بات الاستحمام أمراً مؤرقاً بالنسبة للسوريين، فموعد حمام العائلة قد يثير استنفار الجميع، نظراً إلى أساليب الاستحمام المتبعة نتيجة انقطاع الكهرباء وعدم توفر مياه ساخنة، في حين قد يكون مكلفاً جداً في حال الاستعانة بالوسائل القديمة، مثل "قاظانات" المازوت.
ويحتاج "القاظان" من الحجم الكبير إلى نحو 5 ليترات للحصول على مياه ساخنة لاستحمام العائلة بشكل سريع، ووصل سعر ليتر المازوت في السوق السوداء إلى نحو 12 ألف ليرة سورية، ما يعني إنفاق 60 ألف ليرة فقط على الاستحمام، الأمر الذي اضطر عائلات سورية، تحدث معها موقع "تلفزيون سوريا"، إلى خفض عدد مرات الاستحمام شهرياً.
أقدم الوسائل
لكن، لا يملك الجميع "قاظانات" المازوت التي عاد الإقبال عليها مجدداً هذا العام، فضلاً عن أن توفير مازوت تشغيلها ليس بالأمر الهين، لذلك لجأت أغلب الأسر للعودة إلى أقدم وسيلة استحمام، وهي الجلوس على كرسي وتسخين مياه على "ببور" الكاز.
وتقول أم نادر، لموقع "تلفزيون سوريا"، إنها عادت لاستخدام "ببور" الكاز لتسخين مياه الحمام لأن الغاز شحيح، وسعره مرتفع في السوق السوداء، حيث وصل سعر الأسطوانة إلى 270 ألف ليرة سورية، في حين يحتاج استحمام جميع أفراد العائلة باستخدام "الببور" إلى ثلاثة ليترات من الكاز، بسعر يبلغ نحو 25 ألف ليرة.
أيضاً من حلول تسخين مياه الاستحمام البديلة مدافئ الحطب أو المازوت، في حال وجودها في المنزل، والبعض يستخدم الكحول الصناعي الذي راج مؤخراً، ووصل سعر الليتر منه إلى 10 آلاف ليرة نتيجة الإقبال عليه.
بعض العائلات التي تملك أنابيب مياه تسخين أسطوانية تعمل على الكهرباء، عزلتها بمواد خاصة لتحفظ الحرارة، ما يساعد على التسخين بسرعة.
وأكد رائد، وهو رب أسرة من 5 أشخاص، لموقع "تلفزيون سوريا"، أنه عزل الأنبوبة التي تصل سعتها إلى 100 ليتر من المياه الساخنة بنحو 50 ألف ليرة سورية، باستخدام مواد خاصة، موضحاً أن المياه الساخنة، في حال كانت الكهرباء 10 ساعات قطع وساحة واحدة وصل، يمكن أن تكفي لاستحمام شخص واحد كل يوم.
نوادي الرياضة
بعض الشبان والفتيات وجدوا حيلاً مختلفة للاستحمام اليومي، وهي التسجيل بالنوادي الرياضية التي توفر مياهاً ساخنة طوال فترة استقبالها لزبائنها الذين يمارسون الرياضة، خاصة في فترة الصباح.
وتساعد هذه الحيلة الشبان والفتيات على الاستحمام يومياً، وقال البعض ممن التقيناهم إنه يمكن أن يتناوب شخصان بالاشتراك الرياضي نفسه بغية الاستحمام واستخدام الكهرباء لمجفف الشعر.
وتصل كلفة الاشتراك في النوادي الرياضية (حديد - أيروبك..) للرجال بين 70 إلى 100 ألف ليرة، وللنساء بين 50 و70 ألف ليرة، في حين قد تزيد الكلفة في النوادي المصنفة ضمن فئة 5 نجوم، فيما أوقفت بعض النوادي ذات الاشتراك المنخفض خدمة المياه الساخنة لزبائنها.
النزوح إلى جرمانا للاستحمام
سهام أم لثلاثة أطفال، تقيم في حي مساكن برزة حيث لا تتوفر كهرباء أو محروقات ولا يمكن الحصول على المياه الساخنة، اعتادت الذهاب مع أطفالها إلى منزل عائلتها في منطقة جرمانا للاستحمام.
تصف سهام ذهابها إلى جرمانا بأنه "نزوح للاستحمام"، وتشير إلى أنّ مدينة جرمانا تتمتع بالكهرباء خلال فترة الليل بشكل استثنائي عن كل المناطق في دمشق وريفها، ما يوفر مياهاً ساخنة للاستحمام.
لكن على الرغم من ذلك، تقول سهام إن كلفة الوصول إلى جرمانا مرتفعة جداً، حيث تصل الكلفة إلى 25 ألف ليرة للذهاب ومثلها للإياب، ما يجعل كلفة الاستحمام لعائلتها تصل إلى 50 ألف ليرة.
حمام السوق خيار الميسورين
أمام حمام السوق، فهو الخيار الأخير للعوائل التي لا حلول لديها للاستحمام، وتبدأ كلفة دخول حمام السوق للشخص الواحد من 20 ألف ليرة، ما يعني أن عائلة من 5 أشخاص يكلفهم الاستحمام 100 ألف ليرة، دون احتساب أجور المواصلات وغيرها.
وغالباً ما تنحصر شريحة الذين يقصدون حمامات السوق بالميسورين، مثل أصحاب المحالّ والتجار ومديري الشركات وكبار الموظفين، وقال عدد ممن التقاهم موقع "تلفزيون سوريا" إنهم يتوجهون إلى حمام السوق في الصباح الباكر كل عدة أيام، بعد أن كانت زيارة حمام السوق نوعاً من التقاليد الشعبية، التي يمكن أن يقصدها الشخص مرة في السنة مع الأصدقاء في المساء، وغالباً ما تكون للسمر والمتعة.
وخلال الفترة الأخيرة، ازداد الإقبال على الحمامات العامة في العاصمة دمشق بسبب الانقطاع شبه الدائم للكهرباء، وتفاقم أزمة المحروقات.
وسبق أن أكد مدير حمام "الملك الظاهر"، وهو من أقدم الحمامات العامة في دمشق ازدياد الإقبال على الحمام بمعدل 70 شخصاً يومياً، موضحاً أنّ بعض الناس أصبحوا يتركون أعمالهم صباحاً ويأتون للاستحمام، على خلاف ما كان متبعاً سابقاً بأن يقصد الناس الحمام ليلاً.