icon
التغطية الحية

الأدوية المنتهية الصلاحية.. خوف آخر يهدد حياة السوريين

2023.07.10 | 08:47 دمشق

تتفاقم المشكلات الحياتية من معيشية وصحية وإنسانية لتتحول إلى خطر يهدد حياة المواطنين - "سبوتنيك"
تتفاقم المشكلات الحياتية من معيشية وصحية وإنسانية لتتحول إلى خطر يهدد حياة المواطنين - "سبوتنيك"
+A
حجم الخط
-A

يعاني القطاع الطبي في مناطق سيطرة النظام السوري من الكثير من المشكلات وعلى أكثر من صعيد، بدءاً بالأخطاء الطبية وصولاً لارتفاع أسعار المعاينات بشكل لا يتناسب مع دخل المواطن، والأهم من ذلك الأدوية وغلاؤها، إلا أن الظاهرة التي باتت متكررة وحاضرة منذ سنوات هي الأدوية المنتهية الصلاحية والتي تباع بالصيدليات من دون رقابة على ذلك ولا تحذيرات بشأن ازدياد هذه الظاهرة.

حالات متكررة

ما يعرفه المواطن عن صلاحية الأدوية وكيفية استخدامها هو أقل بكثير من الواجب معرفته، ثقافة الإهمال باتت منتشرة نظراً لسوء الأوضاع المعيشية وصعوبة الحصول على الدواء، العشوائية تحكم تعاطي الأدوية في سوريا وتعتبر هذه الحالة عامة، خاصة أن الأطباء بدورهم لا يحذرون من مساوئ تعاطي الأدوية منتهية الصلاحية، أو كيفية استخدامها وحفظها حتى وإن كانت غير منتهية الصلاحية، بحسب سامر وهو شاب عشريني يشتري لجدته أدوية للضغط بانتظام.

وقال سامر لموقع "تلفزيون سوريا": "كنت أشتري الدواء كعادتي وبعد خروجي من الصيدلية وجدت أنه لا يوجد تاريخ لانتهائه، عدت لسؤال الصيدلاني عن ذلك فأخذه وكتب التاريخ لسنة قادمة وقال لي لا يهم نستطيع وضع التاريخ الذي نريد".

ليست هذه المرة الأولى التي يزور فيها تاريخ صلاحية الأدوية فهناك علب دوائية تأتي وقد وضع ختم أولي لانتهاء صلاحيتها ثم طبع فوقه ختم آخر، والكثير من المواطنين لا يكترثون لذلك، خاصة وإن كانت الآلام شديدة وبحاجة علاج لن ينظر إلا قلة من الأشخاص إلى هذا التاريخ.

ما يحدث على صعيد الأدوية في سوريا مشكلة تحتاج لحلول، فالكثير من المواطنين يشترون أدوية ويكتشفون لاحقاً انتهاء صلاحيتها عدا عن أولئك الذين لا ينتبهون لذلك، وهناك البعض يستخدمون أدوية كانت لديهم منذ سنوات بسبب عدم قدرتهم على شراء أدوية جديدة.

على من تقع المسؤولية؟

يبرز سؤال يحتاج لإجابة عن كيفية توزيع هذه الأدوية واستيرادها، هل هي أدوية مخزنة منذ سنوات وتحاول الشركات التخلص منها بهذه الطريقة أم أن هذه الأدوية تستورد بشكل غير قانوني وتباع للصيادلة الذين بدورهم لا يكترثون للنتيجة في ظل غياب قانون يحاكمهم أو رقابة تتابع عملية التوزيع.

سهى تحدثت لموقع "تلفزيون سوريا" عن تكرار شرائها لأدوية منتهية الصلاحية في دمشق قائلة: "كنت أحتاج لمرمم جلدي وبعد شرائه واستخدامه لمرة اكتشفت أن صلاحيته انتهت منذ عام 2020 وكان من الممكن أن لا أنتبه لو لم تكن رائحته سيئة، هذه المرة الثانية وقد حدث ذلك من قبل عند شرائي لدواء التهاب المعدة والذي سبب تفاقماً للالتهاب لدي".

هناك أدوية تستخدم لأمراض حساسة ومن الممكن أن تزيد من سوء حالة المريض إن لم تكن صالحة، يتطلب ذلك من المرضى وذويهم الدقة ومراقبة صلاحية الدواء لضمان سلامة المريض.

لجين حالة أخرى بعد شرائها لأدوية وتناولها اكتشفت عدم فاعليتها، تقول لموقع "تلفزيون سوريا: "اشتريت علبة شراب سائل كعلاج للسعال، وتناولته ليومين ولكن الأعراض لم تختف بل ازدادت، وعند مراجعة تاريخ الصلاحية وجدته منتهياً منذ سنتين".

