منذ بدء عمليات إنقاذ ضحايا الزلزال شمال غربي سوريا، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو "درامية" لعناصر الدفاع المدني السوري وهم يحفرون بأيديهم وبأبسط الأدوات لإنقاذ العالقين تحت الأنقاض قبل مرور "الساعات الذهبية" وهي آخر مدة يبقى فيها العالقون تحت الأنقاض على قيد الحياة.
خبرة 12 عاماً من القصف
لم يعتد الدفاع المدني شمال غربي سوريا عمليات الإنقاذ الناتجة عن الزلازل، لكنه كوّن خبرة عملية مهمة من جراء عمليات القصف الجوي والمدفعي للنظام وحلفائه، التي استهدفت المناطق السكنية منذ عام 2011، نفذ خلالها الدفاع المدني عمليات إنقاذ خطيرة تحت وابل من القصف.
وفي وقت سابق، قال مدير مؤسسة الدفاع المدني السوري، رائد الصالح لموقع تلفزيون سوريا، إن "أبرز التحديات التي واجهت عمل الفرق الإنسانية هي الحجم الكبير للأبنية المهدمة من جراء الزلزال، ونقص الآليات الثقيلة التي من الممكن أن تتعامل مع هذه الأبنية، إلى جانب غياب الأجهزة المتطورة التي تكشف الأشخاص تحت الأنقاض، مثل الكاميرات بالأشعة تحت الحمراء، التي ترصد أعداد الأشخاص الموجودين تحت كل بناء، ما يساهم في سرعة عمليات الإنقاذ".
كيف يحدد الدفاع المدني مكان العالقين؟
بعد أن يصل رجال الإنقاذ أولاً إلى مكان وقوع الزلزال، يقومون بتقييم المباني المنهارة التي من المرجح أن تحتوي على الأشخاص المحاصرين. يفعلون ذلك بالبحث عن "فراغات" - مساحات تحت عوارض خرسانية كبيرة أو سلالم حيث يمكن العثور على ناجين. والاستماع أيضا إلى أي صوت أنين أو صراخ صادر من الأبنية المنهارة.
الصوت القادم من غياهب الأنقاض كان كفيلاً بهتاف الحياة.
— الدفاع المدني السوري (@SyriaCivilDefe) February 10, 2023
عائلة من بين مئات العوائل التي أنقذناها من بين الأنقاض والركام في قرية بسنيا غربي #إدلب مساء الثلاثاء 7 شباط.
#الخوذ_البيضاء#زلزال_سوريا#سوريا pic.twitter.com/u8JpGGFiXh
يراعي الدفاع المدني احتمالية انهيار المبنى بشكل أكبر، والانتباه إلى مخاطر مثل تسرب الغاز والمياه والمواد الخطرة في الأسطح.
وبينما يحاول رجال الإنقاذ الوصول إلى الناجين، يراقب آخرون البناء والحركات ويستمعون إلى الأصوات الغريبة.
وعادة ما تكون المباني التي انهارت بالكامل هي آخر المباني التي يتم تفتيشها، لأن احتمالية العثور على ناجين ضئيلة للغاية. وخاصة من دون معدات حديثة تحدد مكان الناجين.
ولنقل الركام، تستخدم فرق الإنقاذ الآلات الثقيلة - بما في ذلك الحفارات والرافعات الهيدروليكية، وهو ما طالب الدفاع المدني السوري بتأمينه عقب وقوع الزلزال المدمر في شمال غربي سوريا.
ماذا لو توفرت هذه الأجهزة لدى الدفاع المدني شمال غربي سوريا؟
أجهزة الكشف عن ثاني أكسيد الكربون والحرارة والتقاط الصوت من أحدث الأجهزة التي تستخدم لإنقاذ ضحايا من تحت الأنقاض ما يعني إنقاذ المزيد من الأرواح. عادةً يعمل الدفاع المدني على سحب الألواح الخرسانية الكبيرة الموجودة على السطح الخارجي للمباني بوساطة الحفارين، مما يتيح لعمال الإنقاذ رؤية أي شخص محاصر بالداخل. ولإنجاز هذه المهمة كان يمكن استخدام أجهزة الكشف عن ثاني أكسيد الكربون ومعدات التصوير الحراري للعثور على الناجين، حتى لو كانوا فاقدين للوعي وحتى في الأماكن الضيقة إذ أنه بإمكان هذه الأجهزة اكتشاف تركيز ثاني أكسيد الكربون الأكبر في الهواء الذي ينفثه الناجون الذين يتنفسون.
صوت الحياة كان عالياً من تحت الركام ولبينا النداء.
