يستعد وفد المعارضة السورية لمغادرة الأراضي التركية إلى كازاخستان، مساء اليوم الإثنين، لحضور الجولة 21 من مفاوضات أستانا، بعد إعلان وزارة الخارجية الكازاخية عن انعقادها يومي 24 و25 من شهر كانون الثاني الجاري، بدعوة من الدول الضامنة (تركيا، روسيا، إيران).
تأتي هذه الجولة بعد نحو سبعة أشهر على تأكيد نائب وزير خارجية كازاخستان كانات توميش، على أن اللقاء العشرين سيكون خاتمة لقاءات مسار أستانا، فما الجديد الذي دعا إلى عقدها مجدّداً؟
يقول رئيس وفد المعارضة السورية إلى أستانا أحمد طعمة لـ موقع تلفزيون سوريا، إنّ "كلام نائب وزير الخارجية الكازاخي كان يعني انتهاء المسار، لكنه كان تعبيراً عن أن المسار أنجز الكثير، فضلاً عن أنه تم حل الإشكالات البسيطة التي رافقت الجولات الماضية، وعلى هذا الأساس استؤنفت الجلسات بزخم لا يقل عن السابقة إن لم يكن أكبر".
ملفات على الطاولة
خلال الأشهر السبعة التي مرت على انتهاء الجولة 20 من مباحثات أستانا، شهدت الساحة السورية تصاعداً كبيراً في العمليات الحربية، إذ تعرّضت محافظة إدلب إلى قصف جوي مستمر على مدى شهرين متتاليين، أدى إلى مقتل مدنيين بينهم أطفال ونساء.
يوضح "طعمة" أنّ أهم ملف بالنسبة لوفد المعارضة السوريّة، هو وقف الانتهاكات التي يرتكبها نظام الإجرام والإبادة بحق المدنيين في إدلب، مضيفاً: "ملف المعتقلين سيكون على الطاولة أيضا، هذه حقوق أمهاتنا وأخواتنا، وسنطالب بإلحاح، المجتمع الدولي والأمم المتحدة وشركاء أستانا بإيجاد حل لمعضلة المفقودين والمعتقلين".
وعن مطالب المبعوث الدولي إلى سوريا، يكشف "طعمة" أنّ غير بيدرسن لديه مطلب أساسي وهو إقناع دول محور أستانا باستئناف اللجنة الدستورية من خلال الضغط على النظام السوري، وقد طلب من الروس القبول بالعودة إلى اجتماعات اللجنة في جنيف، حيث قال أكثر من مرة إنّ "التعطيل في استئناف جولات اللجنة الدستورية لا علاقة له بمسائل الدستور، بل لأسباب خارجية".
مصير إدلب
على الرغم من أن روسيا وإيران تضغطان بشدة لاقتطاع أجزاء من إدلب، وهذا ما يؤكّده تصاعد القصف قبيل انعقاد جولة أستانا، إلا أنّ وفد المعارضة لا يريد مناقشة هذا الملف أو طرحه خلال الجولة.
وخلال حديثه إلى موقع تلفزيون سوريا يكشف" طعمة" قائلاً: "نحن لن نقبل بمناقشة هذا الموضوع على الإطلاق، ولن نقبل باقتطاع أي جزء من إدلب"، مؤكّداً أنهم يصرون على استعادة الأراضي التي اغتصبها النظام السوري و"حزب الاتحاد الديمقراطي -PYD" التابع لـ"حزب العمال الكردستاني - PKK".
"أوراق قوّة"
عن أوراق "القوة" التي يحملها وفد المعارضة السورية إلى أستانا، ويمكن استخدامها لوقف الانتهاكات في إدلب، يقول طعمة: "سنشكّل مزيداً من الضغط على النظام السوري وحلفائه من أجل منع هذه الانتهاكات الصارخة التي يرتكبها نظام الإبادة، بالاعتماد على صمودنا العسكري وزيادة تنظيم شؤوننا الداخلية وإداراتنا المدنية وزيادة التنسيق ما بين القوى العسكرية والسياسية من خلال الائتلاف الوطني، والرفع من قدراتنا المؤسسية والتمكين لها لتحقيق الحوكمة في الشمال السوري من خلال الحكومة السورية المؤقتة، بما ينعكس إيجاباً على المواطنين، الذين أغلبهم من أهالي المقاتلين".
هل يُنعش مسار أستانا؟
الباحث في الشأن السياسي معن طلاع يرى خلال حديث لـ موقع تلفزيون سوريا، أنّه يمكن التوقع من مسار أستانا أنه سيكون مساراً دائماً، كما يمكن أن تكون من المخرجات في هذه الجولة، محاولة التدليل مرة أخرى على التزامات تركيا في مكافحة الإرهاب، وتحت هذا العنوان يريد النظام السوري تحصيل بقعة جغرافية معينة داخل مناطق خفض التصعيد، كما يتوقع إعادة ترتيب العلاقة بين إيران وروسيا وتركيا بسبب احتمالية عودة أميركا إلى المنطقة.
ويقول "طلاع" إنّه "على الرغم مما هو متوقع من هذا المسار لكن هناك قواعد وثوابت تحكم هذا المشهد ومنها العطالة السياسية التي يصعب الانتقال منها إلى أي مرحلة، طالما أن مسار الأمم المتحدة هو مسار مغلق ويكتفي بجولات مرتبطة فقط بالمساعدات الإنسانية".
ويضيف: "من الثوابت التي تجعل من أي محاولة لإنعاش المسار غير ممكنة هي حرب غزة التي أعادت فاعلية فواعل ما دون الدولة، وبالتالي تعزيز هذه القدرات التي أصبحت هي اللاعب الرئيسي في المشهد السوري، فكل فاعل من هذه الفواعل سواء قسد أو هيئة تحرير الشام أو حتى الجيش الوطني السوري يحاول زيادة نشاط الضبط الحدودي، وبالتالي هناك تكيف مع هذه الحدود".
ويتابع: "إذا كان هناك أي تغيير في الحدود الناظمة فسيكون قضماً جيواستراتيجياً، وهذا القضم إن حصل في إدلب، فحكماً سيرافقه قضم في شمال شرقي سوريا، ومن خلال فهمنا لحركة القضم التركي فهو مرتبط بظرف سياسي، بمعنى أن يكون هناك عدم اعتراض على هذه العملية وهذا غير متوافر حتى هذه اللحظة".
ويختم قائلاً: "من العوامل أيضاً، التي ستجعل للجولة المقبلة رسائل سياسية أكثر ما يكون لها مدلولات حركية، هو أن أي محاولة للحل في المشهد السوري، يجب أن يكون حلاً شاملاً، وبالتالي فإن الدفع باتجاه الفاعلية السياسية في هذا المسار، إن لم تتكلل بتواصلات وجهود مع الدول العربية ذات المبادرة العربية فضلا عن القدرة الحقيقية لخلق مسار جديد يلزم النظام السوري بالحد الأدنى من المتطلبات، فسيكون مساراً غير فاعل، ولا توجد حتى الآن مؤشرات دالة على غير ذلك".