ملخص
- تعرض مئات السوريين لعملية احتيال من قبل شركة سورية تنقل العمال إلى ليبيا.
- الشركة يديرها رجل أعمال عليه حكم بالإعدام في ليبيا ومدرج على قوائم العقوبات الأميركية والأوروبية.
- العمال السوريون في ليبيا يعانون من عدم دفع الرواتب وسوء ظروف العمل والمعيشة.
- شركة "الأيادي الذهبية" وعدت العمال برواتب وظروف جيدة، لكن الواقع كان مختلفاً تماماً.
- العمال يواجهون تهديدات بدفع غرامات إذا حاولوا العودة إلى سوريا، مع احتجاز جوازات سفرهم.
- تنظيم مظاهرات احتجاجية من قبل العمال قوبل بوعود كاذبة من الإدارة ومعاملة قاسية من السلطات الليبية.
- رئيس الشركة، عبد الإله محمود الدج، متورط في تهريب المخدرات ومدرج على قوائم العقوبات.
- الشركة متهمة باستغلال العمال في ظروف غير إنسانية والتورط في تجارة البشر.
كشف تحقيق أعدته شبكة "السويداء 24" عن تعرض مئات السوريين لعملية احتيال عن طريق شركة سورية متخصصة بنقل الكوادر والعمال إلى ليبيا، يديرها رجل أعمال عليه حكم بالإعدام في ليبيا بتهمة تهريب المخدرات، ومدرج على قوائم العقوبات الأميركية والأوروبية.
وقبل أيام، ذكرت الشبكة أن عشرات العمال السوريين في ليبيا، معظمهم من محافظة السويداء، احتجوا على المماطلة في دفع رواتبهم الشهرية بعد شهور من العمل بالمقاولات بمدينة بنغازي شرقي البلاد.
ورفع العمال مطلب "يا رواتب يا تسفير" احتجاجاً على المماطلة في دفع رواتبهم الشهرية، مطالبين بتحسين شروط العمل، بعد تعرضهم لعمليات احتيال عبر مكتب سفريات في سوريا أرسلهم للعمل مع شركة مقاولات في منطقة القبة في بنغازي شرقي ليبيا.
"الأيادي الذهبية للعمالة والتوظيف"
ووفق تحقيق "السويداء 24"، أصدرت شركة تحمل اسم "الأيادي الذهبية للعمالة والتوظيف" إعلانات عبر وسائل التواصل الاجتماعي تطلب عمالاً بمهن مختلفة للعمل في ليبيا.
وتعرف الشركة نفسها عبر صفحتها على فيس بوك بأنها "أول شركة سورية متخصصة بنقل الكوادر والعمال، وتأمين فرص العمل من سوريا إلى دولة ليبيا"، مشيرة إلى أنها "حاصلة على جميع التراخيص الحكومية من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، بالتعاون مع السفارة الليبية".
وتقول الشركة إنها "تهتم بتأمين العمال إلى دولة ليبيا لإعادة إعمار عدة مناطق فيها بالتنسيق مع عدة شركات استثمارية وهندسية"، مؤكدة أن عملها "يجري ضمن عقود نظامية ومصدقة رسمياً لدى السفارة الليبية، بالإضافة إلى أن جميع عقودها مدفوعة التكاليف من تذاكر طيران الى تأمين السكن والتأمين الصحي والرواتب الممتازة".
وذكر التحقيق أن الشركة لديها سماسرة ينشرون إعلانات التوظيف والسفر عبر تطبيقي الواتساب والفيس بوك، ويعلنون عن رواتب مغرية مقابل العمل في شركات إعمار ليبية، تصل إلى 600 دولار شهرياً، ومغريات أخرى.
واقع بعيد عن الوعود
ووفقاً للعقود التي وقعتها شركة "الأيادي الذهبية" في سوريا، يتقاضى العمال راتباً قدره 600 دولار شهرياً من شركة "برقة الليبية"، مع توفير سكن لائق وثلاث وجبات يوميا، لعقد يمتد لعام كامل قابل للتجديد، مع الاتفاق على فترة اختبار لثلاثة أشهر، يعود بعدها العامل إلى بلده على نفقة الشركة في حال عدم استمراره.
