icon
التغطية الحية

هجرة الكفاءات من سوريا تُفاقم الفجوة التنموية وتعمق أزمة المؤسسات المحلية

2024.08.26 | 23:35 دمشق

آخر تحديث: 26.08.2024 | 23:35 دمشق

هجرة الكفاءات من سوريا تُفاقم الفجوة التنموية وتعمق أزمة المؤسسات المحلية
صورة أرشيفية - رويترز
 تلفزيون سوريا ـ إسطنبول
+A
حجم الخط
-A

ملخص:

  • هجرة الكفاءات من سوريا أدت إلى استنزاف الموارد البشرية وخلقت عجزاً في المؤسسات المحلية.
  • غياب التشريعات المناسبة وانتشار المحسوبية والبيروقراطية يعيقان التنمية الإدارية في سوريا.
  • تحسين ظروف العمل وتقديم الحوافز ضروريان للحفاظ على الكفاءات البشرية في المؤسسات.
  • الوضع الأمني المتدهور والظروف الاقتصادية الصعبة من أبرز أسباب هجرة الشباب المؤهلين.
  • تراجع البنية التحتية التعليمية والعلمية في سوريا يدفع أصحاب الشهادات للبحث عن فرص تعليمية وعلمية خارج البلاد.

يتواصل نزيف الكفاءات البشرية السورية نحو الخارج، مما أدى إلى استنزاف جزء كبير من الموارد البشرية، وبالتالي حدوث حالة من العجز في هذا الجانب ضمن المؤسسات والدوائر التابعة لحكومة النظام السوري.

وأثارت الهجرة المستمرة تساؤلات حول الفرص المتاحة داخل سوريا وقدرة المؤسسات على الاحتفاظ بالكفاءات البشرية الفعّالة، خاصة مع التحديات المرتبطة بعدم استثمار هذه الموارد بالشكل الأمثل داخل البلاد، مما يدفع البعض للبحث عن فرص خارج الحدود.

وتحدث الدكتور هاني الحاج، الباحث في العلوم الإدارية، عن الآثار السلبية للهجرة على جميع القطاعات، وخاصة المؤسسات الوظيفية، قائلاً إنّ هناك فجوة كبيرة بين احتياجات السوق السوري والإمكانات المتاحة، بسبب غياب التشريعات المناسبة التي تدعم التنمية الإدارية.

يضاف إلى ذلك انتشار المحسوبية والبيروقراطية التي تعيق الاستثمار الصحيح للموارد البشرية، وهذا الخلل، كما أشار الحاج، أدى إلى تراجع العمل المؤسسي وانعدام الاستراتيجية التنموية الواضحة.

وتناول الحاج أيضاً موضوع إدارة القطاعات الخدمية، حيث ذكر أنها باتت تقتصر على تنفيذ الإجراءات الإدارية الروتينية، مما يعكس خللاً جوهرياً في إدارة الموارد.

ولفت إلى ضرورة تبني استراتيجية تنموية شاملة تعتمد على توظيف الموارد البشرية والفكرية بالشكل الأمثل، وذلك عبر تقليل القيود على التشريعات وتفعيل دور الخبرات الإدارية بعيداً عن المحسوبية، داعياً إلى إقامة شراكات بين القطاعين العام والخاص لتعزيز الاستثمار وتطوير الموارد.

إهمال الموظفين وغياب الاهتمام

من جانبه، ركز الباحث الاقتصادي عبد الهادي صيموعة على دور العامل البشري في دفع عجلة التنمية والاستثمار، مشيراً إلى ضرورة تغيير طريقة التعامل مع الموظفين، وفقاً لما ورد في صحيفة "البعث" المقربة من النظام.

وأكد صيموعة أن الإدارات غالباً ما تنظر إلى الموظفين كعناصر يمكن الاستغناء عنها عند الحاجة، بدلاً من اعتبارهم جزءاً أساسياً من العملية الإنتاجية.

وأوضح أن تحسين ظروف العمل وتقديم الحوافز المناسبة من شأنه أن يحافظ على الكفاءات البشرية داخل المؤسسات.

وتطرق صيموعة في حديثه إلى أن "الإنسان هو العنصر الأساسي في عملية التنمية وإعادة الإعمار، وأن الاستثمار في الموارد البشرية والفكرية يمثل مفتاح النجاح للمؤسسات السورية في المستقبل".

وختم قائلاً: "الإنسان أهم عنصر في صناعة التنمية وإعادة الإعمار، لأن الإنسان هو الخامة الحقيقية لأي عملية تنمية واستثمار وإعمار. سوريا مقبلة في المرحلة المقبلة على انفتاح اقتصادي كبير وبتواتر سريع بهدف إعادة الإعمار، ولكي تتميّز المؤسسات الاقتصادية المحلية يجب الاهتمام بالموارد الفكرية والبشرية لأنها مفتاح النجاح لأي مؤسسة"، بحسب وصفه.

هجرة الكفاءات من سوريا

تشهد سوريا منذ سنوات موجة هجرة واسعة للكفاءات وأصحاب الشهادات العليا، حيث يبحث الكثيرون عن فرص أفضل في الخارج هرباً من الظروف الاقتصادية والسياسية المتردية.

وأكثر هؤلاء المهاجرين هم من فئة الشباب أصحاب المؤهلات الأكاديمية العالية، مما يعمق الفجوة المعرفية والاقتصادية في البلاد ويؤثر سلباً على فرص التعافي والنهوض بالمجتمع السوري.

ويعتبر الوضع الأمني المتدهور أحد أبرز الأسباب التي تدفع الكفاءات للهجرة، إذ يسعى هؤلاء إلى الهروب من التجنيد الإجباري والملاحقات الأمنية. كما أن عدم استقرار النظام السياسي والانقسام في البلاد يضعف من فرص النمو الشخصي والمهني، مما يجعل الهجرة إلى دول أكثر استقراراً خياراً ملحاً لهم.

أما العامل الاقتصادي، فيشكل عاملاً حاسماً في قرار الهجرة، حيث تشهد البلاد تراجعاً حاداً في مستوى المعيشة وارتفاعاً غير مسبوق في معدلات البطالة. إذ يجد الكثير من الشباب الخريجين صعوبة في العثور على وظائف تتناسب مع مؤهلاتهم أو توفر دخلاً كافياً لتلبية احتياجاتهم الأساسية.

وبالإضافة إلى ذلك، تشهد البنية التحتية التعليمية والعلمية في سوريا تراجعاً كبيراً، حيث تأثرت الجامعات والمعاهد بشدة جراء حرب النظام المستمرة، ما ينعكس على جودة التعليم المتاح. وهذا التراجع يدفع أصحاب الشهادات لمواصلة تعليمهم أو تطوير خبراتهم في دول تتيح بيئة علمية وبحثية متقدمة مقارنةً بالظروف الحالية في سوريا.

وفي المحصلة، تشكل هجرة الكفاءات السورية تحدياً كبيراً لمستقبل البلاد، إذ تحرم سوريا من طاقات شبابية وعقول مؤهلة كانت تسهم في إعادة بناء الدولة وتحقيق النمو والتنمية. ويبدو أن العودة الطوعية لهذه العقول ستظل صعبة ما لم تتحسن الظروف المعيشية والسياسية في البلاد بشكل ملموس.