icon
التغطية الحية

اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل.. ما هي التنازلات؟

2022.10.11 | 14:24 دمشق

رئيس الوزراء الإسرائيلي المؤقت يائير لابيد، منصة الحفر في حقل "كاريش"، الرئيس اللبناني ميشال عون (تعديل: تلفزيون سوريا)
رئيس الوزراء الإسرائيلي المؤقت يائير لابيد، منصة الحفر في حقل "كاريش"، الرئيس اللبناني ميشال عون (تعديل: تلفزيون سوريا)
 تلفزيون سوريا ـ خالد خليل
+A
حجم الخط
-A

تتسارع الخطوات نحو توقيع لبنان وإسرائيل اتفاقية لترسيم الحدود البحرية بينهما، وأعلن البلدان أن الاتفاق "مُرضٍ للطرفين" ويمر في مرحلة اللمسات الأخيرة، ومن المتوقع أن يكون التوقيع قبل نهاية الشهر الجاري.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي المؤقت يائير لابيد، اليوم الثلاثاء إن إسرائيل ولبنان توصلا إلى "اتفاق تاريخي" بخصوص ترسيم الحدود البحرية.

من جانبه، قال الرئيس اللبناني ميشال عون، صباح اليوم الثلاثاء، في تغريدة على موقع "تويتر"، إن الصيغة النهائية للاتفاق مرضية للبنان، وإنه سيتم الإعلان عن الاتفاق حول الترسيم في أقرب وقت ممكن.

وقالت وكالة "رويترز" إن "حزب الله" اللبناني أعطى الضوء الأخضر لاتفاق ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، الذي توسطت فيه الولايات المتحدة.

ونقلت الوكالة عن مصدر حكومي لبناني وآخر مقرب من حزب الله، اليوم الثلاثاء، أن "حزب الله" وافق على بنود الاتفاق ويعتبر المفاوضات انتهت.

وبحسب مسؤول إسرائيلي، فمن المتوقع أن تعلن إسرائيل موافقتها النهائية على اتفاق ترسيم الحدود البحرية في غضون 3 أسابيع.

انتعاش جديد

أبدت إسرائيل ولبنان، اليوم الثلاثاء، رضاهما عن المسودة النهائية للاتفاق الذي قدمه الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين مطلع الشهر الجاري، وجاءت التصريحات من كلا البلدين بأن الاتفاق الناشئ يلبي جميع مطالبهما.

وقال كبير المفاوضين اللبنانيين إلياس بو صعب، إن لبنان تسلم المسودة النهائية من هوكشتاين، مضيفاً أن لبنان يشعر بأن المسودة تأخذ في الاعتبار كل متطلباته.

من جانبه، قال مستشار الأمن القومي الإسرائيلي إيال حولتا، اليوم الثلاثاء، إن إسرائيل تقترب من التوصل إلى اتفاق مع لبنان بشأن ترسيم الحدود البحرية بين البلدين.

وأضاف، نحن في الطريق إلى "اتفاق تاريخي"، مبيناً أن الاتفاق الناشئ حافظ على المصالح الأمنية لإسرائيل، ولبى جميع مطالبها بعد إدراج التغييرات التي طلبتها.

ويتوقع حولتا أن يتم التصديق عليه بشكل نهائي قبل الانتخابات الإسرائيلية المقررة في مطلع الشهر المقبل.

وكان الوسيط الأميركي أعلن، أمس الإثنين، أن جولات المناقشات والمفاوضات لصياغة التفاصيل النهائية للاتفاق قد انتهت.

وقالت "القناة 12"، الإسرائيلية الخاصة، إن شركة "إنرجيان" (Energean) بدأت، أمس الإثنين، في العمل في حقل "كاريش" وإجراء تفتيش البنية التحتية لخط الأنابيب الذي يربط الحفارة بالساحل الإسرائيلي للتأكد من عدم وجود أعطال.

وأضافت، من المتوقع أن يبدأ إنتاج الغاز من الحفارة في غضون أسابيع قليلة.

من حانبه، قال وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال بلبنان وليد فياض، إن شركة "توتال إنرجيز" الفرنسية ستبدأ عملية التنقيب عن الغاز في المياه اللبنانية فور وضع اللمسات النهائية على اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل.

