حددت وزيرة داخلية المملكة المتحدة إيفيت كوبر هدفاً نصب عينيها ويتمثل بترحيل أكثر من 14 ألف مهاجر غير شرعي ومجرم أجنبي حتى نهاية العام الحالي، في الوقت الذي تمضي قدماً إلى جانب حزب المحافظين في المخططات الساعية لإعادة فتح مركزين لاحتجاز المهاجرين.
وضعت وزيرة الداخلية مخططات لبلوغ أعلى نسبة ترحيل خلال ستة أشهر منذ عام 2017، وذلك عندما رحلت بريطانيا 32720 مهاجراً، ما يعني بأن أعداد المرحلين ستتجاوز الأعداد خلال الأشهر الستة الأخيرة من العام الفائت، وذلك عندما وصلت إلى 14385، لتكون الأعلى منذ عام 2017.
وتشمل الموجة الكبرى لإعادة فرض قوانين حفظ النظام على المهاجرين إلى جانب عمليات الترحيل والإعادة والتي أعلنت عنها كوبر إعادة افتتاح مركزين قديمين لاحتجاز المهاجرين، وذلك لدعم الجهود الساعية لإعادة عدد ممن لم تُقبل طلبات لجوئهم والمجرمين الأجانب إلى بلادهم.
وبنهاية العام الحالي، سيضاف 290 سريراً لمركزي الترحيل الذي يوجد أحدهما في منطقة مامبسفيلد بأوكسفوردشاير، والآخر في منطقة هازلار في مقاطعة هامبشاير، وذلك بحسب ما ذكرته وزيرة الداخلية، وهذا ما سيرفد طاقتهما الاستيعابية الراهنة والتي تتسع لنحو 2500 شخص. وقد بدأت حكومة حزب المحافظين السابقة بالعمل على افتتاح المركزين، لتصبح طاقتهما الاستيعابية بعد رفدها قادرة على استقبال ألف شخص، بيد أن حزب العمال لم يؤكد عزمه على المضي قدماً بتلك المخططات.
جريمة الهجرة المنظمة
وأعلنت كوبر أيضاً أن الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة ستوظف 100 ضابط متخصص بالاستخبارات والتحقيقات إلى جانب الموجودين بالأصل وذلك لاستهداف عصابات تهريب البشر التي تعتبر السبب المباشر لعمليات العبور بالقوارب الصغيرة، بحيث يرفد هذا العدد بنسبة تصل إلى ثلث ضباط هذه الوكالة في مساعيهم لمعالجة مشكلة جريمة الهجرة المنظمة، وسيُوظف هؤلاء من مؤسسات حكومية أخرى، إلا أن بعضهم سينقل ليعمل ضمن فرق أخرى داخل الوكالة نفسها.
وحالياً تجري هذه الوكالة 70 تحقيقاً يستهدف أكثر عصابات تهريب البشر والاتجار بهم تحقيقاً للأرباح، كما عملت الوكالة إلى جانب الشركاء الدوليين على إلقاء القبض على أكثر من 400 قارب ومحرك معدة لعبور بحر المانش وذلك خلال السنة والنصف الماضيين.
أكبر رحلة ترحيل
ومنذ وصول حزب العمال إلى الحكومة قبل شهر ونصف، رحلت وزارة الداخلية البريطانية تسع دفعات من المهاجرين غير الشرعيين والمجرمين الأجانب وأعادتهم إلى أوطانهم، وشملت تلك الرحلات أكبر رحلة ترحيل على الإطلاق، لكونها ضمت أكثر من مئتي شخص أرسلوا إلى البرازيل في مطلع هذا الشهر.
أي إن حزب العمال استعان بحجوزات الطيران المخصصة لترحيل المهاجرين إلى رواندا لإجراء بعض عمليات الترحيل الأخرى، وذلك إثر إلغاء خطة رواندا التي أثارت جدلاً كبيراً بعد أيام من وصول حزب العمال إلى السلطة. ولذلك كلفت كوبر 300 موظفاً لدى الحكومة كانوا يعملون على خطة رواندا بالعمل ضمن قسم عمليات الترحيل والإعادة.
لا نية لترحيل من لا يستطيع العودة إلى وطنه
ولكن، لا وجود لخطط تسعى لترحيل المهاجرين الذين لا يمكنهم العودة إلى أوطانهم، مثل آلاف الأفغان والإيرانيين والسوريين الذين وصلوا على متن قوارب صغيرة خلال العامين الماضيين، والذين يشكلون أعلى نسبة من المهاجرين الذين قطعوا تلك الرحلة.
