تتزايد وتيرة الخلافات بين مالك مجموعة مرتزقة "فاغنر" يفغيني بريغوجين والقيادة العسكرية الروسية، مشكّلة صدعاً كبيراً بين الطرفين منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا قبل أكثر من عام.
ووفق تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن بداية الخلاف والقطيعة بين بريغوجين وموسكو بدأت عام 2018 في سوريا. ففي شباط ذلك العام، شنّت قوات فاغنر هجوماً على منطقة "خشام" التي تتمركز فيها حقول نفطية تديرها شركة "كونوكو" الأميركية بريف محافظة دير الزور.
وكانت القوات الأميركية قد حافظت على موقع صغير للعمليات الخاصة بها في تلك المنطقة، وبعد تعرض تلك القوات لقصف من مرتزقة فاغنر، ردّ الجيش الأميركي باستهداف عناصر فاغنر عبر غارات جوية، ليضع البنتاغون وزير الدفاع الروسي على المحك حينذاك.
وقال وزير الدفاع الأميركي جيم ماتيس خلال إفادة أمام الكونغرس في ذلك الوقت، إن الروس نفوا علاقتهم بمجموعة فاغنر التي استهدفت القوات الأميركية، فأصدر ماتيس أوامره بالرد على فاغنر.
وفي غضون ساعات قليلة، قُتل وأصيب المئات من المرتزقة الروس في غارات أميركية شملت مروحيات هجومية وطائرات بدون طيار وطائرة حربية من طراز "AC-130" وصواريخ "هيمارس"، في حين ظلت موسكو صامتة، بحسب التقرير.
ومنذ عدة سنوات، تنفّذ هذه المجموعة شبه العسكرية مهمات سرية للكرملين على مسارح عمليات مختلفة، كما تتهم عدة دول غربية بريغوجين بأنه ممول مجموعة "فاغنر" التي رصد عناصر منها في سوريا وليبيا وأوكرانيا وجمهورية أفريقيا الوسطى، في حين تستمر موسكو بنفي علاقتها بالمجموعة.
أوكرانيا والخلاف الجديد بين بريغوجين وموسكو
ويتابع التقرير بالقول إن تصريحات بريغوجين تتوالى، وكان آخرها طلب سحب مجموعته القتالية وتسليم موقعه للقوات الشيشانية التي تقاتل إلى جانب الجيش الروسي في أوكرانيا، في خطوة احتجاجية منه على نقص الذخيرة، وهو ما يثير تساؤلات حول تماسك الجبهة الداخلية لقوات، فلاديمير بوتين، التي تواجه مصاعب في الغزو الذي تشنه على أوكرانيا المجاورة.
ظهور هذا الصراع على العلن خلال الأسابيع الأخيرة، يكشف مدى النكسات التي منيت بها قوات موسكو على خط المواجهة، والضغوط على نظام السلطة القوي الذي أنشأه فلاديمير بوتين، على مدى العقدين الماضيين.
وكان بريغوجين قد حذر من تعرض روسيا لـ "ثورة" إذا ما استمر تعثّر الجهود الحربية في أوكرانيا. وقال في مقابلة مع المدون المؤيد للكرملين كونستانتين دولغوف، أوردتها شبكة "سي إن إن" الإخبارية، إن القوات الروسية غير مستعدة لمقاومة نظيرتها الموالية لأوكرانيا حتى عندما تدخل الأراضي الروسية.
قتلى فاغنر في باخموت
وكشف بريغوجين أن 20 ألفاً من قواته لقوا حتفهم في المعركة الطويلة والمستمرة منذ شباط 2022، وصولاً إلى السيطرة على باخموت شرقي أوكرانيا. كما امتدح بريغوجين القوات الأوكرانية قائلاً: "أعتقد أن الأوكرانيين اليوم هم أحد أقوى الجيوش في العالم".
وأضاف أنها قوات "منظمة جداً ومدربة تدريبا عاليا وتتمتع بذكاء على مستوى عال، ويمكنها تشغيل أي منظومة عسكرية سواء سوفيتية أو تابعة للناتو بالنجاح نفسه".
بريغوجين يهاجم "الدفاع الروسية"
تصاعد نفوذ بريغوجين بشكل كبير خلال الهجوم على أوكرانيا، فانتقد كبار المسؤولين العسكريين الروس وحملهم مسؤولية الخسائر الفادحة خلال الأسابيع الماضية، وخاصة وزير الدفاع سيرغي شويعو، ورئيس الأركان العامة للجيش وفاليري غيراسيموف.
وأسست مجموعة فاغنر في عام 2014، وجُنّد فيها آلاف المعتقلين من أجل القتال في أوكرانيا مقابل تخفيف أحكامهم بالسجن. وبعدما كان بريغوجين متخفياً لفترة طويلة، أثبت نفسه كلاعب رئيسي في النزاع في أوكرانيا.
وأول أمس الثلاثاء، أقر زعيم المرتزقة بأن نحو 10 آلاف من بين 50 ألف سجين جندتهم فاغنر من السجون الروسية، قُتلوا على خط المواجهة في معركة باخموت فقط.