فجّرت أزمة الخبز المتفاقمة في لبنان أحداث عنف ومواجهات عنصرية ضد اللاجئين السوريين، حيث تعرض عدد كبير من اللاجئين السوريين، في مختلف المناطق اللبنانية، لاعتداءات تضمنت الضرب والشتم والطرد، فيما حرمت بعض الأفران السوريين من الحصول على الخبز، بحجة أنهم يهربونها إلى داخل سوريا.
وأظهر مقطع فيديو، نُشر على موقع "تويتر"، عدة شبان لبنانيين يعتدون بالضرب على شاب سوري كان بحوزته ربطة خبز.
إشكال في #برج_حمود بين عدة شبان والاعتداء على ولد بطريقة وحشية أمس والسبب كما يقال إن الولد كان بحوزته ربطة خبز وهو سوري الجنسية، فهل من تحرك أمني في هذا الخصوص؟ pic.twitter.com/G7AmKCaF7y
— Zareh Parikian زاريه باريكيان (@Zarehparikian) July 28, 2022
ومن جراء أزمة الخبز التي تصاعدت خلال الأيام الماضية، اشتعلت شبكات التواصل الاجتماعي في لبنان بوسم "أرضنا مش للنازح السوري"، تضمن إساءات وإهانات عنصرية، وصلت لحد التحريض ضد اللاجئين السوريين في لبنان ووصفهم بأنهم "قنبلة بشرية قابلة للاشتعال".
لبنان ما بقا في يحمل قنبلة بشرية قابلة للإشتعال بأي لحظة العودة الفورية للنازحين إلى المناطق الآمنة الآن قبل الغد#ارضنا_مش_للنازح_السوري
— Elio David 🧡 🇱🇧 ☦️ (@eliodavidz) July 27, 2022
بقاسمنا على ثلث الكهربا والمي والخبز وبطلّع ثلث نفاياتنا مدارس ولاده ببلاش دواه طبابته مسكنه ببلاش الأكل والشرب ببلاش ومدفوع من الأمم المتحدة إضافة لمعاش شهري ثلث الجرائم والمساجين سوريين , واليوم عم يركبوا طاقة شمسية بوقت كثير لبنانيين مش قادرين#ارضنا_مش_للنازح_السوري pic.twitter.com/TQcMhPhV8r
— David Al Khoury 💎 (@davidkhouryy) July 27, 2022
لازم يا شباب وصبايا كل ما نشوف سوري بالفرن نكحشوا لبرا ونقلوا غير مرغوب فيك وانقلع رجاع على بلدك ...( ونقشطوا الخبزات) غير هيك ما رح يفهموا...
— kiki Semaan (@kikisemaan1) July 26, 2022
أنا مبلشة من بكرا...مين inn؟ #لا_للسوري_في_لبنان
مفوضية اللاجئين تدعو لحماية اللاجئين
من جانبها، قالت المتحدثة باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، باولا باراتشينا، "رأينا توترات بين اللبنانيين والسوريين في المخابز في جميع أنحاء البلاد، وفي بعض الحالات تضمنت إطلاق النار واستخدام العصي ضد اللاجئين".
وأضافت بارانشينا أن "بعض المناطق في لبنان أصدرت حظر تجول للاجئين، أو طلبت من المخابز إعطاء الأولوية للمواطنين اللبنانيين"، وفق ما نقلت وكالة "أسوشييتد برس".
ودعت مفوضية اللاجئين السلطات اللبنانية إلى "ضمان سيادة القانون وحماية جميع الأشخاص في البلاد، وحثت المجتمع الدولي على زيادة المساعدات للبلاد".
ووفقاً لوثيقة حصلت عليها الوكالة، صدرت أوامر للمخابز في منطقة بعلبك بإعطاء الأولوية للمواطنين اللبنانيين للحصول على الخبز، فيما قال أحد اللاجئين السوريين إنه أجبر على الانتظار عدة ساعات في أحد المخبز لأنهم كان يوزعون الخبز للبنانيين أولاً.
