ملخص:
- خُفض الحد الأدنى لقيمة المشتريات المعفاة من الرسوم الجمركية من 150 يورو إلى 30 يورو، مما يعني أن معظم المشتريات عبر الإنترنت ستخضع للرسوم الجمركية.
- ارتفعت نسبة الرسوم الجمركية على المنتجات المستوردة، خاصة تلك القادمة من خارج الاتحاد الأوروبي، مما سيؤدي إلى زيادة أسعار المنتجات.
- أدت هذه التغييرات إلى توقف بعض الشركات العالمية الكبرى، مثل نايكي، عن تقديم خدماتها في السوق التركية عبر الإنترنت.
- تسعى الحكومة التركية من خلال هذه التغييرات إلى حماية المنتجات المحلية، زيادة الإيرادات الحكومية، وتقليل الاعتماد على الاستيراد.
- ستؤدي هذه التغييرات إلى ارتفاع أسعار المنتجات، تقليل الخيارات المتاحة للمستهلكين، وتدهور جودة الخدمات المقدمة في السوق المحلية.
وفقاً للتنظيم الجديد الذي نُشر في الجريدة الرسمية بقرار من رئيس الجمهورية، خفض حد التسوق المعفى من الجمارك عن طريق الشحن من الخارج إلى 30 يورو، وزيادة الرسوم الجمركية.
وارتفعت الضريبة في الطلبات القادمة من الاتحاد الأوروبي إلى 30 بالمئة، وفي الطلبات القادمة من الدول الأخرى، وصلت إلى 60 بالمئة.
التنظيم الذي نُشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 6 أغسطس تحت اسم "قرار تعديل بعض مواد قانون الجمارك رقم 4458" دخل حيز التنفيذ اليوم.
وبناءً على ذلك، خفض حد التسوق المعفى من الجمارك عن طريق الشحن إلى 30 يورو بدلاً من 150 يورو. وهذا يعني أنه في حال تجاوز التسوق مبلغ 30 يورو من مواقع التجارة الإلكترونية الأجنبية، فستُحتجز البضائع في الجمارك وتخضع لإجراءات الاستيراد.
المنتجات القادمة من دول الاتحاد الأوروبي ستخضع لضريبة بنسبة 30 بالمئة بدلاً من 20 بالمئة، وفيما يتعلق بالمنتجات القادمة من الدول الأخرى، ارتفعت الضريبة من 30 بالمئة إلى 60 بالمئة.
ويُفرض أيضاً ضريبة استهلاك خاصة (ÖTV) بنسبة 20 بالمئة على المنتجات غير المعفاة من هذه الضريبة، في حين حدد الإعفاء الجمركي للأدوية عند 1500 يورو.
نايكي توقف الطلبات عبر الإنترنت
وأحد التأثيرات الأولى للقرار هو تعليق شركة نايكي، إحدى أشهر شركات الأحذية في العالم، للطلبات عبر الإنترنت.
الشركة الأمريكية المتخصصة في الملابس الرياضية نايكي أعلنت يوم الجمعة على موقعها الإلكتروني إيقاف مبيعاتها عبر الإنترنت في تركيا.
وأوضحت الشركة إيقاف الطلبات بسبب التغييرات الأخيرة في التشريعات الجمركية في تركيا، حيث لم تتمكن من ضمان وصول الطلبات بسلاسة.
جاء في البيان: "نواصل دراسة تأثير التغييرات الأخيرة في التشريعات الجمركية في تركيا على تجربة التسوق لعملائنا في تركيا".
ما الهدف من هذا التنظيم؟
أوضح وزير التجارة، عمر بولات، يوم الأربعاء خلال مشاركته في معرض الملابس الجاهزة في إسطنبول أن الهدف من الزيادة الضريبية هو حماية المنتجين من فقدان السوق.
