icon
التغطية الحية

نقابة مفصلية وتدخلات خارجية واشتباك مؤجل منذ عام بين محامي حلب.. ما التفاصيل؟

2024.08.12 | 09:55 دمشق

0
صورة أرشيفية - تلفزيون سوريا
 تلفزيون سوريا ـ خاص
+A
حجم الخط
-A

شهدت نقابة المحامين الأحرار في حلب أزمة عميقة بدأت بالظهور بعد انتخابات 15 تموز 2023، حيث اعترضت مجموعة من المحامين على نتائج الانتخابات وأعلنت عدم اعترافها بها، وبعد تصاعد الخلافات شكلوا فرع ريف حلب في النقابة، لتصل الطعونات إلى محكمة النقض في الراعي، ليتحول الخلاف إلى خارج النقابة واتهامات بتدخل رئيس الحكومة المؤقتة لتشكيل اصطفافات زادت حدتها في الفترة الماضية عندما أعربت تركيا عن جاهزيتها للقاء النظام السوري، وما تبع ذلك من أحداث عنيفة في الشمال السوري.

فيما يلي سرد لشرارة الخلاف وتفاصيله وتطوراته المرتبطة بتطورات الموقف التركي في إعادة العلاقات مع النظام السوري وما يتبع ذلك من دور للحكومة السورية المؤقتة. يمكن القول إنه خلال أكثر من عام مضى دارت حرب في أوساط نقابة المحامين الأحرار المركزية وظهر بشكل واضح في فرع نقابة حلب، نظراً للدور الكبير لهذه الفئة النخبوية الحقوقية المعنية برد المظالم داخلياً والتشبث بمبادئ الثورة السورية خارجياً، وهنا تتشابك محلياً الروابط والعلاقات الشخصية والأسرية والمناطقية وانتماءات المحامين الأعضاء في النقابة وفي كيانات سياسية وعسكرية أخرى، وخارجياً بلغ الانقسام حد احتكار الشرعية بين طرف متماه مع الحكومة المؤقتة وهو أقل حدية بما يتعلق بسياسات تركيا في سوريا، وآخر يحتكر الوطنية ويتهم الأول بالتبعية لـ "المنسق التركي".

يوم السبت الفائت تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي تسجيلاً مصوراً يظهر حدوث عراك بالأيدي ومشادات كلامية بين عدد من المحامين خلال اجتماع عقد في جامعة غازي عنتاب بمدينة عفرين شمالي حلب.

يمثل هذا الاشتباك ذروة خلاف ظهر للعلن منذ انتخابات تموز 2023، إلا أن جذوره تعود إلى بيان صادر عن "نقابة المحامين الأحرار" (المركزية) في آب 2022 طالب بـ "وقف كافة أشكال الوصاية التركية على الثورة السورية" رداً على تصريحات وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو حول ضرورة تصالح المعارضة مع النظام السوري، وتنبّه هذا البيان الحاد الخالي من المواربة الكثير من الأطراف السورية والتركية.

تحدث موقع تلفزيون سوريا مع وزير العدل في الحكومة السورية المؤقتة و12 محامياً ومطلعاً على الخلاف والآليات الناظمة والقوانين، لتوضيح نقاط الخلاف بشكل تقني، بالإضافة إلى توضيح أهمية نقابة المحامين الأحرار التي زادت في السنتين الماضيتين.

انتخابات تموز 2023

وتعود جذور الخلاف إلى الإجراءات الانتخابية التي تبناها مجلس فرع النقابة، حيث تم فتح صناديق اقتراع في مدينتي الباب وغازي عنتاب التركية بالإضافة إلى الصندوق الرئيسي في اعزاز، وقوبلت هذه الخطوة بمعارضة شديدة من بعض المحامين الذين اعتبروا أن ذلك أدى إلى فوز مرشح على حساب آخر، مما أثار موجة من الاعتراضات والدعاوى القضائية التي أعادت الأمور إلى ما كانت عليه قبل الانتخابات.

​ وأجريت انتخابات نقابة المحامين الأحرار - فرع حلب بتاريخ 15 تموز 2023 وفاز برئاستها المحامي عبد الرزاق رزوق، لتعترض مجموعة من المحامين على النتائج وتعلن عدم اعترافها بها. ​

234534

يقول المحامي أحمد مزنوق، عضو مجلس فرع نقابة المحامين الأحرار في حلب، إن الخلاف حول الانتخابات الأخيرة تمحور حول تعليمات انتخابية أصدرها مجلس الفرع السابق، تضمنت فتح صناديق انتخابية في مدينتي الباب وغازي عنتاب بالإضافة إلى الصندوق الرئيسي في مدينة اعزاز، بهدف تمكين المحامين من اختيار مرشحيهم.

وأوضح مزنوق في حديث لموقع تلفزيون سوريا أن هذا القرار قوبل باعتراض من كتلة من المحامين، لأن فتح الصندوقين أدى إلى نجاح مرشح على حساب آخر، مشدداً على أن هذا الإجراء ليس مخالفاً للقانون، كون الأصوات التي تم احتسابها كانت لمحامين مسجلين في فرع حلب فقط.

بدوره، يُفصّل المحامي حومد سلطان حومد أسباب الخلاف من خلال سرد الأحداث التي سبقت الانتخابات، والتي تخللتها توترات ومشاحنات تفجرت وظهرت للعلن بعد إعلان نتائج انتخابات 15 تموز 2023.

وقال حومد في حديث لموقع تلفزيون سوريا إنه بموجب القانون المعمول به، يجب على مجلس فرع نقابة المحامين في بداية كل عام عقد اجتماع يدعو إليه الهيئة العامة، يتم خلاله طرح الأمور الهامة والحساسة للتصويت عليها، بالإضافة إلى عرض التقرير المالي السنوي والتقارير الخاصة بعمل المكاتب الأخرى، وهذه العادة جرت منذ سنوات طويلة، ويجب أن يحضر وزير العدل أو من ينوب عنه هذا المؤتمر.

وفي السابق، كانت انتخابات محامي حلب الأحرار تُجرى حسب كل منطقة، حيث كان يُخصص صندوق للمقيمين في مدينة حلب، وآخر للمقيمين في الريف الجنوبي والغربي، وثالث للمقيمين في الريف الشمالي والشرقي، وذلك حفاظاً على سلامتهم، وكانت آخر عملية تجري وفق هذا النظام في عام 2020، بحسب محدثنا.

