حذّر مركز رصد الزلازل في تركيا من تعرّض سواحل البلاد لموجة تسونامي عنيفة من جراء الزلزال المدمّر الذي ضرب مناطق واسعة من جنوبي تركيا والشمال السوري، مشيراً إلى تسجيل نحو 100 هزة ارتدادية متفاوتة الشدة.
وأوضح مدير مرصد "كانديلي/ Kandilli" لرصد الزلازل في تركيا، هالوك أوزنير، أن الزلزال الذي ضرب جنوبي تركيا والشمال السوري فجر اليوم الإثنين، وبلغت قوته 7.7 درجات أدّى إلى ارتفاع الأمواج في البحر المتوسط قبالة السواحل التركية.
وقال أوزنير إن الهزات الارتدادية وصلت لنحو 100 هزة، محذراً المواطنين من عدم دخول المباني المتضررة خشية انهيارها المفاجئ.
كما حذّر أيضاً من تعرّض مدن الساحل التركي لـ "حدوث موجات مد عاتية (تسونامي)" بأي لحظة، مضيفاً ان المرصد أبلغ 14 دولة بذلك.
ولفت إلى حدوث ارتفاع في مستوى الموجات البحرية إلى "17 سم في ساحل منطقة (Gazi Mağusa)، و13 سم في ساحل مرسين، و12 سم في هاتاي وإسكندرون .ويمكن حدوث تأثير تسونامي".
"الهزات الارتدادية يمكن أن تستمر لأشهر"
وقال أوزنير إن الزلزال الأخير "هو الأقوى بعد زلزال الـ17 من آب 1999، ومركزه بين ولايتي كهرمان مرعش وغازي عنتاب، وضرب 10 ولايات. وتجاوز حدود تركيا إلى سوريا والعراق وجمهورية شمال قبرص التركية، وتسبب بالدمار وخسائر في الأرواح".
وفي إشارة إلى حدوث توابع بعد الزلزال، قال أوزنير: "حتى الآن كان هناك بين 95- 100 هزة ارتدادية. 53 منها أعلى من 5 درجات، وهزة ارتدادية بقوة 6.6 درجات وهي الهزة الارتدادية الرئيسية. هذه الزلازل ستستمر في الانخفاض في شدتها في الأيام القادمة، ويمكن أن تستمر لأشهر أو حتى سنة واحدة".
حالات تسونامي تاريخياً
آخر موجة قوية لـ تسونامي حدثت في مطلع 2022، حين اجتاحت موجات المد البحري مناطق مأهولة في شواطئ عدد من جزر جنوب المحيط الهادي، وذلك عقب ثوران بركان تحت الماء في جزيرة "تونغا"، ما أسفر عن أضرار مادية ودفع بعض السكان للهرب نحو مناطق أكثر أمنا.
وضربت أمواج المد حينذاك اليابسة في "نوكو ألوفا" عاصمة مملكة تونغا التي تقع على بعد 2000 كيلومتر شمال شرقي نيوزيلندا، وكذلك ضربت شاطئ "باغو باغو" عاصمة ساموا الأميركية التي تقع إلى الشرق من تونغا.
وعرفت شواطئ المحيط الهادي، خلال القرن الماضي وبداية هذا القرن، 796 حالة تسونامي؛ 17 بالمئة منها ضربت الشواطئ اليابانية. وعند تتبع جميع الحالات يبدو أن ما حل بسومطرة عام 2004 كان الأشد فتكاً على مر التاريخ.
ففي الـ26 من كانون الأول 2004، ضربت جزيرة "سومطرة" الإندونيسية موجة تسونامي عقب حدوث زلزال تحت البحر على مسافة قريبة من الساحل الغربي لجزيرة سومطرة، وتسبب في حدوث موجات مد مدمرة على طول سواحل اليابسة المطلة على المحيط الهندي.
