وصل التيار الكهربائي الى بعض المناطق في محافظة إدلب، بعد أيامٍ من اعلان شركة الكهرباء " "Green Energyالخاصة، تغذية جميع خطوط التوتر الكهربائي بجهد 66 كيلو فولت من تركيا، وأثار هذا الخبر ردود أفعالٍ متباينة لدى السكان، الذين عانوا لسنواتٍ من صعوبة تأمين الكهرباء.
أعلنت شركة " "Green Energyعبر معرفاتها الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، وصول الكهرباء الى مدينة إدلب في الخامس من أيار الحالي، لتكون أولى المناطق التي يصل التيار الكهربائي إليها في المحافظة، بينما يتم إجراء الصيانة اللازمة لإيصال الكهرباء التركية إلى مدن (سلقين والدانا وسرمدا)، باعتبارها ذات كثافة سكانية عالية.
وقال المدير التنفيذي لشركة "Green Energy"، المهندس أسامة أبو زيد، إنه "يتم العمل حالياً على تجهيز شبكات التوتر المنخفض، والتي تصل نسبة الضرر فيها إلى 90 %، لذا يتم بشكلٍ مؤقت تغذية مدينة إدلب بالتيار الكهربائي عبر مولّدات الأمبيرات".
زمن الأمبيرات على مشارف الانتهاء
ويوجد في مدينة إدلب 59 مولدة بين خاصةٍ وعامة، تمت تغذية 47 مولدة بالتيار الكهربائي من تركيا، وبقيت 12 مولدة خاصة، لذا يتم العمل على تجهيز المرافق التحويلية التي تغذّي هذه المولّدات، بحيث تصل الكهرباء إلى جميع أحياء المدينة خلال الأيام القليلة المقبلة.
وينطبق ذلك على باقي مناطق المعارضة في إدلب، التي ستعمل الكهرباء فيها عبر مولّدات الأمبيرات ريثما يُفعّل نظام العدّادات.
وأضاف أبو زيد في حديثه لموقع "تلفزيون سوريا"، "من المتوقع أن تنتهي أعمال الصيانة لشبكات التوتر المنخفض في مدن (إدلب - سرمدا - الدانا - سلقين) خلال شهريّ حزيران وتموز القادمين، وفي حال أصبحت جاهزة سيبدأ العمل بنظام العدّادات، وسينتهي زمن الأمبيرات".
وبدأت شركة "Green Energy"، استقبال طلبات التسجيل على العدّادات ثلاثية الطور في العاشر من أيار الحالي، بينما بدأ التسجيل على عدّادات أحادية الطور في السادس عشر من ذات الشهر.
وأشار أبو زيد إلى أن "العدّادات أحادية الطور خاصة بالاشتراكات المنزلية، وأقصى حد لها من الحمولة 60 أمبيرا، أما العدّادات الثلاثية الطور فهي خاصة بالمنشآت والورشات الصناعية التي تستهلك طاقة كهربائية كبيرة ولها نوعان، الأول: عدّاد ذو 8 مرابط يعمل باستطاعة 100 أمبير، أما النوع الثاني: عدّاد ذو 11 مربطا ويعمل باستطاعة تزيد على 100 أمبير".
وأفادت "Green Energy"، بأن التسجيل على العدّاد المنزلي، يتطلب تقديم كشف فني من أقرب شعبة أو قسم تابع للشركة، مرفق بإثباتٍ عن الشخصية (هوية شخصية - جواز سفر - إخراج قيد مدني)، بالإضافة إلى صورة عن (عقد الإيجار أو إثبات الملكية)، أو صورة عن (التفويض أو التوكيل)، إلى جانب طلب الاشتراك بالعدّاد والذي يُقدّم ضمن أحد فروع الشركة في محافظة إدلب.