وفي عام 2023 كان من المقرر أن يُعقد مؤتمر الهيئة العامة في شهر شباط، لكن بسبب حدوث الزلزال تم تأجيله إلى شهر آذار، وحينها تم عقد الاجتماع ضمن الأجندة العادية رغم عدم تمكن عدد كبير من المحامين من الحضور بسبب ظروف الزلزال والنزوح الذي تبعه خاصة بالنسبة للمقيمين في ولايات الجنوب التركي، وفق حومد.

وأضاف: "المفاجأة كانت هي قيام عدد من المحامين بتقديم طرح ينص على أن يكون التصويت في انتخابات نقابة المحامين (تجري كل 3 سنوات) فيزيائياً حصراً، بمعنى أن التصويت ينحصر في المقيمين في الشمال السوري فقط، ووقتئذ حدثت فوضى وشغب أجبر مجلس الفرع على الموافقة".

عقب ذلك، تقدم أكثر من 300 محامٍ ممن تم حرمانهم من التصويت بطلب إلى مجلس الفرع، أكدوا فيه أن القرار غير عادل لهم، خاصة أن بينهم مؤسسين للنقابة وآخرين ممن عملوا على ملفات حقوقية ضخمة، إضافة إلى أن التهجير لم يكن قراراً لهم بقدر ما كان فرضاً عليهم.

وفي انتخابات 15 تموز، قال حومد: "إن الفريق الذي طالب بالتصويت الفيزيائي رشّح مرشحيه، وقام مجلس الفرع بوضع الآليات القانونية الصحيحة، لكن ذلك الفريق خسر الانتخابات رغم تسببهم بحرمان نحو 400 محامٍ من التصويت، ليعودوا ويحدثوا أعمال شغب جديدة وصلت إلى شق نقابة المحامين إلى قسمين: قسم ريف حلب وقسم حلب".

قرر الرافضون لنتائج الانتخابات تشكيل نقابة فرع ريف حلب، وهو ما رفضته الحكومة السورية المؤقتة، وأعلنت عدم شرعية هذه النقابة.

بعد الانتخابات بأيام استقبل وزير العدل في الحكومة السورية المؤقتة القاضي المستشار حبوش لاطة رئيس وأعضاء مجلس فرع نقابة المحامين الأحرار بحلب بحضور وزير المالية الدكتور عبد الحكيم المصري ومعاون وزير الإدارة المحلية المحامي عبد الغني شوبك، حيث أدى عبدالرزاق رزوق رئيس مجلس فرع نقابة المحامين الأحرار بحلب اليمين القانونية المنصوص عنها في قانون الكاتب بالعدل فيما يخص موضوع تنظيم الوكالات.

وبعد 10 أيام من الانتخابات وفي 25 تموز 2023، اجتمع عبد الرحمن مصطفى رئيس الحكومة السورية المؤقتة في مقر الحكومة السورية المؤقتة بمدينة الراعي مع مجلس فرع نقابة المحامين الأحرار بحلب برئاسة عبد الرزاق رزوق، و"رحّب بالمجلس الجديد المنتخب و أثنى على الانتخابات النزيهة الشفافة التي يتميز فيها محامو حلب الأحرار دائماً"، بحسب وصف البيان.

هاجم مصطفى الطرف الرافض لنتائج الانتخابات عندما أضاف في البيان: التأكيد على رفض الحكومة أي كيانات موازية لا تستند إلى أي أسس قانونية و تنال من التجربة الديمقراطية"، في إشارة منه إلى فرع ريف حلب.

كثف رزوق وأعضاء مجلس فرع حلب زياراتهم واستقبالاتهم، مثل العميد عرفات حمود مدير إدارة القضاء العسكري، والقائد العام للفيلق الثاني وقائد فرقة السلطان مراد فهيم عيسى، ورئيس المجلس المحلي في مدينة إعزاز، ورئيس اتحاد طلبة سوريا الأحرار عبد الله مرندي، والعقيد أحمد قريوي مدير أمن منطقة اعزاز، ومعاون وزير الإدارة المحلية والخدمات المحامي عبد الغني شوبك ورئيس مجلس محافظة حلب الحرّة المهندس عبد السلام عبد الغفور بحضور ممثل المحافظة بالائتلاف.

 

يروّج الطرف الرافض لنتائج انتخابات تموز أن جميع من التقى بهم رزوق هم من المقربين لرئيس الحكومة المؤقتة والمنسق التركي الذي يسعى لإضعاف الكتلة الرافضة لتدخله في شؤون الشمال السوري.

في هذه المرحلة الزمنية يمكن تلخيص الخلاف - بحسب رواية الطرفين- بأنه بين فرع حلب برئاسة رزوق ومن خلفه الحكومة المؤقتة والمنسق التركي، وبين الطرف الرافض لنتائج الانتخابات الذي شكل فرع ريف حلب والذي تقف خلفه النقابة المركزية، ولذلك انتقلت ساحة الخلاف إلى المركزية لاحقاً.

تدخل النقابة المركزية ومحكمة النقض

رفع محامون معترضون على نتائج الانتخابات دعوى إلى النقابة المركزية لمحامي حلب الأحرار، وإلى محكمة النقض في مدينة الراعي، وصادقت الجهتان على الدعوى، حيث تم إبطال نتائج الانتخابات وإعادة تكليف المجلس القديم بتسيير الأعمال وإعادة الانتخابات خلال شهر وفق الجداول الانتخابية السابقة، وعدم قبول عضوية أي محامي دون مراسلة النقابة المركزية (فرع حلف متهم بتنسيب متدربين ومحسوبيات)، وبالتالي إعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل 15 تموز 2023.

وعليه عاد المجلس القديم لممارسة مهامه بصفته مجلس تسيير أعمال لحين تحديد موعد انتخابات جديد.

