icon
التغطية الحية

العدوان الإسرائيلي على غزة: عام من المجازر والدمار والتهجير

2024.10.07 | 06:05 دمشق

5675675
مسجد في غزة قصفه الجيش الإسرائيلي في 06-10-2024 (الأناضول)
 تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

يختتم العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عامه الأول مع استمرار جيش الاحتلال في ارتكاب جرائم الإبادة والمجازر الجماعية بحق المدنيين وتدمير مدنهم وتهجير الأحياء منهم، بل واستهدافهم أيضاً ضمن تجمعات نزوحهم الخالية من أدنى متطلبات العيش الآمن. بالإضافة إلى توسيع نطاق العدوان ليتجاوز حدود الأراضي الفلسطينية المحتلة.  

وأسفر هذه العدوان، الذي يدخل عامه الثاني اليوم الإثنين، عن مقتل نحو 41 ألفاً و802 فلسطينياً بينهم 16 ألفاً و891 طفلاً، و11 ألفاً و458 سيدة، بالإضافة إلى 986 من الطواقم الطبية، و174 صحفياً، و85 عنصراً من الدفاع المدني، وفق الأرقام الرسمية الصادرة عن الحكومة الفلسطينية في غزة.

كما خلّفت آلة الحرب الإسرائيلية دماراً منقطع النظير مع تحويل مناطق وأحياء سكنية كاملة إلى كومة من الركام، مستهدفة بذلك المباني والأبراج السكنية والمؤسسات الحكومية والخاصة، ومختلف القطاعات الاقتصادية. وخلال ذلك، استخدم الجيش الإسرائيلي في قصف قطاع غزة نحو 83 ألف طن من المتفجرات، من بينها أسلحة محرمة دولياً مثل القنابل التي تزن 200 رطل من المواد المتفجرة، بحسب المكتب الإعلامي الحكومي بغزة.

"طوفان الأقصى"

البداية كانت في 7 تشرين الأول 2023، حين شنت حركة حماس وفصائل فلسطينية هجوماً مباغتاً على مستوطنات ومواقع إسرائيلية محاذية لقطاع غزة (مستوطنات غلاف غزة)، ما أدخل تل أبيب بحالة صدمة وإرباك على كافة المستويات، وسط اتهامات للحكومة برئاسة بنيامين نتنياهو والمنظومة الأمنية والجيش بفشل التنبؤ به، الأمر الذي عده مسؤولون إسرائيليون "أكبر خرق استخباري" في تاريخ الكيان.

تمكنت حماس والفصائل من أسر وقتل عدد من الإسرائيليين، في ذلك الهجوم الذي أطلقت عليه مسمى "طوفان الأقصى"، وقالت إنه رد على "اعتداءات القوات والمستوطنين الإسرائيليين المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني وممتلكاته ومقدساته، وخاصة المسجد الأقصى في القدس الشرقية المحتلة".

وبحسب الإحصاءات الرسمية الإسرائيلية، فقد تسبب هجوم حماس بمقتل 1205 إسرائيلياً، وأسر 251 آخرين، لا يزال 97 منهم محتجزين، في حين لقي 33 من أولئك الأسرى حتفهم وفق رواية الجيش الإسرائيلي الذي ردّ بإطلاق هجوم على مختلف مدن القطاع، اقتصر في البدء على قصف مكثّف ومتواصل، من الجو والبر والبحر، قبل أن يُلحقه بتوغل برّي من عدة محاور.  

خسائر البشر والحجر

أدى عدد القتلى الكبير إلى تيتيم نحو 25 ألفاً و973 طفلاً في القطاع، بحسب المكتب الحكومي، حيث باتوا يعيشون بدون والديهم أو بدون أحدهما، ما يرفع عدد الأيتام في القطاع إلى 52 ألفاً و322 طفلاً بينما كان عددهم 26 ألفاً و349 حتى عام 2020، وفق جهاز الإحصاء الفلسطيني.

أما عدد المصابين فقد وصل إلى 96 ألفا و844 آخرين، من بينهم أكثر من 22 ألفاً و500 فلسطيني يعانون إصابات تغير حياتهم، بحسب بيان لمنظمة الصحة العالمية في الـ12 من أيلول الماضي. تشمل تلك الحالات "إصابات خطيرة في الأطراف، وبتر أطراف، وأضراراً في النخاع الشوكي، وإصابات دماغية، وحروقا بالغة، تتطلب خدمات إعادة التأهيل الآن وفي السنوات القادمة"، وفق ذات المصدر.

