icon
التغطية الحية

"وفروا الخبز أولاً".. إعلان "قسد" إنشاء دار سينما في عامودا يثير سخرية الأهالي

2024.09.07 | 13:58 دمشق

3
جانب من أعمال إشادة مشروع بناء دار سينما في مدينة عامودا بريف الحسكة (الفيسبوك)
الحسكة – خاص
+A
حجم الخط
-A

ملخص:

  • أثار إعلان "الإدارة الذاتية" عن مشروع إنشاء دار للسينما في عامودا سخرية وغضب الأهالي الذين طالبوا بتوفير الخدمات الأساسية أولاً.
  • المشروع يهدف إلى تخليد ضحايا حريق سينما عامودا عام 1960، وتبلغ كلفته نحو 400 ألف دولار بتمويل من نشطاء ألمان مهتمين بالسينما.
  • اعتبر السكان أن إدارة "قسد" تعيش في عالم منفصل، حيث تنظم الفعاليات بينما تعاني المنطقة من انقطاع الكهرباء والمياه وغياب الخدمات الأساسية.
  • يتهم البعض "الإدارة الذاتية" بنسب المشاريع الممولة من المنظمات الدولية والمحلية لنفسها، من دون الاعتراف بمصادر التمويل الحقيقية.

أثار إعلان "الإدارة الذاتية" البدء بمشروع إنشاء دار للسينما في مدينة عامودا بريف الحسكة موجة سخرية وغضب واسعة على صفحات التواصل الاجتماعي من قبل سكان المنطقة، ممن طالبوا "قسد" بتوفير الخدمات الأساسية أولاً.

وقال موقع المجلس التنفيذي لما تسميه "قسد" بـ "إقليم الجزيرة" (محافظة الحسكة) إن هيئة البلديات باشرت في بناء مشروع دار للسينما في مدينة عامودا بمساحة 1162 مترا مربعا وبتكلفة 346 ألف دولار أميركي، خلال مدة 6 أشهر، وذلك تخليداً لضحايا حريق سينما عامودا.

وفي 13 تشرين الثاني 1960، توفي أكثر من 200 شخص، غالبيتهم من الأطفال من المرحلة الابتدائية، في حريق نشب بدار "سينما شهرزاد" بمدينة عامودا أثناء عرض فيلم خصصت وارداته المالية لدعم الثورة الجزائرية.

وكتب الناشط الإعلامي رامان يوسف على صفحته ساخرا من المشروع: "صدقا عامودا تحتاج إلى سينما، ليكمل الفيلم".

فيما كتب محمد الحسيني، من أبناء المنطقة، على صفحته: أول فيلم يجب أن يعرض هو (حياة الماعز)"، معتبرا أن أجواء الفيلم مشابهة لحياة السكان في المنازل المحيطة بموقع إنشاء السينما.

وسخرت صفحة "درباسية موطني"، على "الفيسبوك"، من مشروع إنشاء دار سينما في ظل غياب وسوء الخدمات الرئيسية، قائلة، "ترى الشعب صاير سينما، مابدو سينما! الشعب في روج أفايي كردستان عايش برفاهية وبذخ: كهرباء ٢٤ ساعة ومي ومازوت تقريبًا ببلاش لأن آبارها موجودة في مناطقنا. ولذلك البلدية تسعى لبناء دور سينما، والبداية من عامودا".

"وفروا الخبز والماء أولاً"

وقال فرهاد شيخو، صاحب محل في مدينة عامودا، إن أهالي المنطقة يحبون السينما بكل تأكيد، ولديهم ذكرى مؤلمة لدى كافة أبناء المدينة والمنطقة، ولكننا اليوم نقضي يومنا في العمل والسعي لتأمين لقمة الخبز لأطفالنا. ولا وقت لدينا أو كهرباء لمتابعة الأفلام. والأجدر بالإدارة الذاتية تخصيص هذه الأموال لتحسين الخدمات وتوفير الخبز والمياه والكهرباء أولاً.

ويرى شيخو أن مسؤولي الإدارة الذاتية يعيشون في عالم منفصل عن الواقع، حيث ينظمون المهرجانات والمنتديات والحفلات، فيما محطات الوقود بلا محروقات، ومنازلنا بلا كهرباء، والأفران تنتج خبزًا عفنًا، وصنابيرنا بلا مياه، والطرق متكسرة ولا توجد فرص عمل أو مشاريع في مناطقنا.

