دعا القائم بأعمال المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في سوريا، المصطفى بن المليح، إلى تقديم مساعدات عاجلة إلى الضحايا والمتضررين من كارثة الزلزال المدمر في سوريا، لكنه تجاهل بشكل كامل حجم الكارثة وتداعياتها في شمال غربي سوريا.
وتحدث المسؤول الأممي، في حوار مطوّل نُشر على موقع الأمم المتحدة، عن آثار الزلزال والمأساة الحاصلة من جرائه على مدن مثل حلب واللاذقية، دون أن يذكر في حواره مناطق شمال غربي سوريا، أو آثار الكارثة هناك.
لا إحصائيات كاملة
وقال ابن المليح إنه لا توجد حتى الآن إحصائيات كاملة للأضرار في المناطق المتأثرة بالزلزال، مضيفاً أنه "لا زلنا في إطار تقييم انعكاسات الزلزال على المنطقة الشمالية، بما في ذلك حلب وحمص، وحماة واللاذقية وطرطوس، ولدينا فرق هناك تحاول تقييم الاحتياجات، ولكن الوضع صعب جداً".
وأوضح أن "السكان الذي تضرروا من الزلزال هم متضررون بالفعل، وهناك حاجة إلى الغذاء والماء والملابس الشتوية، وهناك مشكلات في عمليات البحث والإنقاذ، ونقص كبير في الآليات المستخدمة في هذه العمليات في المناطق المتضررة شمالي البلاد".
وعن المناطق التي تضررت من الزلزال، قال المسؤول الأممي إن الأضرار في حلب وحماة واللاذقية وطرطوس وكل ما بينهما، بالإضافة إلى صعوبة الوصول إلى المناطق النائية، مشيراً إلى أن أرقام الضحايا والمصابين قد تصل إلى معدل 5 إلى 6 مرات أكثر من الأرقام المعلن عنها.
ورداً على سؤال حول الجهود التي تقوم بها الأمم المتحدة حالياً لمساعدة المتأثرين بالزلزال، قال المصطفى بن المليح إنه "ما زلنا نستخدم كل مخزونات ومستودعات الغذاء والخيام التي كانت بحوزتنا، والتي كانت مخصصة للتعامل مع الأزمة السورية لأكثر من عشر سنوات، وسينتهي هذا المخزن"، دون أن يوضح أين تم توزيع هذه المواد.
وأضاف ابن المليح أن الدعم الذي تقدمه الأمم المتحدة الآن هو الدعم الغذائي، بالإضافة إلى "توزيع مجموعات المستلزمات الطبية والدواء والملابس الشتوية وكل ما يلزم في مثل هذا الإطار الطارئ، وكذلك المساعدة في تنسيق العمل الميداني والاتصال مع حكومة النظام حتى لا يكون هناك ازدواج في العمل".
تواصل مباشر مع النظام السوري
وفيما يتعلق بالخطة الطارئة للتعامل مع الأزمات المترافقة مع الزلزال، مثل تفشي الكوليرا وظروف فصل الشتاء، قال ابن المليح إنه "نحن الآن في إطار تنسيق وتقييم الاحتياجات، ومن خلال ذلك نضع خطة للتعامل مع التداعيات المتعلقة بالأمد القريب مثل الكوليرا"، مضيفاً أن "هناك جهوداً جاريةً لتجنب تفشي الكوليرا من جديد داخل المستشفيات والملاجئ، وهناك أيضا إستراتيجية لإعادة إصلاح ما تدمر وهذا ما يسمي الإنعاش المبكر".
وعن إستراتيجية الاستجابة للأزمة الحالية خلال الأسابيع القادمة، أوضح المسؤول الأممي أن الإستراتيجية هي "التنسيق وتجنب الازدواجية في الجهود والاستجابة لكل الاحتياجات الأساسية، بما في ذلك التعليم والصحة والمواد الغذائية وغير الغذائية".
وأكد ابن المليح على أنه "نحن على اتصال مباشر مع حكومة النظام السوري للوصول إلى المتضررين، حتى لا تحدث أي مشكلات فيما يتعلق بالوصول إلى المستفيدين والمحتاجين، وبالتالي فإن الطرف الأول هو التنسيق، والطرف الثاني هو إعادة إصلاح ما تضرر من خلال عملية الإنعاش المبكر".
نحتاج إلى عدم تسييس العمل الإنساني
وختم المسؤول الأممي الحوار بالقول إنه "لدي رسالة إلى الأهل في سوريا، وإلى الداعمين خارج سوريا، هناك إمكانية أن يدعم الجميع سوريا والمتضررين فيها عبر أدوات خاصة بذلك، وكذلك هناك حاجة إلى عدم تسييس العمل الإنساني في سوريا".
وأشار إلى أن الأمم المتحدة "تهتم بالقضايا الإنسانية أولاً، ونحتاج إلى عدم تسييس العمل الإنساني والسماح لنا بالعمل في سوريا والوصول إلى المحتاجين أينما كانوا، ولا بد أن تكون هناك موارد".
وأكد القائم بأعمال منسق الأمم المتحدة في سوريا على أن "سوريا متضررة، وهي لا تحظى بما تستحقه من عناية من ناحية التغطية الإعلامية الدولية مقارنة بتركيا، ولكن حجم الاحتياجات الإنسانية في سوريا أيضاً كبير، ولابد من إعطائها ما تستحقه من الدعم من كل الجهات، وخاصة الدول العربية، والتي يتعين عليها مساعدة سوريا والمحتاجين المتضررين فيها، لأن الاحتياجات كبيرة".
لا مساعدات إلى شمالي سوريا حتى الآن
وفيما أعلن النظام السوري وصول عدة طائرات محملة بأطنان من المساعدات الإنسانية لمتضرري الزلزال في سوريا، إضافة إلى فرق الإنقاذ والفرق الطبية والمشافي المتنقلة، لم تدخل أي مساعدات، حتى الآن، إلى مناطق سيطرة المعارضة شمالي سوريا، وهي المناطق الأكثر تضرراً بالزلزال، وتتزايد فيها أعداد الضحايا.
وحتى لحظة إعداد هذا الخبر، وصل عدد ضحايا الزلزال في سوريا إلى 2542 شخصاً، بينهم 1280 شخصاً في مناطق سيطرة المعارضة شمالي سوريا في محافظتي إدلب وحلب، و1262 شخصاً في مناطق سيطرة النظام السوري في حلب واللاذقية وحماة وطرطوس، بينما تستمر حصيلة الضحايا بالارتفاع، إذ ما زال عدد كبير من الأشخاص تحت أنقاض آلاف المباني المدمرة.
كما تسبب الزلزال المدمر بتشريد عشرات الآلاف وتهدم آلاف الأبنية والمرافق، وفي شمال غربي سوريا بشكل خاص، تواجه عمليات الإغاثة والإنقاذ عقبات وصعوبات بالغة تزامناً مع شح الإمكانيات وعدم توفر الآليات والمعدات اللازمة للإنقاذ، وسط سوء الأحوال الجوية وتساقط الثلوج.
وحذّر الدفاع المدني السوري من أن مئات العائلات ما تزال عالقة تحت الأنقاض، ما يعني أن أعداد الضحايا مرشحة للارتفاع بشكل كبير في شمالي سوريا، داعياً إلى تقديم المساعدة لإنقاذ المزيد من الأرواح.