توظيف المهاجر = جريمة
التركيز من جديد على حفظ القانون والنظام لا بد أن يستهدف أصحاب الأعمال الذين يوظفون مهاجرين غير شرعيين، في خطوة تسعى لمعالجة بعض عوامل الجذب التي تشجع المهاجرين على القدوم إلى المملكة المتحدة بطريقة غير شرعية. كما تفكر وزارة الداخلية باعتبار توظيف مهاجر غير شرعي جرماً يعاقب عليه القانون، بما أن العقوبة المفروضة حالياً على من يمارس ذلك ماتزال عقوبة مدنية مشفوعة بغرامة مالية.
تكرار الأخطاء نفسها
ورداً على ذلك اتهمت المنظمات التي تدعم اللاجئين حكومة السير كير ستارمر بتكرار أخطاء الحكومة السابقة نفسها، كما انتقدت قرار حزب العمال القاضي بالتركيز على أمن الحدود بدلاً من العمل على إنشاء ممرات آمنة جديدة، وهذا ما عبر عنه ستيف سميث، المدير التنفيذي لمنظمة Care4Calais بالقول: "تواصل الحكومة الجديدة الاستثمار في أمن الحدود بدلاً من الخروج بحلول قابلة للتطبيق وفي ذلك تكرار لأخطاء الحكومة السابقة، إذ تظهر الأدلة فشل ما يسمونه بالروادع، أي أنهم لم يفعلوا أي شيء للحد من عمليات عبور بحر المانش، لأن كل ما فعلوه هو إجبار الناس على خوض مخاطر أشد بغية الوصول إلى المملكة المتحدة، لأن السبيل الوحيد لوقف عمليات العبور، ولإنقاذ أرواح الناس هو إيجاد ممرات آمنة لهم حتى يقدموا طلبات لجوء في المملكة المتحدة، وهذا ما يجب أن تركز عليه الحكومة الجديدة".
هذا وسيشرف على الأمور المتعلقة بفرض القانون والنظام باز جافيد وهو المدير العام لقسم فرض قانون الهجرة في وزارة الداخلية كما أنه شقيق ساجد جافيد وزير الداخلية البريطاني السابق.
انخفاض ملحوظ في أعداد القوارب
أعلن حزب العمال أنه حقق تقدماً في الحد من عمليات عبور المهاجرين، وذكر بأن أرقام وزارة الداخلية تشير إلى أنه منذ تولي حزب العمال السلطة في 5 تموز الماضي، انخفض عدد القوارب الصغيرة التي وصلت إلى المملكة المتحدة والتي بلغ عددها 5720 بنسبة 14% عما كان عليه العدد خلال الفترة نفسها من العام الفائت، كما انخفض العدد بنسبة بلغت 47% مقارنة بما كانت عليه الأعداد في عام 2022.
وعن ذلك يحدثنا روب جونز وهو المدير العام للعمليات في الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة فيقول: "تبقى معالجة جريمة الهجرة المنظمة أولوية أساسية بالنسبة للوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة، ولهذا فإننا نسخر مزيداً من الجهود والموارد مقارنة بما كان عليه الوضع في السابق، كما أن العدد الإضافي من الضباط سيلعب دوراً مهماً في هذه العمليات، بما أن الوكالة فتحت نحو 70 تحقيقاً في الوقت الراهن فيما يتعلق بأشد عصابات تهريب البشر والإتجار بهم إضراراً".
وتعقيباً على ذلك قالت الوزيرة كوبر: "إننا نتخذ خطوات مشددة وواضحة لتعزيز الأمن على حدودنا ولضمان احترام القوانين وفرضها".
أما جيمس كليفرلي، وزير الداخلية في حكومة الظل، فقد قال: "من الواضح عدم جدية حزب العمال في معالجة أمر مهربي البشر أو منع وصول القوارب، إذ في الوقت الذي يرحب بزيادة موارد الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة وزيادة القدرة الاستيعابية لمركزي الاحتجاز، لا يعتبر ذلك ملبياً للطموحات بأي شكل، ناهيك عن إجراءاتهم الساعية لإلغاء حالة الردع وهذا ما يسبغ عفواً على آلاف المهاجرين غير الشرعيين، فضلاً عن عدم تعيين حزب العمال لرئيس لآمرية الحدود الوهمية، أي أنهم لم يعالجوا أي جزء من المشكلة، وقد حان الوقت حتى يقدم حزب العمال حلاً منطقياً لتخفيض عدد المهاجرين ولمنع وصول تلك القوارب".
المصدر: The Times