قرار محكمة النقض

وفي هذا الإطار، يقول المحامي أنور العيسى، إنه في عام 2023 جرى عقد مؤتمر عام للمحامين، تم خلاله رفع توصية إلى النقابة المركزية تدعو إلى منع التصويت الإلكتروني واعتماد التصويت الفيزيائي فقط، وبدورها قامت النقابة المركزية بعرض تلك التوصية على المؤتمر العام الذي يضم كل الفروع في الشمال السوري ويعتبر أعلى سلطة بالنسبة لنقابة المحامين، وتم إقرارها.

وأضاف في حديث لموقع تلفزيون سوريا: "ثم جرت الانتخابات وشابها ما شابها من عيوب، ووصلت بعض الأمور إلى حد التزوير، من خلال تسلم أحد المرشحين ختم لجنة انتخابية تم تشكيلها في مدينة غازي عنتاب، وهذا مخالف لأعراف وتقاليد المهنة، وبعد أن كان المحامون يجرون انتخاباتهم في مكان واحد فقط، ويحضرون من كل المناطق إلى مكان واحد للتصويت، قام المجلس بإحداث أكثر من صندوق، وهذا خلاف لما جرى عليه التعامل على مدى 100 عام من نقابة المحامين في سوريا".

وأردف: "بعد ذلك صدر قرار من النقابة المركزية بإبطال الانتخابات، وتحصن هذا القرار من أي نقض وتم تصديقه من قبل محكمة النقض، فأبطلت الانتخابات، وبعد ذلك تفاجأنا بأن المجلس المنتخب الذي أبطلت انتخاباته بدل أن يقوم بالدعوة لانتخابات جديدة قام بتسليم مجلس الفرع للأعضاء القدماء الذين كانوا سبباً في المخالفات القانونية والتزوير الذي حصل والشوائب التي لحقت بالعملية الانتخابية".

من جانبه، قال المحامي صالح العبد الله إن مجلس النقابة الحالي خالف القانون وقرار النقابة المركزية وحدد الانتخابات بتاريخ 15 تموز 2023، وقام بتأجيل موعد الانتخابات أكثر من مرتين خلافاً لقرار النقابة المركزية وقانون تنظيم المهنة وبدون أي مسوغ أو مبرر.

وأردف العبد الله في حديث لموقع تلفزيون سوريا: "الانتخابات تم فيها تزوير جدول الهيئة الناخبة من قبل كتلة من المجلس، ودس فيها أسماء ليسوا محامين، وأسماء محامين منقولين لنقابة إدلب، ولكون غالبية المحامين الممارسين للمهنة بشكل فعلي لم يقبلوا بالتزوير، قرروا تشكيل فرع ريف حلب للضغط على المزورين وإجبارهم على تطبيق القانون ليس إلا".

وأضاف: "إلا أن مجلس الفرع الحالي المبطلة انتخاباته قام بتشكيل نقابة خلافاً للقانون وبعدد لا يتجاوز الـ15 محامياً تحت جنح الليل، وأطلق عليها النقابة الليلية، والتي لاقت كل الدعم من قبل الحكومة المؤقتة والمنسق التركي على حساب النقابة الشرعية الوطنية".

من جهته قال عبد العزيز درويش أمين سر نقابة محامي حلب الأحرار في تصريحات صحفية إن منبع الخلاف ليس داخل فرع حلب وليست متعلقة بالعملية الانتخابية بقدر ما هو خصومة بين النقابة المركزية وفرع حلب، حيث ردّ درويش على رفض المركزية وجود متدربين غير منتسبين في الانتخابات، بأن هؤلاء مزاولين للمهنة، أما فيما يخص رفض المركزية للانتخاب الإلكتروني، فقال درويش إن لجنة الإشراف المسماة من المركزية سبق وأن مارست الانتخاب الإلكتروني.

نهاية 2023 تصاعدت حدة التوترات بين المحامين، وظهرت مخاوف من أن تؤدي هذه الخلافات إلى تشظي النقابة وتشكيل عدة نقابات متنافسة، مما يهدد بتقويض وحدة المهنة والتأثير سلباً على العمل القانوني في المنطقة.

تشكيل نقابة المحامين فرع ريف حلب

عقب رفض عشرات المحامين نتائج الانتخابات، شكلوا فرعاً نقابياً آخر باسم "فرع نقابة المحامين الأحرار بريف حلب"، برئاسة المحامي ياسين هلال، وعضوية عبد الرحمن حاج ديبو، وصالح عبد الله، وفراس نجار، وغيرهم. وصدّق نقيب المحامين السوريين (المركزية)، محمود الهادي النجار، على قرار تشكيل فرع ريف حلب لنقابة المحامين، رغم اعتراض فرع حلب على ذلك، واعتبار وزير العدل في الحكومة السورية المؤقتة تصديق النقيب خارج صلاحياته، ومطالبته بإلغاء مفاعيل القرار.

وقال المحامي صالح العبد الله في حديثه لموقع تلفزيون سوريا إن تشكيل نقابة ريف حلب جاء "لأن غالبية المحامين الممارسين للمهنة بشكل فعلي لم يقبلوا بالتزوير في الانتخابات، وقرروا تشكيل فرع ريف حلب للضغط على المزورين وإجبارهم على تطبيق القانون فقط".

من جانبه، قال المحامي حومد سلطان حومد إن تشكيل نقابة ريف حلب يعتبر كارثة، إذ إن أي خلاف في أي نقابة مستقبلاً قد يؤدي إلى تشظيها إلى عدة نقابات.

وأضاف أن الإعلان عن تلك النقابة جاء بعد اللجوء إلى النقابة المركزية، ورغم كل التنبيهات من القانونيين ومن وزارة العدل ووزارة الإدارة المحلية، وعدم وجود العدد المطلوب لتشكيل نقابة (150 محامياً).

واتهم حومد النقابة المركزية بأنها "مشكلة بحد ذاتها للمحامين جميعاً، بسبب آلية تشكيلها وهيكليتها ونسب التمثيل فيها، وعدم مراعاتها لأعداد محامي المحافظات المنتسبين لها"، موضحاً أن محافظة حلب لديها 900 محامٍ، وتمثيلها في النقابة المركزية مثل محافظة لديها أربع أو خمس محامين وليس لديها أي مكاتب في الداخل.

بعد ذلك، تم الطعن بقرار النقابة المركزية أمام محكمة النقض التي رفضت تشكيل نقابة ريف حلب وأمرت بإلغائها، وجاء ذلك القرار بالتزامن مع النقض الذي قدمه المحامون الرافضون لنتائج انتخابات تموز.

