ملخص:
- أزمة المحروقات في سوريا تؤثر بشكل كبير على حركة النقل في مختلف المحافظات، حيث يضطر المواطنون إلى الانتظار لساعات طويلة لعدم توفر وسائل النقل.
- ارتفعت أسعار الوقود في السوق السوداء، حيث تجاوز سعر لتر البنزين 30 ألف ليرة سورية، مما أدى إلى شلل شبه كامل في حركة النقل.
- أزمة الوقود امتدت إلى الأسواق، حيث ارتفعت أسعار السلع الأساسية مثل الخضراوات والفواكه بنسبة تتراوح بين 30% و40%.
- رغم تصريحات حكومة النظام حول تحسين توزيع المحروقات، لا تزال الطوابير أمام محطات الوقود ممتدة لساعات، مع استمرار الاعتماد على السوق السوداء.
تعيش سوريا بجميع محافظاتها الخاضعة لسيطرة النظام السوري أزمة محروقات خانقة تؤثر بشكل كبير على مجمل قطاعات الحياة اليومية، حيث تضاعف النقص في الإمدادات مع ارتفاع الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة، مما أدى إلى شلل في حركة النقل والأسواق.
في العاصمة دمشق، وصلت الأزمة إلى مستويات حرجة حيث أصبحت وسائل النقل العامة شبه معطلة، إذ يضطر المواطنون إلى الانتظار لساعات طويلة للحصول على وسيلة نقل.
وبحسب ما قال أحد السائقين، لموقع "كيو بزنس"، فإن "الكميات المخصصة للسرافيس لا تتجاوز 2 إلى 10 لترات يومياً، بينما يحتاج السرفيس الواحد إلى 25 لتراً على الأقل يومياً لتغطية الطلب المتزايد". هذه النقص الحاد في الوقود أجبر السائقين على اللجوء إلى السوق السوداء لشراء المازوت بأسعار مضاعفة، ما أدى إلى ارتفاع تكاليف النقل على المواطنين.
ويؤكد أحد سائقي خط "مهاجرين – صناعة" أن السرفيس الذي يقوده يحتاج إلى 25 لتراً يومياً، لكنه يحصل على 2 لتر فقط، مضيفاً: "الاضطرار لشراء المازوت من السوق السوداء يجعلني أرفع أجرة الركاب، ولكن ذلك يعرضني لمخاطر الشكاوى وحجز المركبة"، ما يخلق حالة من الفوضى والقلق بين السائقين والمواطنين على حد سواء.
وفي حلب، تشهد المدينة ارتفاعاً غير مسبوق في أسعار البنزين في السوق السوداء، حيث تجاوز سعر ليتر البنزين 30 ألف ليرة سورية، ما دفع الكثير من سائقي السيارات الخاصة والتكاسي إلى التوقف عن العمل أو زيادة الأجرة بشكل كبير. وصرح أحد السائقين لمصادر محلية إن "التأخير في وصول رسائل تعبئة الوقود عبر البطاقة الذكية يدفعنا للجوء إلى السوق السوداء، التي تتحكم بالأسعار كيفما شاءت". هذا الوضع أدى إلى تفاقم معاناة المواطنين في الوصول إلى أعمالهم ومدارسهم.
وفي حمص وحماة، أجبرت الأزمة السرافيس على التوقف عن العمل أو تقليص عدد الرحلات اليومية، حيث ارتفعت أجور النقل بأكثر من الضعف. في ظل هذا الواقع، وجد أصحاب السيارات وسيلة لتحقيق مكاسب على حساب المواطنين، حيث رفعوا أجور النقل بشكل كبير مستغلين انعدام الرقابة، وفقاً لصحيفة تشرين التابعة للنظام، كما تحوّلت بعض السيارات الخاصة إلى وسائل نقل غير رسمية تفرض أجوراً باهظة، تاركة الركاب أمام خيارين "إما دفع الأسعار الباهظة أو مواجهة تأخير كبير في رحلاتهم".