وعبّر أبو محسن، وهو مهجّر من الغوطة الشرقية ومقيم في مدينة إدلب، عن استيائه من كثرة الأوراق المطلوبة للتسجيل على العدّاد المنزلي قائلاً: "طالما أن الاشتراك مسبق الدفع، لماذا يتطلّب الأمر كل هذه الأوراق الثبوتية، كما أن أغلب النازحين والمهجّرين المقيمين في محافظة إدلب لا يملكون عقد إيجار أو إثبات ملكية، فهل يعني أنهم لا يستطيعون التسجيل على العدّاد؟!".
وأضاف أبو محسن لموقع "تلفزيون سوريا" أن "الكهرباء كانت عبر الأمبيرات تصل لثلاث ساعات فقط مقابل 45 ليرة تركية شهرياً، وهي فترة قليلة للغاية، لكن مع وصول الكهرباء من تركيا وتغذيتها لمولّدات الأمبير، زادت ساعات التشغيل إلى تسع ساعات وبنفس التكلفة، وهو ما أسعد الأهالي، إلا أن هذا الأمر مؤقت كما علمنا، لأنه مع انتهاء أعمال الصيانة سنجبر على شراء عدّادات ودفع اشتراك مسبق، إضافةً إلى فاتورة الاستهلاك آخر الشهر، وهذا قد يضطر كثيرين للاستغناء عن الكهرباء".
أما أحمد باكير، صاحب ورشة للحدادة في مدينة سلقين، فله رأيٌ آخر، حيث يعتبر أن "وصول الكهرباء النظامية من تركيا يعتبر خطوة جيدة تساهم في تحقيق الاستقرار، وتنشيط الحركة الاقتصادية في مناطق المعارضة، وبنفس الوقت سيكون هناك عدل أكثر، حيث ستكون التكلفة حسب الإنفاق، أما في نظام الأمبيرات ندفع مبلغاً محدداً كل شهر مقابل الاشتراك، سواءً استهلكنا الكهرباء أم لم نستهلكها".
هل يستغني الأهالي عن الطاقة الشمسية؟
عقب خروج النظام من محافظة إدلب قبل أكثر من ست سنوات، كان السكان يعتمدون على مصدرين للكهرباء، الأول عن طريق المولّدات الخاصة التي تعمل على المازوت والبنزين، والثاني عن طريق اللدّات التي تعمل على البطارية.
إلا أنّ الطريقتين كلتيهما لم تكونا مجديتين، فالأولى باهظة الثمن مع غلاء المحروقات بشكلٍ مستمر، والثانية لا تؤمن سوى كهرباء ضعيفة للإضاءة.
أمام هذا الواقع اتجه الأهالي لمصادر أخرى لتأمين الكهرباء، وعلى رأسها الاشتراك بالأمبيرات، أو الطاقة الشمسية.
ولجأ معظم سكان إدلب سابقاً لاستخدام الطاقة الشمسية، لا سيما في ظل رفع "حكومة الإنقاذ" سعر الاشتراك بالأمبيرات عدة مرات، الى أن وصل سعر الأمبير الواحد لـ 45 ليرة تركية، ما يعني أن تشغيل كامل إنارة المنزل مع الثلاجة والتلفاز والغسالة، يتطلّب الاشتراك بثلاثة أمبيرات، أي سيضطر الشخص لدفع 135 ليرة تركية شهرياً مقابل ساعتين إلى ثلاث ساعات تشغيل فقط في اليوم.
ومع الإعلان عن وصول الكهرباء التركية إلى إدلب، بدأت التساؤلات تدور في أذهان من يستخدمون الطاقة الشمسية، هل يستغنون عنها وينتقلون لشراء العدّادات واستخدام الكهرباء التركية أم لا؟.
وفي هذا السياق قال أنس الرحمون من سكان سرمدا: "خلال المدى المنظور سأبقى أستخدم الطاقة الشمسية، خاصةً أننا مقبلون على فصل الصيف وسيكون استخدامها أمراً مجدياً للغاية، وخلال هذه الفترة سأستفسر من الأشخاص الذين سيستخدمون الكهرباء التركية، فإذا أخبروني أنها جيدة وكلفتها مقبولة، حينها قد أقرر مع دخول الخريف أو الشتاء الاستغناء عن الطاقة الشمسية".
