تتواصل المظاهرات في مناطق مختلفة يسيطر عليها الجيش الوطني السوري بريف حلب، وذلك احتجاجاً على رفع أسعار الكهرباء، وتكرار انقطاعها وفرض الشركة التركية المشغّلة، ساعات تقنين طويلة.
وتصاعدت الاحتجاجات مجدداً في مدينة الباب شرقي حلب ومارع شمالاً، بعد أن شهدت الآونة الأخيرة احتجاجات مماثلة في مدينتي اعزاز وعفرين وبلدات وقرى مختلفة بريف حلب.
مصادر محلية أفادت لـ موقع تلفزيون سوريا بازدياد رقعة الاحتجاجات، لاسيما في مدينة الباب، التي تعد من كبرى مدن الشمال السوري، كما تعدّ خزاناً بشرياً كبيراً يضم عشرات آلاف المهجّرين من مختلف المناطق السورية.
المحتجون قطعوا الطرقات وأشعلوا الإطارات وسط مدينة الباب وتظاهروا أمام مقر الشركة التركية للكهرباء (AK Energy)، مطالبين بتحسين أوضاع الكهرباء وتخفيض سعرها، وإلغاء ساعات التقنين.
الناشط معتز ناصر - مهجّر من حلب ويسكن في مدينة الباب - قال لـ موقع تلفزيون سوريا: "تضرر مئات الآلاف من المدنيين في الباب ومارع وعفرين واعزاز وباقي المناطق بريف حلب، من الانقطاع المتكرّر للكهرباء، بالتزامن مع استخدام الأهالي للمدافئ الكهربائية في ظل انخفاض درجات الحرارة، ناهيك عن حرمان شريحة كبيرة من الكهرباء بعد ارتفاع أسعارها والذين ليس بوسعهم دفع التكاليف الباهظة.
وأضاف: "معظم الأهالي يعتمدون على الكهرباء في التدفئة، فسعر المازوت أصبح باهظاً، ولم تعد المشكلة في التقنين فقط، بل في تكرار القطع وغلاء أسعار الكهرباء، فضلاً عن انخفاض الفولت وتذبذب الكهرباء التي تتسبب بإتلاف وحرق العديد من الأجهزة الإلكترونية".
أضرار الانقطاع المستمر للكهرباء في الباب
وبحسب "ناصر" فقد تضرّر أيضاً قطاع العمل الحرفي والمهني والصناعي وأصحاب برّادات تخزين اللحوم والمواد الغذائية، مشيراً إلى أنّ شركة الكهرباء التركية منعت في الأماكن التي تغطيها، عمل المولدات الخاصة بالأمبيرات، وبالتالي أدّى ذلك إلى تعطيل أعمال الكثير من المنشآت والأعمال.
وتابع: "بل الأخطر من ذلك كله ارتفاع نسبة الجرائم والسرقة والسطو ليلاً بعد انقطاع الكهرباء وهي فرصة مناسبة للمجرمين وتحركاتهم في الظلام، ناهيك عن حرمان الطلاب من تأدية واجباتهم وحرمانهم من الدراسة أثناء انقطاع الكهرباء".
أما عن عمل شركة الكهرباء فقد أوضح "ناصر" أنها "دخلت دون الإعلان عن مناقصة عامة، وهذا أدّى إلى استحكام مطلق ووحيد للشركة، بالإضافة لحصولها على جميع محولات المدينة وكابلاتها وخزانات تشغيل الكهرباء الموجودة والعواميد والمقار الأساسية لشركات الكهرباء التي كانت موجودة سابقاً".
وأشار إلى أنّه "بعد كل هذه التسهيلات المتوفرة في مدينة الباب والتي وفّرت على الشركة كلفة باهظة، تم تأخير تشغيل الكهرباء عن المدينة ومخالفة العقد الموقّع بينها وبين المجلس المحلي، وعدم تعويضها للأضرار الناجمة عن التأخير والتعطيل الحاصل من قبلها".
وبحسب الناشط السوري معتز ناصر فإنّه "لا حل دون دخول شركات متعدّدة والإعلان عن مناقصات متعددة ومنافسة، أو إعادة توقيع عقد جديد مع الشركة التركية، بعد إلغاء العقد الحالي بسبب كثرة مخالفاته".
