الملخص:
- يتناول الفيلم قصة اللاجئين على الحدود البيلاروسية البولندية ويستعرض معاناتهم في المنطقة المحظورة المعروفة بـ"الحدود الخضراء".
- الفيلم من إخراج المخرجة البولندية أجنيسكا هولاند وتم عرضه لأول مرة في مهرجان فينيسيا السينمائي في أيلول 2023.
- وزير العدل البولندي انتقد الفيلم ووصفه بأنه "دعاية معادية لبولندا" وبأنه يحاول تشويه سمعة البلاد.
- الفيلم حصل على إشادة واسعة في مهرجان فينيسيا ووصفته بعض المجلات بأنه "تحفة إنسانية" و"انتصار درامي".
- يستند الفيلم إلى أحداث حقيقية ومقابلات مع لاجئين وحرس الحدود وناشطين وخبراء في مجال الهجرة.
- الفيلم يكشف عن "ازدواجية أوروبية" في التعامل مع اللاجئين.
- هولاند تتناول مواضيع إنسانية وأخلاقية في أعمالها مثل فيلمها عن الهولوكوست "أوروبا، أوروبا" الذي أخرجته عام 1990.
أثار فيلم "الحدود الخضراء" الذي يظهر معاناة اللاجئين على الحدود البولندية البيلاروسية، للمخرجة البولندية أجنيسكا هولاند غضب السلطات البولندية واليمين المتطرف، في حين نال إشادة واسعة من النقاد في مهرجان فينيسيا.
وعرض الفلم لأول مرة يوم الثلاثاء، 5 أيلول في مهرجان فينيسيا السينمائي، تدور أحداثه في الغابات الغادرة والمستنقعات التي تشكل ما يسمى بـ"الحدود الخضراء" التي تمثل المنطقة المحظورة بين بيلاروسيا وبولندا، حول الانتهاكات التي تعرض لها اللاجئون في المنطقة.
شارك في الفيلم ممثليين بولنديين، إلى جانب كل من الفنانين السوريين جلال الطويل ومحمد آل رشي، واللبنانية داليا ناعوس،والأطفال تيم وتاليا عجان.
انتقادات وإشادة
انتقد وزير العدل البولندي من اليمين المتطرف، زبيغنيو زيوبرو، الفيلم، وشبهه بـ"الدعاية النازية"، واصفاً إياه بأنه "دعاية معادية لبولندا"، وأن هولاند "تحاول تشويه سمعة بولندا"من خلاله.
وبدورها ردت ريناتا تشارنكوفسكي، رئيسة جمعية المرأة في السينما البولندية، قائلة "الحكومة البولندية ووسائل الإعلام التابعة لها، قررت التشهير بـ"هولاند وفنانين بارزين"، إن محاربة هولاند ووصف فيلمها بالدعاية المبتذلة أمر مثير للسخرية بشدة".
وبعد الهجوم الواسع الذي تعرضت له مخرجة الفيلم، قالت هولاند في مقابلة لها مع صحيفة أونيت "كنت أدرك أن هذا الفيلم محفوف بالمخاطر للغاية بالنسبة للمتعاونين معي - أنا لا أتحدث عن نفسي، يتعين على المنتجين والممثلين البولنديين مواجهة انتقام السلطات وكراهية الأشخاص الذين سيحاولون تدمير حياتهم".
ووصفت مجلة "ديدلاين" الأميركية الفيلم بأنه "تحفة إنسانية"، في حين ذكرت صحيفة هوليوود ريبورتر بأنه "انتصار درامي".
الفيلم إنتاج مشترك بين بولندا وفرنسا وبلجيكا وجمهورية التشيك سيقدم في دور العرض بتاريخ 22 أيلول، وصفته هولاند بمحاولة "لمنح الصوت لأولئك الذين لا صوت لهم"، فهو لا يشمل فقط اللاجئين الذين أجبروا على الفرار من أوطانهم، ليجدوا أنفسهم محاصرين في طيّ النسيان في أوروبا، ولكن أيضاً الناشطين الذين "جرّمتهم الدولة"، بالإضافة إلى حرس الحدود أنفسهم غير المجهزين بالاستجابة للمواقف اليائسة التي يواجهونها.
أحداث الفيلم
عرض الفيلم بالأسود والأبيض، وهو يصوّر محاولات اللاجئين في البقاء على قيد الحياة وسط غابة على الحدود بين بولندا وبيلاروسيا، وكيف يُعامل اللاجئون بقسوة ووحشية من قبل حرس الحدود، بالإضافة إلى تعامل السكان المحليين في بولندا معهم وخوفهم منهم.
يعرض تشابك تجارب عائلة من سوريا حاولت الفرار إلى الاتحاد الأوروبي عبر بيلاروسيا، ومدرسة لغة إنجليزية من أفغانستان، وحارس حدود بولندي شاب وزوجته، ومجموعة من الناشطين الشباب الذين يحاولون المساعدة.