ويضيف حومد أنه في أثناء محاولة المجلس القديم التحضير لإجراء انتخابات جديدة، عرقل الطرف المعترض ذلك وأعاق تنظيمها، وبعد أخذ ورد، طرح ذلك الطرف اسم الدكتور خالد عكيدي للتحكيم في المشكلة وحل الخلاف.

ووفقاً لمحدثنا، توصل عكيدي بعد عمل طويل إلى أن النقابة المركزية تطبق القانون بحذافيره على فرع حلب فقط ولا تطبقه بباقي الفروع، مثل حصر الترشح والانتخابات بالمقيمين في الشمال السوري وحرمان المحامين المنتسبين للنقابة في دول الشتات من ذلك.

دور الحكومة المؤقتة

في خضم تلك التوترات والخلافات، تعرضت الحكومة السورية المؤقتة ووزارة العدل التابعة لها لانتقادات لاذعة، حيث تم اتهامها بالتدخل في عمل النقابة وترجيح كفة طرف على حساب آخر.

وصف المحامي حومد سلطان حومد موقف وزير العدل في الحكومة المؤقتة، حبوش لاطة، وفريقه، بأنه كان "تاريخياً ومشرفاً بعد رفضه قرار تشكيل النقابة، وتحذيره من عواقبه".

وأوضح حومد أن لاطة نبه المحامين الذين سعوا لتشكيل نقابة ريف حلب إلى أن "القانون الخاص بتنظيم مهنة نقابة المحامين واضح، وينص على أن كل محافظة يحق لها تشكيل فرع لنقابة المحامين إذا كان يوجد فيها أكثر من 150 محامياً متمرناً وأستاذاً، وفي حال عدم توافر العدد، يتم ضمهم إلى فرع النقابة الأقرب من محافظتهم، مثل محامي القنيطرة الذين انضموا لنقابة درعا لعدم وجود عدد كافٍ".

كما أنه بعد دراسة الملف بشكل دقيق وكامل من قبل وزير العدل وبعد مشاورات كبيرة، خلص إلى أن المادة 46 في قانون تنظيم المهنة تقول إن كل فرع لا يتجاوز عدد أعضائه الـ150 محامياً لا يُعتبر فرعاً، وبالتالي، عمم على القضاء المدني والعسكري منع قبول وكالات أي فرع لا يملك النصاب القانوني، وأقر جميع القضاة في المنطقة صحة ذلك القرار، وفق حومد.

وأشار حومد إلى أن "فرع ريف حلب" رفض قرار وزير العدل، و"أيدتهم فروع المحافظات التي لا تملك النصاب القانوني، وبعد ذلك تعرض لاطة لهجوم غير مبرر، رغم تاريخه الطويل في هذه المهنة وسمعته الحسنة ودوره في دعم المؤسسات القضائية في المنطقة".

في المقابل، يتهم المحامي صالح العبد الله الحكومة المؤقتة بدعم الطرف الآخر (الفائز بالانتخابات) وتسليمهم مجلس الفرع رغم الطعن بنتائج الانتخابات أمام النقابة المركزية ومحكمة النقض التي أبطلت النتائج "بداعي التزوير"، وقررت حلّ فرع ريف حلب.

وأضاف العبد الله: "طبّق محامو ريف حلب قرار النقض، إلا أن مجلس الفرع السابق المنتهية ولايته والذي ارتكب التزوير، عاد خلافاً للقانون وبأمر من المنسق القضائي التركي، وبتحريض من رئيس الحكومة عبد الرحمن مصطفى، ضارباً عرض الحائط بقرار محكمة النقض".

وأردف: "أصدر وزيرا العدل والدفاع وبأوامر من عبد الرحمن مصطفى عدة قرارات لا تستند إلى القانون، لمحاربة فئة من المحامين لصالح محامين محسوبين على الحكومة وهم المجلس الحالي المنتهية ولايته".

كذلك اتهم العبد الله الحكومة، وتحديداً وزيري العدل والدفاع، بإصدار قرارات "تهدف إلى محاربة باقي فروع النقابة ومنعها من تنظيم الوكالات"، مضيفاً أن مدير إدارة الشرطة العسكرية تدخل أيضاً لدعم الطرف الفائز بالانتخابات.

باختصار، صادقت محكمة النقض على بطلان انتخابات تموز 2023 وطالبت بالعودة إلى المجلس السابق بكونه مجلس تسيير أعمال لحين إعادة الانتخابات خلال شهر، كما صادقت محكمة النقض على إلغاء تشكيل فرع ريف حلب. التزم فرع ريف حلب بالقرار في حين لم يلتزم الطرف الآخر.

واستند فرع حلب على قانون تنظيم المهنة في الطعن بتشكيل فرع ريف حلب بأنه لا يملك النصاب القانوني، في حين لم يلتفت للتعديلات المصادق عليها على القانون ذاته الذي ينص على توقيف قيد عضو النقابة في حال مغادرته سوريا، وهذا التعديل محفوظ في سجلات فرع حلب، بحسب محامين من فرع ريف حلب سابقاً.

محاولة تشكيل مركزية جديدة

بتاريخ 24 آب 2023 عقد محامون من فرع حلب وجزء من فرعي حماة والرقة المؤتمر العام الاستثنائي في مدينة إعزاز، في خطوة اعتبرهتها النقابة المركزية ومحامو فرع ريف حلب سابقاً "مدبرة بليل" لتشكيل نقابة مركزية بديلة عن القائمة.

وقال المجتمعون في بيان بعد الاجتماع إنه تغيب رئيس وأعضاء مجلس النقابة المركزية ورؤساء مجالس الفروع بالرغم من دعوتهم أصولاً.