إلا أنه وبحسب شهادات العمال، التي نقلتها "السويداء 24"، فإن "الحقيقة بعيدة كل البعد عن الوعود"، حيث تم تخفيض الراتب إلى 400 دولار فقط، في حين كانت ظروف السكن سيئة للغاية، والطعام المخصص للعمال غير كافٍ وسيئ الجودة، واشتكى العمال من وجود ديدان في الطعام أحياناً، وفساد بعض الوجبات، فضلاً عن تقييد حركة الدخول والخروج.
وقال التحقيق إن من أكبر المشكلات التي يواجهها العمال السوريون هي عدم دفع رواتب منذ نحو 55 يوماً، حيث تتهرب الشركة من مسؤولياتها، وتبرر ذلك بأن مكتب التوظيف في سوريا "باعهم، ولا يعترف بهم".
كما يواجه العمال تهديداً بدفع غرامة تصل إلى 40 مليون ليرة سورية في حال تركهم للشركة، أو محاولتهم العودة إلى بلادهم، علماً جوازات سفرهم محتجزة لدى الشركة الليبية، مما يزيد من تعقيد وضعهم القانوني.
وعود كاذبة من الشركة ومعاملة قاسية من السلطات المحلية
وأشارت "السويداء 24" إلى أنه "أمام هذه الظروف المأساوية، قام العمال بتنظيم عدة مظاهرات احتجاجية لكن دون جدوى"، موضحة أنه "في كل مرة ينظم فيها العمال مظاهرة تبدأ الإدارة بإطلاق وعود جديدة وعقد اجتماعات شكلية، حيث يتم تشكيل لجنة من العمال لمناقشة مطالبهم".
وقالت إن "الأمر ينتهي دائماً بنقاشات غير مجدية ومزيد من الوعود الكاذبة، الأمر الذي يصفه العمال بأنه مجرد تخدير لإسكاتهم مؤقتاً دون تقديم حلول حقيقية"، مضيفة أن "عددا كبيرا منهم يحاولون الآن رفع دعوى جماعية ضد مكتب التوظيف في سوريا، الذي يتهمونه بالتورط في تجارة البشر واستغلالهم".
وأكدت الشبكة أن معاناة العمال "لم تقتصر على الظروف المعيشية فقط، بل تجاوزتها إلى معاملة قاسية من قبل السلطات المحلية بعد تنظيم المظاهرات، حيث أفاد العمال بتعرض أماكن سكنهم للاقتحام من قبل الشرطة الليبية وأفراد الأمن خلال الليل.
مهرب مخدرات على قائمة العقوبات يدير شركة التوظيف السورية
وكشفت "السويداء 24"، من خلال عقود التوظيف التي لديها صور عنها، أن رئيس مجلس إدارة شركة "الأيادي الذهبية" هو عبد الإله محمود الدج، وهو رجل الأعمال سوري يحمل الجنسية الليبية، وصادر بحقه حكم بالإعدام من السلطات الليبية في عام 2019، بتهمة تهريب شحنة مخدرات من سوريا إلى ليبيا.
وقبل أشهر، أدرج الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة عقوبات على الدج، وشركات مرتبطة به، هي "الطير للنقل" و"الطير الحر للسياحة والسفر"، واتهمته وزارة الخزانة الأميركية بأنه "مسؤول عن قيادة عمليات تهريب الكبتاغون، بما في ذلك شحنة ضبطتها السلطات اليونانية، وثلاث شحنات أخرى ضبطتها السلطات الليبية.
ووفقاً لتحقيق نشره "مرصد الشبكات السياسية والاقتصادية"، ظهر محمود الدج علناً لأول مرة في آب 2013، عندما نشر تلفزيون النظام السوري تسجيلاً مصوراً لمقابلة أجريت معه بعد القبض عليه بتهمة تحويل أموال إلى الخارج دون ترخيص، بالإضافة لتهمة "تمويل الإرهاب من خلال شركة الطير".
وذكر تحقيق "مرصد الشبكات" أنه لم يتم الكشف عن أي معلومات حول الوقت الذي قضاه الدج في الاحتجاز، أو إذا كان قد تم القبض عليه على الإطلاق، أو ما إذا كان قد حُوكم على الجريمة في المقام الأول، واختفى عن الأنظار حتى عام 2018، ليظهر من جديد كرجل أعمال بارز وصاحب نفوذ اقتصادي في سوريا، بما يتضمن رئاسته لشركة "الأيادي الذهبية".