icon
التغطية الحية

أسوشيتد برس: أردوغان والأسد ينتظران الانتخابات الأميركية قبل اتخاذ قرارات حاسمة

2024.07.12 | 14:31 دمشق

التطبيع بين تركيا والنظام السوري
AP News - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

مؤخراً، أعطى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس النظام السوري بشار الأسد إشارات تعبر عن اهتمامهما بإحياء العلاقات الدبلوماسية التي انقطعت بين البلدين منذ أكثر من عقد.

أعلن أردوغان بأنه سيوجه خلال فترة قريبة دعوة للأسد حتى يلتقي به لأول مرة منذ أن انقطعت العلاقات بين أنقرة ودمشق في عام 2011، مع انطلاق الاحتجاجات الشعبية المناهضة للنظام السوري والقمع العنيف الذي قوبلت به على يد قوات الأمن ، ما أدى إلى اندلاع حرب في البلد ما تزال رحاها تدور حتى اليوم.

دعمت تركيا فصائل الثوار السورية التي سعت لإسقاط الأسد وما تزال لدى تركيا قوات ترابط في شمال غربي سوريا حيث تسيطر المعارضة، وهذا ما يثير حنق دمشق.

بيد أن هذه ليست المرة الأولى التي تظهر محاولات لتطبيع العلاقات بين البلدين، لكن جميع المحاولات السابقة لم تحظ بكبير اهتمام أو قبول.

إليكم فيما يأتي ما الذي يمكن أن يحدث هذه المرة إن حدث التطبيع بين البلدين:

ما الذي حدث في المفاوضات السابقة؟

أخذت روسيا تضغط لإعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بما أنها أقوى داعم لنظام الأسد وتربطها بتركيا علاقات متينة.

ولهذا أجرى وزراء الدفاع التركي والسوري والروسي محادثات في موسكو خلال شهر كانون الأول عام 2022، ليكون ذلك أول اجتماع وزاري بين الدولتين المتعاديتين، أي تركيا وسوريا، منذ عام 2011. كما توسطت روسيا لعقد اجتماعات بين مسؤولين سوريين وأتراك خلال العام المنصرم.

ولكن تعثرت تلك المحادثات، فواصل المسؤولون السوريون انتقادهم العلني للوجود التركي في شمال غربي سوريا، إذ ذكر الأسد في مقابلة مع سكاي نيوز عربية خلال شهر آب الماضي بأن الهدف من مبادرات أردوغان هو: "شرعنة الاحتلال التركي لسوريا" على حد تعبيره.

ما الذي اختلف اليوم؟

يبدو أن روسيا هي من شجع على قيام محادثات من جديد، ولكن في هذه المرة، عرض العراق الذي يشترك بحدود مع تركيا وسوريا التوسط في هذا الموضوع، كما فعل في السابق بين أكبر دولتين متنافستين في المنطقة: السعودية وإيران.

يخبرنا آرون لوند وهو عضو في مركز القرن للأبحاث الدولية، بأن العراق بادر بذلك لتخفيف الضغط على تركيا بسبب قمعها لحزب العمال الكردستاني الذي تعتبره حزباً انفصالياً كونه قاد تمرداً ضد تركيا منذ ثمانينيات القرن الماضي وأسس قواعد له في شمالي العراق.

ولذلك وعبر الدفع للتقارب مع النظام السوري، قد تسعى بغداد "لخلق شكل من أشكال التعاون الإيجابي مع الأتراك، وإرجاء المشكلات العالقة حتى إشعار آخر، مع إبعاد خطر التدخل" على حد وصف لوند.

تغير الوضع الجيوسياسي أيضاً بعد الحرب على غزة والخوف من توسع النزاع في المنطقة، وهذا ما دفع أوزغور أونلوحيسارجيليكلي وهو محلل تركي ومدير صندوق مارشال الألماني بأنقرة، للقول إن كلا البلدين فقدا الإحساس بالأمان ولهذا صارت كل دولة منهما تسعى لإقامة تحالفات جديدة لمواجهة الآثار التي قد تترتب على قيام حرب في المنطقة.

ما الذي تريده تركيا والنظام السوري؟

يرى أونلوحيسارجيليكلي أن محاولة التقارب من جانب أردوغان أتت نتيجة لتصاعد المشاعر المعادية للسوريين في تركيا، ولهذا من المرجح أن يسعى أردوغان لعقد اتفاق يمهد الطريق أمام عودة نحو 3.6 ملايين لاجئ سوري مقيم في تركيا.