وفي حين تفيد منظمة الصحة العالمية بأن 17 مستشفى من أصل 36 في غزة ما زالت تعمل بشكل جزئي، يقول المكتب الإعلامي الحكومي إن قصف جيش الاحتلال أخرج 34 مستشفى و80 مركزاً صحياً عن الخدمة، كما استهدف 162 مؤسسة صحية و131 سيارة إسعاف.

تسبب هذا القصف بتدمير أكثر من 75 بالمئة من القطاع الإسكاني والمستشفيات والمدارس والكنائس، بحسب ذات المصدر.

وبحسب تقييمات الأضرار التي أجراها باحثون في مركز الدراسات العليا في جامعة مدينة نيويورك وجامعة ولاية أوريغون، ونشرتها مواقع أجنبية، فإن أكثر من نصف المباني في جميع أنحاء قطاع غزة تعرضت لأضرار، وارتفعت النسبة إلى ما يقرب من 80 بالمئة في مدينة غزة.

ومن أصل 400 ألف وحدة سكنية في القطاع، دمر الجيش الإسرائيلي نحو 150 ألف وحدة بشكل كلي، و200 ألف وحدة جزئياً، بينما تسبب بتحول 80 ألف وحدة لأماكن غير صالحة للسكن.

هذه المنطقة الجغرافية الضيقة التي تبلغ مساحتها 365 كيلومترا مربعاً ويعيش فيها نحو 2.3 مليون نسمة، كانت تعاني قبل اندلاع الحرب من أزمة كبيرة في الإسكان، حيث بلغت نسبة العجز 120 ألف وحدة سكنية حتى مطلع عام 2023، وفق ما نقلت وكالة الأناضول.

وبحسب الوكالة، فإن عدد الوحدات التي يحتاجها قطاع غزة في الوقت الحالي جراء الحرب تبلغ 270 ألف وحدة على الأقل وهو مجموع إجمالي العجز مع ما تم تدميره كليا. فيما يحتاج إلى إعادة تأهيل أو إعادة بناء نحو 280 ألف وحدة، وهي مجموع ما دُمر جزئياً إضافة للوحدات غير الصالحة للسكن.

محو ملامح الحياة والثقافة وطمس التاريخ

إلى جانب ذلك، سعى الجيش الإسرائيلي إلى تدمير ملامح الحياة في غزة حيث حول القطاع وفق تصريحات مسؤولين أممين إلى منطقة "غير صالحة للعيش".

وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي، فقد دمّر الجيش 3 كنائس، و611 مسجداً بشكل كلي و214 بشكل جزئي، و206 مواقع أثرية وتراثية، و 36 منشأة وملعباً وصالة رياضية. كما دمر 125 مدرسة وجامعة بشكل كامل، و337 بشكل جزئي، فضلاً عن تدمير كامل لنحو 201 مقر حكومي، وفق المكتب.

النساء والأطفال.. فاتورة مضاعفة

الواقع القاسي الذي خلفته هذه الإبادة، ضاعف من أعباء النساء اللواتي وجدن أنفسهن أمام مسؤوليات ثقيلة بعد مقتل المعيل الأساسي لأسرهن، فتحملن بشكل مباشر مسؤولية رعاية الأطفال بمتطلباتها الكبيرة خاصة فيما يتعلق بتوفير "الأمن" بحده الأدنى عبر قيادتهن لرحلات النزوح المتكررة، والنجاة بأطفالهن من جحيم الغارات.

وشكلت النساء إلى جانب الأطفال ما نسبته 69 بالمئة من إجمالي الضحايا. وتتحمل النساء أعباء البحث عن بدائل اقتصادية لتوفير لقمة العيش لأسرهن وسط صعوبة وصولهن للاحتياجات الأساسية من الغذاء والمياه، يساعدهن في ذلك الأطفال.

كما تعاني النساء من آثار نفسية وصفها أخصائيون بـ"العميقة" جراء الظروف غير العادية التي يمررن بها يوميا، خاصة تلك الفئة التي تعرضت لفقدان أحد أفراد أسرتها أو أطرافها.

وفي 18 تموز الماضي، قالت المسؤولة الأممية ماريس غيمون في تصريحات نشرها الموقع الرسمي، إن "مليون امرأة وفتاة في غزة يتحملن أسوأ أعباء حرب ممتدة". وأضافت: "النساء في غزة جائعات ومنهكات ومريضات، يحافظن على بقاء الأسر معا على الرغم من أنهن يعشن في خوف مستمر وفقدان... كل امرأة قابلتها كانت قصة فقدان، أكثر من 6 آلاف أسرة فقدت أمهاتها".