أزمة الخبز في لبنان
وتفاقمت أزمة الخبز في لبنان خلال الأيام الماضية، وازدادت مشاهد الطوابير أمام الأفران التي تبيع كميات قليلة لا تكفي كميات الاستهلاك اليومي للبنانيين، ما تسبب بمشاجرات وإطلاق نار في عدد من المناطق، بينما اقتحم لبنانيون غاضبون أفراناً ومحالّ تبيع الكعك والحلويات للمطالبة بتحويل مادة الدقيق المخصصة لها لصنع الخبز.
وأغلقت العديد من الأفران أبوابها لعدم توفر مادة الطحين، ما تسبب بتزايد الازدحام والطوابير أمام الأفران التي ما تزال تعمل، وارتفع سعر ربطة الخبز من 13 ألف ليرة لبنانية (سعرها الرسمي) إلى 25 ألفاً، بينما وصل سعرها في بعض المناطق إلى 30 ألف ليرة لبنانية.
🔴 دخول شباب الى أحد الأفران
— Lebanon (@lebanon009613) July 26, 2022
في منطقة تعلبايا وبدؤا برمي الكعك على الأرض مما استدعى تدخل الجيش
نبقى الأن
مع التعليق الرائع الذي قام به موظفين الفرن#لبنان pic.twitter.com/w27gFSIrQw
ووفق أرقام رسمية، يحتاج لبنان شهرياً نحو 50 ألف طن من القمح، أي ما يعادل 600 ألف طن سنوياً، يستورد منها 60 % من أوكرانيا، ونحو 20 % من روسيا ورومانيا، في حين يزرع سنوياً نحو 10 آلاف هكتار تنتج نحو 60 ألف طن من القمح سنوياً.
وتفاقمت المشكلة منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، حيث تعطّلت شحنات القمح من مورد الحبوب الرئيسي إلى لبنان، فضلاً عن ارتباط أزمة الخبز بمضاعفات الأزمة المالية والاقتصادية الخانقة في البلاد، حيث فقدت الليرة اللبنانية أكثر من 90 % من قيمتها خلال ثلاث سنوات.
وتدعم الحكومة اللبنانية، عبر مصرف لبنان المركزي، استيراد القمح بسعر الصرف الرسمي، 1500 ليرة لبنانية مقابل الدولار، فيما يصل سعر الصرف في السوق السوداء إلى 30 ألف ليرة مقابل الدولار الواحد.
ويواجه لبنان صعوبات بالغة لفتح اعتمادات مالية لاستيراد القمح، بسبب شح العملة الصعبة وانخفاض الاحتياطي الإلزامي من 17 ملياراً إلى 11 مليار دولار، وفق تصريح حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة.
كما فاقم الأزمة انفجار مرفأ بيروت في آب من العام 2020، حيث تدمرت صوامع الحبوب التي كان تضم نحو 48 مخزناً تضم 120 ألف طن من القمح، وتحفظ 85 % من قمح لبنان وحبوبه وتوفر احتياجاته لستة شهور قادمة.
وزير الاقتصاد يلقي اللوم على السوريين
واتّهم وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، أمين سلام، اللاجئين السوريين بأنهم السبب في الأزمة، متهماً إياهم بأنهم "يشترون أكثر مما يحتاجون، ويرسلون الخبز إلى سوريا للبيع في السوق السوداء".
وفق تصريحات نقلتها وكالة "رويترز"، اعتبر الوزير اللبناني أن اللاجئين السوريين "يمارسون ضغوطاً كبيرة على الإمدادات"، لكنه زعم أنهم "لم يواجهوا تمييزاً" في بيع الخبز.
إلا أن أصحاب الأفران أكدوا أن الحكومة اللبنانية لم تقدم ما يكفي حاجة الأفران والكميات المخصصة لها يومياً من مادة الطحين، وهو الأمر الذي نفته وزارة الاقتصاد، وفق "رويترز".
وقال لبنانيون للوكالة إن "الخبز متوفر بسهولة في السوق السوداء، ولكن بأربعة أضعاف سعره الرسمي"، في حين أشار آخرون إلى أنه "لم نتعرض للإذلال بهذا الشكل حتى خلال الحرب الأهلية".
