عدة إجراءات اتخذها نظام الأسد لاحتواء انهيار سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار، وضبط الأسعار في الأسواق، كان آخرها إقالة مدير مصرف سوريا المركزي حازم قرفول، حيث وصفت وسائل إعلام موالية الإجراءات بأنها "طوق نجاة"، دون أن تتساءل عن سبب تأخيرها كل هذه المدة.
الحوالات الخارجية
أبرز الإجراءات الأخيرة التي تم اتخاذها هي تسليم الحوالات الخارجية "الدولار" بسعر 3175 ليرة، بعد أن كانت تسلم وفق سعر صرف السوق السوداء، وهو ما سيوفر سيولة من العملة الصعبة.
وقدر رئيس قسم المصارف في كلية الاقتصاد بدمشق الدكتور علي كنعان معدل حوالات الأشخاص بالقطع الأجنبي بنحو 3-4 ملايين دولار يومياً، مشيراً إلى أن هذا الرقم عادة ما يرتفع في رمضان لأكثر من 10 ملايين دولار، بحسب صحيفة الوطن الموالية.
رفع سعر الدولار للمنظمات
وسبق ذلك أيضاً رفع المصرف المركزي لسعر الدولار التفضيلي أمام الليرة، إلى 2,500 ليرة سورية للمنظمات الدولية حصراً، إذ إنه لم يتم التعديل على سعر صرف الدولار الرسمي، الذي هو 1256 ليرة.
تمويل مستوردات الصناعيين والتجار
إضافة لإجراء تمويل مستوردات الصناعيين والتجار عبر بعض شركات الصرافة بالدولار بسعر 3375 ليرة، لمن يحتاجه من التجار والصناعيين، على أن تتم عملية البيع عن طريق شركات الصرافة، في ظل غياب المصادر التقليدية للقطع الأجنبي.
وتأتي إجراءات النظام في محاولة للتأثير على الأسعار، وتخفيض سعر الصرف نتيجة وجود فرق مابين السعر الموازي والسعر الصادر عن المصرف المركزي.
تعرفة دخول السوريين
كما رفع نظام الأسد سعر تصريف مبلغ المئة دولار، الذي يستوفيه من القادمين عبر المعابر الحدودية إلى 250 ألف ليرة، بعد أن كان يتم التصريف اعتماداً على سعر الصرف في نشرة المصرف المركزي أي ما يعادل 125 ألف ليرة سورية.
وقال موقع "أثر برس" الموالي نقلاً عن مصدر في المصرف التجاري السوري، إن قراراً صدر عن مجلس الوزراء رفع بموجبه سعر تصريف الـ 100 دولار على الحدود السورية إلى 250 ألف ليرة بدل 125 ألف ليرة.
وكان رئيس الوزراء في حكومة النظام حسين عرنوس، قد أصدر في تموز الفائت قراراً يُلزم السوريين ومن في حكمهم بتصريف مبلغ 100 دولار إلى الليرة السورية، وفقاً لنشرة أسعار صرف الجمارك والطيران، عند دخول البلاد.
وحسب تصريح سابق لمدير إدارة الهجرة والجوازات السورية، ناجي النمير، فإن 14220 شخصاً صرّفوا مبلغ 100 دولار، خلال شهر واحد فقط، وهو ما منح نظام الأسد مبلغ 1421000 من القطع الأجنبي.
إقالة حاكم مصرف سوريا المركزي
أما القرار الأخير فقد كان إعفاء حاكم مصرف سوريا المركزي، حازم قرفول، من مهامه. ونشرت وكالة إعلام النظام "سانا" نص "المرسوم"، الذي حمل رقم 124 لعام 2021، وجاء فيه "ينهى تعيين الدكتور حازم يونس قرفول حاكماً لمصرف سوريا المركزي الوارد بالمرسوم رقم 299 تاريخ 24-9-2018".
و"قرفول" هو الحاكم الثاني عشر لمصرف سوريا المركزي، من مواليد عام 1976، ينحدر من مدينة طرطوس، وحاصل على الدكتوراه من جامعة مونتسكيو (بوردو 4). الفرنسية، إضافة إلى إجازة في الاقتصاد ودبلوم في العلاقات الاقتصادية الدولية من جامع دمشق.
وجاءت قرارات النظام في وقت تعاني فيه مناطق سيطرته من أزمة اقتصادية خانقة، نتيجة انهيار قيمة الليرة السورية إلى مستويات قياسية، إلى جانب عدم قدرة حكومة الأسد على توفير مقومات الحياة الأساسية للمواطنين، من خبز وغاز وبنزين وكهرباء وغيرها.
ما أهداف هذه القرارات؟
يقول الاقتصادي يونس كريم لموقع تلفزيون سوريا: النظام يهدف للسيطرة على الدولار" الحامي" والدولار "البارد" ويقصد بالدولار "الحامي" بأنه القادم من الدول المجاورة عبر الحوالات المالية الخارجية، وقد حددها النظام ومنها تركيا، بسبب تعاطف الأخيرة مع موضوع اللاجئين كما أنها تضم أكبر عدد من اللاجئين السوريين.
أما الدولار "البارد" فهو الذي يدخل إلى سوريا من باقي دول العالم، "من أوروبا على سبيل المثال، التي تتركز فيها الكثافة الثانية للسوريين، والهدف من وجود سعرين هو جذب الحوالات وفيادة المضاربين والسوق المالي نحو السعر الذي حدده المركزي 2512".
وبحسب "كريم" فإن سعر المركزي هو بداية لتغيير الأسعار الأخرى مثل البدل النقدي للخدمة في قوات النظام، ويستدرك قائلا "أسعار السلع سترتفع.. النظام يمهد لرفع الدعم"، لافتا أن كلفة نقل البضائع ارتفعت من 30 في المئة إلى 50 في المئة كما ارتفعت كلفة التحويل الخاجي أيضا.
ارتفاع للأسعار في رمضان
منذ مطلع العام الحالي ارتفعت أسعار المواد الغذائية الرئيسية في مناطق سيطرة نظام الأسد بين 25 و35 في المئة، جراء استمرار تدهور سعر صرف الليرة السورية، ومع حلول شهر رمضان وصل ارتفاع الأسعار إلى نحو 40 في المئة، ما دفع السكان إلى التقنين في المشتريات لا سّيما المواد الغذائية الرئيسية، بحسب موقع "الاقتصادي".
ويبلغ متوسط أجور السوريين نحو 40 ألف ليرة سورية فقط لا غير، في حين أن متوسط كلفة معيشة أسرة مكونة من خمسة أشخاص يبلغ نحو 730 ألف ليرة سورية أي ما يُعادل 250 دولاراً بحسب تقديرات مركز "قاسيون" الموالي لنظام الأسد.