تتفاقم معاناة السكان ضمن مناطق سيطرة النظام السوري، لا سيما التجار وأصحاب رؤوس الأموال، مع استمرار انهيار قيمة الليرة السورية منذ سنوات، ما يضطرهم إلى حمل كميات كبيرة من العملة المحلية، في أثناء عمليات البيع والشراء، لدرجة أن بعضهم يستعين بـ "شوالات" وسيارات طلب لحمل المال.
ووفقاً لما أوردت صحيفة "البعث" المقربة من النظام، فإن "حجم الكتلة النقدية، التي يحتاجها المواطن أو التاجر أو صاحب الأعمال، تحولت إلى عبء حقيقي في أي عملية بيع وشراء، فلم يعد الحديث عن حمل النقود بـ الشوال، عند أية عملية شرائية مجرد طرفة يتندّر بها المواطنون، بل تحولت إلى عقبة بوجه الكثيرين تضطرهم لتأجيل أعمالهم أو تجزئتها، فعمليات البيع والشراء الكبيرة تحتاج إلى سيارة خاصة لنقل النقود فقط، وهو مشهد بات اعتيادياً أيضاً أمام فروع المصارف العامة والخاصة".
ويجري تحميل النقود بالسيارات وتُنقل من أو إلى المصرف عبر أربعة أو خمسة أشخاص بـ العرباية، وبحسب المصدر "حتى التسوق الاعتيادي أصبح عبئاً في ظل ما يحتاجه الشخص من كتلة نقدية ضخمة، يضطر لتقسيمها مع شخص آخر برفقته، بينما تحتاج عمليات شراء الذهب أو السلع المعمرة على سبيل المثال عدة نقلات من الأموال".
50 مليوناً تساوي 20 كغ
وذكر الأستاذ في كلية الاقتصاد شفيق عربش، أن المشكلة تكمن في تعقيد الإجراءات وبيروقراطيتها، فلو كان هناك ثقة بالمصارف لكانت أية بطاقة إلكترونية يملكها الشخص كافية لتأمين كل احتياجاته.
واستدرك: "لكن الثقة بالنظام المصرفي، وخصوصاً العام، ليست قوية كفاية، لذلك نجد أكثر الحسابات هي توطين رواتب فقط، وهذه الرواتب غير كافية لسد رمق المعيشة، فكيف ستستخدم لتمويل المشتريات، فضلاً عن الحاجة لبنية تحتية جيدة لهذه العمليات".
وأشار عربش في تصريحه للصحيفة إلى أن "هذه المقومات لو تم أُمّنت لخففت من طباعة النقد، والحاجة لكتلة نقدية كبيرة، كما تخفف من تداول العملة بشكل فيزيائي، ويمكن أن تحدّ إلى درجة كبيرة من المضاربة على الليرة، لكن المقومات غير موجودة".
وبحسب تقديرات عربش، فإنّ المئة قطعة من فئة 5000 ليرة سورية يبلغ وزنها 200 غرام، أي المليون ليرة وزنها 400 غرام، والخمسين مليون ليرة تزن 20 كيلوغراماً.
فكر متحجر
وأضاف المتحدث أن "أي محل بيع أدوات كهربائية اليوم إذا استقبل 10-15 زبوناً، تصبح مبيعاته 100 مليون ليرة بأقل تقدير، وأي محطة محروقات تدفع ثمن صهريج البنزين مثلاً 230 مليون ليرة، فكيف يتمّ نقل هذه الأموال كلها!".
ويعتقد البعض أن جزءاً من الحل قد يكمن بإصدار فئات نقدية أكبر كالـ 10 آلاف ليرة وأعلى، لكن عربش قلل من أهمية الفكرة لأنها لن تفيد شيئاً في ظل التضخم، كما أن إصدار كتل نقدية، دون أن يسحب عوضاً عنها العملة المهترئة القديمة، سيزيد التضخم.
ولفت إلى "الحاجة لسياسة نقدية مختلفة، وأن يتخلى المركزي عن فكره المتحجر، وبهذه الطريقة يحافظ على سعر صرف الليرة، فطالما أن كل الأدوات فشلت والليرة تخسر من قيمتها، لماذا التمسك بها؟".
يشار إلى أن الليرة السورية خسرت الكثير من قيمتها في السنوات الأخيرة، ما رفع معدلات التضخم إلى مستويات مخيفة، مع تضاعف تكاليف المعيشة من جراء ارتفاع سعر صرف الليرة أمام الدولار الأميركي، ما أدى إلى اختفاء وقلة تداول الفئات النقدية الصغيرة من العملة المحلية.