وقال الوزير بولات: "تلقينا شكاوى مكثفة من الحرفيين والتجار وغرف التجارة والصناعة حول هذا الموضوع. هدفنا هنا هو تقليل التأثيرات السلبية على اقتصاد بلادنا، خاصة فيما يتعلق بفقدان الأسواق والعمالة والعملة الأجنبية".
وفي حديثه إلى (BBC) التركية، يقول أستاذ الاقتصاد بجامعة إسطنبول، الدكتور بنهان إليف يلماز: "نظراً لأن نظام الصرف الخاضع للتحكم الحر لا يزال قائماً لفترة طويلة في تركيا، وأن معدل التضخم الداخلي لا يزال يرتفع شهرياً، فقد أصبحت السلع والخدمات الخارجية أرخص، مما دفع المستهلكين إلى التوجه نحو الأسواق الأوروبية أو الصينية".
وأشار إلى أن هذا الوضع يقلل من سيولة العملات الأجنبية ويزيد من استيراد السلع الاستهلاكية، وفي حالة زيادة سعر نفس المنتج داخل البلاد وانخفاض الطلب بسبب ذلك، ستنخفض إيرادات الشركات أيضاً.
ويوضح الدكتور يلماز أن أحد الأهداف من التنظيم هو زيادة الطلب على الشركات المحلية وزيادة إيراداتها، وتحدثت وزارة التجارة عن نفس الأسباب.
وكشف الوزير بولات، يوم الإثنين، إلى (CNBC-e) عن أن الوزارة تعمل على تنظيم جديد يتعلق بالسوق الإلكتروني الصيني "Temu".
وقال بولات: "نحن نتابع هذا الموقع عن كثب. سترون القرارات اللازمة قريباً. سننشر الإجراءات ذات الصلة في الجريدة الرسمية".
وأكد بولات أن الهدف من التنظيم هو الحفاظ على القدرة التنافسية للشركات المحلية والأسواق المحلية أمام منافسيها الأجانب.
وأشارت وزارة التجارة إلى أن هذا التنظيم اتخذ بناءً على شكاوى من المستهلكين بسبب "رداءة الجودة" وكذلك من المصنعين والبائعين والحرفيين وغرف التجارة والصناعة بسبب "فقدان المبيعات والإنتاج والعمالة".
مدير مؤسسة أبحاث السياسة الاقتصادية التركية"TEPAV"، هاكان يلماز، يعتقد أن هناك ثلاثة أسباب وراء الحاجة إلى هذا التنظيم.
الأول هو "أن التنظيمات التي اتخذت حتى الآن لم تكن كافية لتحقيق أهداف ميزانية 2024، وبالتالي كانت هناك حاجة لزيادة الموارد".
الثاني هو "أن نسبة السلع الاستهلاكية في الواردات زادت رغم انخفاض حجم التجارة الخارجية بنسبة 8.4 بالمئة خلال الفترة من كانون الثاني إلى حزيران، لذا كانت هناك محاولة للحد من هذه الزيادة".
أشار يلماز إلى أن الهدف من حماية المنتجين المحليين أمام الشركات الأجنبية التي تمتلك ميزة تنافسية "سيؤدي بشكل واضح إلى فقدان رفاهية المستهلك".
كيف سيؤثر هذا التنظيم على المستهلكين؟
قال رئيس اتحاد المستهلكين، محمد بولنت دنيز: "رغم أن هذا الإجراء يبدو وكأنه تدبير للحفاظ على العملة الصعبة داخل البلاد، إلا أننا نعتقد أن الهدف الحقيقي هو إعطاء ميزة للشركات العاملة داخل البلاد".
ومع ذلك، يؤكد أن التنظيم سيضع المستهلكين في وضع غير مريح لأنه سيقلل من التنافسية:"في وقت قصير، سيؤدي هذا إلى احتكار الشركات داخل البلاد وتجمع رأس المال في مكان واحد، مما سيجعلها قوة مهيمنة. كلما زادت الخيارات المتاحة للمستهلك، كلما حصل المستهلك على خدمة ومنتج أرخص وأفضل".