ذلك الـ "تسونامي" كان الأكثر مأساوية في التاريخ البشري الموثق، حين بلغت قوته أكثر من 9 درجات على مقياس ريختر، وضربت أمواجه المدمرة إندونيسيا والهند وسريلانكا وتايلند، مخلفا أكثر من ربع مليون قتيل (أكثر من 170 ألفا منهم في إندونيسيا وحدها)، بالإضافة إلى طمر مساحة كبيرة من اليابسة وتغيير جغرافية المنطقة
أصل تسمية تسونامي وأسبابه
يُعرف تسونامي بأنه سلسلة من الأمواج العاتية المنفردة، تضرب الشاطئ بفارق زمني يتراوح بين دقائق وساعات، ولا يُشعَر بها داخل المياه إذ لا يتجاوز ارتفاعها غالباً متراً واحداً قبل أن تقترب من الشاطئ.
كلمة "تسونامي" يابانية، وتعني "أمواج الشاطئ" أو "أمواج الميناء"، ويعود أصلها للصيادين اليابانيين الذين كانوا يخوضون البحر في بحثهم عن الصيد، وعند عودتهم إلى الشاطئ يجدون أحياناً أن الميناء الذي انطلقوا منه قد دُمّر بالكامل، مع أنهم لم يشعروا بهذه الموجات المدمرة القادمة من البحر حين كانوا في عرضه.
تنتج هذه الأمواج عن حركة فجائية وعنيفة لكميات كبيرة من الماء تحت تأثير ضغطٍ هائل مصدره قاع المسطح المائي المحيط أو البحر، ويكون غالباً نتيجة زلزال عالي الشدة يسبب حركة عنيفة للألواح "التكتونية" (الصفائح الأرضية) مع ما ينتج عن ذلك من ضغط هوائي هائل أو ثورة بركانية أو انهيار أرضي واسع النطاق في عمق المسطح المائي نتيجة حركة القشرة الأرضية.
تكون الأمواج العارمة كبيرة في عمق البحر وتؤثّر في حركتها الرياح العاتية. أما أمواج تسونامي فتظل متخفية لا تَكاد تُستشعر حتى تبلغ السواحل ولا علاقة لشدتها بقوة الرياح. من جهة أخرى، فإن مدى تأثير الموجة العارمة في اليابسة لا يتجاوز بضعة أمتار، بينما موجات تسونامي تستطيع التوغل في اليابسة عدة كيلومترات حسب طبيعة الشواطئ ومستوى ارتفاعها عن سطح البحر.
وتتميز ظاهرة تسونامي بأن سرعة انتشار أمواجها تصل أحيانا إلى 800 كيلومتر في الساعة، وقد يتجاوز نطاق هذا الانتشار مساحة محيط بكامله وفي يوم واحد أحياناً. ومن سماتها هدوء الأمواج خلال حركتها في عمق البحر (لا يتجاوز ارتفاعها أكثر من متر واحد أحياناً)، لكنها سرعان ما تستشيط قوة كلما اقتربت من الشاطئ، وقد يبلغ ارتفاعها أكثر من 30 متراً، كما يتسبب توالي الأمواج في ارتفاع سريع لمستوى المياه.
الزلزال وتسونامي
غالباً ما يتبع الزلازل القوية صدور إنذار باحتمالية حدوث تسونامي، وعموماً يُعتبر الزلزال مسبباً لتسونامي إذا تجاوزت شدته 6 درجات على مقياس ريختر، ومع ذلك فإن وقوع تسونامي لا يتعلق فقط بشدة الزلزال وإنما بمركزه وكذلك سلوك الأمواج المنبعثة بسببه واتجاه انتشارها.
لا ومع ذلك، أكدت البحوث وجود ترابط وثيق بين تسونامي ونشاط الزلازل، فأكثر من 80 بالمئة من حالات تسونامي المسجلة منذ مطلع القرن العشرين وقعت بالمحيط الهادي المعروف بنشاطه الزلزالي الكثيف. وهذا ما دفع مركز رصد الزلازل التركي إلى التحذير من تشكّل تسونامي، وخاصة بعد ملاحظة ارتفاع الموج في السواحل التركية السالفة.