ودعا شيخو الإدارة الذاتية إلى توفير الكهرباء في سوق مدينة عامودا، حيث الكهرباء مقطوعة عن وسط المدينة منذ أكثر من أسبوع لعدم توفير المازوت للمولدات، وتسبب ذلك بتوقف وعرقلة أعمال مئات الأشخاص.

من مول مشروع "السينما"؟

كشف صحفيون متابعون لأحوال المنطقة أن مصادر تمويل المشروع هي من نشطاء ألمان مهتمين بالسينما، على عكس ادعاء "الإدارة الذاتية" بأنها هي من ستمول المشروع.

وكتب "سيروان بركو"، وهو مدير إذاعة آرتا المحلية ومقرها مدينة عامودا، عن مصدر تمويل المشروع قائلاً: "هذا المشروع ممول من تبرعات تمت تأمينها في ألمانيا من قبل مجموعة من الألمان المهتمين بالسينما، لأجل إنشاء سينما في عامودا، وأن بلدية الشعب في عامودا تنفذ المشروع".

ونشرت صحيفة "فرانكفورتر روندشاو" الألمانية في العام 2019 مقالاً بعنوان "سينما لشمال سوريا".

وقال التقرير إن طبيبا في فرانكفورت يدعى "نيلز فون هنتيج" عمل بالتنسيق مع أعضاء "كومين فيلم روجافا" على بناء مركز ثقافي يضم سينما في مدينة عامودا شمالي سوريا منذ العام 2015.

وأوضح الطبيب أن الداعمين للمشروع هم "المخرج كارمن كاستيلو، والمخرج كين لوتش، وكاتب السيناريو أوندر تشاكار، إلى جانب العديد من الداعمين من ألمانيا الذين يعملون في صناعة السينما أو كصحفيين أو في قطاع المسرح".

كما أشار الطبيب الألماني إلى أن مبلغ تمويل المشروع يقدر بـ "350 ألف يورو" (ما يعادل نحو 390 ألف دولار).

ورغم كشف مصادر تمويل المشروع، صرحت بيريفان عمر، نائبة رئيسة هيئة الإدارة المحلية، بأن "مشروع إنشاء السينما مشترك بين اتحاد البلديات في مقاطعة الجزيرة وكومين فيلم روجافا، وبمساعدة مؤسسات تعمل في المجال الفني والثقافي".

"الإدارة الذاتية" تنسب مشاريع المنظمات لنفسها

وعلّق سليمان الخالد، وهو موظف في منظمة دولية، في حديثه لموقع "تلفزيون سوريا" قائلاً: إن "الإدارة الذاتية" تنسب باستمرار المشاريع الممولة والمنفذة من قبل المنظمات الدولية والمحلية لنفسها.

وأشار سليمان إلى أن مئات المشاريع الخدمية في مناطق شمال شرق سوريا، المتعلقة بالمياه وتحسين البنية التحتية والتنمية والنظافة وحماية البيئة، نسبتها مؤسسات "الإدارة الذاتية" لنفسها، بالرغم من تمويلها وتنفيذها من قبل المنظمات الأجنبية.

ويرى سليمان أن هذه السياسة تقوم بها "الإدارة الذاتية" ومؤسساتها للتغطية على حالة العجز وسوء الخدمات المسؤولة عنها، وعدم قيامها بدورها في تحسين الواقع الخدمي في مناطق شمال شرق سوريا.

ووفقًا لسليمان، فإن مؤسسات "الإدارة الذاتية" تسعى إلى كسب الرأي العام والتأثير عليه عبر نسب هذه المشاريع لنفسها، كما حدث مؤخرًا في مشروع سينما عامودا، وكان رد فعل الرأي العام سلبيًا جدًا ضدها، ما اضطر بعض المسؤولين لاحقًا لتوضيح مصادر التمويل.

وتعاني مناطق شمال شرقي سوريا من تدهور في الوضع المعيشي والخدمي وسط انتشار البطالة واستمرار "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) بفرض ضرائب وإتاوات على تجار وسكان مناطق شمال شرق سوريا.