ويتفق الخبراء على أن زيادة الضرائب ستؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع المستوردة والمحلية، وأضاف يلماز/ "نظراً لأن الأسعار سترتفع بقدر الضرائب، فإن هذا التنظيم سيؤثر سلباً على برنامج مكافحة التضخم".
وسيعبر اتحاد المستهلكين عن اعتراضاته على قرار الرئيس في اجتماع مجلس المستهلكين بوزارة التجارة المزمع عقده في أيلول، وسيقومون بجهود الضغط في البرلمان والوزارة، وأشار رئيس الاتحاد دنيز إلى أنهم قد يقدمون اعتراضاً أيضاً إلى هيئة المنافسة في المستقبل.
لماذا يتجه المستهلكون نحو الأسواق الخارجية؟
يقول رئيس اتحاد المستهلكين دنيز إن هناك عدة أسباب لهذا التوجه.
الأول هو أن معايير السعر والجودة تعتبر أكثر جاذبية للمستهلك. الثاني هو أن خدمات ما بعد البيع التي تقدمها الأسواق الخارجية ترضي المستهلكين بشكل أكبر.
يشير دنيز إلى أنه رغم وجود العديد من التنظيمات التي تقيد شركات الأسواق الداخلية وتحمي المستهلكين، إلا أن المستهلكين لا يزالون يواجهون مشكلات:"على سبيل المثال، يحق للمستهلكين إرجاع المنتج خلال 14 يوماً من دون إبداء أي سبب، لكن عندما يستخدمون هذا الحق، تقوم شركات الأسواق الداخلية في بعض الأحيان بإجراءات تؤدي إلى تأخير استرداد المستهلكين لأموالهم لمدة 2-3 أشهر. وهذا يعني أن أموال المستهلكين تُستخدم كشكل من أشكال القرض بدون فائدة لصالح الشركة أو المتجر الذي اشتروا منه".
سبب آخر يدفع المستهلكين نحو الأسواق الخارجية هو أمان الشحن، يقول دنيز: "عندما يصل طرد من الخارج، نعلم أنه يتم اتخاذ كل الاحتياطات لضمان عدم تلفه. لكن داخل البلاد، نتلقى كثيرا من الشكاوى من المستهلكين حول تلف المنتجات التي يتلقونها عن طريق الشحن".
ما تأثير التنظيم على الميزانية؟
يقول الأستاذ بجامعة إسطنبول، الدكتور بنهان إليف يلماز، إن التنظيم الجديد المتعلق بالرسوم الجمركية لن يكون له تأثير كبير على الميزانية:"كانت نسبة إيرادات الرسوم الجمركية من إجمالي الإيرادات في الميزانية العام الماضي 3.16 بالمئة".
وأضاف: "متوسط النسبة للثلاث سنوات الماضية كان 3.2 بالمئة. بالإضافة إلى ذلك، فإن التنظيم المنشور اليوم في الجريدة الرسمية يتعلق بجزء ضيق من موضوع الرسوم الجمركية. لذلك، سيكون تأثيره على الميزانية محدوداً".
مدير مركز "TEPAV"، يلماز، يقول: "الدافع الرئيسي لهذا التنظيم هو زيادة الإيرادات الضريبية لميزانية عام 2024، لكنني لا أعتقد أنه سيحقق موارد كافية".
وفقاً لتقرير "نظرة على التجارة الإلكترونية في تركيا" الصادر عن وزارة التجارة في أيار، فإن حجم التجارة الإلكترونية في عام 2023 زاد بنسبة 115.15 بالمئة مقارنة بالعام السابق ليصل إلى 1.85 تريليون ليرة تركية. وبلغ عدد المعاملات 5.87 مليارات عملية، بزيادة نسبتها 22.25 بالمئة.
وفي عام 2023، بلغت نسبة الإنفاقات المحلية 93.37 بالمئة، وأما حصة المشتريات التي يقوم بها المواطنون الأتراك من الخارج فكانت 3.75 بالمئة.