وفي تصريح سابق، قال الوزير اللبناني إن اللاجئين السوريين "يستهلكون نحو 400 ألف ربطة خبز يومياً، أي بمعدل 40 % أو 50 % من القمح الذي يدخل إلى لبنان"، مضيفاً أنه "نسعى لحل مشكلة استهلاك اللاجئين للخبز، عبر دعم إضافي خارجي، حتى لا تكون على حساب الشعب اللبناني".
ونقلت قناة "الجزيرة" عن نقيب أفران الشمال، طارق المير، أن "بعض المطاحن الكبيرة تغلق أبوابها، وتمتنع أخرى عن تسليم حصة الطحين كاملة للأفران، وتصرف ربع الكمية أو نصفها، مما أدى إلى إغلاق نحو 25 % من الأفران".
مفوضية اللاجئين تعرب عن القلق
وأعربت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين عن "القلق من الممارسات التقييدية والتدابير التمييزية" ضد السوريين، مؤكدة على أنه "في هذا الوضع الصعب جداً، نشهد زيادة في التوترات بين المجتمعات المختلفة".
وأكدت المفوضية، في بيان لها وفق "رويترز"، على أن "استمرار الدعم الدولي للبنان أمر بالغ الأهمية لضمان الوصول الآمن للغذاء والاحتياجات الأساسية الأخرى".
ما أجمل الغيرة على مصلحة الوطن التي تسمى في هذه الأيام عنصرية
— 𝐑𝐨𝐮𝐥𝐚 (@roulash9) July 29, 2022
وما أروع الدفاع عن حق شعبنا اللبناني بالعيش على أرضه بسلام والتي تسمى الآن طائفية... 🇱🇧🇱🇧#ارضنا_مش_للنازح_السوري
والأسبوع الماضي، أصدرت منسقة الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في لبنان، نجاة رشدي، بياناً أشارت فيه إلى أنه "خلال الأسابيع الماضية في لبنان، ازداد التداول في الفضاء العام بعودة اللاجئين السوريين إلى سوريا"، ودعت "الجميع إلى الامتناع عن تأجيج وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي بالمشاعر السلبية وخطاب الكراهية" ضد اللاجئين.
وقالت المسؤولة الأممية إنه "بالنيابة عن المجتمع الإنساني الدولي وبصفتي منسقة الشؤون الإنسانية في لبنان، أكرّر بأن حماية اللاجئين واللاجئات هي واجب إنساني وأخلاقي يدخل في صميم كل المبادرات الإنسانية".
لكل واحد تحركت فيه مشاعر الحنية مع اللاجىء بحب خبرك هيدا ما عم ياخد الخبز من قدام ولادك ت يطعمي ولاده هيدا عم يهربهم خارج الحدود والباقي عم يبيعك هني سوق سودا ف خففلي مشاعرك الجياشي يا حنون انت
— Gas Nas 🇱🇧 (@GasNas2) July 28, 2022
وكل واحد بهاجم عنصريتي لولادي وارضي هو خاين#ارضنا_مش_للنازح_السوري#طردهم_واجب
وفي تصريحات سابقة لموقع "تلفزيون سوريا"، قالت المتحدثة باسم مفوضية شؤون اللاجئين في لبنان، دلال حرب، إن "وضع اللاجئين السوريين في لبنان بحالة تفاقم متزايد بفعل تداعيات الأزمة الاقتصادية في لبنان وما سبقها من أزمات متعاقبة كجائحة كورونا، ما يعني بأن الاحتياجات في تزايد مستمر ومتصاعد يوماً بعد يوم".
وتقدّر الحكومة اللبنانية وجود 1.5 مليون لاجئ سوري على أراضيها، في حين يبلغ عدد اللاجئين السوريين المسجلين رسمياً لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين نحو 900 ألف، بينهم نحو 600 ألف يعيشون في نحو 2800 تجمع لمخيمات عشوائية.