وبحسب هولاند فإن سيناريو الفيلم مستوحى من أحداث حقيقية ويستند إلى مئات الساعات من البحث الدقيق، بما في ذلك مقابلات مع لاجئين وحرس الحدود وسكان المناطق الحدودية وناشطين وخبراء في مجال الهجرة.
أزمة الحدود بين بيلاروسيا وبولندا
وفي عام 2021، تقطعت السبل بالمهاجرين في المنطقة المحظورة بين بولندا وبيلاروسيا، حيث مُنعوا من المساعدة الإنسانية والطبية، وأفاد ناشطون بمقتل العشرات في المنطقة الحدودية.
ويسلط الفيلم الضوء على هذه الأزمة، عندما فتح رئيس بيلاروسيا، ألكسندر لوكاشينكو، أبواب البلاد أمام المهاجرين، عبر تسهيل منح التأشيرات وتخفيف القيود على رحلات الطيران، كمناورة سياسية لإغراق الاتحاد الأوروبي باللاجئين، مما دفع بولندا إلى كراهية الأجانب.
وتعرضت بولندا حينئذ لانتقادات واسعة، قالوا فيها على الرغم من أن بيلاروسيا كانت مذنبة باستخدام المهاجرين كبيادق في لعبة جيوسياسية ساخرة، فإنه كان ينبغي لدولة ديمقراطية وعضو في الاتحاد الأوروبي مثل بولندا أن تعاملهم بما يتماشى مع القانون الدولي من خلال السماح لهم بتقديم طلب اللجوء.
واتهمت السلطات البولندية منتقديها والناشطين البولنديين الذين احتشدوا لمساعدة المهاجرين بالإضرار بمصالح بولندا.
واتهمت هولاند في مقابلة مع مجلة نيوزويك البولندية، السياسيين الشعبويين في بولندا وأماكن أخرى بالسعي لكسب نقاط سياسية، في طريقة تعاطيهم مع المهاجرين، من خلال ما وصفته بأنه "نهج قصير النظر وغير إنساني".
ازداوجية المعايير في أوروبا
في مؤتمر صحفي في فينيسيا، وصفت هولاند الهجرة الواسعة النطاق إلى أوروبا من قبل الأشخاص الفارين من الصراع والفقر بأنها أزمة وجودية للقارة، قائلة "إن القضية ستتفاقم في المستقبل وسيتعين على الأوروبيين أن يقرروا إن كانوا سيواجهون التحدي بشكل إنساني أم لا".
وقالت هولاند "إن الدروس المستفادة من المحرقة تبخرت بطريقة أو بأخرى وعلينا أن نتعامل اليوم مع المستقبل الذي، على ما أخشى، يمكن أن يكون مشابها لتجربة الماضي".
وفي مذكرات هولاند التي لم تنشر بعد وأطلعت عليها مجلة فارايتي "تقارن بين معاملة اللاجئين الأوكرانيين ومعاملة المهاجرين من خارج أوروبا"، يتعرض العديد من اللاجئين في الغابة على الحدود البولندية البيلاروسية للتعذيب، ويُعادون إلى بيلاروسيا، ويموتون، في وقت أصبح القمع الذي يتعرض له الناشطون الذين ينقذونهم أكثر قسوة، كما أصبح سلوك حرس الحدود البولنديين الذين يحملون الأطفال الأوكرانيين عبر الحدود بحنان وتعاطف، معهم أكثر وحشية.
هذا الاختلاف في معاملة هاتين المجموعتين المختلفتين من لاجئي الحرب يكشف بوحشية ما نحاول إخفاءه، "عنصريتنا الأوروبية".
وأضافت في هذا الفيلم تنعكس ازدواجيتنا الأوروبية، الازدواجية التي كنت أفكر فيها عندما أعطيت فيلمي عن الهولوكوست، عنوانا مزدوجا "أوروبا، أوروبا" قبل 30 عاما.
وفي عام 1990 أخرجت أجنيسكا فيلما يتحدث عن الهولوكوست بعنوان "أوروبا، أوروبا" الذي تدور قصته حول صبي يهودي يحيا مع عائلته اليهودية في ألمانيا النازية، هربت العائلة إلى بولندا، ولكن بعد غزوها من ألمانيا انفصل الصبي الذي يدعى "سوليك" عن عائلته وتم إيداعه في دار للأيتام، ومن أجل أن يخفي أصوله وعائلته ويهوديته، انضم إلى "مدرسة هتلر للشباب" في محاولة لإخفاء هويته، خاصة بعد ليلة الزجاج المكسور في ألمانيا.
تعد هولاند واحدة من أعظم الضمائر الأخلاقية في السينما العالمية، وقد سلطت الضوء طوال مسيرتها المهنية من خلال أعمالها على ما تصفه بـ"الموضوعات العظيمة والمأساوية في القرن العشرين".