تجاوز المعوقات

يأتي هذا التسارع نحو التوقيع على اتفاقية بعد أيام من انتكاسة شهدتها المفاوضات غير المباشرة بين بيروت وتل أبيب، تتعلق بطلب لبنان تعديلات على مسودة قدمها هوكشتاين مطلع الشهر الجاري، إلا أن تل أبيب رفضت هذه التعديلات.

الخميس الماضي، كادت المساعي المكوكية التي يبذلها الوسيط الأميركي أن تنهار عندما أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي رفض التعديلات اللبنانية، غير المعلنة، تبعها إعلان الجيش الإسرائيلي الجاهزية الدفاعية والهجومية لتصعيد محتمل في الشمال.

في حين لا تزال بنود الاتفاقية وخرائط التقسيم طي الكتمان إلى حين الإعلان الرسمي من قبل الطرفين، فيما عدا تسريبات وتقارير إعلامية تتحدث عن نقاط خلافية تم تجاوزها في النسخة الأخيرة.

وتشير التقارير إلى أن نقاط الخلاف في المسودة المطروحة تتمحور حول "خط العوامات" ذي البعد الأمني لكلا البلدين، ومسألة العائدات التي ستحصدها إسرائيل من "حقل قانا" من الطرف اللبناني.

ذكرت "القناة 12" الإسرائيلية، أن المسألتين اللتين أصرت عليهما إسرائيل بشدة، مشيرة إلى أن تعليقات اللبنانيين "الجوهرية" على المسودة السابقة قد تم حلها.

ماذا عن التنازلات؟

بحسب "القناة 12"، لم تتنازل إسرائيل عن "خط العوامات"، وهو الخط الحدودي البحري بين البلدين، ولا يتجاوز طوله 6 كيلومترات من البر باتجاه البحر من نقطة رأس الناقورة جنوبي لبنان.

وأوضحت القناة الإسرائيلية أن "خط العوامات" يعد استراتيجياً من الناحية الأمنية، بنت فيه إسرائيل خط دفاع ضد أي اقتحام لأراضيها فوق المياه وتحتها.

وأشارت إلى أن سبب الإصرار الإسرائيلي على هذه النقطة، هي مصلحة أمنية كبيرة.

وفقاً للاتفاق الناشئ، وكتعويض للبنان حول خط العوامات، تحصل على نحو 200 ميل من الساحل.

كما توصل الطرفان إلى آلية حصول إسرائيل على جزء من عائدات "حقل قانا"، الذي ينص الاتفاق بأنه للبنان، ولكن جزءاً منه يقع في الطرف الإسرائيلي.

وأشارت معظم التقارير اللبنانية والإسرائيلية إلى أن شركة "توتال" الفرنسية هي التي ستتولى دفع التعويضات لإسرائيل، بسبب رفض بيروت أن يمثل الاتفاق "عقد شراكة مع العدو".

منصة الحفر في حقل كاريش، المتنازع عليه بين لبنان وإسرائيل، البحر المتوسط (AFP)
منصة الحفر في حقل كاريش، المتنازع عليه بين لبنان وإسرائيل، البحر المتوسط (AFP)

هل هناك حفل توقيع؟

من المحتمل ألا يكون هناك حفل توقيع رسمي بين البلدين، وإنما بين كل منهما وبين الولايات المتحدة، وفقاً لـ "القناة 12" الإسرائيلية.

كما لن يتم نشر تفاصيل الاتفاقية، بما في ذلك الخرائط والأحكام النهائية إلا بعد تصديق الحكومة الإسرائيلية.

وقال لابيد إن الاتفاق سيعرض على مجلس الوزراء الأمني "الكابينيت" والحكومة يوم الأربعاء للموافقة عليه قبل عرضه على الكنيست (البرلمان الإسرائيلي).

وتشير معظم التقديرات إلى أن التوقيع على الاتفاقية سيكون خلال الشهر الجاري، وذلك قبل موعد الانتخابات الإسرائيلية وانتخابات الرئاسة اللبنانية.

