يلجأ سكان الساحل السوري إلى العمل في قطف أوراق شجر الغار، الذي يوفّر لهم دخلاً جيداً في ظل انعدام فرص العمل وتدني مستوى الرواتب والأجور التي لا تتجاوز الـ30 دولارا أميركياً.
وتعتبر شجرة الغار من الأشجار العطرية المنتشرة بكثافة ضمن المناطق الحراجية في أرياف الساحل السوري، لكنها تتعرض اليوم لعمليات "قطف وقطع عشوائي"، ما يؤثّر على الثروة الحراجية من تلك الأشجار، بحسب ما قال بعض السكّان لـ موقع تلفزيون سوريا.
بشار -رجل خمسيني من سكّان وادي قنديل في ريف اللاذقية- قال لـ موقع تلفزيون سوريا: "لم يعد أمامنا مصدر للعيش إلا اللجوء للطبيعة وخيراتها، لدينا أولاد ويجب توفير مصروف لهم".
ويقطف الرجل الخمسيني مع عائلته ورق الغار يومياً، ويجمعونه في أكياس كبيرة، لكون موسمه الآن، ويُباع الكيلو منه بـ7000 ليرة سوريّة كورق جاهز، و بـ3000 ليرة مع أغصانه.
وإلى جانب عائلة بشار، تعمل آلاف العائلات في الساحل السوري بقطف ورق الغار وبيعه بهدف تحصيل مردود مادي يساعدها في تأمين احتياجاتها اليومية، حيث يرزح أكثر من 90% من السوريين تحت خط الفقر، وفق تقديرات الأمم المتحدة.
أشجار الغار تتعرض للقطع الجائر
وبحسب مصادر محلية لـ موقع تلفزيون سوريا، فإنّ هناك أشجار غار معمّرة (قديمة) قُطعت وتم قِطاف أوراقها، ومن ثم تقطيعها إلى قطع صغيرة لبيعها كحطب.
وأشارت المصادر إلى أنّ هناك قرى تم تفريغ أشجار الغار من أوراقها وكأن "الجراد أكلها"، فضلاً عن قيام بعض السكان بقطاف ورق الغار مع أغصانه، ما يؤثر على تلك الأشجار التي تكسر أغصانها بطرق عشوائية دون تقدير لقيمتها.
وفي حين يمنع "قانون الحراج رقم 39" الصادر نهاية العام 2023، قطع أي شجرة، إلا أنّ أشجار الغار تتعرّض أيضاً للقطع الجائر، ليس للقطف الجائر لأوراقها فقط، في ظل عجز حكومة النظام السوري أو ربما "تساهلها" مع السكّان، الذين دفعتهم الحاجة للعمل في بيع ورق الغار.
وتوازياً مع كثافة العمل في تجميع ورق الغار، انتشرت وُرش صغيرة -تتبع لتجار جملة نافذين في مدينة اللاذقية منهم شخص يدعى (أبو هارون)- تشتري ورق الغار من السكّان وتعمل على تجميعه بكميات كبيرة ونقله إلى اللاذقية، حيث يُباع قسم منه في السوق المحلي والقسم الآخر يُصدّر إلى الدول المجاورة.
وبينما تشتري هذه الورش الكيلو الواحد من ورق الغار بـ7000 ليرة من السكّان، يبيعونه لتجّار الجملة بـ10 آلاف ليرة، وهؤلاء إمّا يصدّرونه أو يبيعونه إلى معامل الصابون بـ15 ألف ليرة سوريّة للكيلو، وفقاً للمصادر.
الغار في سوريا.. إنتاج كبير وتصدير
يُستخدم ورق الغار في صناعة الصابون والعطور والشامبو، كما يُستخدم في صناعة العديد من الأدوية، إضافةً إلى الطبخ المنزلي وفي الأطباق التي تُقدّم في المطاعم.
وبينما يُقطف ورق الغار من المناطق الحراجية بـ"كثافة كبيرة"، يُفضّل أحمد وهو مالك لعدة أشجار من الغار في أرضه الخاصة بمنطقة مشقيتا، ترك الورق والاحتفاظ بثمار الغار لحين اكتمال نموها، ثم بيعها بأسعار مرتفعة، إذ يبلغ سعر كيلو زيت الغار أكثر من 250 ألف ليرة لكل كيلو.
ويُقدّر إنتاج سوريا من ورق الغار بين 500 و600 ألف طن سنوياً، بحسب وزارة الزراعة في حكومة النظام السوري، التي منعت، أواخر العام 2020، تصدير ورق الغار لمدة عام كامل، ومن ثم مدّدت المنع لعام آخر.
وفي شهر نيسان 2023، أعادت "وزارة الزراعة" السماح بتصدير 3000 طن من الغار، بذريعة أن السماح بالتصدير "هدفه تشجيع المزارعين على زراعة غراس الغار، باعتبار أنّ ذلك يُسهم في زيادة رقعة المساحات الخضراء والاستفادة من عوائد تصدير المواد".