وقرر الحضور ما يلي: 

  • حجب الثقة عن مجلس نقابة المحامين الحالي.
  • إلغاء كافة القرارات الصادرة عنه بعد تاريخ 22 تموز 2023 م لانتهاء دورة مجلس النقابة المركزية وبالتالي يعتبر مجلس تيسير أعمال تقتصر قراراته على الأمور التنظيمية فقط.
  • تشكيل لجنة مؤلفة من رؤساء الفروع للتواصل مع مجالس الفروع في المحافظات السورية ودعوتها للمؤتمر الانتخابي.
  • تحديد موعد المؤتمر الانتخابي بتاريخ 30 آب 2023 وتشكيل لجنة تحضيرية للتحضير للمؤتمر الانتخابي وإدارة العملية الانتخابية المزمع عقدها، ومنح صلاحية تعديل موعد إنعقاد المؤتمر الانتخابي لرؤساء الفروع الأربعة المشاركين بالمؤتمر، حسب مقتضيات المصلحة العامة.

حضر الاجتماع فعاليات وشخصيات غير معنية بنقابة المحامين، ومنهم مَن اعتلى المنصة ممّن بادروا مسرعين للمباركة لرزوق بعد انتخابات فرع حلب المبطلة بقراري المركزية ومحكمة النقض، ومنهم عضو الإئتلاف نجيب الرحمون وعبد الغني شوبك رئيس مجلس محافظة وعبد الله عبد السلام مستشار وزير العدل.

يقول المحامي يوسف الحسين لموقع تلفزيون سوريا: اجتمع فرع حلب مع بعض المحامين من فروع الرقة وحماة ومحامي واحد فقط من فرع درعا، وبشكل مخالف للقانون بمجموع محامين لا يتجاوز العشرة، مع ممثلين عن الحكومة المؤقتة والائتلاف، وبدون إعلان واتباع الطرق القانونية، وقبل ثلاثة أيام من المؤتمر العام للنقابة المركزية، لانتخاب مجلس نقابة جديد بمشاركة كل فروع النقابة، وأعلنوا باجتماع ليلي مجهول المكان عن انتخاب نقابة مركزية موازية للنقابة المركزية الرسمية". 

وأكد الحسين أن النقابة المركزية لم يكن لديها خلافات يوماً، "لكن مجلس فرع حلب أراد أن يكون بدون رقابة على أعماله لذا اختلق المشاكل مع النقابة المركزية".

وأشار الحسين إلى وقوف الحكومة المؤقتة خلف المجتمعين وخلف فرع حلب عندما سارعت إلى اعتماد النقابة المركزية الجديدة بشكل رسمي، وأوضح أنه "بعد إعلان محكمة النقض إبطال إنتخابات فرع حلب، لم يعد للنقابة التي سميت بالليلية وجود"، وبناء عليه عاد أعضاء مجلس النقابة المحدثة إلى مجلس فرع حلب، والآن تمارس النقابة المركزية الشرعية أعمالها بالتعاون مع باقي فروع النقابة.

وأكد المحامي يوسف الحسين أن النقابة المركزية "مرجع لكل الفروع وتمارس رقابتها على كل أعمال الفروع حسب القانون ... كما للمحاكم درجات لايستقيم العمل القضائي بدونه، كذلك النقابة هي مرجع طعن لكل قرارات الفروع".

وأضاف الحسين: "تم مواجهة الحكومة المؤقتة بدعمها لتشكيل نقابة مركزية موازية، لكن للأسف الحكومة عملت على هدم النقابة الأساسية -رغم قرار محكمة النقض- وآخرها قرار وزير العدل بإلغاء كافة فروع النقابة حتى فروع المنطقة الشرقية الحسكة والرقة ودير الزور وحصر عمل المحامين الأحرار بفرع حلب ومنع عمل المحامين الأحرار وقبول وكالاتهم إلا بإنتقالهم لفرع حلب وهو قرار مخالف لكل القوانين".

وفي الوقت الحالي لا توجد أي علاقة للنقابة المركزية مع الحكومة المؤقتة، أما العلاقة مع فرع حلب فيقول الحسين إن الفرع "ممتنع عن تنفيذ أي قرار من قرارات النقابة ويتصرف وفق أهواء مجلس الفرع بعيداً عن القانون .. تم التواصل مراراً مع مجلس الفرع ولكن للأسف المجلس يريد أن يبقى هو السلطة العليا ولا يقبل بسلطة عليا تراقب أعماله".

اجتماع عفرين يفجر الخلاف مجدداً

عادت خلافات النقابة إلى الواجهة مجدداً بعد الاجتماع الذي عقد في مدينة عفرين يوم السبت، والذي تخلله مشادات كلامية تطورت إلى عراك بالأيدي، لم ينته إلا بعد تدخل الشرطة ورش مادة مهيجة تسبب العطاس.

وتتباين آراء الطرفين حول سبب اندلاع الخلاف في عفرين، إذ اتهم المحامي أحمد مزنوق الكتلة التي سعت لإحداث نقابة ريف حلب بإحداث مشكلات جديدة خلال الاجتماع.

كذلك، قال المحامي حومد سلطان حومد إن فريق "فرع الريف" عرقل في السابق عقد المؤتمر السنوي، الذي كان محدداً في شهر شباط الماضي، "وبعد عدة محاولات انعقد في 10 آب الجاري وحضره قرابة 30 محامياً من المحامين المعترضين من أصل أكثر من 300 محامٍ، بالإضافة إلى 200 آخرين اجتمعوا عن طريق غرفة بتطبيق زووم نظمتها نقابة المهندسين".

وكما جرت العادة، يقول حومد: "حضر وزير العدل الاجتماع، إلا أن الطرف المعترض تهجم عليه لفظياً، ومن ثم تطور الأمر إلى محاولة الاعتداء عليه بالضرب، ليتدخل باقي المحامين ويمنعوا الاعتداء على لاطة، ومن ثم تدخلت الشرطة وفضت المشاجرة، وبعد تهدئة الأمور وإعادة المحامين إلى الصالة، تم طرح ثلاثة بنود: الأول هو تحديد موعد الانتخابات، والثاني السماح للمحامين في الخارج بالتصويت عبر الإنترنت، والثالث هو المصادقة على التقارير الصادرة عن مجلس الفرع، وتم التصويت عليها بالأغلبية، لكن ذات الطرف عاد ورفض مقررات المؤتمر، لأنه يرغب في إجراء محاصصة في النقابة".

في المقابل، يقول المحامي صالح العبد الله إن الخلاف بين المحامين هو خلاف سياسي وليس متعلقاً بالانتخابات فقط، معتبراً أن اجتماع عفرين تم عقده بدعوة من مجلس "منتهية ولايته وفاقد للشرعية بكل المقاييس القانونية وليس مخولاً بالدعوة لمؤتمر هيئة عامة انتخابية".