ومن المقرر أن تنطلق الانتخابات البرلمانية العامة في إسرائيل في الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، كما تنتهي فترة الرئيس اللبناني ميشال عون التي استمرت ست سنوات في 31 تشرين الأول/ أكتوبر.

ماذا يتضمن الاتفاق الناشىء

كان لبنان وإسرائيل تلقيا، في مطلع تشرين الأول/أكتوبر الجاري، مقترحاً خطياً من هوكشتاين، يتضمن صيغة اتفاق "حل وسط" لترسيم الحدود، وسط تقدم كبير في المفاوضات غير المباشرة منذ عامين.

ووفق مقترح هوكشتاين، فإن الاتفاق المحتمل يضمن للبنان كامل المنطقة المتنازع عليها البالغة مساحتها نحو 860 كيلومتراً مربعاً، بحسب تصريحات مسؤولين لبنانيين.

وتشير وسائل إعلام إسرائيلية إلى أن حقل "كاريش" سيكون لإسرائيل مقابل أن يحصل لبنان على جزء كبير من "حقل قانا".

لكن التفاصيل المسربة من الاتفاقية المطروحة، تفيد بأن إسرائيل ستحصد جزءاً من الأرباح اللبنانية من أي غاز يتم العثور عليه في المنطقة الخلافية جنوبي قانا.

وتشترط إسرائيل أن تحصل على العائدات من قبل شركة "توتال" الفرنسية التي تعتزم التنقيب في الحقل.

إضافة إلى وجود مسألة خلافية تتمحور حول "خط العوامات" الذي يرفض الجانبان التنازل حياله، وتعده تل أبيب يمس بمصالحها الأمنية.

لمحة عن النزاع على الحدود البحرية

يرجع النزاع البحري بين لبنان وإسرائيل إلى بداية العقد الماضي، مع بداية اكتشاف الغاز الطبيعي والنفط في الحوض الشرقي للبحر المتوسط.

ويجري البلدان منذ أكثر من 10 سنوات مفاوضات عبر الوساطة الأميركية من دون أي تقدم، ولكنهما انخرطا، منذ تشرين الأول/أكتوبر 2020، في مفاوضات غير مباشرة ومتقطعة حول المياه الغنية بالغاز التي يدعي كل من بيروت وتل أبيب أنها تقع في منطقته الاقتصادية الخالصة.

يكمن الخلاف بشأن ترسيم الحدود البحرية على منطقة متنازع عليها تبلغ 860 كيلومتراً مربعاً، وتعد غنية بالنفط والغاز الطبيعي.

تشكل المنطقة المتنازع عليها أقل من 2٪ بالنسبة لإسرائيل من إجمالي مياهها الاقتصادية في مياه المتوسط، و3% بالنسبة للبنان.

في الشهور الأخيرة، قدمت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن حلاً وسطاً، بقيادة هوكشتاين، من شأنه أن يخلق حدوداً اقتصادية بحرية على شكل حرف "S"، خط متعرج، بين البلدين.

وكانت المفاوضات غير المباشرة منذ عامين تركز في التفاوض للموافقة على ما يعرف بالخط 23 والخط 29 لتقسيم المنطقة المتنازع عليها بحرياً.

الخط الحدودي 23، أو ما يعرف بخط "هوف" المطروح منذ 2012 ورفضه لبنان، يقدر المساحة المتنازع عليها بـ 860 كيلومتراً مربعاً.

والخط الحدودي 29، والذي يقدمه الجانب اللبناني يقدر المساحة المتنازع عليها بـ 2290 كيلومتراً مربعاً.

خريطة لخطوط الحدود البحرية المطروحة والتي تم الاتفاق عليها، بين إسرائيل ولبنان (القناة 12 الإسرائيلية)
خريطة لخطوط الحدود البحرية المطروحة والتي تم الاتفاق عليها، بين إسرائيل ولبنان (القناة 12 الإسرائيلية)
خريطة لخطوط الحدود البحرية المطروحة والتي تم الاتفاق عليها، بين إسرائيل ولبنان (AFP)
خريطة لخطوط الحدود البحرية المطروحة والتي تم الاتفاق عليها، بين إسرائيل ولبنان (AFP)