عقدت منظمات مجتمع مدني وناشطون مؤتمراً صحفياً يوم أمس الخميس في مدينة إسطنبول، تحدث فيه سوريون فرّقتهم قرارات الترحيل، حيث يرسل الأب إلى سوريا وتبقى عائلته في تركيا من دون معيل، ما يدفع الأطفال لترك مدارسهم والعمل من أجل إعالة عائلاتهم.
وقال موقع (T24) التركي الذي حضر المؤتمر، إن بيانات وزارة الداخلية التركية عن عودة أكثر من 500 ألف سوري عادوا إلى بلدهم "بشكل طوعي"، لا تعكس الحقيقة، حيث يُرحل لاجئون إلى سوريا ويبعدون عن عائلاتهم بسبب أخطاء في كنية اللاجئ أو بسبب خطأ إلكتروني، ويجبرونهم على التوقيع أو البصم على ورقة الترحيل.
وتحدثت السورية حليمة حمود التي حضرت المؤتمر الصحفي مع طفليها من ذوي الاحتياجات الخاصة، عن تجربتها في ترحيل زوجها إلى سوريا بتهمة التهريب، وذلك بعدما وجدوا بحوزته علب سجائر كانوا بحوزته في أثناء تفتيشه من قبل عناصر الشرطة.
وقالت حليمة لتلفزيون سوريا إن زوجها في الـ 30 من شهر كانون الأول الفائت، توفيت جدته فسافر إلى الحدود السورية لإيصال جثمانها إلى المعبر السوري لتوارى الثرى في الداخل السوري، وأثناء عودته اشترى 5 علب دخان (كروز) لأن سعره في المناطق الحدودية التركية أرخص من إسطنبول، إلا أنه وأثناء عودته أوقفته الشرطة بتهمة تهريب الدخان، وأرسلته إلى مركز أوزلي في عنتاب ومن ثم إلى مخيم الترحيل.
لم تستطع حليمة توكيل محام لإخراج زوجها من مخيم الترحيل لعدم وجود قدرة مالية لديها، فهي لا تمانع أي يحاكم زوجها بهذه التهمة وإن كان ما فعله مخالفاً للقانون فيمكن أن يسجن مدة معينة أو يدفع غرامة، لكن من غير المقبول أن يتم ترحيله إلى سوريا.
وأضافت: "ضربوا زوجي ليوقع على وثيقة العودة الطوعية، ولم يرضخ، لكنهم في النهاية أرسلوه إلى سوريا دون أن يوقع".
وأوضحت المرأة السورية بأن زوجها جرى ترحيله تاركاً خلفه عائلته وطفليه اللذين يعانيان من إعاقة ومن دون معيل، وقالت: "نخشى الخروج من منازلنا حتى لا يتم ترحيلنا".
وأوضح طه الغازي الناشط في قضايا حقوق اللاجئين في حديثه لموقع تلفزيون سوريا أن المؤتمر تناول 3 قضايا أساسية: "عمليات الإعادة القسرية التي باتت تنتهجها الهجرة التركية خلال الأشهر الماضية، وواقع السوريين في مراكز الترحيل المؤقتة، والتوصيف الميداني
للشمال السوري حيث أن الحكومة التركية ترحل اللاجئين بناء على توصيف مناطق الشمال السوري على أنهل مناطق آمنة، رغم تأكيدات المنظمات الدولية بأن الجغرافيا السورية بأكلمها ليست آمنة".
وأضاف الغازي: "رصدنا انتهاكات جسيمة في مراكز الترحيل بحق لاجئين سوريين مثل التعنيف الجسدي والتعنيف النفسي والاخفاء القسري، ومنع الموقوفين من التواصل مع ذويهم، والاعتقال التعسفي، وكذلك عدم إخلاء سبيل لاجئين صدر بحقهم قرار إخلاء سبيل".
حرف واحد أدى إلى احتجازه
ذهب محمد حياني البالغ من العمر (38 عاماً) برفقة أطفاله قبل نحو شهر ونصف إلى دائرة الهجرة في إسطنبول من أجل تثبيت عنونه، إلا أن الهجرة أوقفته وأرسلته إلى مركز (أبايدن) للترحيل في هاتاي.
وتحدث الشاب حياني إلى الصحفية شارحاً تفاصيل قصته: "أخبرني موظفو الهجرة بأنني قدمت معلومات خاطئة عند تحديث البيانات، اسمي محمد حياني، إلا أنه كتب حيواني، خطأ بحرف واحد في الكنية تسبب في تحويلي إلى مركز كومكابي، ومن ثم إلى مركز توزلا للترحيل".
وتابع حياني رواية قصته: "أقيم الآن في مركز أبايدن للترحيل في هاتاي، المكان هنا يشبه السجن، يضغطون علينا للتوقيع أو البصم على أوراق لا نعرف ما مكتوب عليها، هناك قرار صادر بترحيلي. يأتون كل يوم ويسألوننا من يريد الذهاب إلى سوريا، الناس ترفض هذه العروض لأنهم لو ذهبوا ستجوع عائلاتهم في تركيا".
ابنة محمد حياني التي تدرس في الصف السادس كانت حاضرة المؤتمر الصحفي، حيث أفادت بأنها تركت المدرسة بعدما توقيف والدها في مركز الترحيل: "نعيش في منزل إيجار، ونأكل الحواضر كل يوم صباح مساء، نحن أربعة إخوة وليس لدينا طعام".
يقول أوميت كوتباي محامي جمعية (أوزغور دير) التي تقدم الدعم القانوني للاجئين السوريين: "إن استخدام تبرير 'تهديد النظام العام والسلامة العامة' في التشريعات المتعلقة بقرارات الترحيل يفتح الباب أمام عدم الشرعية"، مشيراً إلى أن الحكومة تضغط على السوريين من أجل العودة إلى بلدهم.
ترحيل في رداء العودة الطوعية
وأكد المحامي كوتباي أن السوريين يتعرضون للضغط في مراكز الترحيل من أجل التوقيع على أوراق العودة الطوعية، أو توقع من دون معرفة الأشخاص المعنيين ويرحلون بعدها إلى سوريا، أو يرحلونهم حتى بدون الحصول على تواقيع.
وأضاف: "يكون الترحيل لأسباب قضائية وإدارية، تتعلق بالمشكلات الإدارية والأوراق الثبوتية وما إلى ذلك، ويجد السوريون الذين هربوا من نظام ظالم صعوبة في استخراج هذه الأوراق، ومن ثم يطلب منهم جلب أوراق مثل جواز السفر، وعندما يعجز السوريون عن إحضار هذه الوثائق، يصدر حكم بترحيلهم إلى الشمال السوري".
وأوضح المحامي أن ترحيل الرجال بالخصوص يضر بالعائلات، بسبب أن معدل العمل لدى المرأة السورية منخفض، وبرحيل الأب ترمى مهمة إعالة الأطفال على عاتق الأم، وهو ما يجعلها ترغب بالعودة إلى سوريا، إلا أنها تقع في مشكلة الحصول على إذن الأب المرحل من أجل الموافقة على عودة أطفالهم تحت سن 18 إلى سوريا برفقة الأم.