وأوضح محامون من فرع ريف حلب سابقاً، أن المجلس الحالي مهمته تسيير أعمال فقط وبالتالي لا يحق له الدعوة لمؤتمر سنوي، وأشاروا إلى أن الغاية من المؤتمر "غير القانوني وغير الشرعي" إصدار قرارات جديدة تضمن نجاح الكتلة المقربة من عبد الرحمن مصطفى.

وأضاف العبد الله: "كان من الأجدر بالمجلس أن يقوم بإعادة الانتخابات فور صدور القرار القضائي العام الماضي، بعد أن يقوم بتلافي كل الأخطاء والعيوب والمطاعن التي شابت الانتخابات، لا أن يقوم بالدعوة إلى هيئة عامة مخالفة للقانون لتمرير قرارات تصب في مصلحته وتخدم أجنداته في الانتخابات المقبلة، مما يزيد من تفاقم المشكلة ويكرس الغش والاحتيال وخرق القانون بدلاً من تصحيح الأخطاء السابقة".

كما اتهم العبد الله مجلس الفرع بدعوة عدد كبير من الأشخاص الذين ليسوا محامين إلى الاجتماع، واستجلاب "مسلحين للتشبيح على زملائهم، ورش الغاز السام والمسيل للدموع، وتمرير قرارات خلسة دون التصويت عليها من قبل جميع الحضور، مستغلين مغادرة عدد كبير بسبب الغاز السام، وعدم إحصاء عدد المصوتين وتسجيل أسمائهم والتحقق من هوياتهم".

ورصد موقع تلفزيون سوريا في التسجلات المصورة في اجتماع عفرين قبل يومين وقوف رئيس اتحاد طلبة سوريا الأحرار عبد الله مرندي على المنصة، وف اليوم ذاته أصدر أعضاء المكتب التنفيذي بيان تنديد بمشاركة المرندي، والأخير كان من ضمن الوفود التي استقبلها رزوق ضمن جملة الاستقبالات والزيارات، ومتهم بالعلاقة المقربة من عبد الرحمن مصطفى المتهم أيضاً بمحاولاته للسيطرة على النقابات في الشمال السوري، وهو ما مكن المرندي من النجاح في الانتخابات قبل أيام لدورة ثانية في رئاسة اتحاد الطلبة.

المحامي أنور العيسى قال أيضاً إن القسم المعترض لا يعترف بشرعية المجلس مطلقاً، أما الخلاف في اجتماع عفرين فقد كانت بدايته برفض جلوس أعضاء المجلس على المنصة كرئيس للمؤتمر، وفي "أثناء الجدال دخل وزير العدل حبوش لاطة، فاعترض عدد من المحامين على وجوده ليس لشخصه، وإنما لكونه يمثل الحكومة المؤقتة التي كانت شريكة في هذا المجلس وخرق القانون وشق صف المحامين من خلال تقوية طرف ضد آخر، كما تدخل المنسق العدلي القديم وألزم الضابطة العدلية بتسليم مقر فرع حلب للمجلس القديم المنتهية ولايته والذي يرأسه المحامي حسن الموسى".

وأضاف: "مع إصرار المجلس على جلوس وزير العدل وإلقاء كلمة، حدثت بعض الإشكاليات التي تم تلافيها لاحقاً، ثم طلبنا منه أن يغادر مع الرفض المطلق لحضور أي ممثل للحكومة، كونها ليست حكومة ثورة ولا تمثل الشارع وإنما تسعى إلى إيجاد بؤر مشكلات".

واتهم العيسى بعض المحامين من مجلس الفرع بافتعال المشكلات، قائلاً: "أقدم بعضهم على ضرب محامين آخرين، وبعد تهدئة التوترات، طرح رئيس مجلس فرع حلب مسألة خلافية هي التصويت الإلكتروني الذي تم حسمه العام الماضي من قبل المؤتمر العام".

كما انتقد العيسى التصويت على التقرير المالي، بسبب توزيعه قبل التصويت بدقائق "بشكل يخالف الأصول، إذ يجب أن يطلع المحامون على التقرير قبل مدة كافية تمكنهم من مراجعته".

وأعلن فرع حلب على صفحته في فيسبوك بعد انتهاء الاجتماع: "في افتتاح الجلسة الثانية بعد عدم اكتمال النصاب القانوني في الجلسة الأولى حصلت بعض النقاشات الحادة في جو ديمقراطي و للأسف وصلت لحد كبير من التوتر. تم متابعة الاجتماع وتوزيع جدول الأعمال والتصويت على التقارير المالية والتنظيمية وإقرارها، وتم التصويت على المقترحات والتوصيات المدرجة على جدول الأعمال بالأغلبية الساحقة وأهمها:

  • تحديد موعد انتخابات مجلس فرع نقابة المحامين الأحرار بحلب بتاريخ 15 تشرين الأول 2024.
  • تحديد آلية التصويت لكل المحامين المقيدين في جدول المحامين سواء في الداخل أو في المهجر (فيزيائي وإلكتروني).

وأعلن الطرف الثاني في بيان مصور أن مخرجات الاجتماع باطلة للأسباب التالية:

  • مجلس فرع حلب غير قانوني ومنتهية ولايته منذ تاريخ 24 6 2023 ولا يمتلك الصفة القانونية للدعوة لهيئة عامة وإنما مهمتة تنحصر بالدعوة لهيئة عامة انتخابية لإعادة الانتخابات فقط، تنفيذاً لقرارات النقض والمركزية.
  • تمت الدعوة لتمرير قرارات مخالفة للقانون ومخالفة لقرارات الهيئة العامة السابقة المنعقدة بتاريخ 31 3 2023، ومخالفة لقرارات النقابة والمؤتمر العام للنقابة المنعقد بتاريخ 5 6 2023.
  • تم عقد المؤتمر خارج مقر الفرع وبتوقيت مبكر وغير مناسب لحرمان أعضاء من الهيئة العامة من الحضور وتم إحضار عسكريين وطلاب يرتدون لباساً مدنياً وهم من أعضاء عضو الفرع المنتهية ولايته أحمد رشيد، لممارسة التهديد والترهيب على المحامين الحاضرين حيث قاموا برش غاز مسيل للدموع وإصدار قرارات من مجلس الفرع أثناء انشغال المحامين بالمشاجرات.
  • خرج قسم كبير من المحامين لخارج القاعة بسبب تعرضهم للاختناق ودون مشاركة المحامين بالتصويت عليها ودون التأكد من صفات الحاضرين وخلال مدة لا تتجاوز الدقيقة الواحدة علماً أن التقرير المالي لوحده يحتاج لعشرة أيام للمصادقة عليه.

