ترشح شابان سوريان للانتخابات البرلمانية البلجيكية المزمع إجراؤها في التاسع من شهر حزيران الجاري، بهدف المشاركة السياسية في البلاد ومساعدة نظرائهم من السوريين واللاجئين.
ويتجه أكثر من ثمانية ملايين شخص في بلجيكا لاختيار 150 عضواً في البرلمان الاتحادي في بروكسل لحكم البلاد لمدة خمسة أعوام ويأتي ذلك في ظل تصاعد الأحزاب اليمينية في القارة العجوز.
السوري دارا الشيخي الذي ينحدر من محافظة الحسكة ترشح للانتخابات البرلمانية على قائمة "الحزب الاشتراكي التقدمي" بحسب ما قال لموقع تلفزيون سوريا.
وقبل وصول دارا إلى بلجيكا درس الكيمياء الحيوية في جامعة حلب وعمل في سوريا بمهن متعددة (ورشة خياطة - وصناعة مواد التنظيف).
وفي نهاية عام 2013 هرب من الحرب في سوريا إلى تركيا وأقام فيها ما يقارب عامين، عمل خلالهما في الخياطة حيث افتتح ورشة للخياطة لكنه لم يكن يملك تصريح إقامة أو تأمين صحي.
ولصعوبة الحصول على إقامة سافر بشكل غير شرعي في صيف عام 2015 من تركيا إلى اليونان ومنها إلى صربيا ومقدونيا إلى أن وصل في شهر أيلول إلى بلجيكا.
وبعد أن وصل دارا إلى بلجيكا قرر أن يلاحق شغفه في المسرح فقام مع بعض أصدقائه اللاجئين بإعداد عمل مسرحي وبعد فترة عمل في المسرح الذي عرضت فيه المسرحية.
ولا زال السوري حتى الآن يعمل في المسرح كمدير للعلاقات الاجتماعية إضافة إلى دراسته للحصول على ماجستير في الكيمياء الحيوية في جامعة أنتويرب وفق ما يقول.
ويقول دارا المقيم في مدينة أنتويرب لموقع تلفزيون سوريا إن "عملي في المسرح فتح عيوني على مشاكل الأقليات والجاليات الأجنبية في بلجيكا كمشاكل الإندماج وعدم معرفة قوانين البلد الأمر الذي حفزني لدخول عالم السياسة بهدف مساعدات أولاد بلدي والأقليات الأخرى في بلجيكا".
ويضيف دارا "شعرت بأنني أستطيع أن أغير شيء ولأكون قدوة ومثال لشبابنا اليافعين في بلجيكا خصوصاً في ظل الحروب التي تحصل حالياً سواء في أوكرانيا أو غزة التي أوصلت شبابنا إلى حالة من انعدام الأمل".
ويسعى دارا بترشحه لإعطاء الشباب شعوراً بالأمل ويردف قائلاً "خصوصاً أن قصتي مؤثرة حيث سافرت بالبحر وكدت أن أموت غرقاً وبعد أن وصلت إلى بلجيكا اكتشفت إصابتي بمرض خطير وبقيت عاماً كاملاً على كرسي متحرك وتحديت المرض إلى أن شفيت منه".
لماذا اختار الحزب الإشتراكي؟
وعن سبب اختياره لـ "الحزب الاشتراكي التقدمي" للترشح على قوائمه يقول دارا إن "الحزب يؤمن بأن الجميع في المجتمع يجب أن يكون لديهم تكافئ في الفرص إضافة إلى ضرورة تقوية الفئة الضعيفة لإنها بحاجة لمساعدة أكبر كي تكون قوية في المستقبل لتساعد في بناء المجتمع".
ويقول إن"هذا الحزب هو الذي بنا القطاع الصحي في بلجيكا على مدى أكثر من 50 سنة وأنا خلال مرضي شعرت بأهميته كوني لم أتكلف أي مبالغ مالية خلال فترة علاجي المكلفة جداً".
وأشار إلى "أن وزير الصحة في فترة كورونا كان من حزبنا ولمست ما قام به من جهد جبار.. إضافة إلى أن الإنسان في حزبنا هو المقام الأول وهذا الأمر شدني إليهم".
ويركز الحزب في سياسته تجاه اللاجئين على ضرورة الاندماج الكامل بشكل سريع.
أما دارا فيركز في برنامجه الإنتخابي على "التنوع الثقافي نتيجة الخبرة التي اكتسبها خلال عمله في المسرح".
كما "يريد إيجاد تواصل بين الجاليات كلها وبين الجاليات والبلجيكيين الأصليين من خلال التعرف على ثقافات واللغة إضافة إلى الفن الذي يستطيع أن يقرب الناس من بعضها" بحسب ما يقول لموقع تلفزيون سوريا مضيفاً "الفن فتح لي أبواب كثيرة أيضاً حيث أصبحت ستاند آب كوميدي وأوصلني إلى الترشح للبرلمان.. الفن له رسالة سامية في المجتمع".
ويقول دارا أيضاً في برنامجه الانتخابي المنشور على موقع الحزب الرسمي "الأشياء العادية أصبحت مستحيلة: شراء منزلك الخاص، رعاية صحية ميسورة التكلفة، معلمة لأطفالك، وظيفة بأجر لائق، القيام بشيء ممتع بين الحين والآخر".
ويضيف دارا المرشح رقم "31" للانتخابات البرلمانية "نحن نرفض الاستسلام للركود والانحدار.. ولهذا السبب يجب أن يكون عام 2024 هو العام الذي نتحرك فيه.. العام الذي نعزز فيه قدرتك الشرائية وصحتك وتعليم أولادك".
