يعاني مئات من طالبي لجوء معظمهم سوريون من الحاملين للإقامات اليونانية من فترات انتظار طويلة جداً للبت في طلبات لجوئهم في هولندا. وبحسب وسائل إعلام هولندية فإنّ ما لا يقل عن ألف طالب لجوء ممن حصلوا على تصريح إقامة في اليونان ثم تقدموا بطلب للحصول على اللجوء مرة أخرى في هولندا، ما يزال يتعين عليهم تقييم دائرة الهجرة والجنسية "IND".
ولا يمكن لهولندا إعادتهم إلى اليونان لأن لديهم تصريح إقامة فيها، وأبلغ مجلس الدولة الحكومة بالفعل في حالتين لطالبي لجوء سوريين لكن لم يتضح العدد الإجمالي سابقاً لتلك الحالات.
وكتب وزير الدولة لشؤون اللجوء إريك فان دير بورخ رسالة إلى مجلس النواب قبل أيام أن "IND" لديها الآن أكثر من ألف من اللاجئين الحاملين للإقامة اليونانية في مراكز الإيواء في هولندا.
وفي البداية لم تكن هولندا ترغب في معالجة طلبات حاملي الإقامة هؤلاء ومعظمهم أشخاص فروا من سوريا وكانت تريد إعادتهم إلى اليونان، لكن مجلس الدولة صرح العام الماضي أن وضع اللاجئين المعترف بهم في اليونان يمكن أن يكون "غير إنساني".
اقرأ أيضا: محكمة هولندية تقضي بعدم شرعية القيود المفروضة على لم شمل اللاجئين
ما شروط إعادة اللاجئ السوري من هولندا؟
وبحسب ما ذكرت وسائل إعلام هولندية فإنه غالباً لا يكون لدى أولئك اللاجئين وظيفة أو منزل لأنه يتعين عليهم ترتيب ذلك بأنفسهم في غضون شهر من الاعتراف بهم كـ"لاجئين" لذلك فإن العديد من الحاصلين على إقامة في اليونان يعيشون في ظروف قاسية، وهم عاطلون عن العمل ومشردون، وتعتقد أعلى محكمة إدارية أن على هولندا أن تأخذ ذلك في الحسبان.
وأعدت وزيرة الخارجية تقريراً جديداً حول الظروف الصعبة في اليونان، الأمر الذي يدل على أن وضع اللاجئين صعب وأنهم غالباً ما يواجهون مشكلات، وتم اتخاذ مبادرات في اليونان لتحسين وضعهم لكنها ليست كافية حتى الآن.
ويمكن لهولندا إعادة ذلك اللاجئ إذا كان يعتمد على نفسه، على سبيل المثال إذا كان لديه عمل أو سكن في اليونان، وقال فان دير بورخ "من المتوقع أن يكون هذا هو الحال فقط في عدد قليل من الحالات".
وبحسب ما ذكرت وسائل الإعلام الهولندية فإن الوزير ما يزال ينتظر معلومات جديدة من اليونان حول الوضع والتحسينات الممكنة.
بدورها قالت الناطقة باسم وزارة العدل والأمن الهولندية شارلوت هيس في تصريح لموقع تلفزيون سوريا إن "طلبات اللجوء من أصحاب الإقامة في اليونان - باستثناء الحالات الضعيفة بشكل خاص - لا يقبل لجوؤهم في هولندا لأنّ لديهم بالفعل تصريح إقامة في بلد آخر".
وكان مجلس الدولة الهولندي قد طالب وزارة العدل والأمن بـ "إعادة النظر" في قضايا طالبي اللجوء السوريين الذين يحملون "إقامات يونانية"، رافضاً ترحيلهم إلى اليونان.
لاجئون يعيشون في "شوارع اليونان"
وقال مجلس الدولة إنّه يجب على وزارة الدولة لشؤون العدل والأمن أن تشرح بشكل أفضل "لماذا يجب إعادة المواطنين الأجانب إلى اليونان التي أعطتهم تصريح إقامة يحملونها، عندما يتقدمون بطلب للحصول على اللجوء في هولندا؟".
