دفعت عريضة وقعها عشرات آلاف الهولنديين دائرة الهجرة والتجنيس في هولندا إلى منح عائلة سورية حق اللجوء في البلاد بعد أن رفض طلب لجوئهم أكثر من مرة في السابق بذريعة أنهم يمتلكون جواز سفر أرمينياً وبالتالي يستطيعون الحياة بأمان في أرمينيا.
ووقع أكثر من 167 ألف هولندي عريضة للمطالبة بمنح اللاجئة السورية تينا وابنها يعقوب حق اللجوء في هولندا بعد أن رفضت دائرة الهجرة والتجنيس "IND" طلب لجوئهم.
ووفقاً للعريضة فإن يعقوب (8 أعوام) ووالدته تينا (26 عاماً) فرا من سوريا عام 2015 بسبب الحرب المندلعة منذ ما يقارب عشرة أعوام، وتحدثت العريضة عن معاناة العائلة السورية في وطنها خلال الحرب، مشيرة إلى أن صديق يعقوب قُتل في تفجير وقع في مدرسته بينما أصيب هو بشظايا في ظهره وساقه.
وبحسب العريضة، فقد سمعت تينا التي ولدت ونشأت هي وابنها يعقوب في سوريا، أن جواز السفر الأرميني سيمكنها من الحصول على تأشيرة إلى هولندا فسافرت إلى أرمينيا وبقيت هناك أربعة أيام وحصلت خلالها على جواز السفر الأرميني، لكن تبين أن دخول هولندا بجواز السفر الأرميني "مستحيل" وبالتالي اضطرت تينا وابنها إلى السفر في قارب من تركيا إلى اليونان في عام 2015 إلى أن وصلت إلى هولندا حيث تعيش والدة تينا وجدتها وأخوها وأعمامها الذين يحملون الجنسية الهولندية.
تينا ويعقوب قاموا بالاستئناف ضد قرار IND بعدم منحهم تصريح الإقامة أكثر من مرة لكن دون جدوى، وخياراتهم كانت قبل الحصول على الإقامة تنحصر بين العودة إلى سوريا أو الذهاب إلى أرمينيا أو البقاء في هولندا بشكل "غير قانوني".
يعقوب يدرس الآن في مرحلة التحضير لمرحلة التعليم الثانوي العام "HAVO" في مدينة نايمخين، وكانت دائرة الهجرة والجنسية (IND) تريد ترحيله هو ووالدته إلى أرمينيا بعد أن اكتشفت رغبتها في التقدم بطلب للحصول على تأشيرة إلى هولندا بجواز سفرها الأرميني.
تينا ويعقوب ليسا الوحيدين اللذين حدث لهما ذلك فقد لجأ إلى هولندا نحو مئة أرمني سوري بسبب الحرب في بلادهم، وحصل معظمهم على تصريح إقامة، وبعد إعادة تقييم أوضاعهم أرسلت دائرة الهجرة والتجنيس رسائل إليهم بهدف سحب تصاريح إقامتهم لأنهم يستطيعون الإقامة في أرمينيا بحكم أنهم يمتلكون جوازات سفر أرمينية.
وتم سحب تصاريح الإقامة الدائمة من بعضهم في حين سُمح لجزء آخر بالاحتفاظ بتصاريح إقامتهم، ويقول أحد محاميهم إن ذلك يدل على أن "هناك عدم المساواة"، واصفاً ذلك بأنه "تعسف غير مقبول".
Sinan Can legt de situatie van Jacob en zijn moeder Tina uit, die door hun Armeense roots nu mogelijk naar dat land worden uitgezet, ondanks dat Jacob daar nog nooit is geweest en Tina maar 4 dagen.#devooravond #jacobblijfthier pic.twitter.com/TLJaQpLB26
— De Vooravond (@devooravondtv) April 6, 2021
انتقاد وحملات دعم
الصحفي الهولندي كيس فان دنبوش الذي يهتم بشؤون العائلة السورية، انتقد دائرة الهجرة والتجنيس "IND"، وقال إنه لا يوجد إنسانية في سياسة اللجوء التابعة لـ IND، فوفقاً لقانون IND إذا كان لديك جواز سفر أرميني يجب أن تذهب إلى هناك، لكن IND وفقاً لدنبوش تعرف أن يعقوب وتينا سوريان ولم يعيشا أبداً في أرمينيا وليس لهم أي صلة بها، ويضيف الصحفي الهولندي بأن "يعقوب ضحية حرب ولا يزال لديه شظية في ساقه".
