قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، يوم الأربعاء، إن الجيش اللبناني اعتقل تعسفياً ورحّل آلاف اللاجئين السوريين، بينهم أطفال غير مصحوبين بذويهم، إلى سوريا ما بين نيسان وأيار 2023.
وذكرت، في تقرير نشرته عبر موقعها الرسمي، أن الجيش اللبناني تجاهل وضع المرحلين كلاجئين أو مخاوفهم من التعرض للاضطهاد في حال إعادتهم.
ونقلت المنظمة عن أحد المرحّلين – لم تذكر اسمه – قوله إن "الجيش السوري احتجزه تعسفياً وعذبه، وجنّده قسراً في قوات الاحتياط العسكرية السورية بعد ترحيله في أبريل/نيسان".
ودعا التقرير الحكومات المانحة التي تدعم الجيش اللبناني إلى حثّ السلطات على وقف عمليات الترحيل هذه، وضمان أن الأموال التي تقدّمها لا تسهم في انتهاكات الحقوق أو تديمها.
هيومان رايتس ووتش: لبنان يواصل ترحيل السوريين
— تلفزيون سوريا (@syr_television) July 7, 2023
تقرير: منى الرنتيسي#تلفزيون_سوريا #لم_الشمل pic.twitter.com/uqsXdrInxv
"لا مبرر من رمي السوريين خلف الحدود"
وقال الباحث في المنظمة رمزي قيس إن لبنان "يستضيف أكبر عدد من اللاجئين بالنسبة لعدد السكان وسط أزمة اقتصادية شديدة، لكن هذا ليس عذراً للإمساك بالسوريين ورميهم خلف الحدود ليقعوا في قبضة حكومتهم المتعسفة. يعيش السوريون في لبنان في خوف دائم من إمكانية اعتقالهم وإعادتهم إلى ظروف مروعة، حتى لو كان لديهم وضع اللجوء".
وأشارت المنظمة إلى أنها قابلت في أيار وحزيران 2023، هاتفياً أو شخصياً، 11 رجلاً سورياً رحّلهم الجيش اللبناني إلى سوريا، و5 أقارب لأشخاص اعتقلوا ورُحّلوا تعسفياً، إضافة إلى 10 ممثلين عن منظمات المجتمع المدني الدولية والوطنية وأعضاء في منظمات إنسانية يعملون على وضع اللاجئين السوريين في لبنان.
وأرسلت رايتس ووتش، في 8 حزيران، رسائل تحتوي على نتائج بحثية إلى الجيش والأمن العام اللبنانيين، ليأتي الرد في 22 حزيران من قبل الجيش قائلاً إنه ينفذ قرار "المجلس الأعلى للدفاع" الصادر في 24 نيسان 2019 بترحيل السوريين الذين دخلوا لبنان بشكل غير نظامي بعد نيسان 2019.
وتضمن الرد أيضاً قول الجيش إنه "يتصرف وفقاً لنتائج الاجتماع الوزاري في 26 نيسان بالتأكيد على التدابير والإجراءات المتخذة تنفيذاً لقرار المجلس الأعلى للدفاع [...] من قبل الجيش والأجهزة الأمنية كافة بحق المخالفين خاصةً لجهة الداخلين بصورة غير شرعية وغير الحائزين على الوثائق الرسمية والقانونية".
وبيّنت المنظمة أن 15 من أصل 16 حالة راجعتها، دخل المرحّلون لبنان قبل 2019 ورُحّلوا قبل الاجتماع الوزاري في 26 نيسان.
اختفاء المرحّلين
وذكرت أن ثلاثة من الأقارب الخمسة الذين قابلتهم لم يسمعوا عن أفراد عائلاتهم منذ اعتقالهم وترحيلهم، في حين تلقى اثنان مكالمة هاتفية من أقاربهما بعد عدة أيام من الترحيل، أحدهم كان محتجزاً لدى "الفرقة الرابعة"، أما الآخر فجنّد قسراً للخدمة في قوات النظام السوري.
وقابلت رايتس ووتش شخصاً – لم تسمه – اعتقلته مع 12 شخصاً آخرين بعد ترحيلهم وقالت إن النظام احتجزهم في الفرع "235" المعروف بـ "فرع فلسطين"، وتعرضوا فيه لتعذيب شديد، صعق كهربائي وضرب بأنبوب ماء والتعليق بالسقف من أيديهم.
وبحسب إحصائية أجرتها المنظمة، قالت إن مصدرها منظمات إنسانية، فإن الجيش اللبناني أجرى منذ نيسان 2023 أكثر من 100 مداهمة، واعتقل 2200 شخص ورحّل 1800 لاجئ إلى سوريا.
"لا فرصة للاعتراض"
وأكّد تقرير المنظمة أنه في جميع حالات الترحيل الموثّقة "لم يمنح الجيش اللبناني المرحّلين فرصة الاعتراض على ترحيلهم. عندما قال المرحّلون للجيش إنهم مسجلون كلاجئين لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ويخشون إعادتهم إلى سوريا، تم تجاهل مناشداتهم. أفاد ستة أشخاص بتعرضهم لانتهاكات أثناء ترحيلهم، منها الضرب، والتهديد، والتحرش الجنسي، والمعاملة المهينة، التي شملت تعصيب العيون، والصفع، والإجبار على الوقوف لساعات".
انتهاك للقانون اللبناني
وأفادت المنظمة أن ترحيل السوريين بإجراءات موجزة من قبل الجيش اللبناني ينتهك بوضوح القانون اللبناني، الذي يتطلب إجراء عمليات الترحيل من خلال سلطة قضائية أو، في حالات استثنائية، قراراً من المدير العام للأمن العام بناء على تقييم الظروف الفردية.
واعتبرت أن عمليات الترحيل هذه تنتهك التزامات لبنان بصفته طرفاً في "اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب" وبموجب المبدأ في القانون الدولي العرفي القاضي بعدم الإعادة القسرية – عدم إعادة الأشخاص قسراً إلى بلدان يواجهون فيها خطراً واضحاً يتمثل في التعرض للتعذيب أو غيره من الاضطهاد. ينتهك احتجاز الأطفال وإساءة معاملتهم، وتشتيت العائلات، وغيرها من الانتهاكات التزامات لبنان الخاصة بحقوق الطفل.
وتؤكد الوكالة الأممية المكلفة بتوفير الحماية الدولية والمساعدة الإنسانية للاجئين، "المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين"، أن سوريا غير آمنة وأنها لن تسهّل عمليات العودة الجماعية في غياب شروط الحماية الأساسية.
ودعت رايتس ووتش السلطات اللبنانية إلى إصلاح أنظمة الإقامة، واستئناف عمليات التسجيل في مفوضية اللاجئين، والإعفاء من رسوم تجديد الإقامة، وإنهاء ممارسة احتجاز اللاجئين وترحيلهم على أساس انتهاء صلاحية وثائق الإقامة، إضافة إلى إلغاء قرار المجلس الأعلى للدفاع الصادر في أيار 2019 بشأن ترحيل اللاجئين السوريين الذين يدخلون البلاد بشكل غير رسمي.