يعاني الطلبة الجامعيون في مناطق سيطرة النظام السوري من تردي حالة المواصلات وعدم وجود أي دعم خاص بهم أسوة بأي دولة أخرى تقدم دعماً للطلبة إما بتخفيض الرسوم أو بتوفير مواصلات عامة لهم.
ويعاني سكان مناطق سيطرة النظام السوري من سوء الوضع المعيشي إلى أدنى مستوياته في ظل استمرار اختفاء المحروقات من الأسواق وغلاء أسعارها في الأسواق السوداء ما يجعل رسوم المواصلات اليومية في ارتفاع مستمر.
وتشهد العاصمة السورية دمشق، وريفها، أزمة مواصلات مستمرة خصوصاً مع بدء العام الدراسي للجامعات العامة والخاصة، حيث يصعب على كثير من العائلات تأمين مصاريف أبنائهم من الطلبة والتي تتركز في أجرة الطرقات.
كم أجرة مواصلات الطالب الجامعي يومياً في سوريا؟
ورصد موقع "تلفزيون سوريا" متوسط تكاليف أجرة الطرقات لطلبة جامعة دمشق وجامعات أخرى، حيث تتراوح المصاريف اليومية للطالب الجامعي بين 10 آلاف ليرة سورية، و20 ألف ليرة سورية، من دون أي مصاريف متعلقة بالكتب أو المحاضرات.
وقالت مها عربيني، إن "وضع الطالب الجامعي في سوريا من أسوء ما يكون، حيث يضطر للبحث عن أي وسيلة مواصلات لتنقله إلى كليته صباحاً، حيث لا تكفي المواصلات العامة لشيء، والأسوء هو حالة السرافيس (المكاري) التي تضع أسعاراً مختلفة بين الحين والآخر بحجة غلاء المحروقات".
وأضافت عربيني لموقع "تلفزيون سوريا" أنها تدفع في اليوم الواحد من منطقة جديدة عرطوز إلى كلية الصيدلة في دمشق بين 6 و7 آلاف ليرة للذهاب ومثلها للإياب".
وأكملت أن "المعيشة في سوريا من أصعب ما يكون في العالم، هذا ما نشعر به، كل شيء صعب، مثلاً الدوام لدينا في الجامعة 5 أيام في الأسبوع بينما في الجامعات الخاصة قد يقل إلى 4 وهو أفضل من ناحية المواصلات، ولكن الإدارة لا تقلل الدوام أبداً الأمر الذي يزيد الأعباء علينا".
400 ألف ليرة بالشهر مواصلات فقط
من جانبه قال عبد الرحيم راضي، إنه يحتاج يومياً إلى 10 آلاف أو 12 ألف ليرة سورية، حيث يقطن في منطقة صحنايا بريف دمشق، ويركب سيارة تكسي جماعي بـ 5 آلاف ليرة للذهاب ومثلها للإياب أحياناً يدفع 6 آلاف في حال تغيب أحد الركاب أو زيادة أسعار المحروقات.
وأضاف في حديث مع موقع "تلفزيون سوريا"، "أنا في السنة الثالثة في الجامعة ولا أتناول الطعام في الجامعة أبداً منذ بدأت الدراسة، الوضع المادي صعب على معظم الناس، ولا يمكن أن تدفع ثمن طعام أو أي مشروب حتى وأجرة طريق في يوم واحد، الله يفرج".
وأكمل أنه يعرف أشخاصاً يأتون من مناطق بعيدة مثل سعسع وبيت ثابر القريبة من القنيطرة، ويدفعون ما يصل إلى 20 ألف ليرة في اليوم مواصلات فقط، يعني يحتاج الشخص في الشهر إلى ما يصل إلى 400 ألف ليرة مواصلات فقط إن كان لديه دوام 20 يوماً في الشهر بالجامعة.