وقام بعض أصدقاء العائلة السورية بحملات دعم لأجل يعقوب وتينا وقدمت مانون فيلدويس والدة أحد أصدقاء يعقوب، التماساً لإعلام مجلس النواب الهولندي بالقصة، فربما يكون مجلس النواب قادراً على إقناع "IND" بمنح تصريح إقامة لتينا وابنها.
وشارك العديد من المشاهير بحملات لصالح تينا ويعقوب، مثل المغني والممثل إريك كورتون والصحفي والمخرج سنان كان.
وطالب الموقعون على العريضة الحكومة بتطبيق سياسة لجوء إنسانية وليس تطبيق القوانين فقط، كما دعا الموقعون إلى منح تينا ويعقوب وجميع الأرمن السوريين في وضع مماثل الحصول على تصريح إقامة.
lieven. tekenen jullie dit ook even tussen alle paasbrunches en diners door? dat die man niet voor niks is opgestaan —> #jacobblijfthier 👇🏽https://t.co/Skgf3IAnoF
— TINKEBELL. (@looovetinkebell) April 5, 2021
دعم من مشاهير
كما أطلق عدد من الهولنديين هاشتاغ #Jacobblijfthier لمطالبة الحكومة الهولندية بمنح العائلة السورية تصريح الإقامة في هولندا.
وتناول عدد كبير من وسائل الإعلام الهولندية قضية تينا ويعقوب وأجرت لقاءات مع الطفل السوري.
وقال الصحفي والمخرج سنان كان في تغريدة له على موقع "تويتر" إن "يعقوب وتينا معرضان لخطر الترحيل إلى أرمينيا (..) بلد لا يعرفانه ولا يوجد فيهما عائلة، هذه ليست الطريقة التي نتعامل بها مع الناس"، مطالباً بـ"سياسة لجوء إنسانية".
بدوره دعا الممثل والكاتب الصحفي بيتر ديركس في تدوينة له إلى "مساعدة يعقوب وتينا ورفاقهما المتألمين!"، بينما طالبت سيدة الأعمال والمدونة آنا نوشين متابعيها عبر موقع "إنستغرام" بالتوقيع على العريضة.
أما النائبة عن حزب "خرون لينكس" في البرلمان الهولندي كورينا إليميت فقالت في تدوينة له على موقع "تويتر" إن "الناس قلقون بحق بشأن تينا ويعقوب".
وطلبت خمسة أحزاب من وزيرة الدولة للعدل والأمن المنتهية ولايتها أنكي بروكرز، ضمان بقاء الأم والطفل في هولندا. واعتبروا أن الطرد "غير عادل لأن يعقوب وتينا في الواقع من سوريا"، وطالبوها بأن "تبذل جهداً لمنح تينا ويعقوب تصريح الإقامة في هولندا".
وأنشأ هولنديون صفحة على موقع "إنستغرام" وصل عدد المعجبين بها إلى أكثر من 27 ألفا بعنوان "يعقوب يبقى هنا" ونشروا في الصفحة عددا من الفيديوهات والصور ليعقوب وأصدقائه والهولنديين الداعمين له.
BREEK Zojuist bericht gekregen dat Tina en Jacob een verblijfsvergunning hebben gekregen! #jacobblijfthier
— Wil Eikelboom (@wileikelboom) April 13, 2021
الحملة تنجح
العريضة والحملة التي أطلقها الهولنديون تكللت بالنجاح يوم الثلاثاء حيث تلقى محامي يعقوب وتينا رسالة من IND تنص على أنهما يستطيعان البقاء في هولندا، بحسب ما أعلن على موقع تويتر.
وعبر اللاجئان السوريان عن سعادتهما البالغة إزاء القرار، كما يقول المحامي كيس فان دنبوش الذي تحدث نيابة عنهما لوسائل إعلام هولندية، مضيفاً "لقد فرحنا جميعاً".
وقال القائمون على العريضة إن "هذا بفضل كل هؤلاء الأشخاص (الموقعين) الذين تحركوا بهذه السرعة!" مشيرين إلى أن "العريضة ستظل مفتوحة لمجموعة صغيرة من الأشخاص في هولندا ممن هم في نفس الوضع، لكنهم ما زالوا ينتظرون نفس الأخبار".
وعلى مدار عشرة أعوام من عمر الحرب في سوريا لجأ إلى هولندا أكثر من مائة ألف لاجئ سوري حصل بعضهم على الجنسية الهولندية بينما ينتظر الآخرون الحصول عليها.