وأضاف أنّ أوضاع طالبي اللجوء في اليونان "غير إنسانية" وبالتالي "لا تجب إعادتهم إلى ذلك البلد".
يأتي ذلك، عقب إصدار أعلى محكمة إدارية تابعة لـ مجلس الدولة في هولندا، الشهر الفائت، حكماً في قضية اثنين من طالبي اللجوء السوريين حصلا على إقامة يونانية بعد فرارهم من سوريا بداية عام 2020.
وقالت المحكمة إنّ اللاجئين السورين الحاصلين على إقامة يونانية يمكنهم الإقامة بشكل قانوني في اليونان، لكن وضعهم سيئ هناك وغير إنساني، وتابعت "لا يوجد عمل ونادراً ما تُقدّم لهم دورات تعليم اللغة، فضلاً عن أنّ السكن يكون مؤقتاً في حال كان متاحاً".
وبحسب صحيفة "دا فولكس كرانت" الهولندية، فإنّ قرابة 30 ألف طالب لجوء حصلوا على تصاريح إقامة من اليونان، عام 2020، ولكنّهم يعيشون في الشوارع هناك، ما يدفع الكثير منهم إلى البحث عن ملاذ آمن في مكانٍ آخر.
ومن خلال تصاريح الإقامة في اليونان يمكن للاجئين السفر بشكل قانوني إلى دول الاتحاد الأوروبي، ثم تقديم طلب لجوء جديد في تلك الدول، إلّا أنّ الحكومة الهولندية كانت ترفض هذه الطلبات، لأن هولندا لا يتعين عليها استقبال اللاجئين الذين لديهم تراخيص إقامة في دولة عضو بالاتحاد الأوروبي.
لكن هذا لم يعد صالحاً كما يقول مجلس الدولة الهولندي في حكمه الأخير بقضية اللاجئين السوريين، حيث لا يمكن العودة بشكل أو بآخر إلّا إذا ضمنت الدولة المستقبلة حقوق الإنسان لـ طالب اللجوء، وفي حالة اليونان، لم يعد ذلك مؤكداً.
ويعتبر مجلس الدولة الهولندي هيئة استشارية للحكومة والبرلمان، كما أنّه أعلى هيئة قضائية يمكنها البت في النزاع بين المواطنين والحكومة.
وسابقاً أعربت ألمانيا وهولندا عن قلقهما من سوء الأوضاع للاجئين في مخيمات اليونان، كما طالبت العديد من المنظمات الهولندية بجلب الأطفال من المخيمات اليونانية، لا سيما "مخيم موريا" الذي وقع فيه حريق أتى على معظم خيمه.
وبصفة اليونان بوابة الاتحاد الأوروبي - وفق ما يُطلق عليها - فإنّ الوضع فيها متدهور بشكل كبير، عقب تدفق أعداد هائلة سابقاً من اللاجئين إليها، ولم تستطع التعامل - بشكل جيد - مع هذا التدفق الكبير في ظل ما تواجهه من مشكلات اقتصادية تدفعها منذ سنوات لطلب مزيد من المساعدات المالية من الاتحاد الأوروبي.
ونتيجة لهذا الوضع في اليونان فإنّ كثيراً من اللاجئين من حاملي الإقامة اليونانية يغادرون بمفردهم إلى دول أُخرى من الاتحاد الأوروبي، ما دفع هولندا وفرنسا وألمانيا إلى إرسال تحذيرات للمفوضية الأوروبية قبل عامين لمناقشة هذه المشكلة.
وقالت ألمانيا إنها تلقت بالفعل منذ تموز عام 2020 وحتى الآن، أكثر من 17 ألف طلب لجوء من حاملي الإقامات اليونانية، الذين استخدموا حقهم في العبور الحر ضمن منطقة "شنغن"، للقيام بمحاولة لجوء جديدة في ألمانيا، وسط اتهامات لليونان بـ"تشجيع" هذا الاتجاه عمداً، للتخلّص من اللاجئين.