر نظرتي إليه بشكل كبير".
وتضيف: "ترامب تحدث عن ضرورة إنهاء الحروب في الشرق الأوسط، وهذا ما طمأنني بشأن غزة". وتشير إلى أن تصويتها سيشكل "احتجاجاً ضد الديمقراطيين"، واصفةً قرارها بأنه "اختيار العقوبة".
هل يمكن لهاريس جذب الناخبين العرب؟
ورغم زيادة جاذبية ترامب في ميشيغان، إلا أن الحزب الديمقراطي لا يستسلم. فلا يزال يتمتع بدعم كبير بين العرب الأميركيين، خاصة منذ هجمات 11 أيلول.
سام خالد، رئيس النادي الديمقراطي في ميشيغان، يثق بأن هاريس قادرة على كسب الناخبين العرب، مشيراً إلى أنها دعت مراراً لإعادة إعمار غزة وزيادة المساعدات الإنسانية للفلسطينيين. يلفت خالد أيضاً إلى أن هاريس تعارض إعادة احتلال غزة، وهو ما يجده الكثير من الناخبين العرب جذاباً.
ويرى خالد أن الحزب الديمقراطي هو الكيان السياسي الوحيد الذي يمكنه منح العرب الأميركيين الاعتراف الذي يستحقونه. ويشدد على أن نهج هاريس تجاه الشرق الأوسط يختلف عن بايدن ويميل لصالح العرب الأميركيين، لكنه يعترف أن العديد في المجتمع لا يزالون غير مطلعين بما يكفي على مواقفها وأن الجهود الديمقراطية للتواصل مع المجتمع يجب أن تستمر.
مستقبل غامض وقرارات صعبة
ورغم الجهود التي تبذلها كامالا هاريس لكسب تأييد الجالية العربية، ما زال هناك شعور بالاستياء بين عدد كبير من الناخبين.
الفنانة الفلسطينية الأميركية جينين ياسين، التي قررت مقاطعة الانتخابات، تقول: "سياسات الولايات المتحدة تجاه إسرائيل غير قابلة للتفاوض، وكلا المرشحين يدعمان ما أعتبره 'إبادة جماعية' ضد الفلسطينيين".
وتعبر ياسين عن إحباطها من الحزب الديمقراطي وتضيف: "لا يمكن للحزب أن يدعي اهتمامه بحقوق مثل حقوق المرأة والإجهاض بينما لا يطالب بنفس الحقوق للفلسطينيين".
ورغم ذلك، تشعر ياسين بالأمل، مضيفة: "جيل الشباب الأميركي المعارض لسياسات الدعم لإسرائيل قد يكون هو التغيير الذي نحتاجه لتغيير السياسات في المستقبل".