icon
التغطية الحية

الصفدي في دمشق.. ملفات عالقة ورسائل في ظل استياء أردني وعربي من النظام السوري

2024.10.21 | 11:12 دمشق

آخر تحديث: 21.10.2024 | 11:27 دمشق

234
الصفدي في دمشق: ملفات أمنية عالقة واستياء أردني من تعنت النظام السوري
إسطنبول - خالد حمزة
+A
حجم الخط
-A

ملخص:

  • زار وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي دمشق حاملاً رسالة شفهية من الملك عبد الله الثاني إلى بشار الأسد.
  • الزيارة تأتي في ظل استياء أردني وعربي من تعامل النظام السوري مع قضايا تهريب المخدرات وأزمة اللاجئين.
  • الأردن يسعى لحماية حدوده الشمالية من تهريب المخدرات وتجنب تصعيد عسكري قد يؤثر على استقرار المملكة.
  • تركزت الزيارة على مناقشة ملفات أمنية مثل عودة اللاجئين وتهريب المخدرات وسط تصعيد إقليمي متزايد.
  • الأردن قلق من تأثير الوجود الإيراني والميليشيات المرتبطة بإيران قرب حدوده.
  • الأردن يرفض أن يكون ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية رغم محاولات تطبيع العلاقات مع دمشق.
  • الضغوط الدولية والإقليمية لم تدفع النظام السوري إلى تغيير سياساته، ما يضعف فرص التقدم في الملفات العالقة.

في ظل أجواء إقليمية متوترة، زار وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي دمشق، حاملاً رسالة شفهية من الملك عبد الله الثاني إلى رئيس النظام السوري بشار الأسد. 

تأتي هذه الزيارة في وقت يتصاعد فيه الاستياء الأردني والعربي من تعاطي النظام السوري مع القضايا الأمنية والإنسانية العالقة، وعلى رأسها تهريب المخدرات عبر الحدود وأزمة اللاجئين السوريين. 

يسعى الأردن، الذي يجد نفسه في مواجهة تحديات أمنية على حدوده الشمالية، إلى منع انتقال التوترات الإقليمية إلى أراضيه، وسط استمرار النظام السوري في تعنته وعدم تجاوبه مع المطالب العربية، مما يضعف آمال التقدم في الملفات العالقة.

تركزت زيارة الصفدي على بحث عدة قضايا شائكة تمس الأمن القومي الأردني، مثل عودة اللاجئين السوريين وتهريب المخدرات، إلى جانب التطورات الإقليمية في ظل ما تشهده المنطقة من تصعيد أمني.

زيارة الصفدي إلى دمشق تأتي في وقت تشهد فيه المنطقة تصاعدا للتوتر بين إسرائيل وحزب الله، وتزايد الضربات الإسرائيلية ضد مواقع إيرانية داخل سوريا، في وقت تسعى فيه عمان إلى تجنب التصعيد العسكري الذي قد يؤثر على استقرار المملكة.

استياء أردني من تعامل النظام السوري

وأكدت مصادر دبلوماسية عربية لتلفزيون سوريا أن عمان مستاءة من تعاطي النظام السوري مع مخاوف الأردن الأمنية، ورغم تكرار الأردن مطالبه بمنع تهريب المخدرات عبر الحدود السورية وتوجيه ضربات لعصابات المخدرات التي تنشط داخل الأراضي السورية، إلا أن النظام السوري لم يظهر أي تجاوب فعلي مع هذه المطالب.

وأشارت المصادر إلى أن زيارة الصفدي في عام 2023 لم تكن إيجابية، حيث نقل حينها للأسد عدم رضا الدول العربية التي شاركت في لقاء عمان التشاوري عن عدم إحراز النظام أي تقدم في تلبية شروط التطبيع العربي معه، والتي تضمنت علاقة النظام بإيران وضبط الأمن داخل سوريا.

مخاوف أردنية من تهريب المخدرات وتداعيات أمنية

وفي هذا السياق، يرى نائب رئيس مجلس الوزراء الأردني السابق، جواد العناني، أن زيارة الصفدي تأتي في وقت حساس، خاصة مع تفاقم أزمة تهريب المخدرات من سوريا إلى الأردن.

