في الوقت الذي لا يزال الشارع الإسرائيلي المنتفض ينتظر بياناً من نتنياهو يعلن فيه تجميد التعديلات القضائية "المثيرة للجدل"، وسط استمرار المظاهرات في مناطق متفرقة في إسرائيل، قرر نتنياهو وبن غفير تأجيل التصويت على التعديلات وليس إلغاءها.
وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، إن نتنياهو اتفق بعد مداولات مع وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير على تأجيل التصويت على التعديلات القضائية إلى جلسة الكنيست المقبلة وليس إيقافه كما كان متوقعا.
وأشارت إلى أنه في هذه الحال سيتم التصويت على التعديلات في تموز/يوليو المقبل على أبعد تقدير.
ويأتي القرار المخيب للآمال في الوقت الذي يتدفق فيه عشرات الآلاف من المتظاهرين إلى ساحة الكنيست في القدس الغربية إضافة إلى قطع جميع الطرقات المؤدية إلى الوزارات الحكومية المغلقة.
كما خرجت مظاهرات حاشدة، بشكل متزامن، في أنحاء متفرقة من إسرائيل، شارك فيها الآلاف في بئر السبع وحيفا ورحوفوت.
צעדה של מאות מפגינים בהובלת החזית הורודה יצאה לכיוון שדרות יצחק רבין כאן ממתינים להם עשרות שוטרים, גדרות ופרשים pic.twitter.com/PQx7TCzs72
— Bar Peleg (@bar_peleg) March 27, 2023
المماطلة من دون التنازل
كان من المفترض أن يلقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خطاباً اليوم، ولكنه أرجأه بسبب خلافات قادة الائتلاف الحكومي قسم منهم يعارض تجميد التعديلات وقسم آخر وعلى رأسهم نتنياهو يريد تجميدها لامتصاص غضب الشارع.
أمس الأحد، وصلت الساحة الإسرائيلية إلى درجات "غير مسبوقة" من الاشتعال، حيث خرج مئات الآلاف من الإسرائيليين في مظاهرات حاشدة في تل أبيب والقدس الغربية وحيفا احتجاجاً على إقالة نتنياهو لوزير الدفاع يؤاف غلانت، الذي طلب تجميد "التعديلات القضائية".
إثر ذلك، عقد نتنياهو اجتماعاً طارئاً صباح اليوم الإثنين، مع قادة الائتلاف الحاكم لمناقشة الخروج بحل وسط الغليان الشعبي الرافض لسياسة حكومته.
وأشارت التوقعات إلى أن نتنياهو قريب إلى إعلان تجميد التعديلات، بعد تسوية الخلافات بين قادة الائتلاف حول تجميد التعديلات القضائية.
وقالت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية، إن نتنياهو أبلغ قادة الائتلاف عزمه تجميد التعديلات القضائية، وسط جدل وخلافات بين مؤيد ومعارض على هذا التنازل لمطالب المتظاهرين.
وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أن رؤساء الائتلاف يصيغون بياناً للخروج من الأزمة التي تهدد مصير الحكومة.
فوضى واحتجاجات تصل إلى الكنيست ومنزل نتنياهو..
— تلفزيون سوريا (@syr_television) March 27, 2023
إسرائيل تشهد أكبر خطر منذ 1973 والمعارضة تحذر من انهيارها
ما الذي يجري؟#تلفزيون_سوريا #نيو_ميديا_سوريا pic.twitter.com/eFFG7ITyia
نتنياهو يعرض عودة وزير الدفاع وينادي المتظاهرين بـ "نحن إخوة"
في حين لا تزال التوقعات بأن يعلن نتنياهو تجميد التعديلات بعد التفاوض مع شركائه في الحكم من اليمين المتطرف.
ولكن إلى غاية إعداد هذه التقرير، كل ما صدر عن نتنياهو هي دعوته للمتظاهرين إلى الابتعاد عن العنف ومخاطبتهم بقوله "نحن إخوة".
كما اشترط نتنياهو على وزير الدفاع يؤاف غلانت، الذي أقاله على خلفية طلبه تجميد التعديلات، العودة إلى منصبه كوزير، ولكن يخسر مقعده في الكنيست.
وقالت هيئة لابث الإسرائيلية الرسمية، إن غلانت رفض عرض نتنياهو الذي طلب منه الاستقالة من الكنيست إذا أراد لبقاء في منصبه وزيراُ للدفاع.
ويعد غلانت أول وزير من حزب الليكود الذي يقوده نتنياهو يعلن موقفه ضد التعديلات القضائية، ويراها خطراً ملموسا على أمن إسرائيل.
נתניהו מציב תנאי לגלנט: תתפטר מהכנסת במסגרת החוק הנורווגי אם אתה רוצה להישאר שר הביטחון. גלנט מסרב@shemeshmicha pic.twitter.com/hs1Ff31CBq
— כאן חדשות (@kann_news) March 27, 2023
الإضراب العام
أعلنت العديد من الجهات الحكومية، اليوم الإثنين، انضمامها إلى الإضراب العام الذي دعت إليه "الهستدروت" (اتحاد العمال) احتجاجاً ضد سياسة حكومة اليمين المتطرف بقيادة نتنياهو.
