ملخص:
- هجرة الكوادر الطبية السورية تزداد بسبب تدني الرواتب وسوء الأوضاع الاقتصادية.
- أكثر من 35% من الممرضين السوريين يهاجرون بحثاً عن فرص أفضل.
- الممرضون يتحملون عبئاً أكبر من الأطباء، حيث يعملون لساعات أطول.
- نقص الكوادر الطبية يؤدي إلى تدهور الرعاية الصحية، خاصة في المناطق الريفية.
- النظام السوري لم يتخذ خطوات لوقف هجرة الأطباء، مما يفاقم الأزمة الصحية في البلاد.
شهدت سوريا خلال السنوات الماضية ارتفاعاً ملحوظاً في معدلات هجرة الكوادر الطبية، بسبب سوء الأوضاع المعيشية والاقتصادية، وتدني الرواتب، وغياب الحلول من قبل النظام السوري.
وقالت نقيب التمريض والمهن الطبية والصحية في سوريا، يسرى ماليل، إن الخريج من كلية التمريض يجد نفسه أمام خيارين: إما العمل في المشافي الخاصة، أو الهجرة إلى خارج البلاد، مشيرة إلى أن نسبة المهاجرين تتجاوز 35%.
وأوضحت ماليل أن الممرض يبذل جهوداً أكبر من الطبيب، كونه "يعمل لساعات طويلة، بينما لا يتجاوز عمل الطبيب ثلاث ساعات، وبالتالي متابعة حالة المريض تقع على عاتق الممرض".
وتتراوح رواتب الممرضين في سوريا ما بين 300 و600 ألف ليرة، بينما طبيعة العمل تتراوح بين 3 و4%، وفقاً لما نقلته منصة "كيوس بزنس" المقربة من النظام عن ماليل.
وأشارت ماليل إلى أن الخريج من كلية التمريض "يتعرض لغبن وإجحاف كبير"، بسبب عدم توفير فرص عمل له، موضحة أن حكومة النظام "ملزمة بتأمين فرص عمل لخريجي مدارس التمريض فقط".
ويوجد في سوريا خمس كليات تمريض تتبع لحكومة النظام، يتخرج منها 1500 طالب سنوياً، في حين يبلغ عدد المنتسبين للنقابة 42 ألفاً، منهم 60% اختصاص تمريض و40% بقية المهن مثل القبالة، والتعويضات السنية، والمعالجة الفيزيائية.
هجرة الكوادر الطبية من سوريا
شهدت سوريا خلال السنوات الماضية موجة كبيرة من هجرة الأطباء والكوادر الطبية إلى خارج البلاد، نتيجة تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية بشكل حاد.
ومع تفاقم الأزمات الاقتصادية، أصبحت الرواتب المتدنية التي يتقاضاها الأطباء غير كافية لتغطية احتياجاتهم اليومية، مما دفع العديد منهم إلى البحث عن فرص عمل أفضل في دول مجاورة أو في أوروبا.
وإلى جانب الظروف الاقتصادية، أسهمت الملاحقات الأمنية من قبل النظام السوري في دفع العديد من الأطباء للفرار، فقد تعرض بعض الأطباء الذين قدموا الرعاية الطبية للمدنيين في مناطق المعارضة أو الذين أعربوا عن مواقف سياسية معارضة للاعتقال أو التضييق من قبل الأجهزة الأمنية.
وهذا المناخ من الخوف وعدم الأمان جعل كثيرا من الكوادر الطبية يشعرون بأنهم مجبرون على المغادرة للحفاظ على حياتهم.
وأدى نقص الأطباء والكوادر الطبية إلى تأثيرات سلبية مباشرة على حياة المواطنين السوريين، حيث باتت العديد من المستشفيات والمراكز الصحية تفتقر إلى الكوادر المؤهلة لتقديم الرعاية الصحية اللازمة، مما جعل الحصول على العلاج الطبي أمراً صعباً للغاية.
وبشكل خاص، شهدت المناطق الريفية تدهوراً كبيراً في الخدمات الصحية، حيث لا تتوفر فيها سوى كوادر طبية محدودة قد لا تكون قادرة على التعامل مع جميع الحالات الطارئة. كما أصبحت الجراحات المعقدة والعلاجات المتخصصة نادرة في العديد من المستشفيات السورية التي باتت تعتمد على كوادر قليلة الخبرة.
ورغم هذا النزيف الكبير في الكوادر الطبية، لم يتخذ النظام السوري أي خطوات حقيقية للحد من هجرة الأطباء أو تحسين أوضاعهم المعيشية، إذ يركز النظام بشكل أكبر على السيطرة الأمنية والعسكرية على البلاد، متجاهلاً القطاعات الحيوية مثل الصحة، وأسهم هذا التجاهل في تفاقم أزمة النظام الصحي، الذي أصبح هشاً وغير قادر على تلبية احتياجات السكان.
يشار إلى أن الآثار طويلة الأمد لهذه الهجرة ستكون كارثية، حيث سيؤدي هذا النقص إلى تراجع عام في مستوى الرعاية الصحية في البلاد. كما ستصبح الأمراض التي يمكن الوقاية منها ومعالجتها بسهولة أكثر خطورة أو حتى قاتلة بسبب نقص الرعاية الصحية الأساسية.