فرص الفوز
وعن فرصه للفوز بالانتخابات يقول إن "أقوى ثلاث أسماء تكون موجودة في رأس القائمة الانتخابية إضافة إلى الأسماء التي تكون في أسفل القائمة".
ويتمنى أن يحصل دارا على دعم من أبناء الجالية السورية والعربية في الإنتخابات ويعبر عن تفاؤله بذلك كون مدينة أنتويرب تأوي 5000 سوري مجنس بحسب تصريحاته لموقع تلفزيون سوريا.
وفيما إذا كان قد تعرض لعنصرية بسبب مشاركته في الانتخابات، يقول دارا "نعم تعرضت لعنصرية من أحد أكبر السياسيين اليمنيين المتطرفين حيث نشر عني منشورات على حسابته في مواقع التواصل الإجتماعي وهاجمني بعد أن نشرت مقطع فيديو لي باللغة العربية".
ويقول دارا إن "السياسي المتطرف إدريس فان لانجاهوفن (يمتلك أكثر من 100 ألف متابع) قال إن هذا سوري وصل إلى بلجيكا بطريقة غير شرعية ومنحناه الجنسية في علبة كورن فليكس والآن ينشر منشورات باللغة العربية هو ليس مندمج (...) لقد هاجمني بشكل سيء جداً"، مضيفاً "لكني تلقت دعم كبير من الحزب".
مرشح عن "الحزب الأخضر"
أما السوري بشار جورح حنين الذي ينحدر من مدينة جسر الشغور بمحافظة إدلب رشح نفسه عن حزب "خرون" أو الأخضر المعروف بدعمه للاجئين.
بشار درس في كلية الصيدلة في أوكرانيا قبل سفره إلى بلجيكا وكان يمتلك صيدلية في حلب إلى أن اندلعت الحرب فقرر مغادرة البلاد بحثاً عن الأمن والمستقبل له ولعائلته.
هرب بشار من وطنه الأم في شهر حزيران من عام 2015 إلى تركيا ومنها إلى اليونان إلى أن وصل إلى بلجيكا في شهر تموز من ذات العام.
وبعد أن وصل اللاجئ السوري إلى بلجيكا تعلم اللغة واستطاع العمل مرة أخرى في مهنته.
بشار تطوع في عدة منظمات تساعد اللاجئين منذ أن وصل إلى بلجيكا إلى أن قرر أن يدخل الحياة السياسية فاختار حزب الأخضر "خرون" الذي دعمه ليكون على قوائمه في الانتخابات القادمة في مدينة إنتويرب.
ما هو برنامجه الانتخابي؟
ويقول بشار في برنامجه الإنتخابي إنه يريد إعطاء فرص وبرامج أكثر لتفعيل وجود القادمين الجدد وإرشادهم لدخول سوق العمل.
ويعرف بشار تماماً مثل زوجته وابنتيه اللتين تدرسان حالياً في الجامعة مدى أهمية لاندماج بسرعة في المجتمع البلجيكي.
وخلال عمله في منظمة Mondiale Werken Regio Lier كمتطوع كرس نفسه للاجئين الذين فروا من الحرب والاضطهاد.
ويريد الصيدلاني الذي يعمل في مدينة أنتويرب وفق برنامجه الإنتخابي المطالبة بتأمين الرعاية الصحية الجيدة وبأسعار معقولة للجميع وتوسيع شريحة التأمين لتشمل أدوية أكثر.
كما يريد تخفيض رسوم دخول المسنين لدور العجزة ويقول إن "بعض المسنين يضطر لبيع منزله ليدفع تلك الرسوم".
ويقول في حملته إن "ديمقراطيتنا معرضة للخطر في هذه الانتخابات.. يحتاج مجتمعنا إلى التواصل والتضامن وبناء الجسور أكثر من أي وقت مضى".
ويقول بشار إنه "بمعزل عن نتيجة الانتخابات أنا أعتبر نفسي فزت لأني تعرفت خلال حملتي على كثير من السوريين الذين يمتلكون طاقات كبيرة لم أكن أعرفها".
ويدعم حزب "خرون" آلية توزيع أوروبية قابلة للتنفيذ لاستقبال اللاجئين من خلال إصلاح اتفاقية دبلن ووقف عمليات "الصد" على الحدود الخارجية لأوروبا من خلال مراقبة مستقلة وإصلاح لوكالة حرس الحدود الأوروبية "فرونتكس".
كما يدعو الحزب لإجراءات لجوء سريعة وشفافة بحيث يعرف طالب اللجوء بعد مدة أقصاها 6 أشهر ما إذا كان يمكنه البقاء أم يجب عليه العودة.
ويدعو أيضاً لخطة توزيع بلجيكية لاستقبال طالبي اللجوء وتوفير أماكن إقامة كافية في حالات الطوارئ عند الضرورة وذلك لمنع الناس من النوم في الشارع.
كما يدعو في برنامجه إلى إزالة العقبات التي تحول دون لم شمل الأسر لتقليل عدد الأسر الممزقة، ويطالب بدعم طالبي اللجوء المقيمين بشكل غير قانوني بشكل أفضل: "حق الإقامة أو العودة".
ويؤكد على ضرورة أن تكون العودة طوعية قدر الإمكان وعندما يُجبرون على القيام بذلك يكون مع احترام حقوق الإنسان، إضافة إلى بنود أخرى تركز على ضرورة التعامل بإنسانية مع طالبي اللجوء.
ويشار إلى أن الانتخابات البرلمانية البلجيكية ستجري في التاسع من الشهر الجاري بالتزامن الانتخابات البرلمانية الأوروبية. التي انطلقت اليوم الخميس وتستمر أربعة أيام.