"محلي الباب" يعلّق
من جانبه تحدّث رئيس اللجنة القانونية في "محلي الباب" المحامي محمد فارس عن الاحتجاجات المستمرة ضد المجلس وشركة الكهرباء، قائلاً: "التظاهر حق مشروع لأهلنا في المدينة ومطالبهم محقة تجاه شركة الكهرباء، وذلك فيما يتعلق بالخدمات المقدمة والتقنين الطويل ونحن نقف مع أهلنا في هذه المطالب".
وأضاف: "نحن كمجلس محلي نقيّم الوضع، وسنتقدم بشكوى على الشركة لتنفيذ التزاماتها تحت طائلة إلغاء العقد معها وإلزامها بالتعويض"، مشيراً إلى أنّ "الشركة تحجّجت بأن مصدر التقنين من تركيا، وما زلنا نتابع الأمر لتقديم الشكوى لملاحقة وإلزام الشركة بتنفيذ الالتزامات التي لم تلتزم بها".
وأشار "فارس" إلى أنّ "مصدر الطاقة مشكلة خارج عن إرادة المجلس المحلي، ولو كانت المشكلة وحلها ضمن المجلس لوجدنا حلولاً مرضية للمحتجين مباشرة"، مردفاً "سنبقى إلى جانب أهلنا في تحقيق مطالبهم وتخفيف العبء عنهم، لكن الإمكانات محدودة".
أما المهندس عبد الكريم حسكير - رئيس لجنة الخدمات في المجلس المحلي - قال لـ موقع تلفزيون سوريا إنّه "بعد عدة لقاءات بين المجلس المحلي وشركة الكهرباء، تم التوصّل إلى اتفاق ينص على أن يكون الاستهلاك التجاري والصناعي بسعر 2.5 ليرة تركية، والاستهلاك المنزلي على شريحتين وهما:
- الشريحة الأولى عبارة عن 120 كيلوواطاً ساعياً بسعر 1.15 ليرة تركية.
- الشريحة الثانية بسعر 2.3 ليرة تركية.
وأشار "حسكير" إلى أنّ شركة الكهرباء التركية ألغت الشريحة الأولى لاحقاً، وبقي السعر وفق الشريحة الثانية فقط بسعر 2.3 ليرة تركية، وهذا يخالف العقد لأنّ الشركة أقدمت على هذه الخطوة بشكل منفرد ومن دون الرجوع إلى المجلس، مردفاً أنّ "هذا التصرف سيؤدي إلى تصعيد الاحتجاجات المحقّة ضد الشركة".
أما بالنسبة للتقنين فالشركة مُلزمة بتأمين الكهرباء لمدة 24 ساعة وخلال كامل أيام الأسبوع، بحسب العقد الموقّع، وأي تقنين يعدّ مخالفة للعقد وتقع عليه مخالفات وتعويضات.
وأحصيت عدة مخالفات لشروط وبنود العقد، من قبل لجنة الخدمات وأحيلت إلى المكتب القانوني لاتخاذ الإجراءات القانونية أصولاً، مشيراً "حسكير" إلى أنّ "فصل الكهرباء عن مدينة مثل الباب لمدة تتراوح من 6 إلى 12 ساعة يومياً بحجة التقنين أمر مخالف للعقد، ناهيك عن المشكلات الأمنية والاقتصادية التي تحدث بسبب انقطاع الكهرباء، أمّا عن اختلاف وتغيير سعر صرف الدولار مقابل الليرة التركية فهذا ليس له علاقة بأسعار الكهرباء وهو لا يؤثر في الأسعار ونحن متفقون على ذلك لأنّ العقد موقّع بالليرة التركية".
وكانت الشركة التركية "AK Energy" القائمة على مشروع التيار الكهربائي في ريفي حلب الشمالي والشرقي قد أعلنت، مؤخراً، عن تقنين وفصل التيار لمدة 12 ساعة يومياً عن جميع المناطق، وذلك بسبب تطبيق التقنين من المصدر في تركيا"، فضلاً عن رفعها لأسعار الكهرباء رغم التقنين، ما أثار استياء الأهالي، خاصةً مع تعرّض المنطقة لظروف جوّية قاسية.
اقرأ أيضاً.. "احتجاجات الكهرباء" في ريف حلب تخفي خلفها أزمة معيشية متصاعدة
ومنذ مطلع شهر كانون الثاني الجاري، شهدت مدن وبلدات في مناطق سيطرة الجيش الوطني السوري بريف حلب، احتجاجات شعبية واسعة ضد المجالس المحلية والشركة التركية، بسبب رفع سعر الكهرباء في تلك المناطق، على الرغم من القطع والتقنين المستمر.