icon
التغطية الحية

هل تغير تركيا من سياستها تجاه النظام السوري؟

2022.04.06 | 10:39 دمشق

whatsapp_image_2021-08-09_at_2.45.27_pm.jpeg
أنطاكيا - فراس فحام
+A
حجم الخط
-A

أحيت صحيفة "حرييت" التركية النقاش مجدداً حول إمكانية تطبيع الحكومة التركية العلاقات مع النظام السوري، حيث رأت في تقرير نشرته في الرابع من نيسان/ أبريل الجاري وجود فرصة جديدة لتطبيع العلاقات مع النظام السوري.

ونقل التقرير عن مصادر حكومية تأكيدات حول وجود مناقشات في أوساط الحكومة التركية، هدفها الوصول إلى مسودة يمكن بحثها مع النظام السوري.

وأفادت مصادر مطلعة لموقع تلفزيون سوريا أن الحكومة التركية بالفعل تجري عملية تقييم جديدة للملف السوري بشقيه الإنساني والسياسي، بهدف بحث خياراتها قبل حلول عام 2023 موعد الانتخابات الرئاسية.

ولم تستبعد المصادر أن يتجه الجانب التركي إلى إحداث بعض التعديلات في سياسته تجاه الملف السوري، لكنها أشارت إلى عدم وجد تصور واضح يمكن الحديث عنه حتى هذه اللحظة، لأن عملية التقييم التركية لم تنتهِ.

فرص تركية محتملة

إن تغيير تركيا من تعاطيها مع النظام السوري وإبداء مرونة تجاهه، قد يتيح لأنقرة فرصا سياسية مهمة.

الانفتاح على النظام السوري من شأنه أن يحقق مزيدا من التقارب بين موسكو وأنقرة، إذ إن تطبيع علاقات النظام السوري عربياً ودولياً مطلب روسي مستمر، وهذا التقارب قد ينعكس إيجابياً في ملف مكافحة التنظيمات الإرهابية بحسب التصنيف التركي، وعلى رأسها وحدات الحماية.

وتمتلك روسيا نفوذاً مهماً في مناطق انتشار وحدات الحماية شمال وشمال شرقي سوريا، خاصة في الحسكة، حيث أسست القوات الروسية قاعدة جوية في مطار القامشلي أواخر العام الماضي، مما يعني أن أنقرة بحاجة للتنسيق مع موسكو في هذا الملف، في ظل تمسك الولايات المتحدة الأميركية بدعم الوحدات التي تعتبرها تركيا الذراع السوري لحزب العمال الكردستاني المصنف دولياً كمنظمة إرهابية.

أيضاً، فإن تخفيف حدة التوتر بين الجانب التركي والنظام السوري، قد ينتج عنه الاعتراف لأنقرة بمصالحها الأمنية، وتوسيع نشاطها الأمني والعسكري المعترف به من طرف النظام السوري لعمق يصل إلى 35 كيلومتراً داخل الأراضي السورية، أي تعديل مهم على اتفاق أضنة الأمني سيوسع من هامش النشاط العسكري التركي على الأراضي السورية، وهو ما أبدت روسيا استعدادها في وقت سابق للاعتراف به.

عوائق محتملة أمام تطبيع العلاقات

من المحتمل أن تقف عوائق عديدة أمام تطبيع العلاقات بين تركيا والنظام السوري، أولها أن الأخير يطالب بانسحاب القوات التركية من الأراضي السورية كشرط أساسي لاستعادة العلاقات بين الجانبين، وهذا ما أكده وزير خارجية النظام السوري "فيصل المقداد" في تصريحات أطلقها من موسكو شهر شباط/ فبراير 2022.

وفي حال تعاطت تركيا مع النظام السوري على أنه سلطة لها شرعية، فستكون ملزمة بالاستجابة إلى مطالبه، حيث تستند أنقرة حالياً إلى شرعية الموقف الشعبي وحماية السكان المحليين، وعدم شرعية النظام، كتبرير لنشر قوات كبيرة تفوق الأعداد المتفق عليها وفق مسار أستانا.

وفي ظل عدم وجود ضمانات تمنع النظام السوري من شن عمليات عسكرية قد تؤدي إلى موجات لجوء جديدة باتجاه الأراضي التركية، وأيضاً غياب أي ضمانات تلزم النظام بوقف التنسيق مع وحدات الحماية والعمل على تقويض نفوذها، لن يكون لتركيا مصلحة بخفض وجودها العسكري على الأراضي السورية.

أيضاً، فإن تخلي تركيا عن نفوذها في سوريا دون ضمانات تتيح عودة آمنة للاجئين السوريين المقيمين في تركيا، يعني عرقلة خططها الهادفة لتسهيل عودة مزيد من السوريين إلى مناطق مستقرة قبل حلول موعد الانتخابات الرئاسية عام 2023، إذ إن الشريحة الأكبر من اللاجئين السوريين الذين دخلوا الأراضي التركية منذ عام 2011، من المناهضين للنظام السوري، ولا يفضلون العودة إلى سلطته وقبضته الأمنية.

المرجح أن تركيا ستسعى للحصول على تعهدات محددة بإشراف روسي، تتعلق بالحفاظ على هدوء مستدام على الأراضي السورية بما يتيح تسهيل عودة تدريجية للاجئين، مع إنشاء آلية واضحة لمتابعة العملية بما يحول دون حدوث انتهاكات بحقهم، بالإضافة إلى خطة عمل واضحة تهدف إلى تقويض نفوذ وحدات الحماية، وتعهدات باستكمال العملية السياسية، وستكون إعادة الانتشار العسكري متناسبة مع سير الأمور وفق ما جرى الاتفاق عليها، أي أنه لا يمكن أن نتوقع انفراجا كبيرا في وقت قريب، خاصة في ظل ما تتعرض له روسيا من ضغوط اقتصادية وسياسية وعسكرية من جراء الأزمة الأكرانية، مما يعطي تركيا موقفا أفضل في الملف السوري.

على أي حال، فإن التسريبات التي نشرتها صحيفة "حرييت"، ستساهم في التخفيف من الضغط الذي تمارسه المعارضة التركية والاستثمار في الملف السوري، مع اقتراب الانتخابات الرئاسية في البلاد، كما أنها ستوصل رسائل مهمة إلى الولايات المتحدة التي لا تبدِ المرونة الكافية مع المطالب التركية في الملف السوري ومجمل المسائل العالقة بين الجانبين، إذ تزامنت التقارير التركية مع إطلاق "الآلية الاستراتيجية" التركية – الأميركية، الهادفة إلى تحسين العلاقات بين الطرفين وتقريب وجهات النظر في مجمل القضايا.