— الدفاع المدني السوري (@SyriaCivilDefe) February 10, 2023
إنقاذ 5 مدنيين وانتشال جثث 6 آخرين كانوا عالقين بين ركام المنازل المدمرة في مدينة إدلب في اليوم الأول من الزلزال الاثنين 6 شباط.#الخوذ_البيضاء #زلزال_سوريا #سوريا pic.twitter.com/FdGeA5DXnL
ويمكن للفرق المتخصصة استخدام معدات الصوت الحساسة لاكتشاف الحركة داخل المباني، بينما يمكن استخدام أجهزة الفيديو الصغيرة لتحديد الأشخاص المدفونين تحت الأنقاض. وهو ما لم يكن متوفرا لدى فرق الدفاع المدني شمال غربي سوريا.
وفي كثير من الأحيان يضطر الدفاع المدني لإزالة الحطام باليد لتجنب سحق الناجين باستخدام المعدات الثقيلة. فيما يلي بعض الأنواع الأصغر من معدات الإنقاذ التي يمكن أن تستخدمها فرق الإنقاذ، بحسب رسم توضيحي لوكالة رويترز.
غابت التفاصيل، ليس بعتمة الليل إنما بفعل الزلزال.
— الدفاع المدني السوري (@SyriaCivilDefe) February 9, 2023
من عمليات البحث بين الأنقاض في قرية بسنيا غربي إدلب مساء أمس الأربعاء 8 شباط.#الخوذ_البيضاء #سوريا #زلزال_سوريا pic.twitter.com/iXZerFAiTY
وبدلا من الإنصات لأنين الناجين الخافت في معظم الأحيان، كان يمكن لمعدات الصوت المتخصصة اكتشاف أضعف الأصوات في نطاق أمتار قليلة. إضافة إلى الطريقة التقليدية المتمثلة في التزام الصمت في الموقع بينما ينفجر أحد أعضاء فريق الإنقاذ صارخا ثلاث مرات ويأمل في سماع رد.
أما معدات التصوير الحراري والتقاط نبضات القلب، فتستخدم من أجل تحديد الأشخاص غير الموجودين مباشرة في مجال رؤية المنقذ، لأن حرارة أجسامهم يمكن أن تسخن الركام من حوله، كل هذه الأدوات الحديثة لا تلغي دورا مهما لـ كلاب الإنقاذ.
ماذا تفعل كلاب الإنقاذ؟
باستخدام حاسة الشم، يمكن للكلاب المدربة بشكل خاص التقاط علامات الحياة حيث لا يستطيع المنقذون البشريون ذلك. وتستطيع الكلاب أيضا تغطية المساحات الكبيرة بسرعة، وتسريع عملية البحث والإنقاذ. إضافة لذلك انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي قصص تروي كيف أنقذت الكلاب أصحابها، فما بالك لو امتلك عناصر الدفاع المدني شمال غربي سوريا الكلاب المدربة؟.
يقوم عمال الإنقاذ بعد ذلك بالبحث عن المساحات الخالية التي يمكن النجاة منها وتوثيقها، مثل السلالم أو المناطق الموجودة أسفل العوارض الخشبية. في بعض الحالات، نجا الناس في مثل هذه الأماكن لعدة أيام.
وكان فريق إنقاذ مكسيكي مكون من 150 فردا وصل الخميس إلى تركيا للمشاركة في عمليات الإنقاذ الجارية في منطقة الزلازل جنوبي البلاد.وبدأ الفريق المجهز بشكل كامل والمزود بكلاب مؤهلة للبحث والإنقاذ على الفور بأعماله في ولاية أدي يامان.
2800 متطوع من الدفاع المدني السوري، كانوا يسابقون الوقت، لإنقاذ العالقين تحت الأنقاض، وتوافر أحدث المعدات بين أيديهم بشكل كاف كان يعني إنقاذ المزيد من الأرواح، إذ أعلن الدفاع المدني أمس الانتهاء من عمليات البحث والإنقاذ، والانتقال لمرحلة البحث والانتشال.
وقال رائد الصالح في مؤتمر صحفي أمس "أودّ أن أبدأ اعتذاري وأسفي الشديد لكل من لم نستطع الوصول إلى أهله وذويه على قيد الحياة في كل أنحاء سوريا، إن الألم يعتصر قلوبنا لمجرد التفكير في ذلك، كنا نقاتل العجز ونحارب الزمن للوصول إليهم أحياء، لقد كان نقص المعدات ذات الفعالية سبباً كبيراً في هذا العجز ولكننا نقسم لكم أننا عملنا وبذلنا قصارى جهدنا".