 

حل أزمة نقابة المحامين في حلب من وجهة نظر طرفي الخلاف

قدم طرفا الخلاف وجهات نظرهما للخروج من هذه الأزمة، وإعادة التئام النقابة إلى ما كانت عليه قبل التوترات، لا سيما أن هذا الوضع يؤثر على العمل القانوني في المنطقة بشكل عام، ويعطي صورة سلبية عن النقابة وجميع أعضائها.

ورأى المحامي أحمد مزنوق في حديثه لموقع تلفزيون سوريا أن "حل المشكلة واضح، وهو أن مجلس الفرع الذي يسير الأعمال الآن حدد موعد الانتخابات في 15 تشرين الأول القادم ضمن آليات قانونية، لذلك يجب على جميع الأطراف والفرقاء البدء في حملاتهم الانتخابية، فإن كانوا جديرين بثقة المحامين فالنجاح سيكون حليفهم وسيستحوذون على المجلس بأصوات ناخبيهم، أما وضع العصي في العجلات من قبل أي طرف فهو غير مفيد".

ورفض مزنوق تحميل أي جهة مسؤولية إحداث شرخ داخل النقابة، معتبراً أن الأمر يتعلق "ببعض المحامين الذين لم ترضهم نتائج الانتخابات ويريدون النجاح بأي وسيلة، كما حدث مؤخراً حين تعذروا بحضور وزير العدل للمؤتمر السنوي الذي يعتبر حضوره رمزياً، علماً أن جميع الأضابير التي ينتسب من خلالها المحامون أو طلاب الانتساب تقدم لوزير العدل للاطلاع عليها، وهو يحضر كضيف وليس كإشراف أو تدخل في عمل الفرع أو النقابة لا من قريب ولا من بعيد، وبالتالي حضوره قانوني".

وأضاف: "إنهاء الخلافات يكون بالطريقة الديمقراطية، وذلك من خلال حضور المحامين للانتخابات المقررة في 15 تشرين الأول 2024 بكل نزاهة وديمقراطية، ونحن نقبل بأي جهة تراقب أو تشرف على الانتخابات لمنع ظهور مصطلحات جديدة مثل التزوير، الذي لم يكن موجوداً خلال الانتخابات الماضية على الإطلاق".

وأكد المحامي حومد سلطان حومد أن الحل يكون بتطبيق القانون التنظيمي رقم 30 والالتزام به، معتبراً أنه "من غير المقبول القول بوجود انقسام في النقابة، إذ إن نحو 30 محامياً من أصل 800 محامٍ لديهم رأي مخالف، بينما باقي أعضاء النقابة لن يوفروا جهداً لإعادة الأمور إلى وضعها الطبيعي، والانتخابات قادمة والصندوق هو من سيختار الأفضل للمحامين جميعاً بعيداً عن المحاصصات وفرض القرارات بالقوة".

من جانبه، يرى المحامي صالح العبد الله أن الحل يكمن في تطبيق قانون تنظيم مهنة المحاماة رقم 30، والالتزام بقرارات الهيئة العامة المنعقدة بتاريخ 21 آذار 2023، وقرارات المؤتمر العام للنقابة المركزية المنعقد بتاريخ 5 حزيران 2023، والقرارات القضائية التي أبطلت الانتخابات والتهيئة لإعادة الانتخابات بإشراف لجنة قضائية أو مجلس النقابة المركزية وفق الأصول والقانون.

كما طالب العبد الله بإبعاد من وصفهم بـ"الطغمة الفاسدة والمغتصبة لمجلس فرع حلب"، متهماً إياهم بـ"تسخير كل مقدرات وقرارات الفرع لمصالحهم الخاصة، وإحكام السيطرة على فرع النقابة من خلال القرارات التي تصدر بشكل مخالف للقانون لضمان بقائهم واستمرارهم في إدارة وقيادة مجلس فرع حلب".

من جهته، قال المحامي أنور العيسى إن الحل يكون من خلال تطبيق القانون الذي يمنح النقابة المركزية سلطة إصدار جدول المحامين، وتحديد موعد الانتخابات والإشراف الكامل على العملية الانتخابية، بالإضافة إلى تحديد عدد المتمرنين في كل مكتب، "حتى لا يتم استخدامهم في البربوغندا الإعلامية التي يستخدمها مجلس الفرع".

وشدد العيسى على أن "الانتخاب وفق القانون يجب أن يكون فيزيائياً وفي مكان واحد، ويكون محصوراً بالعاملين على الأرض لأنهم الأقدر على اختيار الأفضل للدفاع عن حقوقهم وعدم استخدام فرع حلب للمؤسسة لمآرب شخصية ضيقة".

كما طالب بترقين قيد المحامين الذين يتولون وظائف عامة خلال مدة وظيفتهم "لأن وجودهم ضمن الهيئة العامة يتنافى مع القانون"، وكذلك ضباط الشرطة والأمن وغيرهم لأن طبيعة عملهم تتناقض مع مهنة المحاماة. وأكد على ضرورة محاسبة كل من خالف القانون أو مارس التزوير في انتخابات 15 تموز 2023.

وزير العدل يعلق على أزمة نقابة المحامين في حلب

علق وزير العدل في الحكومة السورية المؤقتة، حبوش لاطة، على أزمة نقابة المحامين في حلب، والاتهامات التي وجهت إليه خلال فترة الخلافات، ودور الوزارة في تقريب وجهات النظر ورأب الصدع.

وقال لاطة في تصريح خاص لموقع تلفزيون سوريا إن القوانين الواجبة التطبيق في الشمال السوري هي القوانين السورية الصادرة قبل بدء الثورة وبمرجعية دستور عام 1950، ومن ضمن هذه المنظومة قانون تنظيم مهنة المحاماة رقم 30 لعام 2010.

