البث المباشر
في كل سنة تعلن شركتا آبل وغوغل عن تحديثات كبيرة في البرمجيات تحمل معها ميزات جديدة تضاف لهواتفنا الذكية، مثل الفلاتر التجميلية على الشاشة الرئيسية، ونظم أقوى لحماية الخصوصية، وأدوات مراسلة مسلية، إلا أن التغييرات التي طرحت هذا العام ووصفت بأنها جذرية نظراً لتركيز الشركتين على ابتكار هواتفنا من جديد عبر إضافة الذكاء الصناعي لها.
خلال المؤتمر السنوي لآبل لتطوير البرمجيات والذي انعقد في يوم الإثنين الماضي، عرضت الشركة طائفة من العناصر المعززة التي ستضاف خلال هذا الخريف لنظام iOS 18 وهو نظام التشغيل الذي تعتمده أجهزة آيفون، وتشمل الأدوات الجديدة نسخة مطورة من المساعدة الصوتية سيري التي يمكن التحدث إليها بصورة أسهل، مع إدراج نظام يعمل بالذكاء الصناعي لتوليد الصور وإعداد ملخصات حول مقالات تظهر على الشابكة وصياغة ردود على الرسائل النصية والبريد الإلكتروني.
أتت أخبار آبل عقب إعلانات نشرت لنظام أندرويد الذي تطلقه غوغل خلال الشهر الماضي، والتي تحدثت عن نظام ذكاء صناعي يلخص بصورة تلقائية التفريغ الصوتي للفيديوهات، ويكشف ما إذا كانت المحادثة الهاتفية عبارة عن عملية احتيال، كما يساعد الطلاب في حل وظائفهم.
وبما أن تقنية الذكاء الصناعي ما تزال حديثة، لم يتضح أثر تلك التحسينات على عامة الناس، ولعل التغيير الذي سيكون له أثر مباشر أكثر من غيره يتصل بالرسائل المتعلقة بالنصوص بحسب المدرسة القديمة التي تعرف باسم طريقة الفقاعة الخضراء، إذ ذكرت آبل بأن برمجياتها الجديدة ستتبنى معياراً للتراسل يسمح لمستخدمي الآيفون بإرسال رسائل ذات جودة أعلى إلى أجهزة الأندرويد، وذلك حتى تعالج مشكلة صعوبة التواصل بين الناس استمرت لمدة فاقت العقد من الزمان.
من المقرر لآبل وغوغل أن تطرحا تحديثاتهما المجانية على البرمجيات لنظامي iOS وأندرويد خلال هذا الخريف، وإليكم ما يجب عليكم أن تعرفوه عن التغييرات التي ستطرأ على هواتفكم الذكية:
ستنعم سيري بذكاء صناعي
أعلنت آبل بأنها أجرت إعادة تصنيع كاملة لسيري تلك الأداة المساعدة الافتراضية التي صار عمرها 13 عاماً، إذ ستعمل هذه المساعدة قريباً بواسطة ذكاء آبل، أي نسخة الشركة من النموذج اللغوي الموسع، ويعتمد على النوع من تقنية الذكاء الصناعي على الإحصائيات والخوارزميات المعقدة لتخمين الكلمات التي تترافق مع بعضها، مثل ميزة النص التلقائي الموجودة على هواتفنا. وهذه التقنية تمثل النوع ذاته من التقنية الأساسية التي تشغل روبوتات الدردشة مثل تشات جي بي تي الذي قدمته شركة OpenAI أو روبوت Gemini الذي طرحته شركة غوغل، وقد أعلنت شركة آبل بأن نظامها سيراعي الخصوصية بنسبة أكثر من البقية لأن بيانات الناس ستظل على هواتف الآيفون.
وهذا التحديث سيمكن سيري من معالجة سياق المحادثة، وسيتيح للمستخدمين التحدث بصورة طبيعية أكثر مع المساعدة الافتراضية، إذ مثلاً يمكنك أن تقول: "ما حال الطقس في سانتا كروز؟ آه، مهلاً، أعني في سان فرانسيسكو" ثم تضيف: "حدد موعداً لشرب القهوة هناك غداً عند الساعة التاسعة صباحاً".
وستصبح سيري الجديدة قادرة على معالجة مهمات أعقد، مثل البحث في ألبوم الصور لديك عن صورة لرخصة القيادة الخاصة بك مع استخراج الرقم الوطني ولصقه على استمارة بحسب ما أعلنته شركة آبل.
وبالمقابل، فإن النسخة القديمة من سيري بوسعها أن ترد فقط على قاعدة البيانات المؤلفة من تعليمات وأسئلة برمجت على استيعابها، مثل "كيف حال الطقس في سان فرانسيسكو؟" و"حدد موعداً لشرب القهوة في سان فرانسيسكو".
سيمكن الذكاء الصناعي الخاص بشركة آبل مستخدمي آيفون من توليد صور داخل الرسائل بشكل آلي بحسب ما أعلنته الشركة، فمثلاً، إن كنت تهنئ صديقاً لك بعيد ميلاده، يمكن للذكاء الصناعي أن يسترجع ألبوم صورك ويبحث فيه عن صورة لك مع هذا الصديق، بعد ذلك يمكنه توليد صورة رمزية لهذا الشخص مع إضافة بالونات عليها.
يمكن استخدام الذكاء الصناعي في تطبيقات الكتابة مثل ميل ونوتس، إذ بوسع المستخدمين تعيين النص المطلوب مراجعته وتدقيقه أو إعادة كتابته بصياغة مختلفة. وداخل متصفح الإنترنت سفاري، يمكن للمستخدمين تحديد مقالات بهدف إعداد ملخصات قصيرة عنها.
