icon
التغطية الحية

يتجاهل الواقع.. منظمة ألمانية تنتقد الحكم القضائي بشأن الحماية للسوريين

2024.08.02 | 08:26 دمشق

1565656565656565656563
طالبو لجوء بانتظار جلسة الاستماع أمام إحدى المحاكم التابعة للمكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين في ألمانيا (رويترز)
ألمانيا - تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

انتقدت منظمة "برو أزول" الحقوقية الحكم الذي أصدرته محكمة ألمانية المتعلق برفضها منح حق الحماية الفرعية أو صفة اللجوء لسوري بحجة "عدم وجود تهديد خطير على الحياة في سوريا". معتبرة أن الحكم يتجاهل الواقع.

ووفقاً للقرار الذي أصدرته المحكمة الإدارية العليا في مدينة مونستر الألمانية الشهر الماضي، فإن "طالبي اللجوء من سوريا لم يعودوا معرضين حالياً لخطر الحرب بشكل عام". وعلى أساسه رفضت المحكمة استئنافاً تقدم به طالب لجوء سوري يعترض فيه على رفض منحه حق الحماية الفرعية".

ورغم أن المحكمة أكدت أن الهجمات والنزاعات المسلحة في محافظة الحسكة التي ينحدر منها المدعي، وفي سوريا عموماً ما تزال تحدث، فإنها اعتبرت أن "القتال هناك لم يعد يصل إلى مستوى يجعل المدنيين يتوقعون التعرض للقتل أو الإصابة". وهذه هي المرة الأولى التي تتخذ فيها محكمة مهمة كهذه قراراً كهذا بشأن الحماية الفرعية للسوريين.

الحكم القضائي يتجاهل الواقع

وقالت المنظمة الألمانية المعنية بالدفاع عن حقوق اللاجئين، في بيان إنها "حللت أسباب الحكم التي أعلنت عنها المحكمة وصُدمت من الأساس الواقعي الضعيف الذي استند إليه القضاة في تقييمهم". مشيرةً إلى أن مقدم الطلب مستبعد أصلاً من الحصول على الحماية الفرعية بسبب إدانته بارتكاب جريمة، وبالتالي فإن تصريحات المحكمة حول الوضع الأمني في سوريا والتي أدت إلى إشعال الجدل، لم يكن أي داع لها.

وكانت المحكمة قد أكدت أن السبب الذي يعارض الاعتراف بالمواطن السوري كلاجئ ويعارض منحه الحماية الفرعية هو أنه "كان متورطاً في تهريب أشخاص من تركيا إلى أوروبا قبل سفره إلى ألمانيا، وقد حكم عليه بالفعل بالسجن عدة سنوات في النمسا بسبب هذه الجريمة".

وبعد أن رفض المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين (BAMF) منح السوري صفة اللاجئ أو الحماية الفرعية، حصل على ويقة حظر الترحيل بسبب وجود حرب في بلده، لكن الرجل طعن في هذا القرار وحصل على حكم لصالحه من المحكمة الإدارية في عام 2019، إلا أن (BAMF) استأنف الحكم، ووصلت القضية إلى المحكمة الإدارية العليا في مونستر.

الحكم يخالف تقييم محكمة العدل الأوروبية

ويمنح المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين في ألمانيا (BAMF)، حق "الحماية الفرعية" للأشخاص الذين لا يحصلون على حق اللجوء، لكن لا يمكنهم العودة إلى بلدهم الأصلي بسبب احتمال تعرضهم لوقوع ضرر جسيم هناك.

وبحسب المنظمة فإن محكمة مونستر قامت بتحليل خطر الحرب في سوريا، ولم يقتصر الأمر فقط على محافظة الحسكة التي ينحدر منها مقدم الطلب، بل أجرت مقارنة لأعداد الضحايا في جميع المحافظات بناءً على المساحة وعدد السكان، لتستنتج أن نسبة الخطر ليست كافية لمنح الحماية، وبهذا فإن المحكمة تخالف تقرير وكالة اللجوء الأوروبية الصادر في نيسان 2024، والذي يؤكد أن العنف في الحسكة وغيرها من المحافظات السورية يجعل العائدين يواجهون تهديداً خطيراً وبالتالي يحتاجون إلى حماية فرعية.