وأضاف: "إلا أنه بعد انتخابات مجلس فرع حلب التي جرت بتاريخ 15 تموز 2023، لجأ بعض المحامين إلى تشكيل مجلس جديد باسم فرع ريف حلب، مخالفين قانون الإدارة المحلية وقانون تنظيم المهنة. بادرت نقابة المحامين المركزية إلى اعتماد هذا الفرع، وهنا تدخلت وزارة العدل بموجب صلاحياتها القانونية وأصدرت قراراً بإلغاء قرار النقابة الذي اعتمد فرع ريف حلب، مما اضطر المحامين الذين أحدثوا الفرع إلى اللجوء إلى القضاء الذي أعطى كلمته بإلغاء فرع الريف".

بعد ذلك، وجهت الوزارة كتاباً إلى النقابة المركزية تطالبها بضرورة التقيد بأحكام القوانين، إلا أن النقابة ضربت بتوجيهات الوزارة عرض الحائط، وفقاً للاطة.

وأكد لاطة على أن تدخل الوزارة كان ينحصر في الجانب التنظيمي فقط، مشيراً إلى أن النقابة المركزية استمرت في تجاهل الالتزام بأحكام القانون، مما اضطر الوزارة إلى التوجيه مجدداً بضرورة التقيد بأحكام قانون تنظيم مهنة المحاماة.

وفي العاشر من آب الجاري، عقد فرع حلب مؤتمره السنوي، وتمت دعوة وزارة العدل إلى الاجتماع وفقاً لأحكام القوانين، ولدى حضور الوزارة إلى هذا المؤتمر، اعترض المحامون "الذين يحملون لواء الانشقاق"، وحصل ما حصل من عراك ومشادات، ليغادر وفد الوزارة الاجتماع استجابة لمطلب تلك المجموعة التي لا تمثل سوى 10% من إجمالي الحضور، بحسب لاطة.

وشدد وزير العدل على أن حل الأزمة يكون بتطبيق أحكام قانون تنظيم مهنة المحاماة كونه الفيصل في ذلك.

أما النقابة المركزية فتشدد على وجوب تطبيق قانون تنظيم المهنة وما يتضمنه من أن كل محامي خارج القطر لأكثر من شهرين يرقّن قيده وكذلك بالنسبة لكل محام موظف في مؤسسة عامة، وكل محام لم تعرض أوراقه على النقابة المركزية لايعتبر محامياً.

 

خلاصة ما رصده واستمع إليه موقع تلفزيون سوريا، أن الخلاف بين محامي حلب وانتقاله إلى المركزية ليس بسبب اختلاف في تفسير أو تطبيق القرارات والآليات الناظمة بقدر ما أنه يخفي صراعاً أوسع يتمثل بوقوف قسم من المحامين ضد تدخلات الحكومة المؤقتة في العمل النقابي وسيطرتها عليه مثل ما حدث في معظم النقابات والجمعيات المدنية في مناطق عمل المؤقتة، وهذه المواجهة بين الطرف المدافع عن قدسية العمل النقابي وبين المؤقتة زادت حدتها بعد أن أظهر المحامون موقفاً حازماً لا مواربة فيه عقب التصريحات التركية منذ عام 2022 بالتطبيع مع النظام السوري، وطالب المحامون بكف يد المنسقين الأتراك في إدارة شؤون الشمال السوري.

لا يقتصر حراك المحامين في الشمال السوري على المجال القانوني، بل هو نخبوي في المجالين السياسي والحقوقي والوطني.

ولم يتمكن تلفزيون سوريا من التحقق من الادعاءات بوجود فساد مالي كبير في فرع حلب والحكومة المؤقتة ووزارة العدل، والادعاءات بأن تدخّل المؤقتة بنقابة المحامين له دافع شخصي يتمثل بولاءات ومنافع مالية كبيرة مرتبطة بالوكالات وغيرها.

تقول الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقرير نهاية أيار الفائت:

"لطالما كانت مؤسسات المجتمع المدني ونشاطها وفي مقدمتها النقابات المهنية مصدر فخر واعتزاز في الدول الديمقراطية التي تعتبر أن الشعب هو مصدر السلطات. ويتنامي دور النقابات في حالة السيولة واللا نظام الذي تعيشه مختلف المناطق السورية، إذ لا يقتصر دورها فقط في الدفاع عن مصالح أعضائها ومنتسبيها، وإنَّما البحث عن تشكيل جديد الأدبيات التعامل مع الاستبداد والتطرف في وضع الفراغ، وتقديم حلول وطنية قائمة على أساس التنظيم والهوية الوطنية الجامعة، والانتقال في التعامل مع المجتمع المدني السوري لمرحلة مختلفة عن عهد الاستبداد الأسدي الأب والابن الذي عمل على تعطيل دوره وربطه بالسلطة".

تقرير الشبكة السورية حذّر من تدخل الحكومة المؤقتة في عمل النقابات، وأوضح أنه فيما يتعلق بنقابة المحامين أنه بالنظر للمادة 46 من القانون رقم /30/ لعام 2010، وهو القانون الذي تم اعتماده من نقابة المحامين الأحرار لتنظيم مهنتهم، يتبين أن اختصاص إنشاء أو إلغاء أو دمج الأفرع هو من اختصاص مجلس النقابة الذي يملك هذا الحق حصراً، ما يجعل قرار وزير العدل رقم /29 / لعام 2024 مشوباً بعيب عدم الاختصاص وهو في غير محله ويعتبر تعدياً على اختصاص مجلس النقابة.
وأشارت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، إلى أن وزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة قد سبق وحاولت أيضاً التدخل في عمل النقابة بقرارها رقم 308 / الصادر بتاريخ 15 تشرين الثاني/ 2023 وها هي وزارة العدل تعيد الكرة، مما يؤشر على محاولة تكريس سيطرة السلطة التنفيذية على النقابات المهنية والهيمنة عليها، ما يفقدها هويتها ودورها واستقلاليتها، ومحاولة لمصادرة بعض مكتسبات الحراك الشعبي في سوريا لعام 2011، وجعل النقابات أحد الأذرع التنفيذية الإدارية الحكومية والتحكم بقراراتها.