أعلنت شركة آبل عن دخولها في شراكة مع OpenAI حتى تستفيد سيري من تشات جي بي تي عبر مساعدتها في بعض المهام مثل توليد قائمة بأفكار حول وصفات.
ومواصفات الذكاء الصنعي هذه لن تظهر خلال هذا الخريف إلا على أحدث وأسرع أجهزة الآيفون ومنها آيفون 15 برو.
غوغل تصلح تطبيق Gemini على أندرويد
لا يمكن إلا لأصحاب هواتف بيكسل من غوغل الاستفادة من معظم ميزات الذكاء الصناعي الجديدة التي طرحتها غوغل، ومن المتوقع دعم بقية أجهزة أندرويد في وقت لاحق من هذا العام.
خلال السنة الماضية، سمحت غوغل للمستخدمين بتجريب Gemini أي المساعد الجديد الذي يعمل بالذكاء الصناعي والذي يتطلب تحميل تطبيق خاص به (بصورة افتراضية، سيبقى مساعد غوغل موجوداً على هواتف غوغل، وهو المساعد الافتراضي الشبيه بأليكسا التي طرحتها شركة أمازون، كما يشبه النسخة الأقدم من سيري). وتماماً مثل تطبيق تشات جي بي تي الذي طرحته شركة OpenAI سيكون Gemini عبارة عن روبوت للمحادثة يقدم إجابات لأي سؤال تطرحه عليه مثل: "اكتب قصيدة عن الكلاب في سان فرانسيسكو".
تركز النسخة الجديدة من Gemini التي تعرف باسم نانو على معالجة مهام الذكاء الصناعي مباشرة على هواتف بكسيل بدلاً من معالجة الطلبات على مخدمات غوغل وذلك من أجل الخصوصية.
وتشتمل إحدى ميزات عملية اكتشاف الاحتيال الاستعانة بالذكاء الصناعي لسماع مكالماتك الهاتفية، وفي حال كانت المحادثة تندرج ضمن أي نوع من أنواع الاحتيال، كأن يطلب المحتال كلمة سر حسابك المصرفي عبر الشابكة، فسيتم إرسال تنبيه لهاتفك.
وهنالك ميزة أخرى، وهي ضع دائرة من أجل البحث، وهذه الميزة تتيح للمستخدمين وضع دائرة على صورة حتى يطلبوا من غوغل معلومات عنها، وقد توسعت هذه الميزة حتى تتيح للطلاب اليوم أن يرسموا دائرة حول مسألة حسابية أو فيزيائية ليطلبوا مساعدة من أجل حلها، عندئذ سيقوم الذكاء الصناعي لدى غوغل بإعداد قائمة تضم خطوات تشرح كيفية حل المسألة أو المشكلة.
بوسع نانو الحصول على تفريغ فوري لما سجل من صوت وإعداد ملخص مكتوب، وهذا الأمر يفيد في الاجتماعات كثيراً. وثمة أداة أخرى وهي الإنشاء السحري والتي يمكن استخدامها داخل تطبيقات المراسلة لدى غوغل لإعادة صياغة رسالة بأسلوب مختلف وبشكل سريع.
التحسينات على النصوص
منذ أكثر من عقد من الزمان عاش مستخدمو الهواتف الذكية في كل مكان مع التقسيمات الخضراء والزرقاء للفقاعات في عمليات التراسل، إذ عندما يرسل مستخدم آيفون رسالة نصية لمستخدم آيفون آخر، فستظهر الرسائل بلون أزرق كما يمكن عندئذ الاستفادة من الميزات الحصرية مثل الرموز التعبيرية والرسوم المتحركة المضحكة. ولكن في حال مراسلة مستخدم آيفون لمستخدم أندرويد، فستتحول الفقاعة عندئذ إلى خضراء، وستتعطل ميزات كثيرة، كما ستتراجع جودة الصور والفيديوهات إلى حد كبير.
أخيراً مشت آبل خطوة باتجاه إنهاء ذلك الانقسام، إذ أعلنت بأن تطبيق المراسلة في نظام iOS 18 بوسعه أن يشتمل على خدمات التواصل الثري، أي المعيار الذي أدمجته غوغل وغيرها من الشركات ضمن تطبيقاتها قبل سنين من الآن، بحيث تبقى الرسائل بين آيفون وأندرويد خضراء، إلا أن الصور والفيديوهات ستصل بجودة أعلى.
أما النتيجة فستخلف أثراً عميقاً، إذ ذكر كثير من مستخدمي آيفون وأندرويد بأنهم شعروا بالاحباط أثناء تراسلهم بسبب تراجع جودة الصور حال إرسالها. أما وزارة العدل الأميركية التي اتهمت آبل خلال هذا العام بوضع قيود على هواتفها بهدف الاحتكار، فقد اعتبرت أسلوب عدم التوافق في التراسل بمثابة أسلوب للضغط بهدف إقناع الناس بشراء هواتف آيفون.
كما أعلنت شركة آبل بأنها أضافت ميزة طال انتظارها لتطبيق التراسل لديها، وهي إمكانية جدولة رسالة بحيث يتم إرسالها في وقت لاحق، وهذا قد يساعد مستخدمي آيفون على احترام حدود بعضهم البعض عبر جدولة الرسالة بحيث تصل إلى المتلقي خارج أوقات دوامه في العمل مثلاً.
المصدر: The New York Times