تأثير الأزمة على الأسواق
لم تقتصر تأثيرات الأزمة على قطاع النقل فقط، بل امتدت إلى الأسواق، حيث شهدت أسعار السلع الأساسية، وخاصة الخضراوات والفواكه، ارتفاعات كبيرة بسبب زيادة تكاليف نقل البضائع بين المحافظات. في اللاذقية، ارتفعت أسعار السلع بنسبة تتراوح بين 30% و40%. وبلغت أجرة السيارة لنقل الخضر من محافظة درعا إلى سوق الهال في دمشق نحو مليون ونصف ليرة سورية.
وقال أحد التجار في سوق الهال لتلفزيون سوريا إن "أسعار النقل باتت باهظة، والمازوت غير متوفر إلا في السوق السوداء. جميع هذه التكاليف تضاف إلى سعر البضاعة النهائي، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار وانخفاض الطلب من المواطنين".
هذا الارتفاع في الأسعار أدى إلى انخفاض القدرة الشرائية لدى السكان، حيث اضطر العديد من المواطنين إلى تقليص استهلاكهم للمواد الغذائية الأساسية، وأصبحت بعض الأسر تشتري كميات أقل من الخضروات والفواكه التي كانت متوفرة بأسعار أقل في الفترات الماضية.
تصريحات حكومة النظام
في محاولة لاحتواء الأزمة، أعلنت حكومة النظام عن تزويد المحافظات بمخصصاتها من المحروقات بعد نقص حاد في الكميات المتاحة. وصرح مصدر في وزارة النفط التابعة للنظام بأن "النقص في الإمدادات يعود إلى الظروف العالمية وتفاقم الأوضاع في البحر الأحمر"، مشيراً إلى أن تأخر وصول شحنات النفط الإيراني – الذي يُعتبر المصدر الرئيسي للوقود في سوريا – كان السبب الرئيسي وراء هذه الأزمة.
إلا أن هذه التصريحات لم تنعكس بشكل ملموس على أرض الواقع، حيث لا تزال الطوابير أمام محطات الوقود ممتدة لساعات، بينما يعتمد كثير من المواطنين على السوق السوداء لتأمين احتياجاتهم.
أحد سكان السويداء، الذين شهدوا اختطاف مدير شركة المحروقات من قبل مجموعة مسلحة بسبب اتهامات بالاحتكار، قال لشبكة السويداء 24: "الأزمة لا تتعلق بنقص الوقود فقط، بل هناك فساد واستغلال واضح، وأصحاب المحطات يبيعون الوقود في السوق السوداء بأسعار مضاعفة".
وفي حلب، أكدت مصادر من حكومة النظام أن التأخير في وصول رسائل تعبئة البنزين عبر "البطاقة الذكية" يعود إلى تقليص الكميات المستوردة من الوقود. وصرح مسؤول في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك: "نحن نعمل على تحسين توزيع المحروقات بشكل عادل بين جميع المحافظات، لكن الأوضاع الحالية تتطلب بعض الصبر من المواطنين".
الأثر الاجتماعي والاقتصادي
انعكست أزمة المحروقات على الحياة اليومية للسوريين بشكل كبير، حيث أصبح الوصول إلى أماكن العمل أو المدارس تحدياً يومياً. كما أن ارتفاع تكاليف النقل وغلاء الأسعار أدى إلى تزايد الضغوط الاقتصادية على الأسر السورية، مما دفع بعضهم إلى تقليص الإنفاق على الاحتياجات الأساسية.
وقال أحد المواطنين في اللاذقية لتلفزيون سوريا: "نحن نعيش أزمة حقيقية، ليس فقط في النقل، بل في كل شيء. الأسعار ترتفع يوماً بعد يوم، ولا توجد حلول قريبة".
ومع اقتراب فصل الشتاء، يتوقع أن تزداد معاناة السوريين في ظل نقص المازوت المستخدم للتدفئة. وعلى الرغم من وعود حكومة النظام بحل الأزمة، فإن المواطنين يشعرون بأن هذه الوعود لم تكن سوى مسكنات مؤقتة.