بدوره قال أحمد الزين الذي يدرس هندسة المعلوماتية في إحدى الجامعات الخاصة على طريق دمشق - درعا، إن أجرة المواصلات تتجاوز القسط الجامعي بالفصل، حيث يدفع نحو مليون و200 ألف ليرة قسطاً، ومليون نصف ليرة مواصلات للجامعة.
وأضاف لموقع "تلفزيون سوريا" أن المبلغ كبير جداً ولكن مساعدة قريبي الذي يقيم في النمسا لي وللعائلة سهلت الأمر قليلاً، حيث تبقى هذه المواصلات أسهل من ملاحقة السرفيس أو انتظار الباصات التي بطبيعة الحال لا تصل إلى جامعاتنا البعيدة عن العاصمة.
طالب الطب يحتاج إلى مليون ليرة شهرياً
من جانبها قالت إسراء بدران وهي طالبة في كلية الطب، إنها تركب في اليوم 3 سرافيس حتى تصل إلى كليتها حيث تسكن في منطقة الزاهرة، وقد تحتاج إلى تكسي أحياناً.
وأضافت بدران لموقع "تلفزيون سوريا" أن التكلفة اليومية لا تقل عن 10 آلاف ليرة مع التوفير وعدم شراء شيء، وتصل الكلفة الشهرية لطالب الطب إلى نحو مليون ليرة سورية حيث يحتاج إلى محاضرات ومراجع وكتب وكلها أسعارها مرتفعة.
في حين قال محمد جمعة، إن الطلبة الذين يسكنون في دمشق سواء كانوا من أبنائها أو يعيشون فيها، تكاليف المواصلات عليهم أقل بشكل كبير حيث لا تتجاوز كلفة المواصلات اليومية 5 آلاف إلى 6 آلاف ليرة سورية.
وأردف جمعة لموقع "تلفزيون سوريا"، أن كلفة المواصلات اليوم لأي طالب جامعي يعيش في دمشق وقريب نسبياً من الجامعة يسكن مثلاً في الميدان أو دويلعة أو حتى ركن الدين تصل إلى أكثر من 100 ألف شهرياً، وهو راتب موظف.
وتابع جمعة "أنا والدي مدرس في ثانوية ولا يتجاوز راتبه أجرة مواصلاتي ولولا الدعم من الأقارب الذين في الخارج شهرياً لنا لكنا في وضع آخر كلياً".
وأكمل قائلاً: "كل شيء سعره مرتفع، أنا في كلية الهندسة المعمارية، أحتاج إلى أدوات ومساطر وهذه اشتريتها مستعملة لأنها بأسعار خيالية في المكتبات، حيث يطلب بعضهم 80 ألف ليرة أو 90 ألف ليرة، بينما في المستعمل بأقل من 50 ألف".
وأشار إلى أن طالب الهندسة يحتاج شهرياً بين 350 ألف ليرة و500 ألف ليرة بين مواصلات ومصروف ومستلزمات دراسية من محاضرات وأدوات هندسية.
سرقة المحروقات
وتشهد مناطق سيطرة النظام السوري أزمة خانقة منذ أكثر من عامين في المحروقات، البنزين والمازوت والغاز، ولم تستطع حكومة النظام حل هذه المشكلة رغم سياسات التقنين ورفع الدعم عن فئات من الشعب وتقليص المخصصات في تخفيف الأزمة.
وترجع الأزمة بحسب مصادر في حكومة النظام (رفضت ذكر اسمها لأسباب أمنية) قالت لـ "تلفزيون سوريا"، في نقص المحروقات إلى السرقة لبيعها في السوق السوداء بأضعاف مضاعفة.
وأردفت أن الفساد في هذا القطاع من بين الأكبر تقريباً حيث يدر أرباحاً طائلة على الضباط الأمنين والعسكريين وعلى الكثير من المسؤولين.
وأكملت تلك المصادر أن تخفيف السرقة سيحل على الأقل مشكلة المواصلات العامة ويخفض الأسعار، ومن المستبعد أن شيئاً سيتغير في الوقت الراهن، خاصة أن المشكلات الاقتصادية في سوريا لا تقتصر على الطاقة فقط.