أما من الجانب السوري، فإن عودة العلاقات مع تركيا قد تكون خطوة جديدة نحو إنهاء العزلة السياسية المفروضة على الأسد في المنطقة بعد مرور أكثر من عقد على تحوله إلى شخصية منبوذة بسبب قمع نظامه الوحشي للمتظاهرين في عام 2011 وإثر ارتكابه لجرائم حرب فيما بعد.

على الرغم من اختلاف الدولتين حول الوجود التركي في شمال غربي سوريا، لدى كل من دمشق وأنقرة مصلحة في استئصال الحكم الذاتي للجماعات الكردية الموجودة في شمال شرقي سوريا.

هذا وقد ينتاب تركيا قلق تجاه فكرة تدهور الوضع الأمني في شمال شرقي سوريا في حال انسحاب القوات الأميركية الموجودة حالياً هناك ضمن قوات التحالف المعني بمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية. وهذا ما قد يحتم على تركيا برأي أونلوحيسارجيليكلي: "التعاون مع سوريا أو التنسيق معها على الأقل بهدف إدارة الأمور عقب الانسحاب الأميركي".

أما جوزيف ضاهر وهو باحث سويسري من أصل سوري وأستاذ زائر لدى معهد الجامعة الأوروبية بفلورنسا، فيرى بأن كلتا الدولتين تسعيان لتحقيق "مكاسب اقتصادية" متواضعة من خلال هذا التقارب، إذ في الوقت الذي لم تنقطع التجارة بشكل كامل بين البلدين، لكونها أصبحت تتم الآن من خلال وسطاء، سيسمح إحياء العلاقات الدبلوماسية بعودة التجارة رسمياً بين البلدين كما سيجعل التجارة أكثر سلاسة بينهما.

آفاق الاتفاق

لا يرجح المحللون وصول المحادثات إلى انسحاب تركي كامل من شمال غربي سوريا كما طالبت دمشق، كما لا يتوقعون حدوث أي تغير كبير في الظروف على الأرض في المستقبل القريب.

وعلى الرغم من تداخل مصالح كلا البلدين بنسبة كبيرة برأي لوند، يرى هذا الرجل بأنهما: "لا يتفقان على أمور كبيرة ومهمة، كما أن بينهما ضغائن وأحقاداً كثيرة وهذا ما قد يعيق عقد أي اتفاق حتى على أدنى المستويات"، ثم إن أردوغان والأسد قد يرغبان في التريث قبل عقد أي اتفاق ريثما تظهر نتيجة الانتخابات الأميركية بما أن ذلك يمكن أن يقوض الوجود الأميركي في المنطقة مستقبلاً.

أما على المدى البعيد، فيخبرنا لوند بأن: "منطق الأمور يفرض مسألة التعاون بين تركيا وسوريا بشكل من الأشكال، لأنهما دولتان جارتان، ومصير إحداهما معلق بمصير الأخرى، لذا فإن حالة الجمود الحالية لن تفيد أياً منهما".

ويتفق معه بالرأي أونلوحيسارجيليكلي الذي لا يرجح عقد "صفقة كبرى" نتيجة للمحادثات التي ستجري في الوقت الراهن، ولكن فتح باب أوسع للحوار قد يؤدي إلى ظهور "إجراءات لبناء شيء من الثقة" بين الطرفين.

في حين يرجح ضاهر بأن المحادثات قد تتمخض عن "اتفاقيات أمنية" بين الجانبين، من دون انسحاب تركي شامل من سوريا على المدى القريب، وخاصة مع الضعف الشديد الذي يعتري النظام السوري وعدم قدرته على السيطرة على شمال غربي سوريا وحده، وهذا ما دفع ضاهر للقول: "لا يمكن للنظام بمفرده استعادة كامل شمال غربي سوريا، بل يحتاج للتعامل مع تركيا في هذا المضمار".

ما رأي الشعبين التركي والسوري بأي اتفاق محتمل بين البلدين؟

في تركيا وفي المناطق التي يسيطر عليها النظام في سوريا، يرى كثيرون في آفاق التقارب بين البلدين شيئاً إيجابياً، أما في شمال غربي سوريا، فقد خرجت مظاهرات احتجاجاً على فكرة تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق، بما أن أنقرة نصبت من نفسها في السابق حامياً للمعارضة السورية.

تراقب قسد أي تقارب محتمل بعين الخوف والريبة، إذ أعلنت "الإدارة الذاتية" في شمال شرقي سوريا في بيان لها بأن أي مصالحة محتملة تعتبر "مؤامرة ضد الشعب السوري".

 

المصدر: AP News