ذكر مكتب "برنامج الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية" (أوتشا) أن نصف سكان سوريا معرضون لخطر المتفجرات؛ مشيراً إلى أن نحو 300 ألف من مختلف الذخائر المتفجرة ما تزال كامنة ولم تنفجر بعد.
ونقل المكتب الأممي عن تقرير حمل عنوان: "الذخائر المتفجرة في سوريا: التأثير والعمل المطلوب" صدر حديثاً عن منظمة "الإنسانية والإدماج الدولية" (Humanity & Inclusion) أن نحو 50 في المئة من المقيمين داخل سوريا، مهددون بالتعرض لانفجار ما يقارب 300 ألف ذخيرة متفجرة فشلت في الانفجار خلال الحرب التي استمرت لـ11 عاماً.
التقرير الذي استند إلى فيلم وثائقي حمل العنوان نفسه، يرسم صورة مروعة لمستويات التلوث الشديدة في سوريا، حيث يتعرض شخص من كل شخصين (أكثر من 10 ملايين شخص) للخطر. كما يسلط الضوء على حجم وتنوع التلوث بالذخائر المتفجرة والعواقب المحتملة، مشيراً إلى أنه في عام 2020 كان هناك ما معدله 76 حادثة ذخائر متفجرة مسجلة في اليوم، أي ما يعادل حادثة واحدة كل 20 دقيقة.
التقرير تم تجميع معلوماته بدعم من أكثر من 60 منظمة متخصصة في الأعمال الإنسانية المتعلقة بالألغام في سوريا، والمعروفة باسم "منطقة مسؤولية الأعمال المتعلقة بالألغام في سوريا". وأوضح الآثار المدمرة للتلوث على الناس والبنية التحتية الحيوية وتقديم المساعدة الإنسانية، فضلاً عن العمل الحاسم الذي تقوم به الجهات الفاعلة في مجال إزالة الألغام للأغراض الإنسانية، والخطوات المطلوبة لمعالجة هذه القضية.
ونقل عن المدير التنفيذي الأميركي للإنسانية والشمول، جيف مير، قوله إن "تهديدات الذخائر المتفجرة موجودة في كل مكان"، مضيفاً: "لكن ثلاثة أرباع الناجين من الحوادث يقولون إنهم لم تكن لديهم أدنى فكرة عن أن المنطقة كانت خطرة قبل الانفجار. إن تعليم المجتمعات كيفية تحديد المخاطر وتجنبها ووضع علامة عليها والإبلاغ عنها هو حاجة ملحة إذا كنا نرغب في منع وقوع الحوادث في المستقبل".
ويلفت التقرير إلى أن الضحايا كانوا في معظم الأحيان يسافرون أو ينتقلون من مكان إلى آخر، أو يقومون بأعمال زراعية أو منزلية، أو يلعبون بالذخائر المتفجرة.
أعلى سجل خسائر بالذخائر المتفجرة
تسجل سوريا أكبر عدد من ضحايا الذخائر المتفجرة في العالم، ومعظم الحوادث المسجلة تقع في شمال غربي سوريا.
نسقت "خدمة الأمم المتحدة للإجراءات المتعلقة بالألغام" (UNMAS) تقارير الضحايا وسجلت 12 ألفاً و345 ضحية من الذخائر المتفجرة في سوريا بين عامي 2013 و2020، ما أسفر عن 4 آلاف و389 حالة وفاة، بالإضافة إلى 7 آلاف و956 إصابة.
وفي عام 2020، سجل مرصد الألغام الأرضية أعلى عدد من الضحايا السنوي (2729) لسوريا منذ أن بدأ تقديم التقارير في عام 1999. ويرى التقرير أن العدد الفعلي للضحايا هو أعلى بكثير بالنظر إلى القيود المفروضة على جمع البيانات. فعلى سبيل المثال، سجلت منظمة العمل ضد العنف المسلح سقوط 77 ألفاً و535 ضحية بسبب الذخائر المتفجرة في سوريا بين عامي 2011 و2020.
تلوث هائل ومتنوع
التلوث متنوع وهائل بشكل لا يصدق، وفق جيف مير، حيث تم استخدام مجموعة كاملة من الأسلحة المتفجرة في سوريا، بما فيها الأسلحة المتفجرة المباشرة والألغام الأرضية والقنابل الجوية ومدافع الهاون وما إلى ذلك على نطاق واسع خلال الصراع المستمر منذ 11 عاماً. فأصبحت بذلك كل سوريا ملوثة، وسوف تستغرق العمليات لتحديد مدى التلوث وتطهير الأرض بأمان عقوداً طويلة.
ويضيف مير: "من الواضح أنه لا يمكن إعادة بناء سوريا دون إزالة الأسلحة... ومع ذلك، فإن التلوث واسع ومتنوع للغاية لدرجة أن خبراء التطهير اضطروا إلى التكيف وابتكار طرق جديدة للعمل. نحن واثقون تماماً مما ستكون عليه الحال في عام 2050 (منتصف هذا القرن)، حيث ستستمر عمليات التطهير لتحرير البلاد من خطر الألغام والمتفجرات الأخرى من مخلفات الحرب".
وبحسب ما ورد في التقرير، فإن التلوث يغطي الأراضي الزراعية، ويعطل الاقتصاد المحلي التقليدي ويزيد من الخطر على العمال الزراعيين الذين يعودون إلى الحقول غير الآمنة لكسب العيش الضروري لهم ولأسرهم. علاوة على ذلك، فإن المناطق الحضرية شديدة التلوث، مما يعرض الناس للخطر ويمنع العاملين في المجال الإنساني من تنفيذ الأنشطة التي تشتد الحاجة إليها مثل إعادة بناء المنازل والمدارس والمراكز الصحية.