وأكد العناني في حوار على تلفزيون سوريا أن المخدرات تشكل تهديداً خطيراً للأمن الاجتماعي الأردني، مشيراً إلى أن الأردن أصبح ليس فقط ممراً لهذه المخدرات، بل أيضاً مستهلكاً لبعضها، مما يقلق العائلات الأردنية.

وأضاف أن عدم قدرة النظام السوري على ضبط حدوده يجعل من الأوضاع أكثر خطورة، مطالباً بضرورة اتخاذ خطوات جادة لمعالجة هذه الأزمة.

وفي السياق نفسه، يرى العناني أن استقرار سوريا ضروري للأردن، خاصة فيما يتعلق بقدرتها على استقبال اللاجئين مجدداً. مع تجاوز عدد سكان الأردن 11 مليون نسمة، معتبرا أن اللاجئين السوريين يشكلون عبئاً كبيراً على الموارد المحدودة للمملكة، ما يستدعي إيجاد حلول جذرية لهذه الأزمة.

علاقة النظام السوري بإيران.. عقبة أمام التطبيع العربي

من جانبه، أشار أستاذ العلاقات الدولية، خطار أبو دياب، إلى أن النظام السوري لا يمتلك المفاتيح اللازمة لحل الأزمات التي يواجهها، بل يعيش في وضع صعب وتحت ضغوط إقليمية ودولية.

وأكد أبو دياب في حوار مع تلفزيون سوريا أن العلاقة الوطيدة بين النظام السوري وإيران تزيد من تعقيد الأمور، مشيراً إلى أن النظام السوري ذهب بعيداً في اعتماده على إيران، مما أفقده قدرته على اتخاذ قرارات مستقلة.

وأوضح أبو دياب أن من أبرز القضايا التي طُرحت في لقاءات سابقة بين الدول العربية والنظام السوري كان وقف تهريب المخدرات وعودة اللاجئين، إلا أن النظام لم يتخذ أي خطوات عملية لتحقيق هذه المطالب.

وأضاف أن تحركات النظام العسكرية على الحدود السورية-الإسرائيلية تعقد الأمور أكثر، حيث يحاول النظام الحفاظ على تحالفه مع حزب الله وإيران في مواجهة الضربات الإسرائيلية المتكررة، لافتاً إلى أنّ عمان تبحث في الوقت الحالي سبلاً لإبعاد المملكة عن هذه المخاطر الناجمة من التصعيد في المنطقة.

وتابع أن الأردن رفض دائما أن يكون ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية، مشيرا إلى أنه على الرغم من الجهود التي تركزت على تطبيع العلاقات مع النظام السوري، كما برز ذلك من خلال اللقاءات التشاورية وعودة دمشق إلى جامعة الدول العربية، إلا أن الأهداف الرئيسية من هذه التحركات، مثل وقف تهريب المخدرات وعودة اللاجئين، لم تتحقق حتى الآن.

التغييرات الديموغرافية داخل سوريا وقلق أردني متزايد

إحدى النقاط المهمة التي أشار إليها جواد العناني تتعلق بالتغييرات الديموغرافية داخل سوريا. وقال العناني إن هناك تركيزات سكانية كبيرة لعناصر مرتبطة بإيران وحزب الله، خاصة في المناطق القريبة من الحدود الأردنية. 

وأوضح أن هذه التحولات الديموغرافية قد تؤدي إلى تغييرات جغرافية في المستقبل، مما يشكل تهديداً للأمن الأردني واستقرار المنطقة.

وفي هذا السياق، شدد العناني على أهمية الحفاظ على وحدة سوريا، مؤكداً أن الأردن يسعى جاهداً لتجنب انهيار سوريا، لأنه يدرك أن استمرار الأزمة السورية سيؤثر بشكل مباشر على أمن واستقرار الأردن ولبنان والعراق.

"النظام السوري غير راغب في تغيير سياسته"

من جانبه، استبعد مدير مكتب مركز حرمون للدراسات المعاصرة في الدوحة، عمر إدلبي، إمكانية أن يقوم النظام السوري بأي تغييرات جذرية في سياساته. 

وأكد إدلبي في حوار على تلفزيون سوريا أن النظام لا يرغب في فك ارتباطه مع إيران، مشيراً إلى أن التحالف الإيراني-السوري يعزز نفوذ إيران في المنطقة ويضمن بقاء الأسد في السلطة. 

