أعلنت إسرائيل، اليوم الخميس، رفضها للتعديلات اللبنانية على مسودة اتفاقية ترسيم الحدود البحرية، التي قدمها الوسيط الأميركي للجانبين الأسبوع الماضي.
وقال مسؤول سياسي إسرائيلي رفيع المستوى، في بيان تناقلته الصحف العبرية والوكالات الدولية، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد اطلع على التعديلات والتغيرات الجديدة التي يسعى لبنان لإدخالها في الاتفاق، وأوعز إلى فريق التفاوض برفضها.
وبحسب البيان، أوضح لابيد أن إسرائيل غير مستعدة للتنازل عن مصالحها الأمنية والاقتصادية بأي شكل من الأشكال، حتى لو أدى ذلك إلى عدم التوصل إلى اتفاق قريب.
ولم يذكر البيان التعديلات التي طلبتها بيروت.
وأضاف المسؤول أن إسرائيل ستنتج الغاز من حقل "كاريش" بأسرع ما يمكن.
وهدد المسؤول الإسرائيلي بالانسحاب من المفاوضات في حال حاول "حزب الله" أو أي جهة أخرى الإضرار بحقل "كاريش".
بدوره، حذر وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، اليوم الخميس، من أن لبنان سيدفع ثمنا باهظا إذا حاول "حزب الله" المس بإسرائيل.
وأضاف غانتس، مستعدون لحماية بنياتنا التحتية، ونحن لا نريد خوض معركة، ولكننا جاهزون لها، بحسب هيئة البث الإسرائيلية.
בין אם ייחתם ההסכם או לאו, אנו ערוכים להגן על התשתיות שלנו ועל ריבונותנו. אם חיזבאללה יבקש לפגוע בהן – המחיר הצבאי שמדינת לבנון וחיזבאללה ישלמו יהיה כבד מאוד. איננו ששים אלי קרב, אך אנו מוכנים לו.
— בני גנץ - Benny Gantz (@gantzbe) October 6, 2022
يشار إلى أن حقل "كاريش"، المتنازع عليه بين البلدين، نصت مسودة الاتفاق الحالية على أن يكون لإسرائيل، مقابل حصول لبنان على كامل حقل "قانا" شرط حصول إسرائيل على حصة من عائدات الحقل.
في المقابل، قال مسؤول لبناني، اليوم الخميس إن لبنان لم يتلق رسميا رفض إسرائيل لقائمة من التعديلات التي طلبتها بيروت على مسودة اتفاق بشأن ترسيم الحدود البحرية، وفقاً لـ "رويترز".
ومن المقرر، أن يجتمع المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية "الكابينت"، اليوم الخميس، لبحث مقترح لترسيم الحدود البحرية مع لبنان.
وكانت إسرائيل ولبنان تلقتا، الأسبوع الماضي، صيغة اتفاق نهائي من الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين، في ظل تقدم كبير في المفاوضات غير المباشرة منذ عامين.
ووفق مقترح هوكشتاين، فإن الاتفاق المحتمل يضمن للبنان كامل المنطقة المتنازع عليها البالغة مساحتها نحو 860 كيلومتراً مربعاً، بحسب تصريحات مسؤولين.
تعثر جديد في المفاوضات
يشكل رفض تل أبيب لتعديلات بيروت انتكاسة جديدة في مسار المفاوضات غير المباشر المتعرج، بعد اقتراب الجانبين من التوصل إلى اتفاق بشان ترسيم الحدود البحرية.
وصفت وزيرة الطاقة الإسرائيلية كارين الهرار الاتفاق المتبلور بأنه "جيد"، وذلك قبيل ساعات انعقاد جلسة "الكابينيت" اليوم.
وكانت أوساط سياسية في إسرائيل أبدت تفاؤلاً بإبرام اتفاق خلال اليومين الماضيين في أثناء انتظار الملاحظات التي ستقدمها بيروت.
وعلى الرغم من التفاؤل أعلنت إسرائيل مسبقاً بأنها لن تقدم تنازلات تضر بمصالحها الاقتصادية والأمنية.
ترسيم الحدود البحرية.. خط هوكشتاين
يكمن الخلاف بين لبنان وإسرائيل بشأن ترسيم الحدود البحرية على منطقة متنازع عليها تبلغ 860 كيلومتراً مربعاً، وتعد غنية بالنفط والغاز الطبيعي.
تشكل المنطقة المتنازع عليها أقل من 2٪ بالنسبة لإسرائيل من إجمالي مياهها الاقتصادية في مياه المتوسط، و3% بالنسبة للبنانيين.
وفي 2018 بدأ البلدان في عمليات التنقيب من دون حل لقضية الحدود، وسط تهديدات من "حزب الله" التي تزايدت في أعقاب بدء تل أبيب بتشغيل حقل "كاريش" المتاخم للمنطقة المتنازع عليها.
منذ تشرين الأول/أكتوبر 2020، انخرطت بيروت وتل أبيب في مفاوضات غير مباشرة متقطعة حول المياه الغنية بالغاز التي يدعي كلاهما أنها تقع في منطقته الاقتصادية الخالصة.
وقدمت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن حلاً وسطاً من شأنه أن يخلق حدوداً اقتصادية بحرية على شكل حرف "S"، خط متعرج، بين البلدين.
ترسيم الحدود البحرية.. خط هوف
برزت أهمية ترسيم الحدود البحرية في مطلع العقد الماضي، في أعقاب الاكتشافات الأميركية لوجود كميات ضخمة من الغاز الطبيعي تحت مياه شرق البحر المتوسط.
ويحاول الموفد الأميركي تنشيط المسار، في حين يجري التفاوض على الموافقة على ما يعرف بالخط 23 والخط 29 لتقسيم المنطقة المتنازع عليها بحرياً.
الخط الحدودي 23، أو ما يعرف بخط "هوف" المطروح منذ 2012 ورفضه لبنان، يقدر المساحة المتنازع عليها بـ 860 كيلومتراً مربعاً.
والخط الحدودي 29، والذي يقدمه الجانب اللبناني يقدر المساحة المتنازع عليها بـ 2290 كيلومتراً مربعاً.
وفي عام 2012، قدمت الولايات المتحدة عبر موفدها آنذاك، فريدريك هوف، اقتراحاً لحل النزاع البحري بين لبنان وإسرائيل، وذلك بتقاسم المنطقة المتنازع عليها، برسم خط عرف في ذلك الوقت بخط "هوف"، يعطي لبنان نحو 500 كم مربع، وإسرائيل نحو 360 كيلومتراً مربعاً من أصل كامل مساحة 860 كيلومتراً مربعاً.
وعلى الرغم من العداء المعلن بين البلدين فإنهما يسارعان إلى حل هذه القضية نظراً لزيادة الطلب على الطاقة عالمياً.
من جهة، لبنان يمر بحالة انهيار اقتصادي "غير مسبوقة"، في حين تسعى إسرائيل لتكون مصدراً إقليمياً للغاز والاستفادة من اكتشافات الغاز الطبيعي في البحر المتوسط.