أكدت هولندا أن الوضع الحالي في سوريا لا يسمح بعودة اللاجئين السوريين وفقاً لـ"معايير القانون الدولي"، معربة عن تفهمها لمخاوف تركيا من "التهديدات الإرهابية" في الشمال السوري وأنها تأخذها "على محمل الجد".
وقال وزير الخارجية الهولندي فوبكه باستيان هويكسترا رداً على أسئلة برلمانية طرحها النائب عن "الحزب الاشتراكي" ياسبر فان دايك قبل أيام حول العملية التركية المحتملة لإقامة "منطقة آمنة" في شمالي سوريا: "لقد أخذت علماً بالتصريحات التركية حول احتمال حصول عملية جديدة في سوريا (..) تقول تركيا إنها ضرورية للتعامل مع التهديدات الإرهابية في ظل الهجمات الأخيرة على الأراضي التركية من شمالي سوريا".
وأضاف الوزير، بحسب الإجابات التي اطلع عليها موقع تلفزيون سوريا، أن بلاده تتفهم "وتأخذ مخاوف تركيا بشأن أمنها على محمل الجد، لكنها تشارك الولايات المتحدة أيضاً في الآثار المحتملة لعملية تركية جديدة. مجلس الوزراء الهولندي أكد في محادثات أيضاً مع السلطات التركية على أهمية الامتناع عن التصعيد في سوريا من أجل منع زعزعة الاستقرار".
"معايير القانون الدولي"
وأشار إلى أن هولندا لديها علم بتقارير وسائل الإعلام عن نية تركيا إعادة نصف مليون لاجئ سوري إلى "المنطقة الآمنة"، مبيناً أن بلاده "تتخذ موقفاً مفاده أن العودة إلى سوريا يجب أن تتم وفقاً لمعايير القانون الدولي، على وجه الخصوص معايير السلامة والكرامة الواردة في الاتحاد الأوروبي واتفاقية حقوق الإنسان التي تركيا طرف فيها، وكذلك معايير المفوضية فيما يتعلق بالعودة الآمنة والكريمة والطوعية".
وشدد على أنه "في رأي هولندا والاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي الأوسع فإن الوضع في سوريا حالياً لا يفي بالمعايير المذكورة أعلاه".
وقبل أيام، دانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تركيا لترحيلها إلى سوريا لاجئاً كان بحوزته تصريح إقامة قانوني، على الرغم من مخاطر تعرضه لسوء معاملة هناك.
ورداً على سؤال حول مفاوضات السلام في سوريا وفيما إذا كان على تركيا الخروج منها، أشار المسؤول الهولندي إلى أنه "في ديسمبر (كانون الأول) 2015 تم اعتماد قرار الأمم المتحدة 2254 بالإجماع في مجلس الأمن (..) يحتوي على تفويض المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا ويدعم عملية السلام بقيادة سوريا من خلال تشكيل حكومة انتقالية ودستور جديد وانتخابات ديمقراطية، ووفقاً لسياسة الاتحاد الأوروبي، ترى هولندا أن العملية يجب أن تكون شاملة ومن قبل السوريين".
التعامل مع الوجود التركي في سوريا "متروك للسوريين"
وأكد الوزير أن "العملية السياسية على النحو المنصوص عليه في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 تعتبر الحل الدائم والوحيد للصراع"، مشيراً إلى أن "مسألة كيفية التعامل مع الوجود التركي في شمالي سوريا متروك بشكل أساسي للسوريين أنفسهم. دعونا تركيا على الصعيدين الثنائي والمتعدد الأطراف إلى وقف التصعيد من أجل منع المزيد من عدم الاستقرار في سوريا".
وذكر المسؤول الهولندي أن "تركيا حليف مهم في الناتو بالنظر إلى حجم جيشها ونظراً لموقعها الجغرافي الاستراتيجي عند مدخل البحر الأسود وعلى الجانب الجنوبي الشرقي من الحلف"، لافتاً إلى أنه "عندما تكون هناك مخاوف بشأن سلوك أحد الحلفاء التي تؤثر على أمن الحلف فإن الناتو يوفر المنصة المثالية لمناقشة هذا الأمر".
وكان المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن قد أكد أن "العملية العسكرية المرتقبة في شمالي سوريا قد تنطلق في أي وقت"، مؤكداً استعداد بلاده لها "عندما يكون هناك أي تهديد لنا سنتخذ الإجراءات اللازمة".
جاء ذلك بعد أن أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن أنقرة ستشن قريباً عمليات عسكرية جديدة على حدودها الجنوبية لمكافحة "تهديدات إرهابية" عن طريق توسيع المنطقة الآمنة بعمق 30 كيلومتراً، كما قال مجلس الأمن القومي التركي في بيان بعد اجتماع ترأسه أردوغان: "العمليات التي تنفذ الآن وفي المستقبل للقضاء على التهديد الإرهابي على حدودنا الجنوبية لا تستهدف وحدة أراضي دول الجوار ولا السيادة بأي طريقة من الطرق".
اللاجئون "كبش فداء"
وخلال الفترة الماضية تطرقت وسائل الإعلام الهولندية لقلق ومخاوف اللاجئين السوريين في تركيا من المستقبل في ظل تصاعد "خطاب الكراهية" ضدهم، ولا سيما من الأحزاب اليمينية التركية التي تحرّض الشارع التركي كزعيم "حزب الشعب الجمهوري" كمال كيليجدار أوغلو الذي وعد بإعادة السوريين إلى وطنهم بمجرد وصول حزبه إلى السلطة.
ويقول عالم الاجتماع الهولندي ديديم دانيس: "إذا سألت الأتراك عما يعتقدون أنه أكبر مشكلة في البلاد، فإنهم يقولون: الاقتصاد أولاً، وبعد ذلك مباشرة: اللاجئون".
وأضاف أنه ليس من المستغرب أن تتزايد الاضطرابات "لقد رأيت هذا أيضاً في الأزمة المالية في اليونان في عام 2008، اللاجئون هم كبش فداء عندما يضطر الناس للتنفيس عن إحباطهم بشأن وضعهم الاقتصادي".