وأضاف أن النظام كان بإمكانه القيام بخطوات إصلاحية خلال السنوات الماضية، لكنه فضل الالتزام بسياساته القديمة رغم الدعم الروسي وبعض الضغوط العربية لتغيير سلوكه.

وأشار إدلبي إلى أن التحديات الأمنية التي تواجه الأردن تتزايد، خاصة مع وجود ميليشيات إيرانية ومجموعات تابعة لحزب الله قرب الحدود الأردنية، مؤكدا أن هذه المجموعات تشكل خطراً حقيقياً على الأمن القومي الأردني.

ووفقا لرأي عمر إدلبي، فإنه في ظل الظروف الراهنة والقتال المتواصل على عدة جبهات، لا يبدو أن هناك جهة قادرة على تنفيذ المطالب التي قدمت من الأطراف العربية للنظام السوري. حيث يشير إدلبي إلى أن الدول العربية التي شكلت لجنة التنسيق على خلفية لقاء عمان التشاوري لا تبدو قادرة على إلزام النظام السوري بالالتزامات المطلوبة. 

وأردف: "حتى في فترة الهدوء التي تلت هذا المؤتمر، قبل اندلاع الحرب على غزة والصراع في لبنان، لم يُظهر النظام أي استعداد أو قدرة على تطبيق تلك الالتزامات، مما يشير إلى عدم رغبته في ذلك من الأساس".

ويضيف إدلبي أن الملف الذي يحمله وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي ذو طابع سياسي بامتياز، وهو يأتي برسالة من الملك الأردني إلى رئيس النظام السوري بشار الأسد، هذه الرسالة تأتي بعد زيارة قام بها عباس عراقجي، وتثير المخاوف الأساسية المتعلقة بإمكانية استخدام الساحة الأردنية في صراع الرد والرد المضاد بين إسرائيل وإيران.

كما يلفت إدلبي الانتباه إلى أن الأردن تأثرت بالفعل ببعض هذه المواجهات، حيث سقطت صواريخ وقذائف على الأراضي الأردنية، بعد أن مرت في الأجواء الأردنية، وبعضها جاء من لبنان.

جيفري: اللقاءات لم تحقق مكاسب للمجتمع الدولي أو السوريين

في تعليق للسفير الأميركي السابق جيمس جيفري حول زيارة وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إلى دمشق، اعتبر جيفري أن هذه الزيارة تمثل خطوة إضافية في مسار تطبيع العلاقات مع نظام الأسد، وهو مسار تقابله واشنطن بموقف متحفظ. 

وأوضح جيفري في مقابلة تلفزيونية مع قناة الحرة أن الولايات المتحدة، رغم تواصلها المستمر مع الأردن بشأن الملف السوري، تعارض أي تقارب مع النظام السوري ما لم يلتزم الأخير بتنفيذ متطلبات القرار الأممي 2254، الذي يشمل عودة اللاجئين السوريين، مكافحة الإرهاب، ووقف تهريب المخدرات، خصوصاً عبر الحدود السورية الأردنية.

وأشار جيفري إلى أن عودة النظام السوري إلى الساحة الدبلوماسية العربية، لم تسفر عن أي نتائج ملموسة تصب في مصلحة الشعب السوري. واعتبر أن هذه اللقاءات لم تحقق مكاسب للمجتمع الدولي أو السوريين، مؤكداً أن إيران ما زالت تؤثر بشكل مباشر على النظام السوري من خلال دعمها العسكري والاقتصادي.

كما لفت جيفري إلى أن تطورات الأوضاع في المنطقة، بما في ذلك التصعيد بين إسرائيل وإيران، تلقي بظلالها على الدول المجاورة مثل الأردن وسوريا، حيث تشعر البلدان بتهديد متزايد نتيجة التوسع الإيراني في المنطقة. 

في الختام، أجمع الخبراء في حوارهم على أن النظام السوري في موقف صعب، حيث يعاني من الضغوط الخارجية والعجز الداخلي، ويبدو أنه غير قادر أو غير راغب في تلبية مطالب الأردن والدول العربية. وبينما يسعى الأردن لحماية أمنه القومي ومواجهة التحديات المتزايدة، يظل النظام السوري متمسكاً بتحالفاته الإقليمية، مما يضعف فرص أي تقدم حقيقي في الملفات العالقة.