التعطيش والتجويع.. سلاح آخر يقتل الفلسطينيين

استخدم الجيش الإسرائيلي التعطيش والتجويع كسلاح فتاك آخر لقتل الفلسطينيين في حرب الإبادة الجماعية التي يمارسها ضدهم في غزة، وسط إدانة أممية ودولية لذلك.

فلغاية حزيران الماضي، قدرت وكالة "الأونروا" أن 67 بالمئة من مرافق المياه والصرف الصحي والبنية التحتية في قطاع غزة مدمرة أو متضررة جراء الحرب. وبحسب تقرير لمنظمة "أوكسفام" في تموز الماضي، فإن الحرب أدت إلى إتلاف أو تدمير 5 مواقع للبنية التحتية للمياه والصرف الصحي كل ثلاثة أيام منذ بداية الحرب.

وكشف بيان مشترك للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، وسلطة جودة البيئة، في 5 حزيران الماضي، أن إجمالي المياه المتوفرة في قطاع غزة تقدر بنحو 10-20 بالمئة من مجمل المياه المتاحة قبل العدوان. وبذلك تراجعت حصة الفرد الفلسطيني في القطاع من المياه بنسبة 94 بالمئة خلال الحرب.

ذلك النقص في المياه، مع استهداف مرافق الصرف، تسبب بظهور "أمراض خطيرة" كان يمكن الوقاية منها بسهولة؛ لكن انتشرت بسبب نقص المناعة المتزامن مع تسرب المياه العادمة وشح المياه اللازم للتنظيف والاستخدام الشخصي. بينما وصل عدد من أصيبوا بالأمراض المعدية إلى أكثر من مليون و730 ألفاً من أصل 2 مليون نازح، بحسب المكتب الإعلامي الحكومي بغزة.

ومنذ تشرين الثاني الماضي، حينما تشكلت ملامح المجاعة التي بدأت في محافظتي غزة والشمال بسبب الحصار المشدد المفروض عليهما، تتواصل هذه الظروف الغذائية الصعبة التي تسببت بموت نحو 36 طفلاً بسبب سوء التغذية.

وفي تموز الماضي، قالت الأونروا في بيان إن أكثر من 50 ألف طفل في القطاع بحاجة ماسة إلى العلاج من سوء التغذية الحاد، وذلك من أصل مليون و67 ألفا و986 طفلاً دون سن 18 عاماً، وفق تقرير للجهاز المركزي الفلسطيني.

وتستمر حلقة التجويع في ظل منع إسرائيل وصول المساعدات الغذائية لغزة إلا بكميات شحيحة، إضافة لاستهداف المخازن الغذائية التي كانت تتواجد في القطاع والمخابز وشاحنات المساعدات والجوعى الذين ينتظرو دورهم للحصول على مساعدات. وأوضح تقرير لـ "أوكسفام" نشرته في 6 أيلول الماضي، أن واحداً من بين كل 5 أشخاص يعيشون في غزة يواجهون "مستويات كارثية" من الجوع.

خسائر ودمار الاقتصاد

أيضاً، خلال هذا العام الكارثي، دمرت إسرائيل بشكل ممنهج القطاع الاقتصادي بما فيه المنشآت والمصانع والمزارع وأسواق الأسماك، ما تسبب بخسائر مالية أولية مباشرة قدرها المكتب الإعلامي الحكومي بغزة بحوالي 33 مليار دولار أميركي.

ووفق ما ذكره تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)، ارتفعت نسبة الفقر في القطاع إلى 100 بالمئة، بينما كانت 50 بالمئة قبل الحرب وفق أرقام المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان.

وبحسب تقرير أونكتاد، فقد تضرر ما نسبته 80 -96 بالمئة من الأصول الزراعية في القطاع، بما في ذلك أنظمة الري ومزارع الماشية والبساتين والآلات ومرافق التخزين، ما أدى إلى شل القدرة على إنتاج الغذاء وتفاقم مستويات انعدام الأمن الغذائي المرتفعة بالفعل. وأوضح التقرير أن 82 بالمئة من الشركات في غزة، التي تشكل محركا رئيسيا للاقتصاد، مؤكدا أن الحرب "وضعت اقتصاد القطاع في حالة خراب".