وانتقد البيان اعتماد محكمة مونستر على النهج الكمي لعدد الضحايا في تقييمها للوضع الأمني في سوريا. وأشار إلى أن المحكمة تجاهلت حكم محكمة العدل الأوروبية لعام 2021 الذي ينص على أن هذا النهج غير كافٍ وحده لتقييم الوضع الأمني عند منح الحماية الفرعية، وبدلاً من ذلك يجب مراعاة جميع الظروف وجوانب الصراع.

الحماية الفرعية بسبب خطر التعذيب

ويحصل معظم السوريين في ألمانيا على الحماية الفرعية بسبب خطر التعذيب أو المعاملة المهينة، وليس بسبب الحرب الدائرة. وفي عام 2023، حصل 90 في المئة من السوريين الذين منحهم المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين حماية فرعية على هذه الحماية بسبب خطر التعذيب.

ويؤكد المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين في قراراته وجود خطر مستمر في سوريا من الاعتقال التعسفي والتعذيب من قبل الأجهزة العسكرية والمدنية والميليشيات، مما يؤدي إلى انتهاك حقوق الإنسان الأساسية، كما قد تؤدي العودة إلى سوريا إلى اعتداءات تعسفية، وتهجير متكرر، وعقوبات أو قمع يهدد الحياة.

وتشير المنظمة إلى أن محكمة مونستر تناولت السؤال الحاسم المتعلق بمنح الحماية الفرعية بسبب خطر التعذيب أو المعاملة اللاإنسانية في صفحتين فقط من حكمها، على الرغم من أهميته.

ولفتت إلى أن القضاة خلال تحليلهم مسألة الخطر الذي يواجهه العائدون إلى سوريا، تجاهلوا تقارير منظمات حقوق الإنسان وتقييم وزارة الخارجية الألمانية، إذ يشكك الحكم بتأكيد وزارة الخارجية بأن العائدين يواجهون تعسفاً منهجياً من النظام السوري، متجاهلاً أن هذا التقييم يستند إلى مجموعة واسعة من المصادر الدولية والمحلية.

ماذا يعني الحكم عملياً؟

وأعقب الحكم القضائي صدىً إعلامي كبير، و استغله بعض السياسيين في إعادة إشعال النقاش حول عمليات الترحيل إلى سوريا. ومع ذلك، وفقاً للمنظمة فإن إمكانية الترحيل إلى سوريا من الناحية القانونية لم تكن جزءاً من الحكم ولن تكون نتيجة له، حيث أن الشخص المعني حاصل بالأساس على وثيقة حظر ترحيل.

وتؤكد المنظمة أن "الحكم ليس ملزماً للمحاكم الأخرى، ويمكن أن تكون هناك خلافات بين المحاكم الإدارية العليا في ألمانيا، لكن من غير الواضح ما إذا كان المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين سيغير ممارساته بناءً على هذا الحكم، ومن الممكن أن يتم إلغاؤه إذا كانت الأسس الوقائعية ضعيفة.

وتشير المنظمة إلى عدم وجود أي خطر فيما يتعلق بإلغاء منح الحماية الفرعية للسوريين نتيجة لهذا الحكم، حيث أن السبب الرئيسي لمنح الحماية الفرعية (خطر التعذيب) ما يزال قائماً، ولن يتغير هذا الوضع إلا إذا تحسنت الأوضاع في سوريا بشكل كبير ودائم، وليس بشكل مؤقت.

ومنذ اشتعال الجدل حول عمليات الترحيل إلى سوريا، كانت هناك دعوات من العديد من الجهات لتحديث تقرير وزارة الخارجية الألمانية حول الوضع في سوريا، ومع ذلك، فإن وزارة الخارجية الاتحادية ما تزال تتفق مع تقييمات منظمات مثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة واللجنة الدولية للصليب الأحمر، التي تؤكد عدم ضمان عودة آمنة للاجئين إلى أي منطقة في سوريا حالياً.

وترى المنظمة أن "في حال تغيير وزارة الخارجية لتقييمها بشأن الوضع في سوريا، فقط بسبب الضغط السياسي، فلا يمكن تفسير ذلك إلا على أنه رضوخ للنقاش العام غير الموضوعي، وتصاعد الشعبوية حتى بين الأحزاب الديمقراطية".