قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" إن المحكمة الجنائية التاريخية في مدينة كوبلنز بألمانيا كانت "خطوة إيجابية في اتجاه تحقيق العدالة للسوريين، إنما غياب الترجمة إلى العربية يمنع العديد من السوريين وغيرهم من المشاركة"، مشيرة إلى أن "الترجمة قد تُشرك عددا أكبر من السوريين في إجراءات العدالة الأوروبية".
وفي تقرير لها، قالت المنظمة إن "لغة المحكمة هي الألمانية، ويعتمد الضحايا والشهود وغيرهم من غير الناطقين بالألمانية على تقارير من يتمكن من حضور الجلسات، لمتابعة أخبار هذه القضية التاريخية"، مضيفة أن "غياب الترجمة لم يقتصر فقط على جلسات المحكمة، فالبيانات الصحفية للمحكمة لم تترجم إلى العربية، والأحكام المكتوبة ستُنشر بالألمانية فقط".
وأوضحت أنه على الرغم من أنه "بإمكان المشاركين في المحاكمة، بالإضافة إلى الصحفيين المعتمدين، الحصول على ترجمة عربية للإجراءات، فإن هذه الخدمة غير متاحة للمجتمعات الأوسع المتضررة، أو الناشطين الذين يتابعون المحاكمة، أو الصحفيين السوريين والناطقين بالعربية الذين ينشرون أخبار هذه القضية".
وتوقّعت المنظمة انعقاد مزيد من المحاكمات في أوروبا لجرائم حصلت في سوريا، بما في ذلك المحاكمة المزمع عقدها أواخر الشهر الجاري ضد الطبيب السوري علاء م، الذي هرب إلى ألمانيا ومتهم بجرائم تعذيب في سوريا، وقررت محكمة فرانكفورت ألا توفر ترجمة إلى العربية، بعد أن تنازل المتهم عن حقه بالترجمة لأسباب مالية.
وطالبت "هيومن رايتس ووتش" سلطات المحكمة "بإتاحة الترجمة العربية لعدد أكبر في هذه القضايا، التي تتضمن أفظع الجرائم المرتكبة في الخارج"، مشيرة إلى أن "أثر جهود المحاسبة على المجتمعات المتأثرة يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمدى التوعية حولها".
ونقلت المنظمة عن مدّعين عامّين قولهم إن ألمانيا "تعمل نيابة عن المجتمع الدولي في محاكمة كوبلنز، لكن كان يجب أن يؤدي ذلك إلى إتاحة مزيد من المعلومات لأولئك المتأثرين بالجرائم".
وأشارت إلى أن "الروايات التالية لسوريين عانوا بسبب حاجز اللغة في كوبلنز، تظهر أن غياب الترجمة العربية يشكّل فرصة ضائعة، سواء لرفع وعي السوريين حول التقدم المُحرز نحو العدالة، أم لشملهم في العملية".
منظمات حقوقية سورية طالبت بالترجمة العربية
وفي آب الماضي، طالبت منظمات سورية حقوقية المحكمة الدستورية الألمانية بمنح الجمهور حق الوصول إلى الترجمة العربية في مجريات محكمة كوبلنز، التي تنظر في الدعاوى ضد الضابطين السابقين أنور رسلان وإياد الغريب.
وقال "المركز السوري للعدالة والمساءلة"، في بيان له، إن "توفير الترجمة العربية للجمهور العام في المحاكمة من شأنه أن يعزز من تأثير المحاكمة، ويرسل رسالة إلى العالم، وخاصة في سوريا، مفادها أنه لا إفلات من العقاب على الجرائم الفظيعة".
ووفق المركز، فإن "المادة الخامسة من الدستور الألماني تضمن حرية الصحافة، والظروف الخاصة لهذه المحكمة تستدعي أن يستطيع المتابعون مراقبة مجريات المحكمة بلغتهم الأم".
يشار إلى أن محكمة كوبلنز الألمانية قضت بالحكم على الضابط المنشق عن جهاز الاستخبارات التابع لنظام الأسد أنور رسلان بالسجن المؤبد، في المحاكمة التي تعدّ سابقة عالمية في محاسبة نظام الأسد على جرائم التعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان في سوريا.
وتنظر ألمانيا حالياً في أكثر من 12 قضية تتعلق بجرائم ارتكبت في سوريا، وفقاً لتقرير صدر العام الماضي عن منظمة حقوق الإنسان، في حين تعدّ محكمة كوبلنز غير متعلقة بالحكومة الألمانية، لكن بحسب قوانين حقوق الإنسان في الدستور الألماني، يمكن إثبات انتهاك حقوق الإنسان من خلال الأدلة والشهود، لهذا لا تهدف هذه المحاكمة فقط لإدانة المتهمين، بل لإدانة نظام الأسد بالكامل.