استخدام الطاقة الشمسية كمصدر للكهرباء لا يخلو من السلبيات، حيث إنّ المعدات المطلوبة باهظة الثمن، ويحتاج الشخص لاستبدال البطاريات بشكلٍ دوري، ولا تعمل بشكلٍ فعّال معظم فترات الشتاء.
كما أن تركيب ألواح الطاقة الشمسية يحتاج إلى مساحاتٍ واسعة على سطح البناء، وبالتالي فقد لا تتوفر مساحة كافية في حال أرادت أكثر من عائلة تركيب ألواح شمسية، إضافةً إلى أن تفاوت الأبنية في الارتفاع، يؤدي لحجب الشمس عن كثير منها.
في المقابل يرى أبو رياض، وهو مهندس كهربائي من أهالي الدانا، أن معظم من يستخدمون الطاقة الشمسية حالياً، لن يستغنون عنها من أجل الاشتراك بالكهرباء التركية، حيث إنهم دفعوا مبالغ باهظة من أجل شراء المعدّات، وبالتالي من سيشترك بنظام العدّادات الجديد، هم في الغالب من يستخدمون الأمبيرات فقط.
يضيف أبو رياض لموقع "تلفزيون سوريا" أن "الحصول على كهرباء في المنزل تكفي لتشغيل الثلاجة إلى جانب الإضاءة وباقي الأدوات الكهربائية، يتطلب ثلاثة ألواح شمسية بـ 200 دولار، وبطارية 130 أمبيرا بـ 70 دولارا، وإنفرتر (رافع جهد) بـ 75 دولارا، وكابلات بـ 5 دولارات، وبالتالي تصل الكلفة الإجمالية الى 350 دولارا".
وتابع أبو رياض أن "من يشترك بالطاقة الشمسية قد يدفع مبلغاً كبيراً في البداية، لكن بعد ذلك لن يترتّب عليه أي اشتراكات أو فواتير أخرى، وكل ما يحتاج له هو تبديل البطارية كل عام ونصف، وبالتالي من دفع كل تلك التكاليف لن يقبل الاستغناء عن معدّات الطاقة الشمسية أو بيعها بربع ثمنها، من أجل الاشتراك بالعدّاد التركي الذي سيُكلّفه مبالغ باهظة إلى جانب الفواتير كل شهر".
ويبلغ سعر العدّاد أحادي الطور 350 ليرة تركية ورسم الاشتراك 100 ليرة، أمّا العدّاد ثلاثي الطور فسيكون ثمنه 900 ليرة ورسم الاشتراك 400 ليرة.
كما حددت شركة " "Green Energyسعر الكيلو واط المنزلي بـ 90 قرشاً، أما سعر الكيلو واط التجاري أو الصناعي فسيكون بـ ليرة تركية واحدة.
وعبّر أبو رياض عن استيائه من ارتفاع سعر الكيلو واط المنزلي في إدلب، حيث قال: "لماذا في إدلب سعر الكيلو بـ 90 قرشاً، بينما في عفرين بـ 68 قرشاً؟!، هذا سيجعل التكلفة الشهرية باهظة جداً على الأهالي، حيث إن متوسط استهلاك العائلة يومياً من الكهرباء، سيكون 5 كيلو واط تقريباً، ما يعني أن الفاتورة قد تبلغ 135 ليرة تركية شهرياً، فكيف لمعظم أرباب الأسر الذين يبلغ متوسط دخلهم شهرياً 500 ليرة، تسديد تلك الفاتورة، ولديهم مستلزمات معيشية كثيرة؟!!!".
وكانت المؤسسة العامة للكهرباء في إدلب، التابعة لحكومة “الإنقاذ”، أعلنت الاتفاق مع شركة“Green Energy” ، لاستجرار الكهرباء إلى المحافظة في آذار 2020، وهي شركة خاصة تركية تأسست في العام 2014 لإنشاء واستثمار مشاريع الطاقة الكهربائية بأشكالها كافة.