وتضيف لجين: "يتعامل الصيادلة مع المواطنين الذين يراجعونهم بسبب انتهاء صلاحية الدواء بارتباك ومن دون إجابات واضحة، معتبرين ما يحدث هو بسبب الشركة الموزعة للدواء".

معظم الصيادلة يلقون باللوم على الشركات الموزعة متنصلين من المسؤولية وهذا لا يبرؤهم طالما أنهم يأخذون هذه الأدوية ويبيعونها إن كان بتواطؤ منهم أو عدم اهتمام لهذا الجانب، هذا يجعلهم مفتقدين للمهنية في أكثر مهنة تحتاج للمهنية والدقة، وفي السنوات الماضية بفترات متباعدة، صرحت الضابطة الجمركية لأكثر من مرة عن ضبطها لأدوية منتهية الصلاحية مهربة من لبنان، أو ضبطها لمستودعات تمتلك كميات كبيرة من الأدوية التي تعود صلاحيتها لسنوات مضت ويتم توزيعها على الصيدليات، لكن الظاهرة لم تختف وما زالت مستمرة لليوم، حيث يواجه الكثير من المواطنين مشكلة الأدوية المنتهية الصلاحية من دون حل أو رقابة على ذلك.

ما معنى صلاحية الدواء؟

هناك الكثير ممن لا يهتمون بمفهوم صلاحية الدواء أو حتى لا يعرفونه، وبشكل عام هناك شروط ومعايير لحفظ الأدوية واستخدامها غير موجودة في سوريا حالياً، نتيجة الانقطاع المتواصل للكهرباء وغيرها من الظروف غير الصحية، في العام ١٩٧٦ فرضت إدارة الدواء والغذاء الأميركية طباعة تاريخ الصلاحية كقانون يلزم الشركات المصنعة للأدوية بتحديده على كل العقاقير الموصوفة وغير الموصوفة من الأطباء، وتاريخ الصلاحية يعني ضمان سلامة الدواء وفعاليته منذ تصنيعه حتى تاريخ انتهائه، وتتراوح مدة انتهاء معظم الأدوية بين ١٢-٦٠ شهرا.

ولكن حسب منظمة الصحة العالمية هذه الصلاحية للأدوية تختلف بمجرد فتح علبة الدواء وشروط الحفظ الخاصة بها، فالكبسولات من الممكن أن تبقى فعالة بعد انتهاء صلاحيتها إذا كانت تحفظ بشكل جيد، وتنتهي صلاحيتها بشكل أسرع في حال لم تحفظ ضمن شروط مناسبة، أما الأدوية السائلة فتبقى صالحة للاستعمال لمدة ستة أشهر فقط بعد فتحها حتى لو لم تنته صلاحيتها، والكريمات والمراهم والأدوية الموضعية تستمر فاعليتها لستة أشهر بعد فتح العلبة، قطرات العين والأذن تبقى فعالة لشهر واحد فقط بعد فتحها، وحسب دراسات طبية معظم الأدوية تفقد جزءاً من فاعليتها بمجرد فتحها وبالتأكيد هناك شروط خاصة بكل دواء.

عن تأثير الأدوية المنتهية الصلاحية تحدثنا لمى السلمان "اسم مستعار" وهي طبيبة مختصة بالأمراض الداخلية تقول: "بشكل عام تبقى الأدوية فعالة بعد انتهاء الصلاحية لمدة ثلاثة أشهر أو أكثر قليلاً ولكن ذلك يعود للعامل التجاري للشركات فبعض الأدوية تفقد فاعليتها ولا تحقق نتيجة والبعض الآخر يتحول لمستقلبات سامة، وتضر عوضاً عن العلاج وتسبب أعراضاً جانبية مزعجة".

وعن محاسبة المسؤولين بما يخص بيع المواطنين أدوية منتهية الصلاحية تقول لمى: "بالنسبة للمحاسبة في سوريا للأسف لا يوجد محاسبة على شيء، لكن من المفروض ألا يتم استخدام أي دواء مدة صلاحيته منتهية حتى يبقى المواطن بهامش الأمان، المسؤولية تقع على الصيدلاني وهذا الشيء من الممكن أن يلعب دوراً نفسياً سلبياً عند المريض إذا علم بانتهاء صلاحية الدواء".

تتفاقم المشكلات الحياتية من معيشية وصحية وإنسانية لتتحول إلى خطر يهدد حياة المواطنين من دون علمهم بذلك، القطاع الطبي والدوائي السوري في حالة فوضى، لا يوجد من يقوم بضبطه أو تحسين وضعه الحالي، وتنضم مشكلة الأدوية المنتهية الصلاحية للمشكلات الأخرى من عجز المواطن عن تحمل كلفة المعاينات وشراء الأدوية والأخطاء الطبية المتكررة، وكل ذلك في تزايد ومن دون محاسبة.