ملخص:
- الأمم المتحدة تشير إلى أن مغادرة اللاجئين المسجلين من لبنان قد تؤدي إلى فقدانهم الحماية، لكن الوضع الحالي يتطلب إجراءات إنسانية خاصة.
- عدد كبير من اللاجئين السوريين عادوا إلى سوريا عبر التهريب لضمان إمكانية العودة لاحقًا إلى لبنان، مع استمرار الغموض حول استقرار الأوضاع.
- تقارير حقوقية تحذر من تعرض العائدين للاعتقال التعسفي والابتزاز رغم العفو المعلن، وسط ظروف إنسانية متفاقمة في سوريا.
- النظام السوري يستخدم أزمة تدفق اللاجئين كذريعة للضغط من أجل رفع العقوبات الغربية بحجة الأعباء الاقتصادية المتزايدة.
- الحكومة اللبنانية ترى النزوح الأخير فرصة لإعادة اللاجئين السوريين، معتبرة أن الأوضاع في سوريا باتت أفضل من لبنان.
قالت المتحدثة الإقليمية باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، رولا أمين، إنه في حال غادر اللاجئون البلد الذي تم تسجيلهم فيه كلاجئين، فإنهم عادة ما يفقدون وضعهم المحمي.
لكنها أشارت إلى أن كيفية تطبيق ذلك في الوضع الحالي غير واضحة، خاصة أن النزوح من لبنان تم "في ظروف قاهرة "وأضافت: "نظرا للوضع الراهن، يجب تطبيق الإجراءات مع ضمانات ضرورية وبروح إنسانية"، وفق وكالة أسوشيتد برس الأميركية.
من جانبه، قال جيف كريسب، الباحث الزائر في مركز دراسات اللاجئين بجامعة أكسفورد والمسؤول السابق في المفوضية، إنه يعتقد أن السوريين يستحقون حماية دولية مستمرة "نظرا للتهديدات الخطيرة لحياتهم وحريتهم في كلا البلدين".
وبعض اللاجئين دخلوا إلى سوريا عبر طرق التهريب، وبالتالي لم يتم تسجيل مغادرتهم رسميا من لبنان، ومن بينهم أم يمان، التي غادرت الضاحية الجنوبية لبيروت التي تعرضت للقصف برفقة أطفالها إلى مدينة الرقة في شرقي سوريا.
تقول أم يمان للوكالة: "عندما ذهبت إلى سوريا، بصراحة، دخلت عبر التهريب، حتى نتمكن من العودة إلى لبنان لاحقا إذا هدأت الأوضاع، ليبقى وضعنا القانوني سليمًا في لبنان". وطلبت التعريف عنها فقط بلقبها ("أم يمان") لتتمكن من الحديث بحرية.
وأكدت أنه في حال انتهاء الحرب في لبنان، قد يعودون، ولكن "لا شيء واضح على الإطلاق".
سوريون ينوون العودة إلى لبنان
كذلك عادت نسرين العابد إلى بلدتها في شمال غربي سوريا في أكتوبر الماضي بعد 12 عاما قضتها كلاجئة في وادي البقاع بلبنان. ورغم أن الغارات الجوية كانت مرعبة، فإن ما أثار قلقها أكثر هو حاجة ابنتيها التوءمتين، البالغتين من العمر 8 سنوات، إلى عمليات نقل دم منتظمة لعلاج مرض نادر في الدم (الثلاسيميا).
قالت العابد: "كنت أخشى أنه في لبنان، في ظل هذه الظروف، لن أتمكن من تأمين الدم لهما". خلال رحلتها التي استغرقت عدة أيام، تم تهريبها هي وابنتاها من مناطق خاضعة لسيطرة النظام إلى مناطق تحت سيطرة المعارضة قبل أن تصل إلى منزل والديها، في حين بقي زوجها في لبنان.
وأضافت: "قبل هذه الأحداث، لم أكن أفكر مطلقا في العودة إلى سوريا".
ووفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، عبر أكثر من 470 ألف شخص الحدود منذ تصاعد الأحداث في لبنان في منتصف سبتمبر، 70% منهم سوريون، في حين تقدّر المديرية العامة للأمن العام اللبناني أن أكثر من 550 ألف شخص قد فروا، معظمهم سوريون.
انتهاكات حقوقية للعائدين
وأعربت مجموعات حقوقية عن قلقها بشأن معاملة اللاجئين العائدين، حيث قدّر مركز "إيتانا" السوري، ومقره الأردن، أن ما لا يقل عن 130 شخصًا تعرضوا لـ"اعتقالات تعسفية عند المعابر الحدودية الرسمية أو نقاط التفتيش داخل سوريا"، إما بسبب ملاحقتهم لأسباب أمنية أو بسبب الخدمة العسكرية، وذلك رغم إعلان الحكومة عن عفو لمن تهربوا من التجنيد.
وحذّرت لجنة التحقيق الأممية بشأن سوريا الشهر الماضي، من أن السوريين العائدين من لبنان معرضون للابتزاز والاعتقال والتعذيب، داعية إلى وقف إطلاق النار على مستوى البلاد في سوريا.
وفي تغريدة عبر منصة "إكس"، قالت اللجنة إن "أعداداً كبيرة من النازحين الجدد تصل إلى سوريا، حيث تم تمويل خطة الاستجابة الإنسانية بنسبة ضئيلة تبلغ 25 %، على الرغم من ارتفاع الاحتياجات المدنية إلى مستويات قاسية مع نزوح العديد منهم عدة مرات بسبب الصراع".
وأضافت اللجنة الأممية قولها "المدنيون السوريون معرضون لخطر الابتزاز، والاعتقال التعسفي، والتعذيب، والاختفاء، والتجنيد القسري، أو القتل أو الإصابة".
النظام يسعى لاستغلال "العودة والنزوح"
قال عبد القادر عزوز، المحلل الاقتصادي والأستاذ بجامعة دمشق لأسوشيتد برس، إن "الجميع يعرف أن سوريا تعاني من ظروف اقتصادية صعبة: تضخم جامح، تضخم ناتج عن الواردات، وحصار اقتصادي"، مشيرًا إلى أن تدفق اللاجئين "يزيد من العبء الاقتصادي".
ومن جهته، دعا علاء الشيخ، عضو المكتب التنفيذي بمحافظة دمشق، الولايات المتحدة إلى رفع العقوبات عن النظام السوري متذرعا بالعدد الكبير من النازحين اللبنانيين.
من جهتها ترى الحكومة اللبنانية فرار اللاجئين السوريين فرصة لإعاتهم إلى بلادهم، وقال هيكتور حجار، وزير الشؤون الاجتماعية اللبناني في حكومة تصريف الأعمال، لوكالة "سبوتنيك" الشهر الماضي إن الحرب في لبنان قد تتيح "فرصة إيجابية لإعادة عدد كبير من النازحين السوريين إلى بلادهم، لأن الوضع هناك أصبح أفضل مما هو عليه هنا".