وشمل الإضراب المدارس والجامعات والبنوك الكبرى والمطار الرئيسي في إسرائيل مطار بن غوريون والموانئ، ونقابات العمال والأطباء والمحامين، فضلاً عن انشقاقات دبلوماسيين في الخارج.
اليوم الإثنين، أعلنت إدارة مينائي حيفا وأسدود الرئيسيين في إسرائيل تعليق العمل استجابة للإضراب إلى حين إيقاف الحكومة التشريع القضائي.
كما علق مطار بن غوريون في تل أبيب الرحلات المغادرة كجزء من الاحتجاجات النقابية.
في حين تدرس السفارات الإسرائيلية في شتى أرجاء العالم طلبا قُدم إليها من نقابة العمال بالانضمام إلى الإضرابات، بحسب وكالة رويترز للأنباء.
كما أعلنت سلسلة مطاعم "ماكدونالدز" للوجبات السريعة في تغريدة على تويتر أنها ستغلق جميع فروعها في إسرائيل اعتبارا من ظهر اليوم بالتوقيت المحلي.
وتشهد إسرائيل أزمة سياسية "غير مسبوقة" تتمثل باستمرار الاحتجاجات، منذ شهرين ونصف، للضغط على حكومة نتنياهو للتراجع عن خطته بتمرير مشروعات قوانين من شأنها أن تحد من سلطة القضاء واستقلاليته.
وتصاعدت في الأيام الأخيرة الاحتجاجات التي باتت تأخذ زخماً أكبر ومنحى يهدد انهيارا في المشهد السياسي الإسرائيلي.
الأزمة الداخلية في إسرائيل
تشهد إسرائيل منذ عودة بنيامين نتنياهو (صاحب أطول فترة حكم في إسرائيل) إلى الحكم اضطرابات داخلية وانقساماً حاداً في الشارع على خلفية محاولة اليمين المتطرف الحد من استقلالية المحكمة العليا.
ومنذ الأيام الأولى لتشكيل حكومته السادسة، قبل أقل من 3 أشهر، طرح نتنياهو خطة حكومية "مثيرة للجدل" تقدم بها وزير العدل ياريف ليفين، يقول إنها "إصلاحات ضرورية للقضاء".
وتصر الحكومة على تنفيذ "مشروع ليفين"، رغم الرفض الشعبي الواسع لهذه الخطوة، بينما تقول المعارضة التي تقود المظاهرات بأنها "انقلاب على الديمقراطية".
إلى ذلك، وصلت الاحتجاجات المستمرة منذ 12 أسبوعاً إلى درجة "الغليان"، وسط مشاركة واسعة من النخب السياسية والعسكرية ضد التدخل الحكومي في الجهاز القضائي.
تتضمن الخطة الحكومية أربعة بنود هي: الحد من مراجعة القضاء لتشريعات الكنيست (المعروف باسم تشريع التغلب)، وسيطرة الحكومة على تعيينات القضاة، وإلغاء تدخل المحكمة العليا في الأوامر التنفيذية، وتحويل المستشارين القانونيين للوزارات إلى معيَّنين سياسيين.
وتعد "المحكمة العليا" أعلى سلطة قضائية في إسرائيل، يقول أنصار اليمين المتطرف بأن أعضاءها حكر على النخب اليسارية والسياسية وأصحاب الثروة، ولا يُسمح بدخول أبناء "الهوامش" والطبقات الدينية.
يبرر نتنياهو خطته بأن قضاة "المحكمة العليا" غير منتخبين من الشعب، لذا يحاول إعطاء صلاحيات أوسع للساسة في تعيين أعضائها.
في المقابل، ترى المعارضة أنها محاولة من نتنياهو للتهرب من قضايا الفساد الموجهة ضده عبر إدخال قضاة موالين له، وتصف حكومته بـ "الإرهابية".
يواجه نتنياهو (73 عاماً)، ثلاث لوائح اتهام تتعلق بالرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة، منذ عدة سنوات.
في 29 كانون الأول/ديسمبر الماضي، أدت حكومة نتنياهو اليمين الدستورية، تضم ائتلافاً حكومياً من 6 أحزاب اليمين الديني المتطرف، وتوصف بأنها "الأكثر يمينية وتطرفاً" في تاريخ إسرائيل.
صراع على هوية إسرائيل
ترى المعارضة إضعاف سلطة القضاء بأنه حرب على القيم الليبرالية، وأن الحد من صلاحية "المحكمة العليا" يعني الحد من حقوق الأقليات ومجتمع الميم وسيطرة نظام ديكتاتوري يحاول صبغ إسرائيل بلون اليمين الديني المتشدد.
ويقول مراقبون إن الانقسام في الشارع الإسرائيلي يشكل صراعاً على هوية الدولة، بين "إسرائيل البيضاء" و"إسرائيل الهوامش"، وفقاً للعديد من التقارير التي اطلع عليها موقع "تلفزيون سوريا".
وتتسع رقعة الاحتجاجات وتزداد زخماً في إسرائيل ووصلت إلى درجة رفض جنود الاحتياط الخدمة، الأمر الذي يصفه أنصار اليمين بأنه "تمرد" يهدد وجود إسرائيل.
إضافة إلى الضغط الأميركي على حكومة نتنياهو للعدول عن خطته، لأنها لا تتماشى والقيم الديمقراطية التي تدافع عنها إدارة بايدن.